أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد سامى واصل - الرفيق ياسر برهامى















المزيد.....

الرفيق ياسر برهامى


وليد سامى واصل

الحوار المتمدن-العدد: 4437 - 2014 / 4 / 28 - 08:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثـارت فتاوى الشيخ ياسر برهامى الأخيرة جدلـاً واسعاً , وتعرض الرجل لانتقادات واسعة , وبينما كنا نناقش تلك الفتاوى خاصة المتعلقة منها بمسألة الـزنا , وأنه لا تتهم المرأة بالزنا الا اذا كان الفرج فى الفرج , وهو ما أثار غضب الجميع بكل تأكيد , كان النقاش يدور حول فكرة استحالة تطبيق حد الزنا لاستحالة توافر الشروط , فحتى مع وجود أربعة من الشهود قد تلتبس الرؤية على أحدهم بل وبكل تأكيد لن يستطيع أحدهم أن يجزم اذا كان الفرج بالفرج او كما قيل كدخول المرود فى المكحله , وطالما وضعت تلك الشروط التعجيزية فربما كان الغرض استحالة تطبيق الحد , وهنا طرح أحد الأصدقاء سؤالاً , هل بهذا يعتبر الشيخ برهامى تقدمياً ؟ ..

لا يبدو السؤال سهلا بالنسبة لى على الأطلاق , فكيف يكون البرهامى تقدمياً والاسلام السياسى نفسه هو من خلق المحنة الكبرى التى يعانيها الاسلام اليوم , وفيم استدعاء كلمة التقدمية بأى حال هنا ؟

حسناً , من أين نبدأ ؟
بداية فالشيخ برهامى والتيارات الدينية أرتكبت جريمة فى حق الاجيال المتعاقبة على مدى الأربعين سنة الأخيرة , فهى من قدمت صورة للمجتمع الاسلامى الأول بشكل مثالى مبالغ فيه , واستخدمت تلك الصورة فى المزايدة على الشعب المصرى , بأن هناك نموذج يوتوبى لأناس صوروا وكأنهم من عالم الملائكة , لا يأتيهم الباطل أبدا , ودعمت تلك الصورة فى أذهان الناس تلك الأفلام التى انتجتها الأنظمة القومية والتى صورت ذلك المجتمع فى صورة مثالية أيضا ...
ومع عوامل وتطورات سياسية عديدة مرت بها مصر بعد 67 ومرورا بالتراجع عن الثورة رغم العبور فى 1973 ثم انتشار افكار التيارات الدينية فى الشارع المصرى , تحولنا جميعا الى أسرى العقلية الجمعية للقبيلة , ولكنها قبيلة تعيش فى القرن العشرين والحادى والعشرين وتتبنى قيم البرجوازية والدولة الحديثة فى نفس الوقت ..

فمتى بدأ كل ذلك , وكيف وقع الأسلام نفسه فى الأسر ؟

لقد كان الرسول نفسه ينتمى لمجتمع قبلى , ولكن تمايز الرسول وطليعة المؤمنين الذين حملوا راية الدين فى مكة فى بدايته , بأنهم كانوا بينتمون لقريش وهى حالة مدنية بكل تأكيد , فقد عرف اهلها التجارة وتواصلوا مع شعوب الفرس والروم , وعرفوا عنهم الكثير , فكانت مكة حاضرة العرب , بعيداً عن قبائل نجد البدوية او كما وصفوا فى القرأن بالأعراب , من ناحية أخرى فالرسول وجماعة الطليعة بشكل خاص ارتبطوا برباط أخوة الدين , وهو تمايز واضح عن رباط القبلية والعصبية , حتى اننا نذكر كثير منهم بصفة فردية , فنقول عمر بن الخطاب ولا ندرى انه من عدى , ونقول أبو بكر الصديق ولا يعرف الكثير منا أنه من قبيلة تميم ..
فتلك الحالة الجديدة والتى تأصلت فى الطليعة بشكل خاص , أتاحت مساحة للفردية والحرية فى التصرف وبالتالى مجال أوسع لارتكاب أخطاء متنوعة باختلاف شخصية كل فرد , وكان الرسول يقيم ويقدم حل جديد فى كل مسألة , أقصد انك لو كنت عضوا فى قبيلة او فى عائلة كبيرة , فاحتمالات أخطائك الفردية والتى ترتبط بشخصيتك , ستقل بشكل كبير لانك مضطر للاتيان بسلوك جماعى يفرضه كبير العائلة , مثلا لا يمكنك أن تسهر حتى وقت متأخر , هذا ممنوع لان كبير العائلة يغلق الأبوب فى وقت محدد , ستضطر أن تلتزم بسلوكيات ربما انت فى الحالة الفردية لن تلتزم بها ..
وعليه كان مجتمع المدينة فيما بعد الهجرة يتعامل مع حالات فردية - بناء على رابطة الأخوة الجديدة - بشكل يومى تعرض على الرسول , وهو ينظر فى أمرها ويقدم حلول هدفها الأول هو خير المجتمع ومصلحة الناس المتغيرة دائما بتغير ظروف حياتهم وتطورها ..

