|
السيسى ومفهوم الدولة
محمد السعدنى
الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 15:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما إن بدأت حملات الإنتخابات الرئاسية فى السخونة النسبية حتى استصحبت معها تساؤلات وتقولات خرجت بتصريحات المشير السيسى فى لقاءاته الأخيرة عن سياقها، وتنكبت بها سبلاً للقلق والتحسب من توجهات شمولية تخرج الدولة الديمقراطية الحديثة من حسابات المستقبل ودوائر الاحتمال. وككل المهمومين بالشأن العام حاصرتنى أسئلة الصحفيين والإعلاميين من الجرائد والبوابات الإلكترونية والمواقع الإخبارية، ولم تكن فى أغلبها بعيدة عن الإستهداف والغرض، بتعمد القراءة الخاطئة للتصريحات وتأويلها على محمل يخالف كل ماعهدناه من ممارسات الرجل ومواقفه الوطنية واحترامه للقانون وطموحه لإستعادة كيان الدولة المصرية باستنهاض الهمة واستحضار روح التحدى لدى أبناء الأمة. ولاحظت أن البعض تعامل مع مقولات الرجل بتعسف وإلتواء. ركزت الأسئلة على تصريحات السيسى الضمنية ضد المستثمرين، وأنه يتوجه ناحية القطاع العام على حساب القطاع الخاص، وأنه وصف بعض التجار بالمافيا والمحتكرين، وأنه فى سبيل دعم الفقراء سيعيد هيكلة الإقتصاد على حساب القادرين، وأنه سيعتمد آليات موازية لحماية الأسواق، وبأن كلماته تعبر عن رؤية متشددة لمفهوم "الدولة المتدخلة" لإعادة التوازن لآليات السوق الخارجة عن السيطرة، وأنه لايرى الديمقراطية على مرمى البصر، وإنما بعد عشرين عاماً، وعلى هذا المنوال جاءت معظم الأسئلة، ألم تسمعه يقول لإبراهيم عيسى: لن أسمح لك تقول كلمة عسكر مرة أخرى، أو يوجه كلماته للميس الحديدى: أنا عارف أنا باعمل إيه بالضبط.! أو يوجه رؤساء تحرير الصحف إلى عدم إنتقاد المسئولين. وأنه وأنه..، وكأن هولاء الناس تابعوا لقاءات للسيسى غير التى تابعتها بشغف واهتمام، وكأنهم قرءوا مالم تستطع قريحتى السياسية أو ذائقتى النقدية أن تقرأه وتعيه. والحال أنى لم أعتد متابعة السياسة إلا بمنطق العلم ومنهجه، ولم أترك شاردة أو واردة فيما يقال من كلا المرشحين إلا وأخضعتها لمعايير النقد العلمى وأسس التنظير السياسى، وما كان لمثلى أن يكون درويشاً فى زفة دون وعى وإدراك لمسئولية تأييد الرجل والدعوة لإنتخابه رئيساً للجمهورية دون سواه. لقد تابعته بعين اليقظة، وما كنت أتردد عن نقده إذا ماخرج عن دوائر تصوراتنا الوطنية ومعاييرنا الموضوعية التى أيدناه بسببها وتوسمنا فيه القدرة على الوفاء بمتطلبات القيادة واحتمالات المرحلة. إذن هى أفاعيل المتربصين، والمتصيدين "واللابدين فى الدرة"، وتضاف إلى ماإجترحه المغرضون من تدليس على الناس بالتلاعب فى رمزه الإنتخابى "النجمة"، فجعلوها مرة سداسية كما نجمة داوود للإساءة إلى الرجل والنيل منه، ومرة حاولوا بلبلة أفكار البسطاء من أهالينا الطيبين، فوضعوا النسر الذى هو رمز منافسه بجانب صور السيسى، أو طبعوا ملصقات بعنوان "السيسى نسر العرب" لترسيخ إرتباط شرطى بين السيسى والنسر، لصالح منافسه الذى بدأت حملته فى التحرش بتاريخ الرجل والتقليل من بطولته والتشكيك فى مواقفه. وكلها مواقف لن تجدى ولن تصمد أمام إصرار شعب وإرادة أمة فى لحظة فارقة فى تاريخنا المعاصر. وإذا ماأعملنا معايير العقل مع ماقاله السيسى وماصرح به، فلن تصمد تقولات البعض وادعاءاتهم. أولاً السيسى لم يتحدث أبداً فى كل ماصدر عنه بضمير "الأنا" المتضخمة كما الآخرين، هو دائماً يستصحب معه الشعب فى كل ماينتوى عمله، وثقته فى الله دائماً ثم الشعب الذى استدعاه للمهمة التاريخية، وهو الذى قال إن ضمانة الديمقراطية هو هذا الشعب العظيم الذى خرج من قمقم الإستسلام والإستكانة والطاعة إلى فضاءات الثورة والتمرد والحرية، وإذا طلب منى أن أترك الرئاسة فلن أرد له طلباً، هذا ماقاله السيسى، وهو الذى قال نصاً لرؤساء تحرير الصحف أننا نحتاج عشرين عاماً حتى نصل للديمقراطية الكاملة الموجودة فى الخارج، وأنه لاتسامح مع الفساد، وقال: "مافيش مافيا هتعمل معايا" رداً على من يتهمونه بتمسح مافيا المصالح من بقايا نظام مبارك فى حملته الإنتخابية، وهو الذى قال بأن الدولة ستعد المشروعات وتطلب من المستثمرين المشاركة بهامش ربح معقول، وهو الذى صرح بأنه لاعودة عن مشاركة القطاع الخاص فى التنمية مع التزامنا بالحفاظ على القطاع العام الذى حمى الفقراء والعاملين قبل وأثناء حرب أكتوبر. وهو الذى يحترم جيشنا الوطنى ويرفض وصفه بكلمة العسكر التى هى مرادف للإنكشارية العثمانية والمماليك والمرتزقة من غير المصريين، على خلاف قواتنا المسلحة، وماكلماته لإبراهيم عيسى إلا من عشم القائد فى مثقف وطنى عرفه عن قرب أثناء الثورة، ثم رؤية السيسى لدور الدولة هى رؤية طموح تعمل على إعادة رسم توجهاتها لخدمة المواطنين وتخفيف أعباءهم، فقد إنتفى دور "الدولة الحارسة" والرخوة وعلينا تأكيد دور "الدولة الفاعلة" من أجل المستقبل. ياسادة: هذا هو مفهوم السيسى للدولة، فحاسبوه باعتباره قائداً واعياً، ليس من مهامه التنظير السياسى، كما يتصور البعض.
#محمد_السعدنى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السياسة فى بلادنا بين سيرفانتيس وصامويل بيكيت
-
بين السيسى وحمدين - الانتخابات الرئاسية على مائدة نصر القفاص
-
الوطن يعد القهوة لزائر غريب
-
السيسى وتأسيس الجمهورية الرابعة
-
السياسة فى بلادنا بلا مقدمات ولانتائج
-
مخاطر استمرار الببلاوى وحكومته
-
رسائل -هيكل- الملغزة وغواية الأنا
-
إعادة هيكلة الدولة حتم تاريخى لا رفاهية
-
السيسى لا يلعب النرد مع -هارى بوتر-
-
على من يكون الرهان؟
-
طارق البشرى: فراغ باتساع الوطن
-
دكتور حسام عيسى والجامعات الخاصة
-
حكومة الفرجة فى مسرح العبث
-
هل السيسى ظاهرة شعبية لسلطة ملهمة؟!
-
إنى أتهم: الحكومة و-المدبلجين- وغيرهم
-
التاريخ يستدعى قادته وأبطاله
-
مندوب المصالح الأمريكية في الحكومة المصرية
-
حتى لاتكون -المفوضية- هى وصفتنا غير السحرية - د. مصطفى حجازى
...
-
الأستاذ هيكل فى لزوم مالايلزم
-
وهل من الديمقراطية تفكيك مصر وتبديد دولة الحد الأوسط؟
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|