محمد رياض حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 4440 - 2014 / 5 / 1 - 09:40
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
كانت الطبقة العاملة هي الطرف الأضعف في العلاقة بين المُشَغّل و الشَغِيل منذ انطلاق الثورة الصناعية في أوروبا الغربية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين وتوالت التطورات على الحركة العمالية العالمية بتأسيس النقابات العمالية فتمكن العمال في الديمقراطيات الرأسمالية من تقوية جانبهم التفاوضي بعد أن قدموا العديد من التضحيات خلال ثلاثة قرون من الزمن . فالحركة العمالية ترى أن كل ما يتحقق من فائض القيمة والأرباح لأصحاب الشركات مصدره قوة العمل ، فالعامل لا يملك إلاّ قوة عمله ليعرضها لقاء الأجر ، ومن هذه الفكرة تواصل التناقض بين الرأسمالي وبين العامل . وبصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة 10 ديسمبر 1948 الذي تألف من 30 مادة تمكنت نقابات العمال من تقوية جانبها التفاوضي وإنها اليوم قوة إجتماعية تقف ظهيرا للمستضعفين من العمال في العالم.
وإعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بين الوثائق الدولية الرئيسة ، إضافة إلى وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966. فشكلت الوثائق الثلاث معاً ما يسمى "لائحة الحقوق الدولية . وفي 1976، بعد أن تم التصديق على الوثيقتين من قبل عدد كافٍ من الأمم، أخذت لائحة الحقوق الدولية قوة القانون الدولي. تلك الوثائق ساندت المطالب العمالية في معظم دول العالم.
وبتعرض الأنظمة الرأسمالية للأزمات المالية والاقتصادية ،وبوتيرة دورية ، فإن العمال هم الأكثر تضررا من تبعاتها بسبب الإستغناء عنهم عند ركود الأسواق أو انكماشها ، وفي مختلف الأنشطة الصناعية الإنتاجية أو الخدمية . وبتفجر الأزمة المالية العامية الثانية منذ 2008 والتي لا تزال لم تنحسر كليا بعد ، فإنها تركت ملايين العمال حول العالم مُعطلين عن العمل ، إذ تقدر منظمة العمل الدولية عدد العمال الذين تم الإستغناء عنهم في جميع أنحاء العالم منذ عام 2008 إضافة إلى الأعداد السابقة بأكثر من 202 مليون في منتصف عم 2014م.
وكانت هذه مشكلة (البطالة) تمثل الأكثر تسببا في الاضطرابات وما يصاحبها من أعمال عنف كما حدث في اليونان وإيرلندا واسبانيا والبرتغال وإيطاليا ومعظم دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية .
واليوم وبعد ما يقرب من سبعة أعوام منذ تفجر الأزمة المالية العالمية في الاقتصادات الرأسمالية ، فإن تأثيراتها لا تزال تتفاعل في عدد من دول العالم، إذ تواجه معظم دول العالم وبنسب متفاوتة تصاعد معدلات الباحثين عن عمل، ففي الولايات المتحدة الأمريكية فإن معدلها السنوي 7.4% علم 2013. وفي كندا 8.4%، وفي بلجيكا 7.4%، وفي فنلندا 8.8%، وفي فرنسا 8.8%، وفي ألمانيا 8.3%، وفي اليونان 9.1%، وفي أيرلندا 11.8%، وفي إيطاليا 7.4%، وفي إسبانيا 18.7%.
وليس الحال بأفضل مما هو عليه في أوروبا إذا عبرنا الأطلسي غربا، فأزمة الولايات المتحدة الأمريكية المالية والاقتصادية عموما انحسرت عن المتابعة الإعلامية بسبب تسارع تداعيات أزمة اليونان التي طغت على غيرها من الأزمات، وإن كانت أزمة الولايات المتحدة أكثر عمقا وأبعد أثرا على اقتصادات العالم كلها.
فالولايات المتحدة اليوم تعاني من عجز هائل في موازنتها التي تجاوز ناتجها المحلي الإجمالي وسجل أكثر من 14 تريليون دولار (التريليون يعادل ألف مليار والمليار يعادل ألف مليون)، ثم أن الولايات المتحدة تعاني أيضا من عدم توفر فرص عمل لأثر من 7٫-;---;--4% من قواها العاملة. ويحاول المسؤولون الأمريكيون التذرع بآثار الأزمة الأوروبية على الاقتصاد الأمريكي.