الرسول كان ينظر الى مجتمعه الصغير ويرى المشاكل ويحاول أن يبحث عن حلول لها , فالشباب فى المدينة لديهم رغبات جنسية , هذة الرغبات تستدعى أن يتم اشباعها بالطرق المقبولة اجتماعيا والتى لا تمثل اعتداء على حرية الأخرين ..
فكانت دعوة الرسول للترغيب فى الزواج بل والحث على التساهل فى مسألة المهر للتقليل من تكاليف الزواج فنجد في البخاري عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: تزوج ولو بخاتم من حديد. وفي النسائي عن ابن عباس أن عليا رضي الله عنه قال: تزوجت فاطمة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله ابْنِ لِي ، قال: أعطها شيئاً، قلت: ما عندي من شيء! قال: فأين درعك الحطمية؟ قلت: هي عندي، قال: فأعطها إياه.

ثم كانت مشكلة التعرض للنساء فى المدينة , حيث كان البعض يتعرض للنساء فى الخلاء , وهو ما يشبه حالات التحرش الحاصلة الأن فى مصر , غير ان الفارق ان هؤلاء كانوا يظنون ان هذة المرأة او تلك من الإماء , فيعتدون عليها , فكان التمييز بين الحرائر من النساء وبين الأماء وخاصة أمهات المؤمنين زوجات الرسول , فكانت الأيات ( ( ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما (الأحزاب 59 ) , فعلى الحرة أن تغطى صدرها حتى تتمايز عن الأمه , وقبلها كانت الأيات التى خصت نساء النبى فى قوله تعالى {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } [الأحزاب:53] , فلا يكون لأحد من الناس أن يخاطب نساء النبى الا من وراء حجاب ..

لكن من دفعونا دفعاً الى مستنقع القبلية تجاهلوا الحكمة الواضحة من الأيات , بل وتجاوزوا طبيعة المجتمع الطبقى الذى ظهرت فيه تعاليم الاسلام , الذى ارتضى بكثير من قيم وأحكام الأقطاع , لا لانه خير مطلق بل لان شروط تجاوز البشرية للعصر الاقطاعى لم تكن قد توفرت بعد ...
والظاهر فى الأيات ان العلة فى الأمر هى دفع الأذى عن النساء , واليوم نواجه ظاهرة التحرش والتى أرى أن جزأ كبيراً منها مرتبط بتفريغ طاقة عنف , وهو نوع من ممارسة الأذى ضد أى كائن ضعيف , ومن ضعيف فى بلداننا العربية غير المرأة ؟ , ولم تسلم من عمليات التحرش كل الفتيات مهما كانت ملابسهم , وبالتالى فالوضع الحالى يفرض علينا أن نبحث وراء الاسباب الاجتماعية والاقتصادية وحتى النفسية التى انتجت الظاهرة , لمنع الأذى عن الجميع ..
لم تسجن المرأة المصرية فى ملابس تنتمى للمناطق الحارة فقط بل صارت أكبر عدو لحريتها , وصارت ناقصة عقل ودين , وصوتها عورة ويجب عليها أن تحتجب ومن الأفضل أن تختبىء تماما ..
وكان على الشباب أن يترهبن , النظرة حرام والسلام بالأيدى حرام , كل تصرفاتنا الطبيعية دخلت منظومة الحرام , وتكون معها ضمير متعصب .
ولست أعرف كيف تكون النظرة حرام ! , ان الطبقية فى التطبيق والتمييز بين الحرة والأمه تعطى مؤشر واضح ان النظرة للمرأة بشكل عام ليست حرام كما يصور لنا , فكما عرف عن عبد الله بن عمر انه كان يضع يده على ثدى الجارية حين يشتريها , وقد قرأت عديد من الردود تحت عنوان درأ الشبهات عن بن عمر , وأغلبها ارتبط بتحديد ما اذا كان فعل ذلك قبل شراءه للجارية ام بعد الشراء , فلو كان ذلك بعد الشراء كان حلالاً لانها صارت ملك يمين , لكن المهم هنا ان النظرة لثدى الجارية لا تستوجب سيئة , ثم انه حتى قبل الشراء فعورة الأمه يقررها الرسول صلى الله عليه وسلم , فعند البيهقي في سننه الكبرى عن عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب عن بن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد شراء جارية واشتراها فلينظر إلى جسدها كله إلا عورتها ما بين مقدار إزارها إلى ركبتها" , وما يقره أغلب علماء المسلمين أن عورة الجارية كعورة الرجل أى ما تحت السره ..
ونحن اليوم نعيش فى مجتمع حر , ليس فيه ذلك التمايز بين الحرائر والجوارى , وبالتالى لا أرى منطقاً لكل هذا العداء لجسد المرأة !
فهى اما بأن تكون من الأماء فتكشف عن صدرها ويضربها عمر بن الخطاب اذا حاولت ان تغطى صدرها لكى لا تتشبه بالحرائر , واما ان تختبىء داخل كتلة ثقيلة من الملابس صيفاً وشتاءاً خوفاً من الأذى الذى طال حرائر المدينة , برغم انتهاء التمايز الطبقى الذى شرع الحكم على اساسه , لكن كيف وأمثال برهامى ووجدى غنيم يثيرهم حتى شعر المرأة المكشوف !!

