أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - الحلحلة والفككة... ومفردات أخرى














المزيد.....

الحلحلة والفككة... ومفردات أخرى


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4438 - 2014 / 4 / 29 - 11:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ينتبه المتابعون للخطابات السياسية، والتعليقات الصحفية، وتصريحات السياسيين إلى التحول الدلالى لبعض المصطلحات، والتحريف المتعمد لبعض المفاهيم. بيد أن وجه الطرافة يكمن فى اعتقادنا، فى ظهور مفردات جديدة تتسرب إلى المعجم السياسى «لتطعمه بنكهة» جديدة أو لتربكه وتدخل عليه بعض التشويش من ذلك تداول كلمات من قبيل «حلحلة الأزمة»، و«فكفكة منظومة الفساد» وغيرهما.

ولئن اشتركت الشعوب التى خاضت «مسارا انتقاليا» فى اجترار بعض الكلمات التى شاعت فى البلدان التى عاشت تحولات مماثلة كـ«مسار التحول الديمقراطى»، و«العدالة الانتقالية» وغيرها فإن الفاعلين فى كل ثورة، آثروا الرصيد اللغوى بمفردات تعكس خصوصية تجربتهم، والثقافة السائدة. فكانت «الروح» التونسية أو المصرية أو اليمنية أو الليبية.. بادية للعيان فى المتلفظ والمدون على حد سواء.

وبالرجوع إلى الواقع السياسى التونسى نتبين وجود رصيد لغوى مثل المعين الذى تنهل منه النخب السياسية، والثقافية، والإعلاميون كالحديث عن «الهبة الشعبية» و«تجربة الترويكا»، و«التجاذبات السياسية، والحزبية»، و«أزلام النظام السابق»، و«الانتخابات النزيهة والشفافة»...، وهى كلمات تعبر عن السياق التاريخى، والسياسى، والثقافى، والاجتماعى الذى مرت به البلاد. فاليوم مثلا ما عاد بالإمكان التوقف كثيرا عند حكومتى «الترويكا وتوابعها» إذ دخلت هذه الكلمة طى التاريخ والنسيان، وصارت الجموع أكثر اهتماما بـ«الحكومة المحايدة» أو «حكومة التكنوكراط» أو حكومة «تصريف الأعمال».


ولئن استمتع القياديون فى عهد «الجبالى» و«العريض» بالحديث عن «الحكومة الشرعية» فإن الأحداث سرعان ما شككت فى هذه الشرعية فبات الحديث بعد اعتصام باردو 2013 عن «الشرعية التوافقية» وعن دور الرباعى الراعى للحوار. وهكذا ندرك أن كل مفردة ارتبطت فى الذاكرة الجمعية التونسية بأحداث، وأزمات، وسجال، وصدام وصراعات، ومشاعر تنوس بين الإحباط والفرح... (فضيحة «الشيراتون غايت» فى إشارة إلى سوء تصرف صهر الغنوشى فى ميزانية وزارة الخارجية حين كان على رأسها، ومحاولات «تركيع» الإعلام، و«تركيع» القضاة...).

وما من شك فى أن هذا الرصيد الجديد من المفردات التى تلهج بها ألسن السياسيين، والإعلاميين، والمحللين، والمثقفين، وما كان لهم عهد بها (الدولة العميقة، العنف الممنهج، ازدواجية الخطاب، البراجماتية السياسية، المال السياسى، الشفافية، الحوكمة، الإفلات من العقاب، والأمن الموازى...) يتجاور مع رصيد قديم لا لون له ولا طعم «غير مفعل» كثيرا ما استمع إليه التونسيون دون أن يفقهوا كنهة (دولة القانون، البناء الديمقراطى، المواطنة، الحريات الفردية...) وها هم اليوم يستعيدونه فيدركون أهميته فى حياتهم.


وبما أن الشعوب لا تنفك عن الخلق والإبداع فإن المتابع للغة الحوار على الفيس بوك ينتبه إلى سخرية التونسيين، وتعمدهم نحت بعض الكلمات كحديثهم عن «تونستان» فى إشارة إلى عمليات أسلمة البلاد، أو «حزب النهقة» أو النكبة عند حديث البعض عن حزب النهضة، أو الحديث عن الوهبنة، والأخونة، والانفلات الأمنى، وكتائب النهضة، وميليشياتها.

ويبدو أثر الاستقطاب جليا على لغة الحوار بين الخصوم السياسيين فإذا بالأصوات ترتفع مطالبة بالجمهورية الثانية، ودولة القانون والمؤسسات، وتحييد المساجد، ومراقبة تدفق المال السياسى... فى مقابل أصوات تدعو إلى إرساء دولة الخلافة، واحترام السلف، والثوابت، والخصوصية الإسلامية، والهوية العربية الإسلامية، وتطالب بالبنوك الإسلامية، ونظام الأوقاف، والتدريس الزيتونى، والفصل بين الجنسين.


ويتضح أن اللغة السياسية الشائعة فى تونس ما بعد الثورة خليط هجين فيها اصطلاحات تنتمى إلى المعجم السياسى الحريص على الضبط والتدقيق ولكن ما إن استعملها السياسيون حتى شابها اللبس، والغموض، وتلاعب بها الماكرون وفيها جانب من «الاستعراضية»، و«الشعاراتية»، والتكلف، والاستعلاء على المواطن البسيط، وفيها أيضا نصيب من «اللغة الخشبية».

إن التلاعب بدلالات المصطلحات، وتضمينها حمولات جديدة، واستعمالها فى غير محلها هو فى نظرنا، لعبة سياسية بامتياز تنم عن التداخل بين الدينى والسياسى والأيديولوجى، وتجعل من اللغة مرآة عاكسة للصراعات السياسية والرمزية من أجل نيل السلطة. ولكن ما يتغافل عنه اللاعبون السياسيون أن اللغة ليست أداة طيعة بيدهم يتصرفون فيها وفق هواهم إنما اللغة نسق ومؤسسة موصولة إلى عالم السلطة قابلة لإنتاج رؤية للعالم وللكون.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيّها الثوّار.. شكر الله سعيكم
- «التابع» وعقدة «الأجنبى»
- الإسلامويات قادمات ليزاحمن القيادات
- مأزق الاستقالات من حزب النهضة
- فى عيد الاستقلال.. النهضة تؤيد شرعية مرسى
- احتجاج «العاملات بالجنس»
- قادة النهضة يستعينون بأمريكا
- وزيرة سياحة «مستفزة»
- المرزوقى والرقص على الحبلين
- هل أتتك أخبار حكومة مهدى جمعة؟
- التشويش على الذكرى الأولى لاغتيال الشهيد شكرى بلعيد
- هل دقّت ساعة تقييم الأداء السياسى للترويكا؟
- لله درّه من دستور .. أطلق عنان الذوات
- فى الظروف الحافّة بالتصويت على مواد الدستور
- السياسة..واضطراب المشاعر
- تداخل الفصول
- الإحراج والعار
- الشدّ إلى الوراء.. الشدّ إلى الأمام
- كان لنا حلم.. وضاع
- ليس بالإمكان أبدع مما كان


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - الحلحلة والفككة... ومفردات أخرى