Depleted Uranium and Authority
Crimes
طلبت سلطات بغداد من منظمة الصحة العالمية التحقق من أسباب حدوث إصابات
سرطانية وتشوهات خلقية بأطفال حديثي الولادة و أمراض أخرى غير معروفة سابقاً
في العراق , مدعيةً أن سبب ذلك استعمال قوات الحلفاء في العام1991 أثناء حرب الخليج
الثانية, لقنابل تحتوي على مادة اليورانيوم المنضب , هذا الادعاء صدر مثله عن
الحكومة الإيطالية بإصابة ثلاثة من جنودها العاملين ضمن قوات حفظ السلام في البوسنة
التابعة للأمم المتحدة , بمرض سرطان الدم , بسبب تعرضهم لليورانيوم المنضب الموجود
في مثل تلك القنابل ضمن ذخيرة قوات حفظ
السلام...
بناءً على ادعاء الحكومة الإيطالية قامت منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوربي
وحلف الناتو والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا -صاحبة الادعاء- ووفداً من 13
خبيراً من منظمة البيئة العالمية والجمعية الملكية البريطانية , قامت كل من هذه
الجهات كل واحدة على حدة بإجراء الفحص والتحليل والبحث ولم يثبت لأي منهم وجود أية
علاقة بين الإصابات المذكورة وبين اليورانيوم المنضب , وخاصة تصريح البروفيسورة
فاليري بيرال بتاريخ 22-5-2001 حين أعلنت فيه من أنها وضمن
مجموعة من علماء الجمعية الملكية البريطانية ونتيجة للبحوث التي اجروها ,
احتمال وجود تأثير لليورانيوم المنضب على الإنسان , كما أن منظمة البيئة العالمية
كانت قد أصدرت في شهر آذار تقريراً تشير فيه إلى عدم وجود أضرار على الصحة والبيئة
من استعماله , علماً إن وزارة الدفاع البريطانية بينت إن معدل إصابات السرطان بين
جنودها العاملين ضمن قوات حفظ السلام في البوسنة كان مساوياً لأولئك العاملين في
أماكن أخرى لا توجد فيها مثل هذه القنابل , و أعقب ذلك تأكيد الولايات المتحدة
الأمريكية-الدولة الصانعة لهذه القنابل- عدم وجود تأثير على الصحة من اليورانيوم
المنضب لكون نسبة الإشعاع فيه مساوية للموجود في الهواء والتربة بالطبيعة.و لعدم
وصول العلماء إلى حقائق علمية قاطعة بتأثير اليورانيوم المنضب على الإنسان والبيئة
, فقد أُعلن عن فتح فريق تابع للأمم المتحدة تحقيقاً في تأثير اليورانيوم المنضب
Depleted Uranium على البيئة في البوسنة , حيث سيعمل علماء من برنامج التنمية
التابع للأمم المتحدة مع الخبراء البوسنيين ما إذا كان استخدام هذه الذخيرة شكل
مخاطر على الصحة البشرية وسبب تلوثا للتربة والنباتات والمياه أم لا . أعلن
ذلك بيكا هافيستو – كبير خبراء البرنامج – في مؤتمر صحفي عقده في سراييفو
بتاريخ 15/10/2002 , وأضاف بأن الدراسة ستركز على تقييم التأثيرات القصيرة والطويلة
الأجل الناجمة عن استخدام هذه الذخيرة , ووضع التوصيات اللازمة لتفادي وقوع أي
مخاطر محتملة
.
بغض النظر عن مدى صحة هذه النتائج ومدى صدقيتها وما يحتمل من غايات قد تقف
وراءها , أو عما ستسفر أليه أية فحوصات مستقبلية بهذا الشأن... لابد أن نعيد
للأذهان ما قامت به سلطات بغداد وما حصل من ظواهر وحالات في العراق , قد يكون لها
علاقة بهذه الأمراض , على أمل أن تأخذ الجهات ذات الاختصاص والهيئات الدولية
المعنية ومنظمة الصحة العالمية ذلك بعين الاعتبار حين قيامها بالبحث والتحري عن
أسباب تلك
الأمراض...
