أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عامر الأمير - تخليص الأبريز في تلخيص محطة قطار شمال باريز















المزيد.....

تخليص الأبريز في تلخيص محطة قطار شمال باريز


عامر الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 1260 - 2005 / 7 / 19 - 10:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اذا أسعفتني الذاكرة فأن رفاعة الطهطاوي قد كتب بعد زيارته ( باريز ) كتابه المعروف بتخليص الأبريز في تلخيص باريز .. وصف فيه زيارته التأريخية الى عاصمة النور و الثقافة و الحضارة..و أعجابه بسلوك الأمة الفرنسية الحضاري الى درجة الأنبهار و الدهشة !! فذكر ( اذا أسعفتني الذاكرة ) أنه وجد في باريز أسلاما و لم يجد مسلمين !! و قد أكون مخطئا فربما تنسب هذه العبارة الى الشيخ محمد عبده .. لا أتذكر !! لايهم .. يهمنا هنا العبارة بذاتها لا من قالها ..
هذه العبارة تحتمل عدة تفاسير ( ظاهرية و باطنية - على طريقة تفاسير المذاهب الأسلامية ) .. فهي من جهة تشير الى أن الأمة الفرنسية تتحلى بقيم أخلاقية عالية لم يلاحظها صاحب المقولة في بلاد المسلمين !! و من جهة أخرى تشير ضمنيا الى أن الأسلام هو مصدر أو منبع أو مقياس وحيد أو مثالي للأخلاق الحميدة .. أو بمعنى آخر أن الأخلاق الأنسانية العالية مرجعها ( أسلامي ) اينما وجدت !! فهو ( الأسلام )الديانة الكاملة التي تصلح لكل زمان و مكان و هو دين كل ما يسمى ( بالأنبياء ) كيسوع المسيح و موسى و أبراهيم و أسحق و يعقوب و أسماعيل و غيرهم !! هذا اذا سلمنا بوجود شخصيات بعضهم التي لم تثبتها أي دراسة تأريخية علمية و لم تشير اليها أية وثيقة أو أثر تأريخي لا من قريب و لا من بعيد !! تصريحا أو تلميحا !! ..
و يمكننا أيضا أن نستشف من تلك المقولة الشهيرة و كأن الأمم الأخرى في مشارق الأرض و مغاربها و على مر العصور لم تتوصل الى قيم أنسانية و حضارية بنفسها و بالتطور التأريخي الأخلاقي لأي أجتماع بشري !!!
شاءت الصدفة أن أزور عاصمة الأنوار ( باريز ) لأول مرة قادما اليها من بروكسل بالقطار الفرنسي .. و أنا غارق في حلم أو لهفة لزيارة الأماكن الشهيرة التي قرأت عنها كثيرا .. خاصة تلك التي شهدت أحداث الثورة الفرنسية العظيمة !!
فوجئت عند الوصول الى محطة شمال باريز ( الكار دي نورد ) حيث نهاية الرحلة .. بأنتشار غير طبيعي لأفراد البوليس الفرنسي لم أرى مثله في محطات قطار أمستردام و بروكسل !! يوقفون بعض المسافرين و يفتشون حقائبهم .. خطر في ذهني أنهم ربما يفتشون عن تهريب المخدرات أو ربما تلك مجرد أجراءات عادية .. و لكن هل يحدث هذا في البلد الذي ولدت فيه لائحة حقوق الأنسان ؟؟
مرقت من رجال البوليس دون تفتيش رغم سحنتي الشرق أوسطية ( المثيرة للشكوك في العالم ).. في مبنى المحطة شاهدت أفراد الجيش الفرنسي بملابسهم الكاكية المرقطة و هم يتجولون كأنهم في حالة أنذار !! ( شنو القصة ؟ ) تساءلت مستغربا !!
ذهبت مسرعا الى الفندق القريب من المحطة و حجزت لثلاثة ليالي .. ثم وضعت حقيبتي في الغرفة و خرجت متلهفا لمشاهدة معالم باريز .. في المحطة ذاتها قطعت تذكرة لركوب قطارات الأنفاق و باصات النقل العام لمدة 36 ساعة .. و ذهبت الى أهم معالم باريز ( جادة الشانزليزيه الشهيرة ) .. آه .. هذا هو اذن قوس النصر الذي مات نابوليون و لم يراه مكتمل البناء !! و هذا هو أشهر شوارع العالم يعج بمواكب ( فرح ) من عشرات الآلاف من السياح !! الأعلام الفرنسية تزين جانبي الشارع الطويل .. و موسيقى السلام الوطني الفرنسي ( المارسيلييز ) تعزف بمكبرات الصوت .. شاهدت بعض المارة يرددون كلمات النشيد التأريخي .. ها هي الأمة الفرنسية تستعد للأحتفال السنوي لذكرى ثورة ( الباستيل ) .. هنا في هذه الأنعطافة يقف نصب القائد المحرر شارل ديغول .. و على اليمين جسر الأسكندر الثالث .. هناك على المدى البعيد و على محور قوس النصر ساحة الكونكورد .. بالقرب من هذا المكان عاشت ماري أنطوانيت أيامها الأخيرة .. هنا تم أعدامها !! هذه هي اذن الأماكن التي شهدت أعظم ثورة لتحرير الأنسان !! و هؤلاء هم أحفاد أولئك الثوار الذين ندين لهم بتعليمنا أول درس في حقوق الأنسان !!!
في كل زاوية في باريز حكاية و قصة .. مدينة تحس فيها بعبق التأريخ .. مدينة منحوتة بآيات الفن المعماري الرائع .. أنها مدينة ( قصة الحضارة ) كما سميتها !! محاكاة لعنوان المجلد التأريخي العظيم لول ديورانت ..
بعد تجوال لساعات بين قوس النصر و ساحة الكونكورد جيئة و ذهابا .. شعرت بالتعب و الأرهاق .. و عدت الى الفندق ( بقطارات الأنفاق ) !! بعد أن تناولت وجبة عشاء بسيطة في الماكدونالدز ( رغم أنني لا أحب ما يقدمونه من أطباق , لكنني على الأقل أستطيع أن أعرف الأسعار من خلال صورة كل وجبة .. فقد قالوا لي أن باريس أو باريز غالية جدا و فنجان القهوة بعشرة يورو في مقاهي الشانزيليزيه .. ثم أكتشفت أن تلك مبالغة كبيرة !!!) ..
و .. ثم ... أيضا لازال أفراد من البوليس و الجيش يتجولون في المحطات !! قلت مع نفسي : " ربما كانوا يستعدون للأحتفال بثورة الباستيل " لا أدري !! " لكن مازال أمامهم أسبوعا على الأقل للأحتفال .. لم كل هذه الأجراءات الأمنية المبكرة جدا ؟؟!!" ...
وصلت الى غرفتي متلهفا هذه المرة الى سماع نشرة أخبار ... يا ألهي أخشى أن أسمع خبرا جديدا عن مقتل المزيد من العراقيين الأبرياء بالمفخخين و الأنتحاريين .. بحثت في التلفاز عن قناة ناطقة بالأنجليزية .. فوجدت على الشاشة القناة التي لا أحب متابعتها أو بالأحرى قاطعت متابعتها منذ فترة طويلة .. ( الجزيرة ) .. !!
فوجئت بالعنوان ( أو المانشيت ) الرئيسي على الشاشة : تفجيرات لندن !!!
آه .. لقد فعلها المسلمون .. و هذه المرة في لندن ... في محطات قطارات الأنفاق و باص للنقل العام بين المدنيين المسافرين الآمنين الأبرياء ( كالعادة )... و كما يحدث كل يوم في العراق !!!
آه .. الآن عرفت سبب ذلك الأنتشار غير العادي لأفراد البوليس و الجيش الفرنسي في محطات القطار !!!
تخيلت كم من المسلمين قد هلل و كبر و سجد لله شكرا على هذه الغزوة المباركة .. و تخيلت حجم النفاق الأسلامي في مثل هذه الأحداث : أدانة و أستنكار بعض المشايخ !!.. هؤلاء لا يمثلون الأسلام !!.. الأسلام بريْ من هذه الأفعال المشينة !!.. الأسلام دين السلام !!.. الأسلام لا يأمر بقتل الأبرياء !!! .. و بنفس الموال القديم الجديد و نفس الأسطوانة المشروخة المعادة المملة !!!
تناسوا هؤلاء ( المبررين ) : أن من قام أو من يقوم بكل عمل انتحاري هو يؤمن ايمانا مطلقا بما يسمى ( الجهاد ضد الكفار و أعوانهم ) !! و أن مشايخ الأسلام بغالبيتهم قد شحنوا هؤلاء المغرر بهم و غسلوا أدمغتهم بتلك الفكرة الاجرامية التي تدفعهم الى الأنتحار بين المدنيين ليعانقوا بعدها بلحظات كالبرق أو كلمح البصر أو اقرب من ذلك حور العين و الغلمان المخلدين و ليضاجعوهن أنى شاؤوا .. و ليكرعوا ما طاب و ماشاء لهم من أنهار الخمر و العسل و ليتسامروا في جلسات لا تمل على الأرائك متكئين مع الصحابة و التابعين و تابعي التابعين !!!...
حقا , يا طيب الذكر .. رفاعة الطهطاوي أو محمد عبده ( لا أتذكر ) .. لقد وجدت في باريز ( اسلاما ) أرهابيا همجيا اجراميا لا أخلاقي و لا أنساني .. و لا يمت لكل قيم الحضارة بصلة .. و لم أجد في باريز ( مسلمين ) و الحمد لله رب العالمين !!



