|
تأملات في الوضع الاقتصادي و السياسي بالمغرب
عبد الحق لشهب
الحوار المتمدن-العدد: 1259 - 2005 / 7 / 18 - 07:12
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
ﺇن تفاقم الأزمة البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني تتجلى في: -التبعية لمراكز الرأسمالية الخارجية الأوربية و الفرنسية خصوصا، سواء على مستوى التزويد و التسويق، أو على مستوى المنظومات الانتاجية و التكنولوجية. -تكون النظام الاقتصادي المغربي من بنيات و قطاعات غير متجانسة تكنولوجيا و غير مندمجة مما لا يساهم في استيعاب القيمة المضافة في هذا القطاع أو ذاك، و لا في مضاعفة الآثار الايجابية الاستثمار أو التنمية الانتاجية أو للتطورات الممكنة على المستوى التكنولوجي ، رغم التفاوتات الممكنة بينها على هذا المستوى. -محدودية النظام المأجور و انحصاره في دوائر ضيقة و تنامي العمل المأجور غير القار و استشراء القطاع غير المنظم أو غير المهيكل و الحرف غير القارة و البطالة المقنعة. -استمرار تقلص الفضاء الاقتصادي العصري انتاجا و تسويقا نظرا لضعف القدرة الشرائية لأوسع المواطنين و دور التهريب و الغش. ان تفاقم الاختلالات الهيكلية و الازمة التي يعاني منها الاقتصاد المغربي و تخلفه في الاستعداد لمواجهة تحديات العولمة، يطرح بالحاح القيام بالاصلاحات المؤسساتية الدستورية و السياسية و القضائية و الادارية التي تشجع على تفعيل طاقاته الخلاقة و على رأسها طاقاته البشرية و العلمية من أجل تمنيع الاقتصاد الوطني و تقوية تنافسيته و تسهيل دخوله سيرورة النمو و التنمية. و الواقع أن لا أحد يجادل بشأن إخفاق السياسة الاقتصادية في ايجاد مقومات نمو اقتصادي قوي و مستديم من شأنه التصدي للمطالب الاجتماعية المتنامية. فماهو مآل هذه السياسة الاقتصادية في علاقتها بتنامي الاكراهات و الرهانات في ذات الآن ؟ لم يتمكن الاقتصاد الوطني بعد، من تحقيق شروط النمو الاقتصادي الذي تراهن عليه السلطة السياسية للاستجابة للانتظارات ذات الطابع الاقتصادي، ذلك ان معدل النمو الاقتصادي خلال سنة 2004 لن يتجاوز 3 في المائة، في حين ان المعدل الذي يفترض فيه امتصاص العجز الاجتماعي يتراوح ما بين 5 و6 في المائة. و النتيجة هي أن المخطط الخماسي للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية 2004-2000 لم يحقق كل توقعاته خاصة بالنسبة لمؤشرات النمو الاقتصادي، مما جعل السياسة الاقتصادية ظلت حبيسة الانعكاسات السلبية للظرفية الاقتصادية الدولية. و تبدو تجليات تبعية الاقتصاد الوطني من خلال الدور المحوري للتقلبات المناخية التي تعزز حضور القطاع الفلاحي في الحصيلة النهائية للنشاط الاقتصادي. و تاتي عائدات الخوصصة لتلقي بظلالها على ميزانية سنة 2004، اذ ان صحة هذه الأخيرة من مدا خيل ولوج شركة "اتصالات المغرب" لبورصة القيم بالدر البيضاء و المقدرة بتسعة ملايير درهم انقدت قانون مالية السنة. و المثير للانتباه، ان معدل النمو الاقتصادي الذي تم تحقيقه في السنوات الاخيرة لاسيما في ظل المخطط الخماسي للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية 2004-2000، لم تكن له تداعيات فعلية على الصعيد الاجتماعي و هو ما دفع بالمركز المغربي للظرفية لان يصف النمو بالعقيم على اعتبار انه لا يترجم خلق فرص شغل تستوجب التدفق المتزايد للشباب على سوق الشغل. إن الوضع الاقتصادي ببلادنا لازال يعاني من غياب أفق واضح لحل معضلاته