الأختلاط أيضا حرام , والرسول صلى الله عليه وسلم يصرح بالاختلاط فى مسجده النبوى , فيقول ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) , بل كانت النساء تصلى خلف الرجال مباشرة وروى البخاري في صحيحه عن سهل قال :"كان الرجال يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم عاقِدِي أُزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان ويقال للنساء لا ترفعن رؤسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا", أى علي النساء التأخر قليلا حتى لا تظهر عورة الرجال أمامهم , ثم ماذا عن المرأة التى جادلت عمر بن الخطاب فى مسجد النبى فى مسألة المهر ! , أكان صوتها عورة ! أم كان الاختلاط حراماً ؟! .

الصورة المثالية والمزايدة المستمرة والتى خلقت فينا حالة القبيلة , كلنا نشعر بالخطيئة , والانسان منا أصبح محطم نفسيا , من أنا مقارنة بهؤلاء الناس فى صدر الاسلام ؟ ..
فى حين يظهر التاريخ انهم بشر طبيعيون , يخطئون ويتصارعون على السلطة ومنهم مبشرين بالجنة , يعانى مجتمعهم من امراض ومشاكل والرسول يتصدى لها ويقدم الحلول المدعومة بالوحى الالهى , ثم أبو بكر وعمر والامام على , الكل كان يحاول أن يصلح ويتدبر الأمر وينظر فى المسائل التى تجد على حياة المسلمين ..

ظهر فى هذا المجتمع انحرافات سلوكية , فبعد عودة الجيش بعد فتح خيبر الى يثرب , يحدثنا الواقدى فى المغازى عن ام عمارة قالت سمعت رسول الله بالجرف وهو يقول / لا تطرقوا النساء بعد صلاة العشاء , قالت فذهب رجل من الحى فطرق اهله فوجد ما يكره , فخلى سبيلها ولم يهجر وضن بزوجته ان يفارقها وكان له منها اولاد وكان يحبها ,فعصى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فرأى ما يكره " 1 "
ويتأكد نفس المعنى عن رواية مثيلة عن سعيد بن المسيب قال : لما نزل النبى صلى الله عليه وسلم المعرس أمر مناديه فنادى لا تطرقوا النساء , فتعجل رجلان , فكلاهما وجد مع امراته رجلا " 2 "
وواضح ان الامر كان قد تكرر بشكل ملحوظ فعاد الرسول يقول : حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة امهاتهم وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين فى اهله الا نصب له يوم القيامة فقيل له : هذا خلفك فى اهلك فخذ من حسناته " 3 "
ولما زاد الأمر عن الحد خطب الرسول فى الناس وقال : الا كلما نفرنا غازين فى سبيل الله , خلف احدهم له نبيب كنبيب التيس , يمنح احدهم الكثبة ؟ , اما والله ان يمكننى الله من احدهم لانكلنه عنه " 4 "...

