|
الاحتلال الاسرائيلي هو المصدر وهو الدفيئة وهو المستنقع هوية ومكانة وخلفيّة الارهاب في موازنة الصراع
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1258 - 2005 / 7 / 17 - 11:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
*لقد جاءت التفجيرات الارهابية في انفاق القطارات البريطانية لتصرف انظار الرأي العام العالمي عن القضايا الجوهرية في مواجهة العولمة الامبريالية، وما يطرح على اجندة قمة الثماني، وتركيز كل الانظار على العملية الارهابية وضحاياها، وغضّ النظر مؤقتا على انظمة دول الارهاب المنظم، خاصة الامريكية والبريطانية* أود في البداية تأكيد حقيقة اصبحت واضحة كالشمس انه منذ تفجيرات واشنطن ونيويورك الارهابية في ايلول الفين وواحد ولجوء ادارة الامبريالية الامريكية برئاسة جورج دبليو بوش الى استغلالها لشن الحرب الاستراتيجية الكونية تحت يافطة "الحرب العالمية ضد الارهاب" لضمان الامن والاستقرار العالميين، فان معطيات الواقع المخضب بالدماء تشير الى ان عالمنا خلال السنوات الماضية، ومنذ اعلان بوش عن استراتيجية ادارته، اصبح اقل امنا واقل استقرارًا. فانتهاج استراتيجية عولمة ارهاب الدولة المنظم من قبل الادارة الامريكية "لمحاربة الارهاب" كان مدلولها السياسي وهدفها فرض الهيمنة الامريكية المباشرة، وبالقوة العدوانية العسكرية، وبتحالف مع حلفائها الاستراتيجيين وخاصة نظام بلير البريطاني وحكومة اسرائيل الشارونية، على مواقع البلدان الاستراتيجية عسكريا واقتصاديا وخاصة الغنية بمصادر النفط. وفي اطار هذه الاستراتيجية جرى احتلال افغانستان والعراق الغنيتين بالنفط (بحر قزوين وشط العرب والهامتين من حيث الموقع الجغرافي الاسترايجي. فالعنف يولد العنف، والاحتلال يولد المقاومة، وهذه جدلية التطور والصراع. ولكن شتان ما بين المقاومة والارهاب اللذين يحاول اعداء حق الشعوب في الحرية والاستقلال الوطني الخلط بينهما بشكل ديماغوغي بهدف تشويه حقيقة الكفاح الوطني التحرري. وموقفنا من المقاومة والارهاب واضح لانه مبدئي ولا مجال للتأتأة في التعبير عنه، فحسب رأينا فان أي شعب يرزح تحت نير الاحتلال الاجنبي من حقه الشرعي والانساني مقاومة المحتل، وبالطريقة التي يراها مناسبة لتحرير وطنه من الغزاة المحتلين، فمقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي ومن اجل التحرر والاستقلال الوطني هي مقاومة شرعية، كما ان مقاومة الشعب العراقي للمحتلين الغزاة الانجلوامريكيين ومن اجل تحرر واستقلال العراق هي مقاومة شرعية. ومقاومة المحتلين ليست ارهابا، فالاحتلال هو الارهاب بعينه، والمحتلون هم الارهابيون رسل ارهاب الدولة المنظم. نؤيد حق المقاومة ولكننا ندين الاعمال الارهابية، ندين قتل الناس الابرياء من المدنيين كانتقام ورد فعل على جرائم ترتكبها انظمتهم وقواتها المحتلة. فنحن من ناحية مبدئية وسياسية وانسانية واخلاقية ندين ونؤكد انه لا توجد أي مصداقية او تبريرات لقتل المدنيين الابرياء كوسيلة لتحقيق اهداف سياسية او للضغط على الانظمة المجرمة التي ترتكب الجرائم بحق الشعوب المحتلة او المقهورة على امرها. فمثل هذه الاعمال الارهابية – التفجيرات بهدف قتل مدنيين ابرياء، لا يستفيد من ورائها ولا تخدم في نهاية المطاف سوى انظمة الاحتلال وقهر الشعوب وتجلب الضرر الجسيم لكفاح الشعوب التحرري العادل. وقد حدث مرارًا ان يكون تفجر عملية ارهابية ضد مدنيين في