*** ضمن اعترافات العراق إلى لجنة
اونسكوم , اعترافه بإجراء تجارب في العام 1987على قنبلة مشعة (القنبلة القذرة) ,
والتي يؤدي التعرض لإشعاعها الإصابة بأمراض سرطانية قاتلة , من المعروف إن
سلطات بغداد لا تعلن ولا تحذر المواطنين عن إجرائها لمثل هذه التجارب , كما إنها لا
تُعَلْم و لا تؤشر منطقة التجارب ولا تعلن عنها باعتبار مثل هذه المناطق محرمة
لخطورة التلوث من الإشعاعات أو المواد الكيماوية أو الجرثومية الموجودة فيها من
بقايا التجارب .
إن الأمراض التي تسببها القنبلة القذرة تظهر بعد
فترة طويلة من تعرض الإنسان لإشعاعها, وهذا ما حدا بسلطات بغداد غض النظر عن
تصنيعها بسبب ضـئآلة تأثيرها الآني عند
تفجيرها.
*** نهاية السبعينات وبداية
الثمانينات أجرى نظام بغداد تجارب كيماوية على عناصر من الجيش ومن الجيش الشعبي ,
ومن جملة ما تحدث عنه البعض منهم , قيامهم بالمرور ركضاً داخل خيمة عسكرية , وفور
اجتيازها يصابون بإعياء شديد و تقيؤ وغيبوبة , كما أجرى النظام تجارب بالمواد
الكيماوية على السجناء والمحتجزين من المعارضة وعلى البعض ممن يطلق سراحهم على أمل
أن يموتوا ببطء في بيوتهم , مثلما حصل مع المواطن عبد الأمير المنصوري أحد
قادة حزب الدعوة في البصرة , فبعد ظهوره مطلع الثمانينات على شاشة التلفزيون ,
مدلياً باعترافاته , تم إطلاق سراحه بعد زرقه بمادة كيماوية قاتله , أدت إلى
وفاته ببطء في بيته , بعد إصابته بهزال حاد وتساقط شعره وتهرؤ جلده ,
إن سلطات بغداد مستمرة بإجراء التجارب على السجناء حتى يومنا هذا, ولتأكيد ذلك ,
نشير إلى المواطن مهدي سيد عبود حيث توفي بعد شهر من إطلاق سراحه بعد تساقط شعره
وهزال حاد في جسمه بسبب زرقه بمادة كيماوية بداية العام 2001 في مديرية الأمن
العامة الكائنة بمنطقة البلديات في بغداد , كما أجرت سلطات بغداد مطلع شهر حزيران
2002 تجارب كيماوية على عدد من السجناء السياسيين بعد نقلهم من سجن أبو غريب إلى
معتقل خاص تابع للمختبرات الكيماوية والجرثومية في الحبانية , وهؤلاء السجناء
هم فاضل عبود حسن, إبراهيم على الماجدي , محمد منعم رمضان , رائد طاهر عبد
السلام و عمران عمر طه , وأخضعت هذه السلطات كل من غائب ليث باقر من مواليد 1956
الثورة/بغداد و كاظم عبد المجيد من مواليد 1960 الشعلة/بغداد للتجارب الكيماوية في
سجن الرضوانية , و لتأريخه لم بعرف مصيرهما و الاثنان كانا متهمين باغتيال مسؤول في
حزب البعث , علماً إن سلطات بغداد و في الآونة الأخيرة , ولغرض عدم افتضاح
أمرها, أخذت تقوم بدفن من أُجريت عليه التجارب حياً. إن حالات التصفية للمعارضين
ولحاملي أسرار اتصالات البعث وارتباطاته السرية كانت ضمن النهج الذي قررته قيادته
قبل الشروع بانقلاب 1968 ولتأكيد ذلك نشير إلى مذكرات حردان التكريتي وبغض النظر عن
صدقيه عائديه كاتبها الصحيح ما إذا كان حردان أو غيره , فأنها كتبت في حينها و أكدت
صحتها سلوكية سلطة البعث والأحداث اللاحقة لهذه المذكرات , وما يعنينا هنا هو
استعمال القتل الكيماوي إلى جانب كواتم الصوت و الصدم بالسيارات كان نهجاً
ثابتا لهذه السلطة منذ الأيام الأولى لسلطة البعث , نذكر هنا بمحمد
حسين المهداوي أحد الضباط البعثيين و المساهمين الأساسيين في انقلاب 8 شباط/1963 و
أحد أشرس الدمويين في لجان التحقيق مع الشيوعيين , لقد اعتقل محمد حسين المهداوي
