|
كيف يتحول الإنسان إلى -وحش- ؟؟
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 10:54
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كيف يتحول الإنسان إلى "وحش" ؟؟ تشهد منطقتنا والعالم ظواهر تعجز الكلمات عن وصفها . فالأوصاف المُتداولة ، وفي رأيي ، لا تستطيع الإحاطة بمُجمل هذه الظواهر ، بل وتسيء إلى الموصوفات . ولنأخذ على سبيل المثال حادثة إختطاف الفتيات النيجيريات على أيدي "رجال " بوكو حرام ، فأنت وحين تستعمل كلمة شاملة ك- ، رجال ، فأن هذا الوصف يسيء بل ويُهين الرجال جميعا ، أما إذا وصفتهم بالوحوش ، فللوحوش عاطفة غريزية ، أما التوصيف الأسوأ فهو وصفهم بالمجانين أو المرضى النفسيين ، فهذه إساءة لا تُغتفر لكل من يُعاني مرضا نفسيا ، للمجتمع وللعائلات !! أُريد القول ، أنه لا يُمكن لغويا ، في الوقت الراهن ، إيجاد الوصف الملائم والدقيق لهذه "الجرائم" وغيرها ، كجرائم داعش ، طالبان ، النازية والنازية الجديدة ، الفاشية والحروب الدموية على السلطة والمال . وما يُبرز بشدة أكبر ، هول هذه "الجرائم " ،هو التقدم الهائل الذي حصل في مجال حقوق الانسان وحقوق الحيوان ، على حد سواء ، فالعالم المُعاصر ، ورغم ما فيه من ظلم وإستغلال ، خطا خطوات هائلة وجبارة في مجال الحفاظ على حقوق الإنسان الأساسية ، حقه في الحياة ، العمل والعيش بكرامة ، حقه في حرية المعتقد والتعبير . هذه المجموعات "عمياء " عن رؤية العالم ، وما زالت تعيش في عالم موغل في الماضي السحيق ، عالم تسوده قوانين اللا قانون ونظام اللانظام !! أي بلا ضمير . والضمير المقصود هنا ، هو : " مركب من مركبات النفس البشرية ، وهو الذي يوجه الانسان في مجال الأخلاق والتي تقوده نحو مشاعر الندم إزاء ، الأفعال أو الإمتناع عنها ، والتي تتماشى أو تتناقض مع أوامر السلوك الأخلاقي كما يستوعبها هذا الإنسان "، أي ببساطة فالضمير هو الذي "يُحدد" للإنسان الخير والشر ، الخطأ والصواب في عملية التفاعل الإجتماعي والإنساني . ولا بد من كلمة عن المشاعر ، فهي مشاعر التعاطف ( مع الام الأخرين وضائقتهم ) ، الحب (للإنسان وللخير ) ، الرأفة ( بالعاجز والضعيف ) ، وبالمقابل كراهية الشر وعَمَله !! وبكلمات جان جاك روسو: " لا يُمكن الحديث عن الضمير دون الحديث عن( الإنتلكت ) الفهم ، فالفهم هو الالية التي يتحقق الضمير من خلالها . ورغم ذلك فالفهم غير قادر لوحده ، على التعبير عن المزايا الاخلاقية الانسانية لأنه (اي الفهم )قد يقع في الخطأ لوكان بمفرده وكذلك لأنه لا تناقض بين السلوك الناتج عن مبدأ ذاتوي والمصلحة الذاتية .الفهم هو في المحصلة الية أخلاقية تُمكننا من تعلم وإكتشاف الفرق بين الجيد والسيء ، يدا بيد مع الضمير الذي يدفعنا لأن نحب شيئا ونكره شيئا أخر ، الخير والشر ." ويتضح مما ذكرناه أعلاه ، بأن الضمير هو في المحصلة نتاج عملية إنسانية ، يتم خلالها تعلم وإكتساب مهارات شعورية ، تتماهى مع كل ما هو جيد وتتناقض مع كل ما هو سيء . ولكي يتطور الضمير فلا بد وأن يكون الفهم له قرينا ، كما يقول روسو ، أو السلوك وفق أوامر أخلاقية (أو منظومة القيم الاخلاقية ) ، والتي هي نتاج الجتمعة والأنسنة للفرد والمجموعة . لكن الضمير قد يختفي نتيجة ظروف حياتية ، صدمة أو الوقوع ضحية إعتداء (هذا على صعيد الفرد ) ، أو نتيجة غسل دماغ متواصل تتعرض له المجموعة .