|
فاتح ماي : اسئلة واجوبة
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 4438 - 2014 / 4 / 29 - 16:41
المحور:
ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا
س 1 ) هل تعتقد ان نتائج ثورات الربيع العربي جاءت بنتائج ايجابية في تحسين حالة العمال المعيشية ووضعت حدا للاستغلال والظلم اللذان يتعرضان له . ج ) ما حصل بجل البلاد العربية لم يكن ثورة بالمفهوم الدقيق لكلمة الثورة ، بل كان انتفاضة شعبية مخترقة بشعارت برجوازية وليس بشعارات عمالية . لذا ظل دور العمال هامشيا في التحولات التي اسقطت حكاما مستبدين ، ولم تسقط انظمتهم التي واصلت بمسميات شتى . فما هي القيمة المضافة التي استفاد منها العمال في مصر ، اليمن ، سورية ، ليبيا ، تونس والمغرب . لا شيء ، بل نلاحظ ان الوضع التنظيمي للعمال ظل منصهرا ضمن نقابات تسيطر عليها البرجوازية ما فوق المتوسطة ، التي تعتبر العدو الرئيسي للعمال . ان الجديد الذي ظهر بعد الانتفاضات البرجوازية ، هو نكوص وتراجع الحركات اليسارية بمختلف تشكيلاتها السياسية والإيديولوجية ، وسيطرة حركات الاسلام السياسي على الشارع وعلى العقل العربي المشدود الى التقليدانية والماضوية . اننا نستعمل مصطلح عمال للاستئناس فقط ، لكن ما يلاحظ هو ان العمال بالمفهوم الماركسي غير موجودين بالبلاد العربية ، لأنهم في غالبيتهم يفتقرون الى الحس بتمايزهم كطبقة عمالية منتجة ، ومن ثم فان حسهم لا يعدو ان يكون شعورا منهم كشغيلة من بين الشغيلة المنتمية الى النقابات البورصية او مستقلة عنها . لذا فان غالبية المنخرطين في النقابات ينتمون الى البرجوازية الصغيرة والمتوسطة و ما فوق المتوسطة من اساتذة ومعلمين وموظفين ومهندسين وممرضين وأطباء .. لخ س 2 ) وكيف كان تأثيره على نمو وتطور الحركة العمالية ومنظماتها وتضارباتها ؟ وكيف تقيم الدور الذي تقوم به الاتحادات والنقابات العمالية في الشارع العربي ومحليا في بلدك ؟ ج ) بالنسبة للمغرب ، فاذا كانت حركة 20 فبراير قد نجحت في كسر حاجز الخوف ، إلاّ انها لم تسدي خدمة للشغيلة التي ظلت خاضعة للقيادة البرجوازية للأجهزة البورصية النقابية التي لعبت دورا اساسيا في تكسير شوكة حركة 20 فبراير . لذا فان اكبر عدو لحركة 20 فبراير كانت القيادات النقابية التي ترتبط مصالحها مع مصالح الكمبرادور والاوليغارشية السياسية . هنا نفهم لماذا لم تقم النقابات بالإعلان عن اضراب عام في اوج حراك 20 فبراير ، خوفا من تجاوز الحركة للنقابات التي ستصبح لاهثة وراء الاحداث وليس موجهة لها . ولو كانت النقابات قد دعت الى الاضراب العام في وقتها كما حصل في يونيو 1981 وفي 1991 ، لكان للمغرب اليوم وجه آخر . ان تحرك النقابات مؤخرا من خلال مسيرة ( ك د ش ) و ( ا م ش ) و ( ف د و ش) لم يكن بهدف احراج الحكومة المغلوب على امرها ، بل كان استباقا مدروسا للركب على اية موجة مستقبلية تقودها الجماهير وقوى التغيير الحقيقية . هنا نفهم لماذا شاركت جميع التنظيمات الجذرية في المسيرة رغم عداءها للقيادات البورصية ، لكن لم نفهم لماذا تخلفت جماعة العدل الاحسان من المشاركة في المسيرة ، ولو شاركت الجماعة لكان للمسيرة مشهد آخر يفند ادعاءات عبدالاله بنكيران البخسة للمسيرة . س 3 ) هل تعتقد ان الربيع العربي ترك اثرا ثوريا في الشارع العالمي ؟ ج ) اولا ان الخريف ( الربيع ) لم يكن ثوريا بالمرة ، لأنه لم تكن هناك قوة ثورية لعبت دورا اساسيا في الحراك ، بل ان الحركات السياسية اليسارية ، ومن جميع الاتجاهات الايديولوجية ، ماوية ، ماركسية لينينية ، تروتسكية ، اصلاحية نهجوية ظلت في واد تجتر شعرات متضاربة ومتباينة ، الى درجة ان انخراط هذه التنظيمات ضمن حركة 20 فبراير ، لم يكن انخراطا في مشروعها العام نحو دمقرطة الدولة والمؤسسات ، بل كان وسيلة ، من جهة لبعض التنظيمات لتوسيع القاعدة الضيقة متعاملين مع الحركة كمشتل للاستقطاب ، في حين انساقت تيارات يسارية جذرية الى رفع شعارات استراتيجية تتجاوز قوتها الذاتية من قبيل " الجمهورية " و " اسقاط النظام " . وهنا يجدر الاشارة الى ان جماعة العدل والإحسان اهم مكون سياسي ، رغم انها شاركت في المسيرات ، إلاّ انها تركت بانسحابها شكوكا اقنعت العديد من الملاحظين والمتتبعين للشأن العام ، بان مشاركة الجماعة ضمن 20 فبراير لم يكن بسبب قناعة ببرنامجها او مشروعها ، بل كان مناسبة للخروج من العزلة المفروضة عليها ، واستغلالا مدبرا لتأكيد الذات والقوة ، وخلط الاوراق في جميع الاتجاهات بتضبيب المواقف بين مطالب 20 فبراير الداعية الى الاصلاح ، وبين التلويح بعدم التقييد بسقف معين من المطالب ، اي امكانية طرح مطلب الجمهورية لدغدغة الجمهوريين ودغدغة الاصلاحيين في نفس الآن . انه مخطأ من يعتقد ان دخول الجماعة لمعترك 20 فبراير كان بهدف الجمهورية ، او حتى بهدف الملكية البرلمانية ، و إلاّ كيف نفهم تبرير تفسير زعماء الجماعة ، بان حركة 20 فبراير استنفدت اغراضها ، وحان وقت رحيلها ، لأنه لم يبق امامها من حل غير العصيان المدني في الشوارع ، وهذا سيجلب اراقة الدماء المتعارضة مع منهجية الجماعية المبنية على السلم . والسؤال هنا : هل من ثورة حصلت في التاريخ دون اراقة الدماء ؟ . س 4 ) هل ترى ان الاحزاب اليسارية ساهمت في تشتيت الحركة العمالية من خلال نقل الصراعات والخلافات الفكرية النخبوية الحزبية الى العمال ومنظماتهم ؟ ج ) اذا كانت النقابات ترتبط بالأحزاب ، بحيث لكل حزب نقابته ، فأوتوماتيكيا ، اي خلاف بين الحزبيين سيؤثر على النقابة ، وهذا يعني انه اذا حصل انشقاق في الحزب ، سيتبعه اوتوماتيكيا انشقاق او انسحاب في النقابة . وسنعطي مثالا عن تأثير السياسي في النقابي . عندما انفصل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الاستقلال ، اعلنت نقابة ( ا م ش ) ارتباطها بالحزب الجديد ، وقطعت جميع علاقاتها مع الحزب الام . وعندما تعمقت الخلافات داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في سنة 1972 ، وتغيير اسم الحزب من الاتحاد الوطني الى الاتحاد الاشتراكي ( فرع الدارالبيضاء وفرع الرباط ) بسبب مخلفات انتفاضة 3 مارس 1973 المسلحة ، انعكس الصراع السياسي داخل جهاز ( ا م ش ) وأفضى بخروج مجموعة من النقابيين الذين اسسوا ( ك د ش ) في سنة 1978 . كما ان الصراع السياسي داخل الاتحاد انعكس على وضع ( ك د ش ) وأفضى الى خروج مجموعة منشقة أسست ( الفدرالية الديمقراطية للشغل ) ، ان نفس الشيء حصل عند خروج ( النقابة الديمقراطية للشغل ) من ( ك د ش ) . س 5 ) لماذا فشلت الاحزاب الشيوعية واليسارية العربية في التعبير عن تطلعات الطبقة العاملة في الظفر بالسلطة وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجتمع اللاطبقي ؟ ج ) ان هذا الفشل مرده الى ان قيادات الاحزاب الشيوعية واليسارية العربية تتاجر فقط بالشغيلة ، وهي لا علاقة لها بها عضويا وطبقيا ، بل انها ونظرا لأنها تتكون من المثقفين البرجوازيين الصغار والبرجوازية الصغيرة وما فوق الصغيرة ، فهي تعتبر اكبر عدو طبقي للطبقة العاملة بالمفهوم الماركسي للطبقة العاملة . فهل الحزب الشيوعي المغربي الذي انتهى الى حزب التقدم والاشتراكية ، هو حزب عمالي ام انه حزب برجوازي ؟ وماذا عن حزب النهج الديمقراطي الذي يتكون من المثقفين وليس من العمال والفلاحين ؟ ونطرح نفس السؤال عن الحزب الاشتراكي الموحد الذي ضم تيارات منحدرة من تجربة الحركة الماركسية المغربية . اما حزب الطليعة اليميني وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي ، وهذان حزبان يمينيان ، فهما يلوكان في خطاباتهما الانتساب للطبقة العاملة ، في حين ان لا علاقة تجمعهما بما يسمى عندهم بالطبقة العاملة . ولعل الارتداد الذي عرفه حزب الطليعة في المؤتمر الرابع ، وانسحاب اطر مهمة منه ، خاصة بعد 2003 ، وعلى رأسهم محمد بوكرين ، كان اكبر برهان على التحول الارتدادي للحزب ، وقطعه بالكامل لأية علاقة بماضي الاتحاد ، وبماضي اطره مثل المرحوم عبد الغني بوستة السرايري وعمر بنجلون .. لخ . س 6 ) كيف ترى مستقبل الحركة العمالية عالميا في ظل انتشار العولمة واستمرار الدول الكبرى في سياستها الرامية لإفلاس اغلب البلدان والسيطرة عليها اقتصاديا ؟ ج ) اذا نحن علمنا ان الطبقة العمالية الغربية قد انسلخت عن جلدها ، وانغمست كقوة استهلاكية في نمط الانتاج الرأسمالي ، الذي افقدها حسها الثوري الذي ’عرفت به منذ خمسينات القرن الماضي ، وحيث تحولت المركزيات العمالية الى نقابات ’محنّطة لتحركات العمال ، فان الازمة البنيوية التي يمر بها الاقتصاد الغربي ، سوف تلقي بظلالها فقط على المستوى المعيشي للعمال . اما على المستوى السياسي ، فان استمرار الركود والستاتيكو في التحول الى قوة فاعلة مؤثرة ، وقادرة على تغيير المسار الى صالحها ، يبقى امرا مستبعدا ، ليس بسبب قلة ثورية العمال ، بل ان السبب يكمن في غياب الطليعة الثورية القادرة على تأطير العمال وتعبئتهم ، وبالتالي الدفع بهم لانتزاع حقوقهم ، بدل استجدائها بطرق غاية في المهانة . وهنا لنطرح السؤال : هل التاريخ اليوم سيسمح بتكرار ثورة اكتوبر 1917 وثورة 1949 بالصين ؟ رغم ان الجو المكهرب ، قد يوحي للبعض بهذا الحل الراديكالي . ان من اسباب تدهور القيمة التنظيمية للطبقة العاملة وضعفها ، هو انعكاس الاختلافات السياسية بين الحزبيين على المركزيات النقابية التي تتحول الى نقابات مشتتة تابعة للأحزاب المشتتة والضعيفة ، وليس مرتبطة بحقوق الشغيلة المتعارضة مع مصالح ومخططات الاحزاب التي تتاجر باسم اليسارية ، رغم انها تحولت ، بل انتقلت من اليسارية الى اليمينية ، واندمجت تخدم مخططات وبرامج لا علاقة لها بمصالح العمال العدو الرئيسي لبرجوازية الفكر الانتهازي الحزبوي الذي يستعمل العمال وحقوقهم كوسيلة للاغتناء والتملق للطبقة النافدة . وهنا نتساءل عن ، ما هي القيمة المضافة التي يمكن لأحزاب ميتة تدعي الانتساب الى المدرسة اليسارية ان تضيفها للطبقة الشغيلة في عيدها الأممي ؟ لا شيء ، فقط التطبيل والتزمير والاستعراض الفلكلوري بالجلوس في الواجهة الامامية المشرفة على مسيرة العمال والشغيلة .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النهج الديمقراطي ورقصة الحنش ( الثعبان ) المقطوع الرأس
-
الفقر كفر والكفر فقر
-
الامير ( المنبوذ ) بين الصبيانية والتيه السياسي
-
قراءة في قضية عبداللطيف الحموشي مع تعيين فالس وزيرا اولا بفر
...
-
الله هو صاحب السيادة العليا والامة مصدر السلطات والديمقراطية
-
خارطة الطريق - ستة منطلقات لبناء الدولة الديمقراطية وقلب حكو
...
-
النص الديني والنظام الراسمالي من المرأة وجهان لعملة واحدة
-
هل تراجعت الحكومات الاسلاموية ؟
-
اي سر وراء مصرع الجنرال احمد الدليمي ؟
-
الحزب الشيوعي
-
حركة الجمهوريين المغاربة
-
الاخطاء الكبرى المرتكبة في حق القضية الوطنية
-
اين الحقيقة في تصفية عبدالرزاق لمروري وزجته ؟
-
حق التظاهر في الشارع العام مصر -- المغرب
-
شهور اكتوبر نوفمبر ديسمبر ويناير على الابواب
-
هل فهمتم شيئا ؟ خديجة الرياضي -- (الدولة مجازا ) زمرة العصبي
...
-
الاعتقال السياسي بين سلطة القانون وسلطة الامر الواقع
-
الدولة الحكومة المجتمع -- طبائع الاستبداد --
-
قوة المغرب في تنوعه الثقافي
-
اللغة العربية والركب الحضاري -- خسئت ياعيوش --
المزيد.....
-
مكتب نتنياهو يتهم -حماس- بممارسة -الحرب النفسية- بشأن الرهائ
...
-
بيت لاهيا.. صناعة الخبز فوق الأنقاض
-
لبنان.. مطالب بالضغط على إسرائيل
-
تركيا وروسيا.. توسيع التعاون في الطاقة
-
الجزائر.. أزمة تبذير الخبز بالشهر الكريم
-
تونس.. عادات أصيلة في رمضان المبارك
-
ترامب: المحتال جو بايدن أدخلنا في فوضى كبيرة مع روسيا
-
روته: انضمام أوكرانيا إلى حلف -الناتو- لم يعد قيد الدراسة
-
لوكاشينكو: بوتين تلقى اتصالا من أوكرانيا
-
مصر.. اكتشاف مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني
المزيد.....
-
موقع الطبقة العاملة المصرية من الثورة وحقوقها الاقتصادية وال
...
/ حمدي حسين
-
الحركة العمالية المصرية فى مفترق طرق
/ عدلى محمد
المزيد.....
|