|
وزارة الخارجية الرضيعة ( 3-4 )
كور متيوك انيار
الحوار المتمدن-العدد: 4437 - 2014 / 4 / 28 - 19:27
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لا اظن إن شركات علاقات عامة يمكن إن تحسن علاقات البلاد مع اي دولة حتى لو كان ذلك الشخص هو هنري كيسنجر نفسه ما لم تسعى الحكومة للتعامل مع الازمة باحترافية خاصة نواحيه الخارجية بدراسة مواقفها بدقة قبل الاعلان او الكشف عنها ، وتوجيه الوزراء و المسؤولين حول كيف يمكن إن يتعاملوا مع البعثات الدبلوماسية فبعض الوزراء لا يعرفون إن تعاملهم مع البعثات الدبلوماسية محددة بقوانين دولية و التي ينبغي إن تتم من خلال وزارة الخارجية فقط ، على إن تتولى الوزارة التنسيق مع بقية الوزارات ، وزارة الخارجية محتاجة الى مضاعفة جهودها في تذكير الوزراء دوماً بكيفية التعامل مع البعثات الدبلوماسية و الاممية إن صورة بعض الوزراء وهم يحتجون محاولين الدخول الى مقر الامم المتحدة يسيء للحكومة فمهما كان الاسباب لا ينبغي إن يتصرف وزير مثل تلك التصرف التي حدثت في بور امام بوابة الامم المتحدة وذلك ليس لان الـــــ UN دولة داخل دولة بل لان القانون الدولي منحتها السيادة على مقراتها ومحيطها ومنحتها حق إيواء من يشاء وبانضمام البلاد الى تلك المنظمات الدولية تكون الحكومة ملزمة باحترام تلك المعاهدات وتلك الاعراف الدولية . إن إختيار الحلفاء و الاصدقاء في السياسة الدولية ليس بالامر السهل بل إن طريقة إختيارك لحلفاءك هي ما يحدد لك في خاتمة المطاف هل سينجح سياستك الخارجية المرسومة ام لا ، في فترة الحرب الممتدة منذ العام 1955م كان هنالك العديد من الدول ارتبطت ارتباط مباشر بقضية جنوب السودان واهتمت بها ووضعهتا من ضمن اولوياتها في سياساتها الخارجية واخرى اهتمت بقضية الجنوب بصورة غير مباشرة دون إن يقلل من دورهم ، اما منذ العام 1983م وهي فترة نشاة الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان استطاع الاب المربي و المناضل الثوري و المفكر دكتور جون قرنق دي مبيور إن يضع اساساً لشكل التحالفات التي يريد وقد تغير من وقت الى اخر ملاحقاً التطورات و التحولات الدولية ما قبل الحرب الباردة وما بعدها التي فرضت واقعاً جديداً ( النظام العالمي الجديد ) و التي اقيمت على انقاض الاتحاد السوفيتي ، الذي فشل ميخائيل سيرغيس غورباتشوف في المحافظة على إرث لينين ( الاتحاد السوفيتي ) الذي تشكل في العام 1922م وفي العام 1956م اصبح ينضوي في مظلته 15 دولة ، غورباتشوف له اسبابه الذي يعتقد إنها كانت كافية لتفكيك الاتحاد السوفيتي و على الرغم من إن نتائج الاستفتاء كانت تتحدث عن العكس ، اثار انهيار الاتحاد السوفيتي لم تكن مختصرة على دول الجمهوريات المنضوية تحت مظلة الاتحاد السوفيتي فقط بل إمتدت إلى اقاصي الارض حيث وقف العديد من الدول بجانب الاتحاد السوفيتي في حربها الباردة ضد الولايات المتحدة وحلفائها الاوربيين و بالفعل ترك الامر اثارها البائنة على الحركة الشعبية لتحرير السودان على الرغم من إنها لم تكن دولة بل مجرد حركة تحرير وطنية تناضل من اجل الحقوق و المساواة و العدالة . إقامة علاقات دولية وخارجية واسعة النطاق ليس من شيم العديد من الحركات المسلحة حول العالم لطبيعة تكوين ونشاة تلك الحركات ومطالباتها لكن الحركة الشعبية بقيادة دكتور جون قرنق دي مبيور كان لها نظرة مختلفة لشكل قضيتها ، وهو ما ادى بالعديد من الدول الى دعمها ؛ وكان العديد من الدول