عام 1970 بزنزانة انفرادية ساموه فيها أقسى أنواع التعذيب وسوء المعاملة , بتهمة
اتصاله بأجهزة خارجية , وبعد مرور 4 سنوات تقريباً أطلق سراحه فجأة في العام 1973 ,
ليموت ببطء في داره بعد فترة قصيرة من إطلاق سراحه , لقد استعمل نظام بغداد
الأسلحة الكيماوية في حربه مع إيران كغاز الخردل وغاز الأعصاب ’ تابون
’ وغاز ’سارين ’ . وفي كثير من الأحيان استعملها والجيشين
العراقي والإيراني في حالة اشتباك أو تداخل مما شهدت الكثير من المستشفيات العراقية
جنود عراقيين مصابين بأسلحة كيماوية عراقية , يضاف إلى هذا كله , الجريمة البشعة
التي ارتكبها هذا النظام ضد شعبه , حين ضرب بتاريخ 1988.3.16 مدينة حلبجة
ومناطق سيوسينان وبادينان وباليسان في كردستان العراق بالأسلحة الكيماوية , والتي
لا يمكن التكهن بعدد الأجيال التي ستتوارث تأثيراتها
.
*** وزعت سلطات بغداد المواد
الغذائية على المحافظات التي انتفضت
ضدها
في آذار 1991 بنوعيات رديئة جدا ً, وخاصة مادتي الطحين
والرز
لاحتوائها على مواد غريبة وبرائحة
كريهة.
***ظهرت حالة بيع الأدوية على الأرصفة بعد انتهاء حرب تحرير الكويت ,
بعد سرقتها من المستشفيات و المذاخر والصيدليات خلال أيام الانتفاضة , ومن ثم استمر
تعزيز توفرها على الأرصفة لأكثر من ثمانية سنوات عن طريق تسريبها من المستشفيات
بواسطة شبكات تخصصت بهذا العمل. إن بيع الأدوية على هذه الشاكلة يشكل خطراً على
الصحة لوجود كثير منها ذو خطورة عالية وكما يعرف ذلك المختصون , يضاف إلي ذلك
الخطورة الناجمة عن انتهاء مدة صلاحية الدواء أو تلف البعض منها بسبب خزنها في
درجات حرارة غير مناسبة أو توصيفها من قبل باعة جهلة بكميات ونوعيات غير
مناسبة.
*** فجرت القوات العراقية 700
بئراً نفطياً فعالاً ومنتجاً في حقول الكويت عند انسحابها, نتج عنها حرائق هائلة
وسحب دخان كثيف غطت سماء جنوب العراق والدول المجاورة بما تسبب بتلوث بيئي
خطير.
*** بُعَيد الانتفاضة سممت سلطات
بغداد اهوار الجنوب بهدف تشتيت وترحيل سكانها, لاحتماء الكثير من عناصر المعارضة
بينهم بعد فشل الانتفاضة , وقد تسببت عملية التسميم في هلاك الكثير من الأحياء
المائية والحيوانات وتسرب هذه السموم إلى شط العرب حيث تصب فيه مياه الأهوار ,
علماً أن كثيراً من توابع محافظة البصرة تستعمل مياه شط العرب للشرب وسقاية
المزارع.
*** أصدرت سلطات بغداد في العام
1991 تعليمات بدفع مكافأة مجزية للمواطنين عن قيامهم بجمع المعدات والآليات
والأسلحة والألغام التي تركها الجيش العراقي على طول طريق انسحابه من الكويت وفي
مناطق تواجده بالجبهة , وقد قام المواطنون من أهل الجنوب بالبحث عن هذه المتروكات
في الطرق والصحارى والبوادي وحيثما كان يتواجد أو مر منها الجيش العراقي , وقد تم
جمع أعداد هائلة من هذه الأسلحة والمعدات والألغام وقد قتل الكثير او بترت
أطرافهم عند محاولة نزع الألغام بسبب من عدم توفر الخبرة والمعرفة لديهم لمثل هذه
الأعمال , وقد سُلِم ما تم جمعه إلى مراكز استلام خاصة واستلام المكافأ آت , إن
سلطات بغداد لم تكترث إلى احتمال تعرض هؤلاء المواطنين المدنيين إلى التلوث بالمواد
الكيماوية أو البيولوجية أو أية إشعاعات خطرة قد تكون موجودة في أماكن تواجد
الأسلحة والمعدات التي يقومون
بجمعها.