س كما وتحدث فرويد عن الأنا الأعلى كضمير ، أما أُستاذي الروحي فكتور فرانكل فقد تحدث عن "معنى " السلوك الذي يعطيه كل إنسان له ، ولا يتغاضى عن المعايير الأخلاقية في البحث عن" معنى "، وأن على الإنسان ان "يُصغي " للاوامر الاخلاقية لضميره ، مركزا على التواضع والتسامح . وتأتي أهمية فرانكل لأنه عاش في معسسكر إعتقال نازي ، وتوصل إلى أن السُجناء عديمي الضمير ، قاموا بكل فعل أو سلوك لإنقاذ "جلودهم " ، ولو تم ذلك عن طريق "التضحية " أو الوشاية بزملائهم ليذهبوا بدلهم الى أفران الغاز !! ولكننا نتسائل ، ألا يستطيع الإنسان "خداع " ضميره ؟؟أو إسكاته لفترة ؟؟!! بالتأكيد هذا يحدث غالبا ، ولكن حين يتحول هذا الخداع إلى عوارض مرضية ، فهنا لب المشكلة على الصعيد الشخصي . فجميع المُجرمين يُعانون بشكل أو بأخر من عوارض ، سأُطلق عليها " باتولوجيا ضميرية " !! لكن الإشكالية الحقيقية هي في " صناعة " جماهير بلا ضمير ، كما نجحت الحركات الفاشية والنازية سابقا ، وكما تنجح حركات فاشية إسلامية ، كداعش ، طالبان وبوكو حرام . وتتكاتف في هذه "الصناعة "عوامل عدة ، منها حالة "فقدان الأمل " في الوضع العام ، إستعداد تام لعمل أي شيء بهدف تغيير الوضع الميؤوس منه ، تغييب العقل الفردي والجمعي ، التنازل عن الذاتوية وتسليم القياد لقائد كاريزمي وديماغوغي ، والبحث عن الإثارة في مواجهة رتابة الحياة والأوضاع !! لذا ليس مستغربا بأن حالة التخلي عن الضمير الفردي والجمعي برغبة ، تحدث غالبا في أوقات الأزمات الاقتصادية ، السياسية والإجتماعية ، والتي تُشكل أرضا خصبة للافكار الفاشية ، على كافة أشكالها . لكن كيف يستطيع "القائد " أو "الفكر " خلق قاتل بدم بارد ؟ كما في أمثلتنا السابقة الذكر .. يخلق القائد عدوا (دينيا ، قوميا ، جندريا "المرأة غواية على سبيل المثال " أو ثقافيا "الادب والفن تهدم القيم "وكلها جميعا تعمل في وحدة لخلق مسخ بلا ضمير )، ويُحمله مسؤولية كل المصائب والكوارث التي حلت بالشعب ، وينزع عنه صفة الإنسانية ، لكي "يستحل " دمه وماله . ويبالغ في "تخويف " شعبه من هذا العدو ، والذي إذا لم تقض عليه سيقضي عليك . يضع شعبه أمام خيارين إما أن يقضي على العدو ، وإما سيقضي العدو عليه ..!! صراع على البقاء حتى الموت ، وعودة إلى قانون البقاء للأقوى ، وايس الأفضل . يتعدد الأعداء ، والهدف واحد !! على كل حال هذا رأي قابل للنقاش ، ويحتمل ألخطأ والصواب . لكن هل يشعر "القائد " بعدم ثقة أو بضعف أمام هذا العدو ، أم أن الأمر مجرد مناورة للوصول إلى السلطة والتحكم في مصائر "الشعب " !! فهذا موضوع أخر ...
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار والتحوير !!المشاكسة قبل الأخيرة ..
-
-عاموس عوز- : نيو- نازية يهودية !!
-
يوم النصر على النازية !!
-
-ألتسطيح- أفيون الجماهير ..
-
إستقلالهم نكبتُنا ؟!ماذا عن التزمت والأوهام ، أيضا !؟
-
دكتور جايكل ومستر هايد !!
-
إنهم -يخترقون - جُدران ألخزّان . مُهداة إلى روح غسان كنفاني
-
أهلا بكم في دولة الشريعة اليهودية .
-
ألإلحاد ألسلفي (ألإسلامي) ..!!
-
البيدوفيليا الدينية
-
دافيد -النحلاوي - يُثير بلبلة في صفوف الجيش الإسرائيلي .
-
-مع- ياسر برهامي ..و-ضد- فاطمة ناعوت!!
-
حماس : -قميص عُثمان - أليمين الإسرائيلي ..!!
-
الأول من أيار : يوم للوحدة أم يوم ذكرى إحتفالية ؟!
-
الهولوكوست والفلسطينيون ..
-
ألربيع ألعربي – الفُرصة الضائعة للطبقة العاملة .
-
فَرّق تَسُد ، رمز ألنجاح..!!
-
أنماط البيدوفيليين
-
اليسار الفلسطيني ، وشُباك جو –هاري !!
-
الدين شأن شخصي ..؟!
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|