أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عصام الخفاجي - المفتي وأمير الطائفة















المزيد.....

المفتي وأمير الطائفة


عصام الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 4452 - 2014 / 5 / 13 - 09:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



قبل بضعة أيام من الإنتخابات البرلمانية العراقية، راج شريط فيديو على مواقع التواصل الإجتماعي وعلى اليوتيوب (أكثر من 33 ألف مشاهد) يحدد فيه بشير النجفي، أحد أربعة مراجع كبار في الحوزة العلمية في النجف، موقفه من رئيس الوزراء نوري المالكي ومن الإنتخابات المقبلة. خطوة النجفي هذه غير مسبوقة إذ ظلت المرجعية تعلن أنها تقف على مسافة متساوية من كل المرشحّين وأنها لاتتدخل في قضايا السياسة اليومية برغم معرفة كثير من العراقيين بأنها طرف فاعل في تشكيل تحالفات قوى الإسلام السياسي الشيعي. وهي خطوة غير مسبوقة في قيام مرجع شيعي بشن هجوم ضار على رئيس وزراء يقود في نفس الوقت الحزب الشيعي الأكثر نفوذا، وربما جماهيرية، في العراق.
أفصحت التعليقات الإيجابية على شريط الفيديو هذا عن أن مروّجيه أرادوا الإستناد إلى شخصية ذات ثقل ديني للتعبئة ضد رئيس الوزراء الذي لاينقصه عدد من يتمنّون إنزياحه عن السلطة. لكن مواقف النجفي ومؤيديه تشير إلى ماهو أخطر بكثير من معارضة المالكي الذي توشك سياساته المتغطرسة تجاه خصومه على تفتيت العراق. كأن الرجل لايجد وسيلة للحفاظ على منصبه غير اختلاق الخصوم وإثارة غرائز الخوف والعدوانية لدى أنصاره.
لايهاجم النجفي المالكي لطائفيته، بل لأنه ليس طائفيا بما يكفي. فالأخير لم يغيّر المناهج التعليمية القديمة التي تشتم آل البيت. "كيف يقرأ التلاميذ في عهد مابعد صدّام حكايات أبي الفرج الأصفهاني (لعنه الله) التي تفتري على سكينة بنت الإمام الحسين بكونها تجالس الشعراء وتستمع إليهم؟" ينخرط النجفي بالبكاء. "أيعقل أن شيعة أفغانستان الذين لايشكّلون أكثر من عشرة بالمئة من السكان يتمتعون بمناهج دراسية خاصة بهم ولايتمتع الطالب الشيعي بذلك في عراق يشكّل الشيعة 65 بالمئة من سكّانه؟" يشعر المرجع بالصدمة من نظام التعليم في العراق (وهو نظام يتزايد حقنه طائفيا بالمناسبة) الذي لايختصر على رجال الدين المسافة بتربية جيل كاره "لغير الشيعي" منذ الصغر. "غير الشيعي" هي العبارة التي يستخدمها النجفي لوصف السنّة والمسيحيين الذين لايذكرهم بالإسم قط. سيقف المالكي، وفقا للنجفي، إلى جانب صدّام أمام الله لينال العقاب نفسه. فالمالكي يتحدث عن مكافحة الإرهاب، لكنه هو الذي شجّع الإرهاب لأنه لم يعدم السجناء مما مكّنهم من الهروب من سجونهم.
كنت سأتعامل مع فتاوى النجفي كطرفة سوداء مثلما تعاملت، ككثيرين، مع فتاوى إرضاع الكبير وتحريم حلق اللحى وجلوس النساء على الكراسي وغيرها مما ابتلينا به خلال العقود الأخيرة. فتاوى يسعى رجال الدين من خلالها إلى تأبيد سلطتهم على البشر بوصفهم المنقذين لهم من عقاب الآخرة. إلنجفي لا يكتفي بتوجيه إتهام لخصمه يهدده بانفضاض الناس عن تأييده أو بمساءلته أمام القانون، بل هو يكفّره ويحرّم التصويت له من منطلق ديني. تتّخذ الفتوى بعدا تراجيديا حين نسأل أولا: هل دخل العراق مرحلة أكثر تعميقا لطائفية الحياة والسياسة؟ كيف تحرر الساسة الدينيون من خطاب منافق لاكوه طوال الأحد عشر عاما الفائتة عن "أخواننا" السنّة أو الشيعة أو الأكراد أو المسيحيين؟ لهذا السؤال دلالات خطيرة إذ هو يعني أن عامة الناس باتت تتقبل تقسيم الولاءات السياسية على أساس مذهبي كمعطى بدهي لايحتاج إلى تغليف يخفيه. كل شيعي "صفوي" حتى يثبت العكس، وكل سنّي إرهابي حتى يثبت العكس. أحد أبرز قيادات المجلس الإسلامي الأعلى الذي يقوده السيد عمار الحكيم كتب على صفحته في الفيسبوك أن تشكيل الحكومة يجب أن يبدأ من "الدائرة الخاصة" أولا لينتقل فيما بعد إلى الدائرة الوطنية. بات السياسي يدرك أنه لن يصدم الجمهور إن تخلّى عن تعبير الشراكة بين "مكوّنات" الشعب الثلاثة، الشيعة والسنّة والأكراد، ليعلن صراحة أن نقطة بدئه في مشروع بناء (أو تفكيك) العراق. تقوم على اتفاق أبناء "الدائرة" الشيعية الخاصة أولا، ليصار فيما بعد إلى فرض الإتفاق على أبناء الدائرة العامة التي لن تكون دائرة وطنية في الواقع، بل زوايا مثّلث تكوّن الدائرة الخاصة زاويته القائمة.