وهنا يظهر مجتمع طبيعى بانحرافاته السلوكية , والرسول يحاول أن يعالج المشاكل التى تواجهه , وهو يضع فى اعتباره كل الاسباب الاجتماعية التى قد تسبب تلك الانحرافات , حيث لم تكن كنوز فارس قد دخلت خزينة بيت مال المسلمين بعد وان استمر التمايز الطبقى حتى بعد اتساع الدولة وكثرة ثرواتها , وظل عديد من الشباب من غير القادرين على تحمل تكاليف الزواج وهم يرون الأموال والعبيد تتدفق على جزيرة العرب وتتراكم ثروات البعض , وحالهم لا يتغير كثيراً ..

كان هذا حال المجتمع الاسلامى الأول , ليس مجتمعاً مثاليا ولكن مجتمعا انسانيا طبيعيا , يتطور وفى تطوره حركة جدلية للامام , يتفاعل بشكل مرن مع مشاكله ويحاول ان يبحث عن حلول , لا يدعى مثالية ليست لبشر يخطئون , وكان المسار على نهجه الى ان صارت ملكاً لبنى أمية , ومن أفتى لهم من كهنة السلطة ليقدم لنا نسخة صماء من الدين لا تتفاعل مع متغيرات الحياة ..
بينما تتقدم البشرية خطوات للامام , ينهار الاقطاع فى كل مكان وتصعد البرجوازية بقيم الحرية والمساواة , والمسلمين جزأ من العالم يتأثرون بالقيم الجديدة , فيولد جيل جديد على فطرة الحرية والمساواة وهو لا يقبل كما لا تقبل معه البشرية أن نعود خطوة للوراء , ثم تتعثر الثورة الوطنية فى مصر من ايام عرابى حتى هزيمة 1967 التى ضربت الثورة فى مقتل , وتظهر التيارات الدينية بقوة لتتمكن من الشارع وتبدأ فى نسج عقلية القبيلة فى قلب المدينة الصناعية , وبين شعب مستقر منذ 7000 عام , وبين ارجاء حضارة زراعية , ومن هنا كان رد الفعل على فتاوى الشيخ ياسر برهامى ...

لكن لماذا عارضت العقلية القبلية فتاوى برهامى ؟ لنرى ..

كانت فتوى الشيخ برهامى الأولى التي أجاز فيها ترك الزوجة أو الأم للمغتصبين حال كان في الدفاع عنهما يعرضه للقتل، مبررًا أن الحفاظ على النفس مقدما على العرض معتمدا على كلام الإمام العز بن عبد السلام -رحمه الله- في كتابه: "قواعد الأحكام في مصالح الأنام"، وهو إنما ذكر وجوب تقديم المال لحفظ النفس ..
والغريب أن منطق برهامى هنا قبلى واضح , فما قبل الاسلام كانت المرأة تورث تتساوى فى ذلك مع ما يملكه الرجل من حيوانات أو أموال او غيره , ولكن الاسلام أبطل ذلك بل وجعل للمرأة حق فى الوراثة , ورأى عموم علماء المسلمين رداً على برهامى من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم انه من مات دفاعا عن عرضه فهو شهيد , وهنا كانت العقلية القبلية التى تسبب فيها التيار الدينى نفسه , تساير تعاليم الاسلام التقدمية هنا وتقبلها وتفضلها على ما جاء به الشيخ برهامى ..

فى حين كانت الفتوى الثانية المثيرة للجدل بأن قتل الزوج لزوجته وعشيقها حال التلبس بوقوع الزنا يكوت بشرط رؤية الفـَرْج في الفَرْج , أى بشرط أن يدخل ذكر الرجل فى فرج المرأة كدخول المرود فى المكحلة ..
وهناك قصة المغيرة ابن شعبة مع أم جميل , حيث أن الشهود على المغيرة بن شعبة بالزنا لما شهدوا به عند عمر بن الخطاب ، وهم أبو بكرة ، ونافع ، ونفيع ، وزياد ، فأكد بذلك كل من أبو بكرة ، ونافع ، ونفيع ، أى دخول ذكر المغيره فى فرج أم جميل كدخول المرود فى المكحلة , أما زياد فقال له عمر : قل ما عندك ، وأرجو أن لا يهتك الله صحابيا على لسانك . فقال زياد : رأيت نفسا تعلو ، أو استا تنبو ، ورأيت رجلاها على عنقه كأنهما أذنا حمار ، ولا أدري يا أمير المؤمنين ما وراء ذلك ، فقال عمر : الله أكبر . فأسقط الشهادة ولم يرها تامة .
وهنا تظهر فتوى الشيخ برهامى صحيحة ومطابقة للشريعة بل وفيها من مرونة الاسلام فى ايجاد الأعذار حتى لا يطبق الحد على الناس , فى حين رفضت العقلية القبلية تعاليم الاسلام نفسه هذة المره ..