وقت، وفي توقيت، يعاني فيه نظام ارهاب الدولة المنظم الذي يدوس على سيادة شعب آخر ويحتل اراضيه، الزنقة والازمة والعزلة في دائرة الادانة الدولية. فالعملية الارهابية التي استهدفت قطارات الانفاق في لندن البريطانية في السابع من شهر تموز الجاري التي حصدت ارواح اكثر من خمسين من القتلى المدنيين الابرياء ومئات عديدة من الجرحى، من الناس الابرياء، هذه العملية فرّغت سمومها القاتلة بعد يوم واحد فقط من بدء اعمال قمة الدول الصناعية الثماني في اسكتلندا. لقد جرى توقيت هذه العملية في وقت كانت فيه انظار العالم متجهة نحو النشاطات الجماهيرية الحاشدة والفنية الحاشدة في بريطانيا ومختلف ارجاء الدنيا التي نظمها مناهضو الطابع الامبريالي الهمجي للعولمة الذي يزرع الفقر والمآسي في بلدان العالم الثالث النامية وبهدف الضغط على رموز العولمة المجتمعين من اجل العدالة لازالة الغبن اللاحق بالبلدان الفقيرة. وقد جاء توقيت هذه العملية الارهابية في وقت تتصاعد فيه تظاهرات الاحتجاج وفي بريطانيا وعالميا ضد الاحتلالين الانجلوامريكي في العراق والاسرائيلي المدعوم امريكيا للمناطق الفلسطينية والسورية المحتلة. كما جاء توقيت هذه العملية في وقت يواجه فيه المحتلون الانجلوامريكيون الازمة الخانقة في عراق تحولت اراضيه الى مقبرة للغزاة المحتلين واعدائهم، وفي وقت بدأ فيه المحتلون يفكرون في كيفية الهرب والخروج من اوحال المستنقع العراقي. هذا اضافة الى ان التحالف الامبريالي الانجلوامريكي كان يعد ومن خلال "مبادرة" يتقدم بها رئيس الحكومة البريطانية، طوني بلير، وكان سيطرحها على طاولة قمة الثماني حول تسوية الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني! وجاءت العملية الارهابية في انفاق القطارات لتصرف انظار الرأي العام العالمي عن القضايا الجوهرية في مواجهة العولمة الامبريالية وما يطرح على اجندة قمة الثماني وتركيز كل الانظار على العملية الارهابية وضحاياها وغض النظر مؤقتا على انظمة دول الارهاب المنظم، خاصة الامريكية والبريطانية. وهكذا كان الامر بالنسبة للعملية الارهابية في نتانيا يوم الثلاثاء الماضي 12/7/2005، فقد جاء توقيتها بعد يومين فقط من القرار الاستعماري الاجرامي الذي اتخذته حكومة الكوارث والاستيطان الشارونية – البيرسية بتسريع بناء جدار الضم والعزل العنصري شمال القدس العربية المحتلة بهدف تهويدها نهائيا. جاء توقيتها في وقت تبذل فيه السلطة الوطنية الفلسطينية وانصار الحق الفلسطيني المشروع كل المساعي لتجنيد مكابس الضغط العالمية لمنع حكومة الاحتلال من تنفيذ جريمتها. وجاءت العملية التفجيرية في نتانيا وقتل وجرح الناس الابرياء لتصرف الانظار مؤقتا عن جرائم حكومة الاستيطان الاسرائيلية وتركيز الانظار على ضحايا العملية الارهابية. رغم ادانتنا لعمليات قتل الابرياء الارهابية فاننا نحمّل المسؤولية الاساسية عن كل نقطة دم تراق من اجساد المدنيين الابرياء، وبغض النظر عن هوية انتمائهم، الى انظمة ديناصورات الارهاب التي في كنف ممارساتها تنشأ وتنمو وتنتعش مختلف المنظمات الارهابية متعددة هويات الانتماء القومي والديني وغيرهما. لقد اضطر رئيس الحكومة البريطانية، طوني بلير، الى قول "كلمة حق يراد بها باطل". ففي حديث له للاذاعة البريطانية "بي.بي.سي.