منير شحود
الحوار المتمدن-العدد: 1258 - 2005 / 7 / 17 - 04:36
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لقد بدأت التناقضات المعتمرة تحت السطح السوري بالتكشف لتضع حداً لكذبة العلمانية التي يتحدث عنها الساذجون من المثقفين والسياسيين المحليين والغربيين؛ لأن ما يطلق عليه من علمانية هو مجرد حالة مستترة تدير توازناً طائفياً لا متوازناً بالقوة, وتفسح المجال لرجال دين جهلة لاجتذاب أبناء طوائفهم وعشائرهم, والذين لم يبقَ لديهم سوى الوهم والروحانيات الساذجة والإيمان بالغيبيات, بعد أن خلت الساحة من كل التجمعات الحضارية الحديثة كالأحزاب والجمعيات والمنتديات...وغيرها. ويحظى هؤلاء المشايخ برعاية من بعض المسؤولين الذين يزورونهم للتبرك وتخفيف عذاب الضمير, أو لتبرير العيش من دونه!.
ولم يعد بعد الآن ممكناً الحديث عن اتهام المتآمرين والمغرضين بالأحداث المتنقلة من ناحية على أخرى ومن مدينة إلى مدينة, كما يحلوا للإعلام الرسمي أن يفعل؛ لأن ما يظهر ليس سوى عفن الاستبداد الذي انكشف وانتشر في أرض سوريا أحداثاً عرقيةً وطائفية, كان من المفترض أن يكون السوريون قد تجاوزوها منذ أعوام الخمسينات, أو بعد الاستقلال السوري, والذي سيطلق عليه في مرحلة لاحقة الاستقلال الأول!.
أحداث القامشلي وغيرها من المدن الكردية, علاوة على ما حدث في مصياف منذ أشهر, ومؤخراً في القدموس, وظواهر تشبيح تسرح وتمرح في مدن وبلدات أخرى, تشير إلى مرحلةٍ خطيرة ترافق تفكك النظام الشمولي السوري, ما يتطلب الحذر الشديد والعمل المتفاني لعقلاء سوريا من أجل الكشف عن الأسباب الحقيقية وراء هذه الأحداث, والمتمثلة في الحرمان المديد من طرائق التعبير عن الذات والرأي والوجود, وما تلا ذلك من انكفاءٍ نحو البنى ما قبل الوطنية قسراً. وإنه لمن المهم والعاجل العمل على نشر الوعي العابر للطوائف بين أبنائها, والذين صار بعضهم يتصرفون كرعاع, بعد أن تم استدراجهم لفعل ذلك من قبل من يحاولون الإجهاز على ما تبقى من أخلاق وقيم حضارية. لقد غرق السوريون في خوفهم وكبتهم وتشوشهم لعقود عدة, وما عاد بإمكانهم النظر بوضوح في أفق الوطن السوري المأمول والرحب.
إن بذور الفرقة والمحسوبية وتقريب الأزلام والموالين ونشر الفساد الممنهج قد أينعت وحان قطافها. وإن ما سبق لا يرد عليه إلا بنقيضه الوطني الديمقراطي الذي يعيد الجميع إلى ساحة وطنهم فاعلين أحرار. وليس للحقد علاج سوى الحب, والعمل على رأب الصدع الذي يزداد اتساعاً بين مكونات المجتمع السوري.
... سلاماً يا قلعة القدموس.
#منير_شحود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