*** عند بدأ موسم الشتاء من كل عام
تحط في اهوار الجنوب الطيور المهاجرة هاربة من برد أوربا خاصة الشرقية منها حيث
تغطي الثلوج كل مصادر غذائها, وخلال تواجدها في الاهوار يتم اصطياد أعداد كثيرة
منها وتسويقها إلى المحافظات الجنوبية , كون لحومها مرغوبة هناك , الملاحظ إن سلطات
بغداد لم تصدر أية تعليمات أو أوامر تمنع فيها اصطياد واكل لحوم هذه الطيور حين
جاءت مشبعة بالإشعاعات النووية التي غطت سماء أوربا بسبب كارثة شيرنوبل عام
1986
.
*** خلال فترة حرب تحرير الكويت ,
كانت القوات العراقية تخزن اعتدتها وبضمنها أسلحة كيماوية وبيولوجية في المدارس
ورياض الأطفال في المحافظات الجنوبية , أما بعد مباشرة لجان التفتيش الدولية
أعمالها بحثاً عن أسلحة الإبادة الجماعية , قامت سلطات بغداد بتحميل أسلحة كيماوية
وبيولوجية على شاحنات مدنية و إيقافها بين المناطق السكنية أو تدويرها داخل المدن
وبين المحافظات , كما ألقت نفايات خطرة جداً في الصحراء , ألقت براميل مواد كيماوية
في نهري دجلة والفرات وقد أكد هذه المعلومات العالم النووي العراقي الدكتور حسين
الشهرستاني, يضاف إلى ذلك التلوث النووي والكيماوي بمياه بحيرة الرزازة وسط العراق
بسبب من وجود منشأ آت نووية عند هذه البحيرة وإجراء التجارب وإلقاء نفايات ملوثة
إشعاعيا من هذه المنشأ آت إلى مياه البحيرة , كما طرحت فضلات مشعة في نهر دجلة جنوب
بغداد في العام 1991 بعد فشلها في صنع قنبلة نووية من الوقود المحروق.ناهيك
عن منشآت نووية مقامة على ضفاف نهر دجلة شمال بغداد في منطقة الطارمية
وعلى بعد أمتار من محطة تصفية ومعالجة مياه شرب منطقة الكرخ ,
دون مراعاة المسافة المحددة والتي يجب أن لا تقل عن عشرة أميال بين أية
منشأة نووية وبين اقرب محطة معالجة مياه في مخالفة صريحة للمواصفات الدولية
المعتمدة.
*** يوجد في العراق اكثر من 1500
طن نفايات نووية مشعة صلبة واكثر من 1250 متر مكعب نفايات مشعة سائلة تعرضت للقصف
خلال حرب الخليج الثانية , لم تتخذ سلطات بغداد اية تدابير بشأنها لحماية المواطنين
والبيئة بشكل عام من أضرارها
الخطيرة.