، يوم السبت 9/7/2005، أي بعد يومين من تفجير قطارات الانفاق، قال "يجب اقتلاع الاسباب الكامنة وراء الارهاب من جذورها"! اننا "نبصم بالعشرة" دعما لمصداقية وصحة هذا التأكيد. ولكن ان يلجأ بلير الى اختزال الكثير من الاسباب والعوامل الجوهرية الكامنة من وراء ظواهر الارهاب "علينا القضاء على الاسباب الكامنة وراء الارهاب من اجل التخلص من هذا التشويه البغيض لحقيقة الاسلام. وانه من الاجراءات التي يجب القيام بها تعزيز التفاهم بين الاديان والمضي قدما في عملية السلام في الشرق الاوسط"!! ان بلير يخلط الاوراق بشكل ديماغوغي بهدف طمس العوامل الجوهرية الاساسية للارهاب، فليس الاسلام على منصة الاتهام، كما في الاسلام توجد تيارات سياسية متطرفة، كذلك بين مختلف الشعوب والقوميات التي تنتمي بالوراثة الى ديانات متعددة، الا توجد منظمات ارهابية عنصرية في الولايات المتحدة الامريكية وفي مختلف البلدان الاوروبية. فالكشف عن العوامل الاساسية لمعالجتها يجب الاشارة والتأكيد على مصادرها وعناوينها التالية:
* اولا: يجب الكشف عن وتعرية الخلفية الطبقية – الاجتماعية للارهاب وللحركات الارهابية. ففي ظل الطابع التمييزي للتقسيم العالمي للعمل تتعمق وتتسع فجوات التقاطب الاجتماعي كونيا بين البلدان الغنية الصناعية الامبريالية وبين البلدان الفقيرة ضحية الاستغلال الامبريالي والاحتكارات الامبريالية عابرة القارات ومتعددة الجنسيات. فوجود اكثر من ملياري انسان، خاصة في بلدان العالم الثالث، لا يتجاوز معدل دخلهم اليومي الدولارين، يولد بدون شك النقمة على قاطع رزقهم، كما يولد اليأس الذي يقود بعضهم الى المغامرة والتطرق. هذا من جهة، ومن جهة اخرى فالصراع ليس ابدا حضاريا او دينيا بل طبقيا سياسيا. ففي ظل الحرب الباردة من اوجد ومول اسامة بن لادن وحركة "الطالبان" "والمجاهدين العرب" في افغانستان غير الامبريالية الامريكية وبعض انظمة الرجعية العربية في الحرب ضد التقدم والشيوعية والاتحاد السوفييتي. وعندما تمرد القرد على خالقه واصبحت هذه الحركات الارهابية ونظام "الطالبان" تهدد المصالح الامريكية الامبريالية، شنت الحرب التدميرية على افغانستان وعين اللص الامبريالي، هدفه المركزي – نفط بحر قزوين. وهكذا الامر مع نظام صدام حسين الذي دعمته الامبريالية الامريكية في حربه ضد ايران وشجعته على احتلال الكويت، وعندما لم يدجن في حظيرة خدمة مصالحها شنت الحرب التدميرية واحتلت العراق، وعين اللص، هدفه المركزي، نفط العراق والهيمنة على المنطقة النفطية. فطابع العولمة الامبريالية المفترس لمقدرات الشعوب الاخرى ولجوء انظمتها الى الارهاب المنظم ضد الشعوب والانظمة قد ولد الكراهية للامبريالية الامريكية وربيبتها بريطانيا وحليفها الاستراتيجي اسرائيل. * ثانيا: الخلفية السياسية للارهاب: ففي كثير من الانظمة في العالم الثالث، ومنها غالبية البلدان الغربية تعيش شعوبها في غربة عن الدمقراطية وتمارس انظمتها سياسة ارهابية وكم افواه ضد معارضيها، وتلقى هذه الانظمة الدكتاتورية الدعم والتغطية من الدوائر الامبريالية. والعنف يولد العنف، وتنشأ على هذه الخلفية خاصة في ظل الفقر المنتشر التيارات المغامرة. كما ان ضعف الطبقة العاملة واحزابها العمالية اليسارية والشيوعية والوطنية التقدمية يهيئ المناخ لنشوء وانتعاش الحركات الاصولية متعددة الهويات، السلفية، والمغامرة والارهابية التي تترعرع في التربة الخصبة التي تنتشر على سطحها مظاهر الفقر واليأس من حياة الدنيا الفانية والعيش على امل ان يكون نصيبها اوفر في آخرة موعودة.
