سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 4436 - 2014 / 4 / 27 - 08:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
احد الاخوة احتج لما كتبته عن ان الناس فى المجتمعات الطائفيه هم طائفيون .و حسب رايه انى وقعت فى التعميم ,و هذا التعميم الذى اشار له كان امر قصدته تماما . لانى اعتقد انه اذا ما وضعت فى طعام الناس ماده معينه على مدار اجيال فمن الطبيعى لهذه الماده ان تصبح جزءا من جسم الافراد. الامر لا علاقه بالحكم القيمى على هذه المجتمعات, بقدر ما هو سعى لفهم مدى و تاثير الثقافة الطائفيه على الافراد.و لذا و مع الاحترام لللاصوات التى تدعو لنبذ الطائفيه و تدعو للتسامح , فانا اعتقد ان الامر اكبر و اخطر بكثير مما نظن و يظنون .نحن نتحدث عن ثقافة مغروسه و متاصلة فى الانسان منذ الصغر, و يتم تقويتها اكثر من خلال المؤسسات التعليميه و الدينية و التسيييس و التجييش الطائفى , و لا يمكن ان نلوم الشخص هذا, لانه ضحيه ثقافة ملوثه تسمم تفكيره بدون ان يشعر .و اكثر من ذلك فان تسييس هذه المشاعر من قبل المستفيدين من رجال السياسة او الدين يقوى منها الامر الذى يجعل اقتلاعها امر صعب.
.و عندما اتحث عن الطائفيه فانى اعنى مجموعة القيم المتوارثة التى تمدح الذات الطائفيه اى ال (نحن ) و تكفير الاخر(هم) و التنزيل من شان ما يؤمن به الاخر, تحت شعار (اننا ) الافضل . و هذه المشكلة قد لا تكون خطرة فى ايام السلم لكنها تصبح قاتلة فى زمن الازمات , و يصبح من السهل حينها تجييش الناس ضد بعضهم البعض لانهم مهياوؤن فكريا .
و ما اراه الان من جدالات دينية يجعلنى مقتنعا ان تغيير العقل الطائفى الى عقل لا طائفى مسالة تحتاج جيلين على الاقل, خاصة فى الاقطار التى ابتليت بهذا الداء.ففى اوروبا مثلا التى عانت الكثير من الطائفيه حصلت حروب كثيره و صراعات طويله بين العقل الدينى و العقل الفلسفى لاجل الخلاص منها, و لم يكن الامر سهلا للخلاص من هذه الافة المدمره لللاوطان و المجتمعات .
.
و لهذا السبب كتبت اكثر من مره ان الشغل الحقيقى يجب ان يكون على تنظيف التاريخ من كل ما من شانه ان يعمق المسافه بين الطوائف المتصارعه .
و الشغل التالى يكون من خلال التعليم الذى يجب ان يكون تعليما وطنيا يقدم رواية واحدة و متساوية للجميع بدل وجود روايات متصادمه او متعارضه .
لكن الشغل الاهم ينبغى ان يكون فى حقل السياسه حيث يتم تنميه الثقافه الوطنيه و الانتماء للوطن بكل تنوعاته, و الذى لا يمكن تجسيده الا فى دولة المواطنة المتساويه للجميع, و التى لا تسمح ابدا لرجال الدين حشر انوفهم فى شؤونها .
كل هذا يحتاج لاكثر من جيل و لوقت طويل و عمل و جهد كبير تقوده نخب وطنيه متنوره من خلال مشروع ثقافى سياسى, يتم من خلاله ضرب مرتكزات و بيئة و ثقافة الفكر الطائفى بالتدريج لصالح ثقافة وطنية ذات طبيعة متسامحة و ذات بعد انسانى .
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