|
الاخلاق علمانية وليست دينية !
عبد عطشان هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 4438 - 2014 / 4 / 29 - 16:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبل عدة ايام زرت صديقاغربيا في بيته . فوجدت لدى عائلته كلبا اعمى و كان مضيفي يحرص هو وعائلته اشد الحرص على الاعتناء بهذا الكلب واخراجه للتنزه وخلافه ، حتى انهم اشتروا كلبا اخر من نفس فصيلته لمؤانسته . وفكرت كيف ان هذا الكلب محظوظ حقا لانه ولد في مجتمع علماني متحضر ، يحترم الحيوان ويحبه ويحنو عليه بل ويشاطره بيته ، ولايعتبره نجسا او شيطانا. و تداعت في عقلي بعد ذلك صور القسوة والوحشية التي يعامل بها المجتمع المسلم الانسان والحيوان على حد سواء. متناسيا ان انسانية المجتمعات البشرية تقاس من خلال معاملتها لاضعف المخلوقات فيها. فماهي ياترى الاخلاق العلمانية وكيف تفترق عن اخلاقيات المجتمعات المسلمة التي باتت تكفر بكل القيم الانسانية النبيلة تحت يافطة الدين؟ في البدء ينبغي التأكيد على ان الاخلاق لاترتبط بالدين ارتباطا ميكانيكيا كما يروج لذلك معشر المتأسلمين ، والدين لم يبتدع الاخلاق فجميع المجتمعات البشرية كانت لديها نظم اخلاقية معينة نابعة من الاعراف والتقاليد الاجتماعية السائدة حينذاك وقد تم ربطها لاحقا بالدين لكي تكتسب تلك الاخلاق صفة الالزام الالهي و مفهوم الخير والشر قديم قدم الانسانية ذاتها. بل ان المجتمع القريشي قبل الاسلام كانت لديه ممارسات اخلاقية حميدة تتفوق على اخلاقيات المسلمين انفسهم لاحقا ، كاكرام الضيف والشهامة والمروءة والوفاء والعفو عند المقدرة وحماية الضعيف وانتزاع حقه من المظلوم كما في حلف الفضول وكان المجتمع المكي والمديني متسامحا ومتعدد الاديان والثقافات ففيه اليهود والنصارى والصابئة ( مكث المسلمين في مكة ثلاث عشر سنة يهاجمون الهة قريش ليلا ونهارا) وغيرهم من الاقليات الدينية التي تعرضت للاذى بعد ظهور النسخة الثانية من الاسلام في المدينة . وتأسيسا على ذلك ، فالاخلاق هي سلوك اجتماعي يعكس القيم الانسانية السائدة في المجتمع ويتغير وفقا للتطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي يحدث في المجتمعات فقد اشترك غاندي وهو شديد التدين في صياغة دستور الهند العلماني لانه بنظرته الثاقبة ادرك انه السبيل الوحيد لحفظ وحماية التعددية الدينية والثقافية وتأسيس ثقافة العيش المشترك في الهند . وضمن هذا السياق فأن الاخلاق العلمانية مصدرها العلم والمعرفة الانسانية فهي اخلاق وضعية من صميم تجربة الانسان المعاصرة بينما الاخلاق اللاهوتية وضعت من قبل رجال المعبد وهدفها الوحيد استدامة تسلط رجال الدين انفسهم ولوعلى حساب حياة مئات الالوف من البشر. والاخلاق العلمانية لاتهتم بمصير الانسان بعد الموت ، باعتباره امر لايمكن التحقق منه علميا ولايمكن التعبير عنه بفرضيات علمية دقيقة يمكن التحقق منها لاحقا ، ولكن من حق الانسان ان يؤمن بهذه الفرضية اوغيرها شريطة ان لايحاول فرضها على الاخرين بالعنف والاجبار. المجتمع العلماني هو مجتمع متعدد الثقافات والمعتقدات والاخلاق العلمانية تحترم هذا التنوع وتحميه عكس الاسلام الذي يريد ثقافة واحدة عمياء وصماء مصدرها الشريعة (السمحاء) ولكن يتم فرضها بقطع الرقاب والجزية واشاعة الخوف والارهاب. يعيش الملايين من المسلمين الان بحرية وامان تحت مظلة الاخلاق العلمانية في الدول الغربية رغم السلوك العنيف والتخريبي لبعضهم ولايمكن ممارسة العكس اطلاقا ، فالسعوديون مثلا يمكنهم ان يجدوا العديد من المساجد في لندن للصلاة فيها لكن المسيحي الغربي لن يستطيع ايجاد كنيسة واحدة للصلاة فيها في السعودية . بل ان المسلمين المعتدلين انفسهم يعانون من وطأة الاخلاق الاسلاموية المتعسفة التي يتقبلونها على مضض، و جرى ويجري اضطهاد وتشريد الاقليات الدينية والعرقية في الدول الاسلامية المختلفة .