البنيوية، واستمر تأثير التغيرات الماضية على معدل النمو الذي ينتقل من السلب إلى الإيجاب حسب المحصول الزراعي للسنة واستقر ثقل ميزانية التسيير وأداء مستحقات الدين وخدمته طاغيا على حساب ميزانية الاستثمار، كما كرس التناقض المضطرد لا يجاز البنيات التحتية الضرورية لإعطاء دفعة قوية للاستثمار، ولإنجاز المرافق الاجتماعية التي تلبي الحاجيات الأساسية للمواطنين. إن تفاقم الأزمة الاجتماعية وتفاقم الشروخ الاجتماعية والجغرافية والقطاعية كجزء من الأزمة البنيوية الشاملة وعجز النظام الاقتصادي المغربي عن توفير الحد الأدنى من الدخل والخدمات الاجتماعية وتخلي الدولة تدريجيا عن أدوارها الاجتماعية والتوزيعية، عرض المغرب لسلسلة من الاحتجاجات الإجتماعية التي تهدد مقومات الاستقرار السليم لمجتمعنا. إن هذه الأزمة الاجتماعية التي تتغذى من أزمة النظام الاقتصادي وتهدد سيرورة التأهيل والإنقاذ. تنتظر الإقتصاد الوطني تحديات كبيرة انطلاقا من سنة 2005، لها علاقة بالظرفية الخاصة التي تم خلالها تحضير مشروع قانون مالية هذه السنة والانعكاسات المتوقعة لذلك على تنفيذ مقتضيات هذا القانون. إن المواجهة الفعالة لتردي أوضاع البلاد وأحوال أغلبية أفراد الشعب في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتراجع مكانة المغرب الدولية، غير ممكنة دون إنجاز إصلاح دستوري و سياسي جوهري. ومن المفترض سياسيا، أن تقوم الأحزاب المغربية بالدعوة و المساهمة في إنجاز هذا الإصلاح .وتستمد الأحزاب في المغرب أهميتها من الدور المنوط بها دستوريا إذ ينص الفصل الثالث على أن الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم . ومن متابعة أداء الأحزاب المغربية، يتبين أن التقليدانية هي التي طبعت أداء الأحزاب. وللتقليدانية عدة مظاهر تتجسد في انغلاقها وبالتالي محدودية روادها، وفي إفرازها لزعامة تظل على رأس الحزب إلى حين وفاتها، وأيضا في انعدام الديمقراطية واقتصار عملية صنع القرار الحزبي على بعض النخب المتنفذة أو القريبة من الزعيم. لقد أصبحت الأحزاب تنتج بكثير من البراعة أنماط التعاطي البيروقراطي والديماغوجية والاستئثار بالرأي، وتعمل من أجل الهيمنة والحفاظ على الوضع الاجتماعي القائم، وتتذرع بالإكراهات تجنبا لمناقشة الاختيارات السياسية الأساسية. وهذه الأحزاب التي لم تكن في يوم ما أحزاب مجتمع، لا ترى في المسؤولية المركزية أبعد من المقعد البرلماني أو الحكومي، ومن ثمة لا حاجة لها بالمشروع المجتمعي. من هنا نتساءل: هل الخلل في الأحزاب السياسية أم في الدولة والمجتمع؟ يجب الاعتراف أن الدولة تطورت في سلوكها وخطاباتها، فأصبحت تطالب الأحزاب بإعادة تشكيل ذاتها بعد أن كانت تمارس التفكيك والانشقاق في الماضي، بل إن السلطة تحل محل الأحزاب السياسية وتقوم بوظيفتها، فحملات التضامن المسترسلة منذ سنوات هي محاولة لاستقطاب المهمشين والمعدمين. أما الطرف الثاني الذي هو المجتمع فقد تجاوز ثقافة الاضطراب واصبح متقدما عن الأحزاب السياسية بممارسة لحقه في الاحتجاج بشكل منظم ذاثيا، بل إن الأحزاب تمارس التشويش عليه بمحاولة اختراق المجتمع المدني الناشئ وتسييس تنظيماته. إن الإشكال يتمركز في الأحزاب السياسية بصراعاتها وانقساماتها والتي بدت عاجزة اليوم عن صياغة مشروع اجتماعي وسياسي، مما يعمق بشكل كبير الفراغ السياسي والاجتماعي في النظام السياسي المغربي، مادامت سلوكات الاحتجاج في السنين الأخيرة لا يمكن