وتتخذ الفتوى بعدا تراجيديا ثانيا حين يجاهد المجتهدون الدينيون لمنع السخط القائم والمشروع على حاكم صعد بإسم الإسلام الشيعي من التحوّل إلى سخط على حكم الإسلام السياسي كله. ليس هجوم النجفي على المالكي غير مسعى للقول بأن الأخير إبن عاق بين أبناء صالحين. وإن كان المالكي إبنا عاقّا فاحذروا بديلا غير إسلامي. يرتفع صوت النجفي ويرتجف: "أدلّكم على من يصلح للإنتخاب... إبني وإبن المرجعية السيد عمّار الحكيم... لاتخرجوا عن هذه القائمة". يذكّر المرجع روّاد مجلسه بأن المراجع لايطمعون بكرسي حكم لهم أو لإبنائهم، لكنه لايذكّرهم بالطبع بأن السيد الحكيم لم يصبح زعيما سياسيا إلا لكونه حفيد المرجع الشيعي الأعلى السيد محسن الحكيم.
تتحوّل الطرفة إلى تراجيديا حين يذعن الناس إلى المفتي مرتضين التحول إلى رعيّة وراضين أن يكون راعيهم. فالبابا يحرّم على أتباعه التصويت للشيوعيين ويحرّم عليهم إقامة علاقات بين الجنسين قبل الزواج. لكنه يعرف أن حشودا من أتباع كنيسته والمؤمنين به يصوّتون للشيوعيين ويقيمون علاقات جنسية قبل الزواج.
واحد من أسئلة استطلاع للرأي أجراه المعهد الديمقراطي الأمريكي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام: "حدّد اثنين من العوامل الأكثر تأثيرا على قرارك في الإنتخابات القادمة". مايقارب النصف (48 بالمئة) أجابوا: الزعماء الدينيون، و37 بالمئة أجابوا: الزعماء العشائريون. قد يصيبنا بعض التفاؤل أن 61 بالمئة اختاروا الحزب و 59 بالمئة اختاروا قائد الحزب لولا أن الحزب وقائده في أعين الجمهرة الساحقة يعني حزبا طائفيا شيعيا أو سنّيا.
سؤال آخر: "هل تعتقد أن العلاقة بين السنّة والشيعة تتحسّن أم تسوء؟". مقابل 39 بالمئة قالوا أنها تتحسن، أجاب 46 بالمئة أنها تسوء. لن يفاجؤنا أن 19 بالمئة فقط من أبناء الغرب السنّي رأوا أنها تتحسّن مقابل 54 بالمئة قالوا أنها تسوء. لكن نذير الخطر لايكمن هنا. فما سبق ينتمي إلى فصيلة الأسئلة الظرفية التي تتغير قناعات المجيبين عنها وفقا للظرف السياسي. يكمن نذير الخطر في الإجابة على سؤال: "هل تعتقد أن الطائفية لها جذور عميقة ولن تزول أبدا، أم أنها ستتلاشى تدريجيا مع الزمن؟". وفقا للدلالات الإحصائية الباردة علينا أن نشعر بالإرتياح: 58 بالمئة يرون أنها لن تعود عاملا مهما مع مرور الزمن. ولكن أن يعتقد قرابة الثلث (32 بالمئة) أنها لن تزول أبدا يؤشر لحسّ تضامن متفكّك. أكثر خطرا أن الأكثر تفاؤلا هم من لم يختلطوا بالطائفة الأخرى. 72 بالمئة من عيّنة الجنوب الشيعي انحازت للخيار المتفائل. أما في العاصمة بغداد التي يفترض أنها بؤرة التعايش، فإن 40 بالمئة من سكّانها ترى أنها لن تزول أبدا.
ثمة بصيص ضوء لن يكفي لإزالة العتمة في المدى القصير على الأقل. حركة كوران (التغيير) الكردية حققت نجاحات باهرة بفضل برنامج سياسي يعد بمكافحة الفساد واحتكار السلطة لتصبح الحزب الثاني في الإقليم وتحالف مدني في العراق العربي يتزايد أنصاره ببطء. أما العامة فلن تجد ما ينفّس عن سخطها غير الإفتتان بنجفي يأمرهم باستبدال قيادي إسلامي بآخر.
@isamalkhafaji



#عصام_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة العراق الباحثة عن أمّة
- حدود الدهاء القطري ومآزقه
- في رثاء الثورة السورية
- رسائل نصّية عن سيرة العراق في ربع قرن
- عن روحاني وغورباتشوف وما بينهما
- تفويض الفريق
- عن مجابهة الظلم بالطغيان
- التآلف الطائفي: لمحة عن خطاب منافق
- عن دكتاتور الإعلام والثقافة عموما
- حديث الملموس - في مأسَسَة سلطة التحريم الثقافي
- في مأسَسَة سلطة التحريم الثقافي - حديث النظرية والتاريخ
- عن خيط فاصل بين الثورة والحرب الأهلية
- أنا مشبوه!
- عن جاذبية السلطوية في العراق
- عصام الخفاجي - مفكر أكاديمي وباحث في العلوم الاجتماعية - في ...
- سورية: لو انتصر الجلاد!
- إطروحات حول معنى اليسار ودوره في عصرنا
- هل ولّدت الثورة المصرية يسارا جديدا؟
- موضوعات حول مستقبل اليسار في العراق
- مأزق النظام السياسي العراقي: تأمّلات في خيارات الديمقراطيين


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عصام الخفاجي - المفتي وأمير الطائفة