ثالثا: نوافق بلير على ان انجاز التسوية السلمية العادلة والشاملة في الشرق الاوسط يساعد كثيرا في مواجهة مظاهر الارهاب. فالاحتلال حسب رأينا يا بلير المصدر الاساسي لانطلاق المقاومة لكنسه ولبروز بعض مظاهر حركات التطرف والارهاب. فالاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي هو المصدر وهو الدفيئة وهو المستنقع الذي في كنفهما نشأت وترعرعت الحركات والعصابات الارهابية والفاشية اليهودية الاسرائيلية، كما انه المسؤول عن نشوء تيارات مقاومة فلسطينية متطرفة مارست وتمارس اعمالا ارهابية ضد مدنيين داخل اسرائيل. فالاحتلال هو بمثابة ارهاب دولة منظم ومسؤول عن كل المصائب. ولهذا فزوال الاحتلالين الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية والسورية والانجلوامريكي للعراق يقدمان اكبر خدمة للانسانية ولشعوبهما في المعركة ضد مختلف اشكال الارهاب والعنصرية والفاشية.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يستعيد الشعب العراقي أنوار ثورة 14 تموز المجيدة؟
-
اقامة اوسع جبهة سياسية لمواجهة الفاشية المستشرية - المهرولة
...
-
مؤتمر قيسارية على حلبة -صراع الثيران-
-
قبل عشرين سنة فارقنا بجسده د. إميل توما والتوجه الطبقي الثور
...
-
مهمّات أساسية مطروحة على أجندة الحزب الشيوعي
-
بعد انتهاء الانتخابات النيابية: ماذا يواجه لبنان من قضايا وم
...
-
ألمؤتمر العاشر لحزب البعث السوري الحاكم: هل ترتقي الاصلاحات
...
-
طفيليات المستنقع الاسرائيلي
-
لمواجهة مرحلة التهويد العنصرية الجديدة
-
حصيلة جنونية للانفاق العسكري: هل يوجد أي أمل بالسلام مع سلاط
...
-
لمواجهة متطلّبات وتحدّيات الحاضر والمستقبل: خطوات جدية لتوحي
...
-
هل تسلّم الجماهير العربية رقبتها ومصيرها الى - الفشّ الطالع
...
-
مع إضاءة الشمعة الـ 81 : الشبيبة الشيوعية كتيبة ثورية نضالية
...
-
مع إضاءة الشمعة الـ 62 من عمرها المتجدد -الاتحاد- الصرح الحض
...
-
عالبروة رايحين!
-
في أول ايار 1958: الشيوعيات الكفرساويات يخترقن الحصار!
-
رسالة شارون في -عيد الحرية- عبودية!
-
خطة شارون – نتنياهو الاقتصادية عمّقت فجوات التقاطب الاجتماعي
-
مدفع نمر وصمدة ذيبة
-
طَرْش العنصريين وصمة عار للرياضة
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|