محمد شراق
الحوار المتمدن-العدد: 4442 - 2014 / 5 / 3 - 12:10
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
أي حوار اجتماعي؟؟؟
يجري وهم الحوار الاجتماعي بين البيروقراطية النقابية المهيمنة على كثير من القطاعات العمالية, و الوظيفة العمومية المهيكلة نقابيا و المهضوم حقها أصلا وكل حكومات تصريف الأعمال غير الشرعية، ضمن إطار يحاول أن يجعلها بديلة عن الصراع الحقيقي، و يحولها إلى معركة غرف و صالونات مغلقة بديلة عن الصراع كله, ويهدف من خلالها إلى إشغال الطبقة العاملة عن القضية الكبرى المتمثلة في صراعها الطبقي ضد المافيا المخزنية وتفتيتها ونهب أرزاقها و يكرس داخلها نهج الاستسلام ومنعها من الانخراط في قضايا عموم الجماهير الكادحة. تعمل البيروقراطية النقابية بكل طاقاتها، على عزل الطبقة العاملة، عن محيطها الشعبي و الجماهري المكافح ودفعها للإقتناع أن المعركة هي مجرد خلافات مع شريك اجتماعي بعيدة عن اي صراع طبقي و جماهري و انها معركتهم وحدهم, لتبدو معزولة عن باقي المقهورين و الكادحين من ابناء هذا الشعب المظلوم, و تعمل بكل حقارة على خلق إصطفافات متعددة الألوان داخل النقابات, بل داخل النقابة الواحدة لتحويل أنظار هذه الطبقة, عما يخطط لها من طرف الحاكمين في هذا البلد من مشاريع سيطرة و استعباد. إن من أهم نتائج الحوار الاجتماعي كمشروع ساهم في خلقه النظام السياسي كخيار إستراتيجي لحماية مصالحه هو: - إعطاء الشرعية للمافيا المخزنية لمص المزيد من دماء الكادحات و الكادحين و نهب المال العام و الاستيلاء على الأراضي ما عليها وما في جوفها. - إقرار بالهيمنة المخزنية وسياساتها المتسلطة على الشعب المغربي المقهور..
إن هذا الحوار الاجتماعي المشبوه في ظل ضعف عمل نقابي مأزوم و مهزوم أصلا, إختلت فيه كل موازين القوى لصالح الطبقة الحاكمة, لا يمكن أن يقدم أية حلول تخدم الطبقة العاملة, لأن أي اتفاق يعقد مع الحكومات المشلولة، هو دائما رهين بموافقة أسيادهم من مافيا الحاكمين الحقيقيين و الرئيسيين، حيت لا يمكن أن يعقد مثل هكذا حوار دون الارتباط و الاعتماد على باقي مكونات الشعب. • فكيف يمكن “لنظام مستبد” قائم على اغتصاب الحقوق، أن يعيد الحقوق بدون قوة؟ • وكيف يمكن لطبقة مستغلة بكسر الغين أن تتنازل عن “استمرار ضعفنا”، هذا الضعف هو الذي يحمي سرقاتها ونهبها لثرواتنا.. من الواضح رغم كل الأدوار الرسمية التي تلعبها البيروقراطيات النقابية فان النظام القائم، و في غياب ضغط القوة العمالية و الارادة السياسية الشريفة يحاول دائما أن يجعل من المحكومين له قطعان لا تهيج أبدا ولا يحترم إرادتها وحقوقها، فهو لا يحترم إلا مصالح طبقته.. و يحتقر كل حلفاءه الذين جندوا أنفسهم كإطفائيين داخل المركزيات النقابية، فهو لا يتردد ولا يتراجع إلا أمام القوة التي تقهره، و هي قوة الشعب. فالمعرفة المسبقة للنظام بالفساد المستشري داخل النقابات و أمام فهمه لكل صغيرة وكبيرة لديها, لا يمكن أن يوافق على أية حلول ذات قيمة للطبقة العاملة، لأنها حتما تتعارض مع وجوده، لكنه يمكن أن يقدم بعض التنازلات المرحلية لتزيين منظره مكرها أمام العالم, و إرضاءا لبعض حلفائه من النقابيين, وحماية ماء وجههم, كما حصل في اتفاق 26 ابريل 2011 من زيادة في أجور الموظفين تحت الضغط الذي مارسته حركة 20 فبراير, كحركة شعبية و جماهيرية. و دائما تكون تنازلاته مشروطة بجعل بيروقراطية المركزيات النقابية صمام أمان لأية غضبة عمالية قد تخلط الاخضر باليابس. ولكل هذا ولغيره.. فإن النظام المخزني و على لسان حكوماته المتعاقبة و الطيعة, يضع المهرولين للحوار الاجتماعي, بدون شروط موضوعية أحيانا في مواقف محرجة.. مما يجعل هذه الحوارات أبدية بلا سقف زمني، وعبثية تعبث بمصالح الطبقة العاملة ومصيرها، و تشوه صورة النقابيين و تشكك فيهم، وتغرس ثقافة التخوين و المؤامرة في وعي العمال اتجاه كل عمل نقابي وتجرهم للإستسلام و الفردانية و الانتهازية. هذا ما يحاول النظام و حكوماته فعله اليوم مع البيروقراطية النقابية في ما يسمى ب “الحوار الاجتماعي”، بين مناضل صادق ومساوم.. وكلنا ثقة ألا يقع المخلصون من النقابيين في فخ يعتمد خارطة طريق لا تتعدى الخطابات و الهتافات و الأناشيد, رسمتها المافيا المخزنية و الدائرين في فلكها بشكل قبلي. في ظل الخلل المتواجد في موازين القوى، بين الحكومة و تنظيمات نقابية مهلهلة تحكمها البيروقراطية المتعفنة, و في غياب الفعل الكفاحي و النضالي للطبقة العاملة لا يمكن للحوار الإجتماعي إلا أن يشكل علاقة استعباد، على طريقة “منا العقول ومنكم العضلات”. إن أي شكل لهذه العلاقة لن تقرره الخطابات الإستعراضية، بل تقرره القوة العمالية و الشعبية.. إننا مطالبون اليوم، كطبقة عاملة تعي جيدا صراعها الحقيقي و ما آلت إليه ظروفنا المزرية و أمام حراك جماهري كسر حاجز الخوف و المتمثل في حركة 20 فبراير، أن نفهم مخططات المافيا الحاكمة واستراتيجياتها في ضم البيروقراطيات النقابية لصفها كوقائيين ، من خلال الحوار الاجتماعي المؤسس للتعاون الطبقي بدل الصراع الطبقي. فما الذي يدفع مثل هذا النظام الفاسد بمافياته المخزنية و حكوماته المشلولة للتراجع عن جرائمه السياسية و الاقتصادية؟؟ سؤال ليس صعبا أن نجد له إجابة.. إن تاريخ الحركة العمالية بالمغرب لأكبر شاهد على بعض الأسماء من الشهداء و المناضلين الأبرار الذين خطوا بدمائهم الطاهرة أروع صفحات التضحية و البطولة دفاعا عن حقوق الكادحين من العمال و الفلاحين ليرسموا لنا خط الممانعة و الكفاح النضالي.. أقول بعض الأسماء.. لتبقى اللائحة مفتوحة أمام كل شرفاء الطبقة العاملة أمل هذا الشعب في بناء غد إنساني حر كريم و عليهم مجتمعين يقع عبء تحطيم كل الأحلام في استعبادنا.. واغتصاب خيرات بلادنا..
#محمد_شراق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