أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - والغازي العثماني - درايات نساء منطقة تيغسالين في صناعة الزربية التقليدية















المزيد.....

درايات نساء منطقة تيغسالين في صناعة الزربية التقليدية


والغازي العثماني

الحوار المتمدن-العدد: 4435 - 2014 / 4 / 26 - 20:28
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


مقدمة إشكالية
يلعب الوسط الطبيعي أهمية بالغة في إعطاء المجالات المغربية نوع الأنشطة المهيمنة على كل مجال، وقد كان للإنسان عبر التاريخ درايات بكيفية تدبير مجاله قصد ضمان العيش والحفاظ على الوسط لتحقيق الاستمرارية، هذا شأن المناطق الجبلية التي تعتمد بشكل عام على الأنشطة الرعي زراعية وكل ما يتفرع عنها كنشاط الزربية التقليدية. تشكل منطقة تيغسالين أهم المواقع الجغرافية الملائمة لاحتضان نشاط الزربية التقليدية، فقد تراكم هذا التراث في هذا الوسط، و شكل وما زال أحد الأعمدة الاقتصادية والاجتماعية والفنية ونتيجة لمختلف التحولات الوطنية والدولية، فقد أصبح لزاما أن تتكيف الزربية التقليدية مع هذا التحول للحفاظ على استمراريتها.