قراءتها إلا انطلاقا من كونها تعبير عن نهاية ميثاق اجتماعي قديم، ونفاد عرض مازال أبطاله يصرون على الحضور. إن المتأمل في المشهد الحزبي تثيره ضعف البنية التنظيمية للأحزاب السياسية وتدفعه إلى تسجيل الملاحظات التالية: • تتميز البنية التنظيمية للأحزاب بالانغلاق والإقصاء مما يؤثر سلبا على إنتاج الأفكار والمفاهيم. • تكريس مفهوم القيادة التي يحكمها هاجس امتلاك السلطة والانفراد بالزعامة. • هشاشة البناء النظري لدى الأحزاب الناتج عن مبررات ترتبط بمسلسل التسويات السياسية بين الأحزاب والنظام، ثم بضعف الإنتاج الثقافي للنخبة الحزبية. فهل يمكن الحديث عن مفهوم الحزب في الحقل السياسي المغربي في ظل افتقاره للنظرية السياسية؟ وكيف يمكن طرح فكرة الإصلاح السياسي والدستوري في المغرب في ظل أحزاب سياسية تتسم بالعقم الفكري والنظري؟ لقد أبانت التجربة الحكومية الحالية الممتدة من سنة 1998 حتى اليوم أن قضية الإصلاح الدستوري لازالت مطروحة، وأن كل الرهانات المعقودة على دستور 1996 لإخراج البلاد من وضعها المتأزم لازالت تراوح مكانها. فمنذ منتصف التسعينيات، كان هناك توجه سياسي نحو مأسسة الخلافة لضمان استمراريتها والبحث عن آليات أخرى لإحداث تغيير تدريجي في النظام السياسي المغربي دون فتح نقاش سياسي مع باقي الفاعلين حول مسألة تعديل الدستور، حيث أن هناك إشارات دالة لمسايرة التوجهات الحداثية للدول المتقدمة، وذلك بتوظيف آليات أخرى غير التعديل الدستوري، وإنما المراهنة على تغييرات جزئية كالانتخابات الأخيرة لـ 27 شتنبر 2002 لإحداث تغيير في العلاقات السياسية الفاعلين. إن سؤال الدستور ومسطرة تشكله وصياغته وبنوده هو سؤال في شرعية الحكم، باعتبار الدستور هو ذلك العقد الاختياري الذي يجمع بين الأمة ومؤسساتها والحكم ومؤسساته، أي إعادة صياغة الدستور كعقد اختياري تكون للأمة كلمتها فيه عبر مؤسساتها التمثيلية الحقيقية. فالدستور يحدد الاختصاصات ، المسؤوليات ،آليات المحاسبة ،المراقبة ،تقرير الإختيارات وتنفيذها. وذلك من أجل بلورة شعار السلطة للأمة التي هي: • الاشراك الفعلي للأمة في صناعة عقدها. • اشراكها في صناعة الاختيارات المجتمعية. • اشراكها في اختيار من ينفذ اختياراتها. • اشراكها في المتابعة والمحاسبة والتقويم. إن الإصلاح الدستوري يدخل في صميم هذه الاختيارات التي بواسطتها يصبح مطلب الإصلاح السياسي مطلبا تفصيليا لما ينبغي أن يقره الدستور المنتظر وذلك عن طريق: • توسيع الحريات بالقدر الذي يسمح للمجتمع صناعة مصائره الكبرى. • الاستقلال التام للمجال الإعلامي والحق في استعماله بالشكل الذي يحقق المساواة في حرية التعبير. • نزاهة الانتخابات بما يحقق تداولا حقيقيا على مراكز السلطة. وعليه فإنه لا يمكن تصور دستور يقر بالإشراك الفعلي للمجتمع في غياب آليات لمقتضياته. إن المتأمل في خصوصية المتن الدستوري، ينتهي ولا شك، إلى كونه يتميز بالغموض، أي أن عباراته تطغى عليها لغة عامة غير مقيدة تمنح للمشروع وحده حق تأويل النص بالطريقة التي تخدم أغراضه ومقاصده. كما أن جل النصوص الدستورية تفتقر لقوانين تنظيمية، فحق الإضراب على سبيل المثال لا الحصر يعتبر في منطوق النص الدستوري حقا مشروعا، لكن أين هو القانون التنظيمي المفسر لهذا الفصل؟ مما يجعلنا أمام عبارة دستورية غامضة هدفها هو ترسيخ الغموض السياسي. ومما يعاب عليه إجمالا تردده في إعلان الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي يجب أن تكون أحد أعمدة الدستور، لكنه لم يستطع التنصيص عليها. كما أنه لم يشر إلى التوزيع العادل للصلاحيات، وإلى مبدأ فصل السلط الذي يعتبر من الضمانات الأساسية للحرية السياسية، مما يعني أن الدستور في حاجة إلى مبدأ السيادة للأمة. منذ بداية التسعينات رفعت أحزاب الكتلة شعار الإصلاح الدستوري أولا، وتركز النقاش في اتجاه واضح هو اقتسام السلطة بين الملك والطبقة السياسية رفق تعديل دستوري يمس جوهر النص غير أن سقف المطالب حول القضية الدستورية تراجع عن طرح إشكالية السلطة التأسيسية. وتراجعت لغة المطالب الدستورية لتصبح مجرد مقترحات لا تلزم الملك بالرد عليها، وعبرت عن تقديرها الفائق لشخص الملك. وقد انصبت مضامين مذكرات الكتلة على خدمة أربعة أهداف أساسية: • نزع الطابع الرئاسي عن الملكية الدستورية. • توسيع صلاحيات البرلمان والحكومة وتعزيز موقع الوزير الأول. • تعزيز ثقافة حقوق الإنسان. • ضمان نزاهة الانتخابات. وعلى ضوء هذه الأهداف استطاعت مذكرات الكتلة أن تكيف مقترحاتها بأسلوب متوازن يعي حدوده بشكل جيد ولا يطمح إلى إدخال تغييرات بنيوية على نص الدستور بقدرما يهدف إلى إقامة توازن جديد على مستوى العلاقات بين السلط. إن مرامي الإصلاحات الدستورية التي تقدمت بها الكتلة تطمح إلى إقامة ملكية دستورية شبه رئاسية، وإدخال بعض التعديلات الجوهرية التي تعزز مؤسسة الوزير الأول وترفع من مكانة الحكومة، وتعطي للبرلمان صلاحيات تشريعية قوية، وتمكنه من أدوات الرقابة. ولكن هل يعني التصويت الإيجابي على دستور 1996 أن الدولة استجابت لجميع مقترحات الكتلة؟ طبعا لا. لقد لعب ميزان القوى دورا حاسما في صياغة التعديلات الدستورية المتعاقبة وذلك لتحقيق توازن حقيقي بين السلط. إن الدستور الحالي يتميز بعوائق كثيرة تحول دون تحقيق أو بناء دولة الحق والقانون وتتمثل في: • الدستور المغربي لا يسمح بالتداول الديمقراطي على السلطة وفق نتائج الاقتراح العام. لأن الفصل 24 من الدستور لا يلزم الملك من الناحية القانونية باختيار الوزير الأول من الأغلبية البرلمانية. • أن الدستور المغربي يكشف عن التنصيب الأحادي للوزير الأول. • أن الدستور المغربي يحرم الحكومة حق الاقتراح في الوظائف المدنية السامية وتزكية الشخصيات المؤهلة لذلك. • إن مكانة الوزير الأول تقتصر إلى السند القانوني الذي يمنحه مركزا حقيقيا في السلطة التنفيذية. • إن الاجتماع الأسبوعي للمجلس الحكومي غير معترف به دستوريا. إن تحديث أساليب الحكم والتنظيم المادي لعناصر المجتمع لا يمكن أن يتحقق من دون أن يفرض على الحاكمين مواكبة التطور الحاصل في النظم الديمقراطية الحديثة، وهو ما ينبغي أن يستوعبه النص الدستوري ويعمل بمقتضاه حتى يحقق كفايته الديمقراطية، ويستجيب لمبدأ السيادة العامة للأمة. في إحدى دراسات محمد معتصم يلاحظ أن وضع المؤسسات الدستورية ابتعدت منذ البداية عن فكرة الدستور والدستورانية الغربية بممارسة سياسة تقليدية قوامها حكم الإمامة يجعل أمير المؤمنين فوق الدستور . لهذا أدى الانقصام بين التقنيات الدستورية المغربية والنظام الذي تعمل فيه إلى تمييز القانون الدستوري المغربي بالانقصام عن عالمه المفاهيمي الذي هو عالم الدستورانية كما نجم عنه ضعف محتواه القانوني ومضمونه التنظيمي ويستعرض الأستاذ محمد معتصم أوجه النقاش الذي أثارته مسألة فعلية الدستور المغربي ليخلص إلى أن 31 سنة من الحياة الدستورية قد شهدت رجحان التصور