#عامر_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرثية أور .. ما أشبه اليوم بالبارحة
- رهان ( شعب الجبارين ) على الحصان الخاسر
- حسنا فعل الكورد .. نعم لعلم عراقي جديد
- رسالة نقدية .. في نقد النقد .. سأرد لا حقا
- هواية الجهاد في مزرعة الحاج محمود الجحيشي : الدوافع و الأسبا ...
- حوار غير متمدن في موقع أسلامي
- معجزات الديجيتال عند العرب المسلمين
- لكي تكون عربيا مسلما فأليك النصيحة ..
- بغداد بين سقوطين .. هل نحتاج الى أبن العلقمي للتبرير ؟؟؟
- سيوف قد حنت إلى رقاب ... تقطعها قطعا ً مستبينا
- متى تسقط أميركا ؟؟؟ ... 1
- هل تحول العرب المسلمون الى دراكولات ..؟
- قصة اللون الأحمر و اللون البنفسجي .. دعوة لتصميم علم العراق ...
- الى الأخوة العمانيين ... مع التحية
- عودة المهرج مقتدى الى مسرح اللامعقول
- السيرة العربية .. أسئلة الحمقى في السياسة و الأسلام السياسي
- كيف يشتغل العقل العربي الأسلامي ؟ ... -3
- كيف يشتغل العقل العربي الأسلامي ؟ ... 2
- بابل و أخواتها ... تناشد ضمائركم
- حرق الأعلام الأردنية غير كافي


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عامر الأمير - تخليص الأبريز في تلخيص محطة قطار شمال باريز