*** لا يخفى أن التقدم في الصناعات النووية
والكيماوية والبيولوجية يستوجب مستوى متقدم أيضا في مستلزمات الأمان والسلامة
الصناعية والصحية وما تتطلبه من مهارات عالية جداً تفوق في كثير من جوانبها ما
تتطلبه الصناعة المستهدفة... إن إدارة التصنيع العسكري لا تعرف من هذه المفردات ,
سوى العصا...!!! فلم تلتزم هذه الإدارة بأي من منشأ آتها بشروط السلامة الصناعية
ووفق المعايير الدولية المطلوبة لمثل هذه الصناعات الخطيرة ...كما إنها لم تعتمد أي
نظام لمعالجة المياه الملوثة الصادرة من أي من منشأ آتها, واعتمدت تصريف هذه المياه
الملوثة في نهري دجلة والفرات وشط العرب والبحيرات (إضافة إلى ما يطرح فيها من مياه
الصرف الصحي لغالبية مدن العراق , و المياه الملوثة من منشأ آت وزارة الصناعة) ,
وقد سبق لطه ياسين رمضان أن رفض خلال السبعينات معالجة فضلات مياه معمل
الأسمدة الأول المقام على شط العرب بمنطقة أبو فلوس والتي تسببت في حينه بموت
الأحياء المائية المختلفة في شط العرب , بقوله في مقابلة
تلفزيونية ( أيعقل إيقاف معمل الأسمدة
بسبب موت بعض اسماك شط العرب؟!!!) , إن مشكلة تلوث مياه العراق
استفحلت في السنوات الأخيرة بعد إكمال تركيا لسدودها على
روافد دجلة والفرات مما أدى إلى شحت المياه فيهما, حيث انشغل بطل
العرب الأول قبلها, ولمدة ثماني سنوات
, بحماية (البوابة الشرقية) ناسياً ومتناسياً(
البوابة الشمالية) , منبع دجلة والفرات , منهلا الحياة وديمومتها على ارض الرافدين
, إن نسبة التلوث والشوائب في مياه العراق تجاوزت بشكل كبير جداً النسب المحددة
دولياً, لتركزها بسبب شحت المياه وتحول نهري دجلة والفرات إلى نهري بزل في
فترة ذروة انخفاض مياههما. كما نؤكد هنا إن العراق يعاني ومنذ نهاية السبعينات من
نقص حاد من مادة (الكلورين السائل) الأساسية في معالجة مياه الشرب , إذ تُنتَج
كميات قليلة منها وبشكل عرضي في معمل الحرير الصناعي بالحلة , وقد حُجزت هذه
الكميات للتصنيع العسكري , وكانت سلطات بغداد تستورد هذه المادة من الأردن وألمانيا
وقد تلكأ الاستيراد من هذين المنشأين خلال الثمانينات , بسبب شروط الدفع المؤجل ,
التي طلبت سلطات بغداد تطبيقها عند عقد الاتفاقات أو العقود التجارية , دون مراعاة
لأهمية المادة المستوردة , بالوقت الذي أعفيت مواد التصنيع العسكري من هذه الشروط .
هناك دراسة رفعت أوائل الثمانينات إلى وزارة الصناعة , تؤكد على أهمية
إنشاء معمل لإنتاج الكلورين , معتبرةً هذه المادة ستراتيجية , لعلاقتها بمياه
الشرب للمواطنين , وإنتاج النفط حيث تستعمل لمعالجة مياه الحقن في المكامن النفطية
للمحافظة على معدلات ضغطها لديمومة تدفق النفط منها ( إن حقن أو ضخ مياه غير معالجة
بشكل صحيح , يتسبب في ظهور بكتريا داخل المكمن النفطي تؤدي إلى غلق مسامات الطبقة
الإسفنجية التي يتواجد فيها النفط وبالتالي تدمير المكمن و توقف إنتاج النفط
, إن قانون الحفاظ على الثروة الكاربوهايدراتية يعاقب بالإعدام لحالات إهمال مثل
هذه ) , وكذلك حاجة الكثير من المنشآت الصناعية المدنية والعسكرية للكلورين, فأن
سلطات بغداد لم تول الأمر أية أهمية , ولتأريخه لم يتم إنشاء معمل لإنتاج
الكلور ين السائل (بإستثناء معمل انشئ للتصنيع العسكري لإنتاج الكلورين مع مادة
كيماوية أخرى في الفلوجة لغرض تصنيع أسلحة كيماوية ) لقد شرب المواطن العراقي ,
ولفترات متكررة , خلال العشرين سنة الماضية , مياه ملوثة و غير معقمة ,
دون علمه , وخاصة بعد حرب الخليج الثانية و دون أن تطلب سلطات بغداد منه أن يقوم
بتعقيم مياه الشرب بالوسائل المتاحة لديه . فلم يُسمع من هذه السلطة إنها
أذاعت بياناً أو نشرت إعلاناً يشير إلى هذه الحالة
.