فلقد اصبحت الاخلاق الاسلامية في الوقت الراهن هي ثقافة قتل الامنين وترويعهم وذبح الاطفال كما نشاهد ونلمس يوميا على نشرات الاخبار. ان الاخلاق التي مصدرها الدين قد وجدت لحماية الشريعة وليس لسعادة الانسان وحمايته وتطوير علاقاته مع بني البشر . وهي اخلاق وصائية نابعة من سعي رجال الدين لفرض هيمنتهم على المجتمعات البشرية كما اشرنا الى ذلك سابقا ولذلك تقاس اخلاقية اي انسان في المجتمع المسلم بمقدار قربه اوبعده عن الشريعة وليس بضوء ضميره الحي وانسانيته الراقية ومحبته للاخرين واخلاصه في العمل وولائه لبلده من غير تعصب. وهذه الاخلاق المتعسفة تقتل الصلة الانسانية النبيلة التي تربط الانسان بنظيره في الخلق بل حتى بين الاب وابنته حيث افتى بعض علماء المسلمين بعدم جواز اجتماع الاب وابنته على انفراد ، او الاخ مع اخته الى اخرها من المحرمات السمجة التي يتقزز منها الانسان السوي والتي تعكس العقلية السيكوباثية لعلماء المسلمين . الاخلاق العلمانية اسمى من الاخلاق الدينية في افقها الانساني الرحب الذي لايعترف باية فروق بين البشر و غير المتدينين لديهم اخلاق افضل واصدق من المتدينين كما يعرف ذلك من عاشر المتدينين عن قرب. يروج العديد من المسلمين لما يسمونه فجور الغرب وانحلاله الاخلاقي كنتيجة لممارسة الحريات الفردية ، في حين ان الدول الغربية تفرض اشد العقوبات صرامة فيما يتعلق بالاعتداء الجنسي والاغتصاب والتحرش واغواء القاصرات وهي قوانين لاوجود لها في الدول الاسلامية لان الزواج من القاصرات حلال شرعا . فضلا عن ان العديد من الدول الاسلامية تشهد معدلات عالية من التحرش الجنسي والاغتصاب بفضل قوانين الشريعة ، وافغانستان ومصر والسعودية واليمن تأتي في مقدمة دول العالم في التحرش الجنسي والاغتصاب وهي دول ليست غربية. فالمرأة المسلمة تعامل كسلعة جنسية مثيرة للشهوات من قبل رجال الدين ولذلك يجب تغطيتها من قمة راسها الى اخمص قدميها ،اما المرأة الطبيعية فلاترى نفسها كسلعة ولذلك فهي لاتكشف نفسها ولاتغطيها . ختاما لااجد افضل من قول الداي لاما لاقتبس منه هذه المقولة :الدين هو شأن شخصي؛ بينما ما نتحدث عنه هو شيء خاص بالبشرية ككل.
#عبد_عطشان_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التدين الزائف في المجتمع العراقي
-
الدولة المدنية والاسلام : هل يجتمع النقيضان؟
-
لماذا يجب اعتبار الجهاد جريمة ضد الانسانية؟
-
لماذا يحول الاسلام الناس الى وحوش ضارية؟
-
ازمة العقل المسلم
-
هل يمكن ان يتصالح الاسلام مع العصر؟
-
السقوط السياسي للاسلام!
-
خرافة الاسلام المعتدل
-
الاسلام : صناعة الاستبداد
-
هل كانت لدينا حضارة اسلامية حقا؟ ج2
-
هل كانت لدينا حضارة اسلامية حقا؟ ج1
-
متى يعود الاسلام للمسجد؟
-
تساؤلات حول مستقبل الاسلام
-
الدين و صناعة عقلية القطيع
-
عنف الاديان : نصوص ام واقع؟
-
الخروج من الطائفة : المستحيل والممكن
-
عندما يتوقف التاريخ : حروب الطوائف العربية
-
من الدولة الفاشلة الى المجتمع الفاشل !
-
كيف يمكن انشاء قطيع من القطط؟
-
كهنة الفتاوى الجدد
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|