تتعامل مع دي مبيور ليس كزعيم تمرد فقط بل تضع له حسابات استراتيجية لشكل تطور الحركة التي يقودها في المستقبل لذلك تعاملت معه كرئيس في بعض الاحيان و تمكنت الحركة الشعبية إن تضع سياستها الخارجية مستندة الى ايدلوجياتها التي تكونت من المنفيستو ، وتكون اكثر قرباً من الدول التي تعتقد إنها يمكن إن تخدم قضيتها في المستقبل إن لم يكن وقتذاك لذلك وجدت الحركة دعم غير مسبوق في تاريخ الحركات المسلحة على مستوى افريقيا ، و لا بد من الإشارة إلا إن الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان بما إنها كانت حركة مطلبية و بالتالي سيكون تحركاتها مرتبطة بشكل كبير باهدافها العليا إلا إن ذلك لم تحيل بينها ومواكبة الاحداث وفي بداية التسعينات عندما إنهارت الاتحاد السوفيتي تداركت الامر سريعاً إذ لم يكن من المعقولية إن تظل متمسكة بالولاء لروسيا او الاتحاد السوفيتي المنهار كما فعلت العديد من الدول بل الحصافة السياسية جعلتها تتحول بشكل اكثر مرونة ساعية نحو هدفها الاعظم وهو تحقيق سودان جديد ، وقبل التسعينات كانت الولايات المتحدة اكثر حزراً من الارتباط باي شكل من الاشكال مع الحركة الشعبية لتحرير السودان دون إن تعاديها ، لذا نجد إن الاب المربي دكتور جون قرنق استطاع إن يضع فلسفته ويرسم السياسة الخارجية الموجهة للحركة الشعبية لتحرير السودان وهو ما مكنته من تحقيق اهدافها في خاتمة المطاف ليس بتكوين دولة المواطنة و المساواة و السودان الجديد في كامل الاراضي السودانية بل بإستقلال جنوب السودان وهذا لم يكن بالامر الغريب او الجديد بل كانت مضمنة في برامج الحركة الشعبية و هو ما ترك شعب جنوب السودان يقرر مصيره سواء بالبقاء داخل الدولة السودانية او تكوين دولة مستقلة لهم ، وهذا لا يعني التخلي عن الهدف الاعظم وتحرير شعوب الهامش وتكوين دولة المواطنة بل هي واحد من اليات تحقيق مشروع السودان الجديد ، دون اعتبار الامر إن الاستقلال لم يكن إلا واحد من تكتيكات الحركة الشعبية لتحقيق هدفها الاعظم بل هذا يعني إن الحركة الشعبية لها رؤية شاملة لشكل الانظمة السياسية التي ينبغي لها إن تسود القارة الافريقية مع اخذ السودان كنموزج ففي حال نجاحها يتم الانتقال الى الدول الاخرى ، هكذا كان يرى دي مبيور يرى حلمه الكبير ليكون إرثه الكبير ويترك بصماته واضحة في العالم لكن قادة الحركة الشعبية الذين تولوا قيادتها من بعده كانوا اكثر إنغلاقاً الى الداخل واكثر قرباً الى قبائلهم واقل قومية وقارية . اثناء الفترة الانتقالية التي امتدت منذ العام 2005م حتى العام 2011م كانت مصر تبذل كل ما بوسعها حتى لا يقوم استفتاء جنوب السودان في ميعادها متعللة بالعديد من الاسباب الواهية وذلك كما نقلها موقع ويكيليكس عن برقية دبلوماسية في العام 2009م " أن مسؤولين مصريين سعوا العام الماضي الى تأخير الاستفتاء على استقلال جنوب السودان ما بين أربع سنوات وست سنوات " إلا إن تصميم شعب جنوب السودان الكبير على ضرورة إنعقاد الاستفتاء في ميعادها دون اي تاخير او تقديم حالت دون تحقق ما كانت تصبو إليها بالاضافة الى الوقوف القوي للولايات المتحدة الامريكية و النرويج وبريطانيا و العديد من الدول الاوربية نازلين عند رغبة شعب جنوب السودان و هم يستحقون الإشادة و التقدير لوقوفهم القوي حتى لو كان السبب هو تحقيق مصالحهم إلا إن مصالح شعب جنوب السودان تحقق ايضاً ، الامر الغريب هو إن مصر اصبحت اكثر تقرباً الى جنوب السودان بصورة ملفتة