والمشكلة ان التيار الدينى نفسه وهو الذى ورث النسخة الصماء من الدين , زرع فى نفوس الناس رفض كل فكرة جديدة , لان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار , ثم انك حينما تتعامل مع قبيلة فلا تنتظر الا مواقف تنم عن العصبية والغضب والرغبة فى الثأر والمزايدة بالاحساب والانساب , فما بالك بقبيلة تدعى انها شعب , أو شعب يلبس جلباب القبيلة , فى الحالة الأولى ثار لعرضه وهو محق ووافق تعاليم الاسلام وفى الحالة الثانية ثار لعرضه أيضا وخالف تعاليم الاسلام , بل ربما اعتبرها بدعة ..
فى حين يثور لقيم المساواة ويرفض العبودية , ويرفض أن يصدق بأى حال ان امتلاك الجوارى والعبيد ليس حراماً , وليس أن النظام نفسه الذى يحل ذلك هو من سقط , لكننا أمام حالة تمتزج فيها قيم القبيلة وقيم البرجوازية الصناعية , لتخلق كيان مشوه , ومدينة مشوهه لا هى مدينة البرجوازية والعمال ولا هى قرية , هى حالة مزعجة من الفوضى ..
لو كان متاحاً فتح باب الاجتهاد فى الدين لحل مشاكل الناس لكان المجتمع تخلص من تلك الحالة الصماء , لكن من صنع هذا التشوه ؟
حينما تحدث الدكتور سعد الدين الهلالى عن زواج المتعة , هاجمه الجميع فى حين ان الرجل تحدث بالمنطق حينما قال ان المجتمع نفسه يوافق على الزواج العرفى وربما ما لا يقل عن 20% من المصريين يمارسون هذا الزواج فى السر مع ان الهلالى نفسه يرى فيه شبهة حرام , لكن القبيلة ستزايد على الهلالى ببساطة , هل ترضاه لبنتك ؟! , وربما يتراجع الرجل كما تراجع الكثيرين قبله , خوفا من بطش العصبية القبلية ..
المهم والمطلوب ان لا جديد يأتى من الدين , عليه أن يبقى قالبا متصلبا لا يتغير , فى حين نجد الأمام على يرد فى هذة المسألة ويقول " لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي " , لكن ما كان اجتهادا لعمر بن الخطاب صار قانوناً أبدياً , ومن يخرج على الاجماع فهو كافر ...

فى النهاية أتوقف عند كلمات صادق النيهوم , حين يقول ( إن الإسلام لا يضطهد المرأة بل الإقطاع هو الذي يضطهد الإسلام, ويشوه سمعته, ويربطه بنظمه البدائية, ويحيله من دستور لضمان صوت الناس في التشريع والإدارة, إلى فلسفة غيبية, لا هم لها سوى زخرفة الكلام, وتقديم المبرّرات لحاكم غير شرعي, لكي يسرق المال, ويستعبد الرّجال, ويسبي "ربّات الحجال", بالحلال, بالحلال بالحلال ) " 5 "

المصادر والمراجع /
1/ ابن كثير / البداية الجزأ الرابع ص 219
2 / ابن قتيبه / عيون الاخبار , دار الكتب العلمية بيروت , الطبعة الاولى 1986 .
3 / ابو داوو / السنن , الجزأ التانى ص 7 و 8 .
4 / صحيح مسلم / الجزأ التالت , ص 1319 .
5 / د . صادق النيهوم من مقال " المسلمة لاجئة سياسية " .
6 / موقع اسلام ويب على الأنترنت .
7 / ( 1 - 2 - 3 - 4 ) سيد المقنى , حروب دولة الرسول الجزأ التانى , الطبعة التانية , ص 135 .



#وليد_سامى_واصل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد سامى واصل - الرفيق ياسر برهامى