والممارسة التقليدية للحكم بشكل جعل الفصل 19 يغطي الحياة السياسية المغربية ويتسم بالفعالية وقوة الحمدلة السياسية والإيديولوجية والقانونية. كما تعتبر الأستاذة رقية المصدق في تحليلها للمعطيات الدستورية المغربية، أن هناك تعايش للدستور الصريح و الدستور الضمني ، هذا الأخير الذي يتعاظم دوره نتيجة التأويلات الملكية للنص الدستوري. هذه التأويلات أنتجت فصلا ضمنيا للسلط يتماشى مع المفهوم الملكي للملكية الدستورية. لقد اعتبر البعض أن المغرب يعيش مجازا دستوريا، لأن النص المكتوب عندنا، لا ينقلنا إلى مر حلة تقييد السلطة، ولا يكفل العمل بمبدأ تجزئة السلطة والمحاسبة على ممارسة السلطة، إذ أن النص المكتوب، حتى وأن سمي دستورا، فهو لا يؤسس الحكم على المشروعية الوضعية. ﺇن ما يميز الدستور المنشود يكمن أساسا في قدرته الفعلية على ضمان احترام حقوق الإنسان والحريات العامة، ووضع حق ممارستها موضع التنفيذ، ويضمن قيام محاكم وهيئات قضائية حرة ومستقلة ونزيهة لا سلطة عليها سوى سلطة القانون وإلزام الحكام بالتفرغ لأداء مهام اختصاصاتهم والابتعاد عما يؤدي إلى احتمال تعارض المصالح الشخصية لهم مع المصلحة العامة التي يفترض فيهم رعايتها وحمايتها. فهل الأحزاب السياسية اليوم قادرة على رفع شعار الإصلاح السياسي والدستوري كمدخل طبيعي للانتقال نحو الديمقراطية؟ إن دراسة الأحزاب السياسية في إطار النسق السياسي المغربي المعاصر يحتم على الباحث إعادة النظر في تعريف (M.Duverger) الذي جعل لها كهدف مباشر السعي للاستيلاء على السلطة أو على الأقل رغبة المشاركة في ممارستها، فالحزب في الحياة السياسية المغربية يهدف أساسا إلى الاستيلاء على الوظائف أو على الأقل المشاركة في ممارستها، وهذه الوضعية يربطها أحد الباحثين بثلاث اعتبارات: - تتنافى طبيعة السلطة في المغرب مع وجود أية ممارسة سياسية تطمح إلى الحصول على السلطة. - تعمل الملكية دائما على احتلال موقع الصدارة داخل النظام السياسي المغربي، وهو تصدر يقابله في نفس الوقت تواري مختلف القوى السياسية بما فيها الأحزاب. - حاول الحكم الحد من نشاط كل ظاهرة حزبية. إن صياغة الفصل الثالث من الدستور وضعت قيدين على دور الأحزاب: يتجلى القيد الأول في قصر دور الأحزاب في المساهمة إلى جانب المنظمات الأخرى في تنظيم المواطنين وتمثيلهم. وهذا يعتبر تقليصا للدور الإيجابي الذي قد تلعبه الأحزاب باعتبارها المحرك الأساسي للحياة السياسية بعد الملك. -يتمثل القيد الثاني وقوف الفصل 3 عند تنظيم المواطنين وتمثيلهم، ولم يشر إلى إمكانية المشاركة في الحكم وممارسة السلطة. ولا يسعنا إلا أن نسجل من خلال ممارسة الأحزاب، الطابع التقليداني الاجتماعي الكامن في إيديولوجية الأحزاب السياسية المغربية والمحدد لممارستها السياسية الهادفة إلى تزكية النظام ذاته، وفي الحفاظ على الوضع القائم ومن تم التستر على المصالح الكبرى وقد سبق (لجون واتيربوري) أن وصل إلى خلاصة مفادها أن الحزب الزبوني يشكل أحد ثوابت الحياة السياسية المغربية. وإذا كان المغرب يشهد شبه إجماع سياسي على أزمة الأحزاب ومعاناتها من مشاكل كبرى تتعلق بانعدام القدرة التدبيرية، فإن المؤشرات السياسية تدل على أن الفضاء السياسي المغربي يسير في اتجاه موت النمطية الحزبية التقليدية.
#عبد_الحق_لشهب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
باي....باي المغرب
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|