بعد الاستقلال حتى إن مستشار رئيس الوزراء للشؤون الافريقية الدكتور السيد فليفل قال في تصريح له نقلته موقع بوابة الفيتو يوم 18 فبراير 2014م " شدد على اهمية تكثيف التعاون مع جنوب السودان واعتبارها محافظة مصرية جديدة و دعمها و تمويلها لزيادة العلاقات معها و خاصة بعد تصاعد الازمة مع اثيوبيا مشيراً الى ان مصر تحتاج لضخ افكار و دماء جديدة للتخطيط للمستقبل " إن تصريحات المسؤول المصري تفوح منها رائحة الفكر الاحتوائي ( اعتبارها محافظة مصرية ) و حتى لو كانت مصر ترفض استقلال جنوب السودان من قبل فهذا لا يعني إن تدير جنوب السودان لها ظهرها للابد وبما إنها كانت متخوفة من استقلال جنوب السودان إلا إن هذا لم تمنعها إن تلعب دور فعال وايجابي في جنوب السودان ، في ابريل 2012م تدخلت مصر للعب دور الوسيط بين جنوب السودان و السودان اثناء ازمة فانطاو ، مصر لها اهتماماتها الخاصة في جنوب السودان المتعلقة بقضية مياه النيل بالاضافة الى سد النهضة التي تعمل اثيوبيا على انشاءها على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجه المشروع من النواحي التمويلية و العراقيل التي تضعها مصر من حين لاخر حتى وصل الامر بالتهديد باتخاذ الخيار العسكري كواحد من ميكانيزاماتها لثني اثيوبيا من موقفها ؛ إلا إن الاهتمام المصري بجنوب السودان ذادت بشكل كبير بعد إن اعترت علاقتها مع السودان صعوبات جمة منها تاييد السودان لقيام السد باعتبارها تحقق لها بعض المكاسب الاقتصادية لذلك تسعى مصر إن تكون جنوب السودان بديل عن السودان وذلك إذا اخذنا في الاعتبار إن بعض التقارير اشارت إلا إن مصر ستعمل من اجل تدمير السد عن طريق قاعدة ستكون داخل الاراضي السودانية إلا إن الامر لم يعد بنفس اليسر بعد إن اتخذ السودان موقفها . هنالك العديد من الاسباب مهدت للتقارب بين الدولتين ومنها تجميد عضوية مصر في الاتحاد الافريقي بعد الاطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي العياض ، كذلك نجد جنوب السودان تعاني نفس مصاعب مصر من عزلة دبلوماسية فرضت عليها منذ الاحداث التي بدات في ليلة الخامس عشر ومستمرة حتى اليوم لذلك هنالك مصالح تكتيكية تجعل البلدين اكثر قرباً لبعض .
نواصل
#كور_متيوك_انيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
باقان اموم .. براءة ام عفو ومصالحة ؟
-
وزارة الخارجية الرضيعة ( 2-4 )
-
وزارة الخارجية الرضيعة ( 1-4 )
-
المصالحة الفلسطينية وانتهاء الحسم العسكري
-
قراءة في رواية زهرة الكركديه الارجوانية
-
اوباما الوديع و بوتين الحاذق
-
استفتاء شبه جزيرة القرم
-
إمتحان النزاهة و الاستقلالية رقم ( 3 )
-
إنتخابات كيم جونغ اون ( نعم ) او ( نعم )
-
تعقيب على د.عبدالله علي إبراهيم - بروق الحنين : لوحة غير انس
...
-
محاصرة دويلة قطر
-
وزارة الخارجية للشؤون الداخلية و الاعلام
-
تعقيب على د.عبدالله علي إبراهيم - بروق الحنين : لوحة غير انس
...
-
تعقيب على د.عبدالله علي إبراهيم - بروق الحنين : لوحة غير انس
...
-
تعقيب على د.عبدالله علي إبراهيم - بروق الحنين : لوحة غير انس
...
-
تعقيب على د.عبدالله علي إبراهيم - بروق الحنين : لوحة غير انس
...
-
روسيا : حرب من اجل البقاء في اوكرانيا
-
يوليا تيموشينكو : الديكتاتورية قد سقط
-
لماذا لا تكون مصر من محافظات جنوب السودان
-
إفريقيا : الديمقراطية .. القتل .. المرض .. الامية
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|