ابراهيم زهوري
الحوار المتمدن-العدد: 4438 - 2014 / 4 / 29 - 15:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما يزال "إيمار" ولدي الصغير يمثل دور المتظاهر القتيل وكأنه وحيداً يقف على الخشبة يناجي متودداً قنديل عفوية براءته في أغصان الرباعيات الشكسبيرية , يقفز .. يتحرك ويهجس بعلائم التعبير حتى وإن جاءت جميعها مُتَّراصة على عجل , يرتجل من كل حدب وصوب نجوم الورق الملون المنحوتة على الحائط كنورس النُسّاك في غياهب التعب , نشطاً يهز جسده النابض ويرفع عنفوان قبضته عالياً مثل ريح ِ ليل ٍ تشق دون إشفاق ٍ غيمة الكسل , يصرخ متفائلا ً غرائب مستقبله القادم العتيد و ينحو واثقاً إلى الأمام خطوة تتلوها خطوة أخرى : حرية ... حرية !! حروف تعداد كلمتين فقط ثم يسكت فجأة خشية شرر أزيز رصاص الغدر!! يُرخي جميع أطرافه الناعمة ببطء ٍ شديد, وعلى خجلٍ يتركها تنبسط وتتدلى مثل عناق عرائش رواقالزهر دالية الجيران , يرمي جسده الغض كجثة هامدة ... يبسط ذراعيه قوساً لعبور الغيم فوق سقف الغرفة ويستدعي من جوف جيوبه الفارغة سرب عصافير شجيرات ٍ قريبة عند حافة الإناء , يذبل كنبتة الشرفة ويترك بؤبؤ عينه اليسرى يشخص صوب صورة جدارية لمحمود درويش وهو ساهماً عرين أُفقٍ بعيد و يغمز لي بعدئذ بالأخرى مبتسماً لعله يأمل أن أكون له من عتاة المعجبين , يُرَّقع ذيل الستائر بذَِّرات الغبار المتهادية على كفيه المحُنى بطيف شعاع شمس ٍ يأتيه من خرم كوة ٍ مجهولة على الجدار, ينفخالهواء مراراً بعنقود فمه الصغير كأنه يستعيد دورة الحياة وبالصخب يستفيض , صدى القصف القريب جوقة خياله المبتور وزحمة الطلقات طابور حشد دويُّ كلامه المبعثر بمطلع الأُغنيات , ينحني لوحده مرة أخرى ويلامس مفاتن عُري الأرض ثم ينهض يعاود الكّرة من جديد , ينتعل حذائي البُنَّي وينتقل من ركن زاوية غرفة النوم إلى باب المطبخ ويرسم بهرولته الدوائر ثم دون قصديرقص المولوية ويصيح هذه المرة مغموراً ببهجة المقبل على الدنيا ويردد مصدِّقاً هيام أشباح روحه : أنا طير !!..أنا طير !!.
مخيم النيرب/حلب
10/4/2014
#ابراهيم_زهوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