يمكن وضع تلخيص لما تقدم فأزمة الاقتصادين الأمريكي والأوروبي سببهما تقلص الطلب الكلي في أسواقهما لتضاؤل السيولة لدى المستهلكين ولوجود أكثر من 200
مليون عامل معطل في الدول الغربية .
وتاريخيا كان الأول من أيار 1886 موعداً للإضراب في المدن الصناعية الأمريكية ، وفي ذلك اليوم بدأ أكثر من ثلاثمائة وخمسين ألف عامل في الإضراب بمدينة شيكاغو، ورفع العمال شعاراً جاء فيه : ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات راحة، وطافت المظاهرات شوارع مدينة شيكاغو وساحاتها مطالبة بتحسين شروط العمل وأحوال العمال، وقرروا أن يكون الأول من أيار يوم توقُّفٍ كاملٍ عن العمل، وقد منعت الشرطة المظاهرات، وجرت مضايقات قانونية للعمال المضربين .
هذه الأحداث جعلت مؤتمر العمال الفرنسيين المنعقد في بوردو عام 1888 يقرر اعتبار الأول من أيار عيداً للطبقة العاملة في فرنسا تضامناً مع عمال شيكاغو، وفي العام التالي أصدر اتحاد العمال الأمريكي قرارا مماثلاً لقرار النقابة الفرنسية ثم تلاه قرار ثالث لمنظمات الأممية الدولية الثانية للنقابات العمالية . وصارت حركة العمال في أوروبا أقوى وأكثر حيويةً والتعبير الأكثر وضوحا لهذه الحركة في مؤتمر العمال العالمي الذي عقد في سنة 1890، وحضر المؤتمر أربعمائة مندوب، وكان المطلب الأول لذلك المؤتمر أن يتألف يوم العمل من ثماني ساعات، وطالب مندوب النقابات الفرنسية أن يجري التعبير عن هذا المطلب في جميع البلدان، من خلال توقف شامل عن العمل، وأشار مندوب العمال الأميركيين إلى قرار رفاقه القيام بالإضراب في الأول من أيار 1890، فقرر المؤتمر اعتبار هذا التاريخ يوماً للاحتفال بعيد العمال العالمي .
ومنذ ذلك الحين أصبح الأول من أيار عيداً للطبقة العاملة في مختلف أنحاء العالم، وقد خرج العمال في الأول من مايو عام 1890 في شتى أنحاء الأرض إلى الشوارع في وقت واحد للتأكيد على تحالفهم مع ضحايا شيكاغو وللتعبير عن وحدتهم في سبيل تحقيق مطالبهم ونيل حقوقهم العادلة ومجابهة المستغلين أرباب العمل مهما كانت قوتهم، وهكذا سيحتفل عمال العالم في هذا العام بذكرى مرور مئة وعشرين عاما على اول احتفال بالأول من أيار .
ويعتبر الأول من أيار عطلة رسمية في كل من البحرين، ألبانيا، أرمينيا، الأرجنتين، الجزائر، و بنجلادش، بيلاروسيا، بلجيكا، بوليفيا، البوسنة، البرازيل، بغاريا، الكاميرون، تشيلي، تونس، كولومبيا،كوستاريكا، الصين، كرواتيا، كوبا، فلسطين، قبرص، جمهورية التشيك، جمهورية الدومينيك، الإكوادور، مصر، السلفادور، فرنسا، ألمانيا، اليونان، جواتيمالا، هايتي، هندوراس، هونغ كونغ، هنغاريا، آيسلندا، الهند،العراق، إيطاليا، ساحل العاج، الأردن، كينيا، لاتفيا، لتوانيا، لبنان، لوكسمبورغ، ليبيا، مقدونيا، ماليزيا، مالطا، موريشوس، المكسيك، المغرب، موريتانيا، ميانمار ، نيبال، نيجيريا، كوريا الشمالية، النرويج، باكستان،بنما، الباراغواي، بيرو، بولندا، الفلبين، البرتغال، رومانيا، روسيا، سنغافورة، سلوفاكيا، سلوفينيا، كوريا الجنوبية، جنوب أفريقيا، إسبانيا، سريلانكا، صربيا، السويد، سوريا، تايلاند، تركيا، أوكرانيا، اليمن، الأوروغواي،فنزويلا، فيتنام، زامبيا، زيمبابوي
#محمد_رياض_حمزة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