1ــ درايات النساء في صناعة الزربية التقليدية بمنطقة تيغسالين.
تتوفر بمنطقة تيغسالين موارد طبيعية مهمة كالصوف، الذي يعتبر المادة الأساسية لصناعة المنسج، ويعود الفضل في توفر المنطقة على هذه المادة إلى وجود مراعي هامة وحضارة رعوية عريقة استقرت بالمنطقة. والمنسج كنشاط نسائي يتطلب قوة جسمانية هائلة، والصوف لوحدها تتطلب مسلسل طويل ومعقد ابتداء من موسم الجز في شهر ماي حيث تلتجئ النساء بشكل جماعي في الصباح الباكر إلى الأودية المجاورة ( دونة، سرو) لغسل الصوف فوق صخور كبيرة مسطحة ويبدأن بضربها حتى تصير رطبة وبعد ذلك يتم تمددها فوق الصخور، وبفعل حرارة الصيف المرتفعة تجف الصوف تحت أشعة الشمس الحارقة ليتم حملها في المساء إلى منازلهن.
بعد عملية الغسل تبدأ عملية تحويل الصوف كلما سمح للنساء الوقت بذلك، حيث تكون العملية الموالية تفكيك الصوف بواسطة آلة تقليدية تسمى "القرشال" الذي يسهل عملية تحويل وتمديد الصوف إلى خيوط بواسطة آلة تقليدية خشبية تسمى " إزدي"، كل ذلك يتم في فصل الصيف لتأتي مرحلة الصباغة الطبيعية في فصل الخريف، وقلنا طبيعية لأن النساء يحضرنها من مواد نباتية محلية كنبات ثروبيا وقشرة شجرالبلوط الأخضر للحصول على اللون الأحمر ونبات الجاج وغيرها من النباتات للحصول على ألوان مختلفة. مرحلة الصباغة تتم بخلط مستخلصات النباتات مع الخيوط في إناء ضخم مليء بالماء فوق النار، وبعد الحصول على الألوان المناسبة تترك الخيوط فوق جذور النباتات والأشجار حتى تجف وبعد ذلك تقوم النساء بعملية تركيب المنسج عبر عمليات هندسية دقيقة ومضبوطة ويكون العمل بين النساء بالتناوب والتعاون بعيدا عن منطق الربح المادي. ما إن تنتهي النساء من هذه العمليات حتى يحل فصل الشتاء حيث تقل أعمال النساء في الخارج، ليصطفن وراء المنسج ويكون عدد النساء حسب طبيعة وحجم المنسج، إذ الزربية المعقدة والضخمة تحتاج إلى حرفي ماهر يسمى" أمزداو"، الذي يقوم بعملية التوجيه ومد النساء بالخيوط.
الزربية التقليدية لوحة فنية تتضمن رموزا متنوعة "إلقيظن" تمرر فيها المرأة شعرها وكل ما لا تستطيع المرأة البوح به، ومن أهمها رمز " الهات"، "إلي"، "عاودلي"، " ثوغمسث نثاغاط" ... إنها رموزا تخاطب الطبيعة بشكل عام، أما الزربية التي يطغى عليها اللون الأحمر " إيشظف"، فهي تدل على الحب، وتخصص للضيوف الأعزاء كتعبير عن قمة الترحيب والاستقبال، كما تهديها العروسة لعريسها كرسالة صامتة تمرر فيها مشاعرها لزوجها.
يتم من خلال المنسج معرفة الفتيات الأكثر إبداعا وعطاء وبالتالي فهن المحظوظات للزواج، أما غير الفتاة غيرالمتعلمة لصناعة المنسج فغالبا ما يتمحور عليها شعر وأغاني النساء ك " مرداتوزضى الكسوث خف إفكاكن أتقيمث أثاحيوط أورتيليث ثينم" ومعناه " لو تتم صناعة الكسوة بالمنسج لبقيت الحمقى بدون كسوتها"، لذلك كان التنافس حادا بين الفتيات والنساء في إظهار الإبداع والجديد، والأنكى من ذلك أن التنافس يتجاوز حدود القبيلة الواحدة، حيث كانت قبائل المنطقة تتنافس أثناء الحفلات الوطنية لتزيين الخيم بالزرابي التقليدية، إذ تقوم كل قبيلة بتزيين خيمتها بالزرابي التقليدية لإضفاء الطابع الجمالي للخيمة، وهو ما يضفي نوع من التنافسية بين نساء القبائل في الإبداع الفني.
إلى جانب المميزات الثقافية والاجتماعية للزربية التقليدية، فهي كذلك احتياط اقتصادي للعائلة، تنفرذ به النساء لكسب المال وغالبا ما تصرف في شراء الحلي ومختلف حاجياتهن حسب الوضعية السوسيواقتصادية للعائلة.
1ــ التحول الذي مس الزربية التقليدية بمنطقة تيغسالين
ساهمت مجموعة من العوامل في تراجع مكانة الزربية التقليدية بالمنطقة، حيث تم إغراق السوق بالزربية العصرية الجاهزة رغم رداءة جودتها إلا أن انخفاض تكلفتها المادية ساعد الساكنة على تجهيز المنازل بالمنتوجات العصرية ، من جهة أخرى يعد تراجع الخلف من العوامل الرئيسية في تراجع نشاط الزربية التقليدية، وذلك بسبب اللجوء المتزايد للفتاة إلى المدرسة وتزايد ظاهرة الهجرة القروية نحو المراكز الحضرية المجاورة، الشيء الذي أدى إلى ظهور العمل التعاوني لإنقاذ الزربية التقليدية من التلف، وفي هذا الصدد تم تأسيس تعاونية تهتم بهذا النشاط " تعاونية إيسمون للطرز والخياطة والنسيج"، سنة 2003، وجعلت من التضامن والتعاون بين النساء هدفها الأول وذلك قصد ضمان استمرارية الزربية التقليدية باعتبارها إحدى المكونات الثقافية بالمنطقة، جذير ذكره أن هذا الاهتمام جعل التعاونية تتجه في منحى الاقتصاد التضامني والاجتماعي، (وجود شرط الحاجة والهوية) والتي تنوع من منتوجاتها حسب طلب السوق، إذ أنها تتوفر على منتوجات تلاءم الفئة المحدودة الدخل والفئة المرتفعة الدخل، أما التسويق فغالبا ما يكون في عين المكان، وبعض المعارض المحلية والجهوية والوطنية، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود إكراهات تهدد بقاء واستمرارية التعاونية، من أهمها ارتفاع تكاليف التسويق والمنافسة من الزربية العصرية وكذا محدودية هامش الربح اليومي بسبب اختلاف مجهودات النساء في العمل ( نساء مؤهلات وغير ذلك) إضافة إلى عامل الخلف. ورغم الاكراهات التي تواجهها التعاونية ، فإنها تبقى مبادرة توفر دخلا قارا ــ رغم محدوديته ــ لعدد مهم من النساء ( 32 شغيلة) .
خاتمة
تعد الزربية التقليدية بالمنطقة إبداع فني ووثيقة تاريخية تحمل في طياتها رموزا تحتاج إلى التفكيك والتأويل، باعتبارها من المكونات الحضارية التي تنقل لنا حقائق إرث الماضي من ثقافة وتاريخ وجغرافيا، بالمقابل فهي خزان المعلومات والأسرار لذا نرى أن دور المؤرخ في تحليل هذه الوثيقة يبقى محتشما، إذ من خلالها يمكن إعادة كتابة تاريخ الثقافة الأمازيغية بشكل عام بعيدا عن تشويهات وطمس التاريخ الرسمي للثقافة الأمازيغية، وبواسطة البحث يمكن للزربية أن تسترجع هيبتها ومكانتها التاريخية في التنمية.



#والغازي_العثماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات عامة حول واقع البيئة بمنطقة تيغسالين -الأطلس المتوسط ...
- عندما تكرس الفلاحة المسقية الفوارق المجالية والاجتماعية في ا ...
- الرعي وانعكاساته على المجال بالأطلس المتوسط


المزيد.....




- انطلاق معرض قطر الدولي للسياحة بأكبر مشاركة في تاريخه
- بنوك السودان تستعد لاستبدال العملة
- وزير النفط الايراني : لسنا قلقين بشأن الصادرات النفطية 
- تقرير: أنباء التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبن ...
- استمرار صادرات الغاز الإيراني للعراق وفقا لما هو مخطط له
- الهجمات الإلكترونية تكبد الشركات البريطانية 55 مليار دولار ف ...
- المملكة المتحدة تفرض عقوبات على شركتي تأمين روسيتين
- كيف تحولت إنفيديا من شركة متواضعة لرقائق الألعاب إلى الأعلى ...
- وزير الاقتصاد اللبناني لـ-الحرة-: نتانياهو لن يطلق أي رصاصة ...
- سعر الذهب اليوم الإثنين 25-11-2025


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - والغازي العثماني - درايات نساء منطقة تيغسالين في صناعة الزربية التقليدية