بقي على من سيتولى إجراء
الفحص أن يتحقق من عدد الولادات المشوهة والأمراض غير المعروفة بين أهالي
تكريت و العوجة قياساً بمثيلها في بقية مناطق
العراق . .. اعتقد أن النتيجة ستذهله حينما يتأكد له إن
الولادات المشوهة و الأمراض غير المعروفة لم تحصل في هاتين المدينتين سوى بنسبها
الطبيعية , بينما يجدها منتشرة بشكل غير طبيعي في معظم أنحاء العراق ومركزة
في منطقتي الجنوب وكردستان!!! وكأن إشعاع القنابل المنضبة لم يكن
مؤثراً بشدة إلا على العراقيين من سكنة هاتين المنطقتين من العراق المعروفتين
بمعارضتهما للسلطة الحاكمة في بغداد.وسيذهل العالم حين يتوصل إلي حقيقة الدور
القذر لسلطة بغداد في معظم ما حصل بالعراقيين من أمراض لم تكن معروفة سابقاً
وما حصل لنساء العراق من الإجهاض المبكر والولادات المشوهة , ولتأكيد هذا الدور
القذر , نذكر بالأفلام التي أنتجها البريطاني غوين روبرتس في العام 1988 عن
حالات الولادات المشوهة و أمراض السرطان التي ازدادت وبشكل مفاجئ في كردستان
العراق , وكذلك ما أوردته كريستين غودسن الطبيبة البريطانية الأخصائية في علم
الوراثة والأستاذة في كلية الطب بجامعة ليفربول , ضمن تقاريرها عن بحوثها في
كردستان في العام نفســــه (1988) حول ظاهرة
الولادات المشوهة وحالات العقم بين نساء ورجال كردستان و أمراض السرطان التي شكلت
ظاهرة ملفتة للنظر بسبب من الزيادة الكبيرة جداً في نسبتها قياساً بالحالات
الطبيعية... في ذلك الوقت لم يكن اسم اليورانيوم المنضب قد دخل ضمن
مفردات الأعلام , ولم يكن قد استعمل كسلاح من قبل أي دولة في العالم...إلى
أن أدخلته سلطة بغداد بعد حرب تحرير الكويت ضمن مفردات قاموسها الدعائي ,
لتغطية كل جرائمها الكيماوية والبيولوجية , السابقة واللاحقة بحق الشعب
العراقي وتعليقها على شماعة اليورانيوم المنضب...
وأخيراً وليس اخراً ...إن مادة
اليورانيوم المنضب تستعمل في صناعة القذائف المضادة للدروع و كذلك في صناعة صفائح
الدبابات والمدرعات لمقاومته القذائف المضادة للدروع ويستعمل أيضا لحفظ توازن السفن
والطائرات بسبب ثقله فهو اثقل من معظم المعادن و هو مشع بنسبة ضئيلة ضمن الحد
المقبول صحياً , إلا أن خطورته تكمن عند انفجار قذيفته حال اختراقها لجسم صلب حيث
ينفجر حينها اليورانيوم المنضب مكوناً سحابة دخان وغبار سامين بسبب من الإشعاع
المتولد مع سحابة الدخان... لقد استعمل الحلفاء حوالي 300 طن من اليورانيوم
المنضب في حرب الخليج الثانية كان معظمها ضد الدبابات العراقية في صحراء
الكويت بما سمي لاحقاً بمقبرة الدروع العراقية , واستعمل جزء منه ضد كتيبة
دبابات عراقية قريبة من منطقة الخميسية بمحافظة الناصرية , بمعنى آخر إن الكويتيين
اكثر تعرضاً للإصابة بالسرطان وحالات الإسقاط والولادات المشوه والأمراض غير
المعروفة مما عليه في البصرة أو الناصرية... إلا انه ولتاريخه لم تشر أية تقارير
لحالات مثل هذه الأمراض في الكويت , في الوقت الذي أخذت سلطة بغداد و فور انتهاء
الحرب في العام 1991 ربـط ظهور هذه الأمراض بحرب عاصفة الصحراء وكأن
هذه الأمراض هي نوع من الزكام ينتقل بالعدوى خلال ساعات أو أيام , بينما تؤكد
تقارير الأخصائيين إن أمراض السرطان والأمراض المشابهة الأخرى تتطلب عدة سنوات
لتظهر على الإنسان
...
قد تمر أجيال تعاني من تأثيرات التلوث... ما كان منه منضباً أو غير
منضب... بعثياً أم أمريكيا... فالاثنين استهدفا الشعب العراقي وليس أحدهما الآخر ,
والقادم من الأيام سيُحّمِل كل طرف مدى مسؤولياته وحجمها في استعمال مواد الإبادة
الشاملة و الأسلحة المحرمة
دوليا...!!!
نوري العلي – كوبنهاكن