أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - جدلية الوحي والتاريخ (1)














المزيد.....

جدلية الوحي والتاريخ (1)


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4442 - 2014 / 5 / 3 - 14:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ قرون والرجل العربي يعيش في الوحي بعقله، وفي التاريخ بجسد دون عقل. وقد أسفرت هذه الفصامية عن هجرة العقل العربي للتاريخ، بينما بقي الجسد العربي يعيش مضطراً في غربة ونفور وامتعاض، وأحياناً في استعلاء تعويضي كاذب، إزاء واقع لم ولا يشارك في تطويره وتحسينه. هذه الفصامية العربية ما بين الوحي والتاريخ تلقي الضوء على الأسباب الجوهرية التي تجعل الرجل العربي مصمم الآن بغباء لا يُحسد عليه على استخدام أنجع اختراعات التاريخ في محاولة انتحارية لتدمير التاريخ ذاته. هذا الفصام الحضاري هو نفسه الذي دفع تسعة عشر انتحارياً عربياً لاختطاف عدة طائرات مدنية وتحويلها بركابها إلى أحزمة ناسفة، لا لشيء سوى التخلص من أبرز وأشهر معالم التاريخ الإنساني ورموز قوته في العصر الحاضر. هؤلاء لم يكونوا يستهدفون برجي التجارة العالميين أو مبنى الكونجرس أو البيت الأبيض أو البنتاجون تحديداً. في الحقيقة، هم كانوا يستهدفون التاريخ ذاته، ومن سوء طالع هذه الأبنية أنها كانت الصروح الحضارية الأشهر والأقوى على الإطلاق في تجسيد هذا التاريخ.

في الزمان والمكان يكمن الفرق الجوهري بين الوحي والتاريخ. الوحي مطلق بلا حدود وبلا بداية وبلا نهاية زمانية أو مكانية، ما يجعله وفق العقلية العربية ’صالح لكل مكان وزمان؛ لكن التاريخ ليس كذلك. على نقيض الوحي، التاريخ محدود ومحصور بأزمنة وأمكنة دائمة الدوران والحركة، ما يجعله هو نفسه دائم التغيير أيضاً. الوحي ثابت وأزلي وأبدي، لكن التاريخ حركي ونسبي ومتغير، بتغير ظروفه الزمانية والمكانية. هكذا بينما قد بقي العقل العربي ثابتاً وأزلياً وأبدياً داخل حدود الوحي، كان الجسد العربي في الوقت نفسه يقطع مسافات وعصور طويلة عبر ظروف التاريخ الزمانية والمكانية الحركية والنسبية والمتغيرة، الذي طور الجسد العربي القديم لآخر حديث ومعاصر شديد التباعد والاختلاف والتناقض عن الأول. مع ذلك، قد بقي العقل العربي قديماً مثلما كان في الأول. هكذا، في الوقت الحاضر، أصبح الرجل العربي يعيش بعقل قديم داخل جسد مواكب لأحدث الموضات والابتكارات العالمية.

في المنظور العربي الوحي هو القرآن، كلام الله الأزلي الخالد المنزل من السماء. وقد دارت حرب كلامية عبثية داخل العقل العربي قديماً حول ما إذا كان الوحي (القرآن) قديماً أو حديثاً. فريق خلص إلى كون كلام الله (القرآن) قديم، بمعنى أنه لم يخضع لفعل الخلق الإلهي مثل بقية الكون والكائنات السماوية والأرضية الأخرى ومن ثم لا يخضع لسنة التغيير والفناء الكوني الإلهية مثل الحياة والموت والخلق والعدم. إذا كان الوحي ’قديم‘- لم يخلق- هذا يعني أنه أزلي الوجود، ليست له بداية (خلق) أو نهاية (قيامة) مثل بقية عناصر الكون شاملة الإنسان نفسه. بالتالي يتحول الوحي (القرآن) إلى مطلق ويصبح، بالنتيجة، صالحاً للتطبيق في كل زمان ومكان. في المقابل رأى الفريق الحديثي أن الوحي وإن كان معناه إلاهياً أزلياً خالداً، إلا أن رسمه ولفظه (القرآن) مخلوقاً مستحدثاً مثل سائر مفردات الكون. هكذا تنشأ مسافة ما بين معنى القرآن المطلق الخالد من جهة ولفظه النسبي المخلوق من الأخرى، ما يفتح الطريق أمام إمكانية مخالفة ’النص‘ القرآني إلى درجة تسمح بالخروج عنه كلياً عبر تأويل الكلمة (رسمة القرآن) النسبية المخلوقة قياساً على معناها الإلهي المطلق، الذي يبقى مستقلاً ومنفصلاً عن كلام القرآن ذاته كسر من الأسرار الإلهية العليا ويصبح القرآن مجرد محاولة ضمن أخرى كثيرة سابقة وقادمة محتملة لثبر أغوار الغاية الإلهية العليا من الوجود.

وقد انتصر فريق قدم القرآن (الوحي) على خلق الوجود. منذ ذلك الزمن تحول الوحي (القرآن) إلى نص أزلي مطلق خارج نواميس وسيرورة الكون. وبينما كان الكون، التاريخ، في سيرورة مستمرة بقي الوحي (القرآن) ثابتاً خالداً، أو هكذا على الأقل أقنع العقل العربي نفسه.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل الفقهي وتنصيص الواقع
- العقل الفقهي والسلطة
- ابن رشد ضالع في الإرهاب
- سحر الفقه
- ابن رشد: فيلسوف أصيل أم فقيه مستنير؟
- فيلسوف وفقيه وإرهابي (3)
- فيلسوف وفقيه وإرهابي (2)
- فيلسوف وفقيه وإرهابي (1)
- العدل الأعمى في اليوتوبيا الإسلامية
- الإسلام السياسي سكين مسموم في الجسم العربي
- إسرائيل العدو، الند، إلى الحليف
- المملكة والله والبترول
- إصلاح مراوغ تحت عباءة الدين
- تطور الدين مع الانسان
- المملكة المحافظة في واقع متغير
- لماذا انهزمت السعودية أمام إيران
- هزيمة الجهاد المسلح في سورية
- الأكثرية والأقلية في ديمقراطية الإسلام السياسي
- الله الاجتماعي والله الفلسفي
- حين يمسي اليسار يميناً


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - جدلية الوحي والتاريخ (1)