أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - المصالحة مناورة فاشلة















المزيد.....

المصالحة مناورة فاشلة


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 4435 - 2014 / 4 / 26 - 12:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحاول محللون تفكيك لغز اتفاق المصالحة بين فتح وحماس المعلن يوم 23 ابريل، يوما واحدا بعد وصول وفدي الحركتين إلى غزة. الشعب الفلسطيني المعتاد على خيبات الأمل من كلا الفريقين المتمسكين بالسلطة من جهة والمستمرين بملاحقة عناصر الحركة الغريمة، لا يعوّل آمالا كبيرة على الاتفاق. وبينما هناك وضوح عام بالنسبة لما يقد ينجم عن الاتفاق، هناك شكوك حول الظروف التي قادت الى اتفاق غريب لا تزال تفاصيله مبهمة.
قبل الاعلان عن اتفاق المصالحة اجتمع ابو مازن مع الصحافة الإسرائيلية وتوعد بأنه في حال فشلت المفاوضات سيقوم بحل السلطة الفلسطينية. في تصريحاته التي احتلت العناوين الرئيسية في اسرائيل قال ابو مازن انه "إذا واصلت إسرائيل اتباع سياستها الراهنة إزاء السلطة الفلسطينية فإنها ستضطر إلى تسليم صلاحياتها"، وأضاف: "المفاوضات هي أساس وجود السلطة الفلسطينية، ولكن إن فشلت المفاوضات فليأخذها نتنياهو ولتتحمل إسرائيل مسؤولية شعب تحت الاحتلال وتقوم بواجباتها تجاه هذا الشعب".
لا شك أن ما يقوله ابو مازن هو أمر منطقي واستنتاج لا بد منه بعد ان اتضح ان السلطة الفلسطينية اصبحت غطاءً للاحتلال ولتوسيع الاستيطان لدرجة جعلت مهمتها الأساسية، وهي إقامة الدولة، أمرا فارغا من مضمونه. ولكن مما لا شك فيه أيضا ان ابو مازن غير جاد في تهديده. تدل على ذلك التصريحات المتناقضة لرموز السلطة خاصة بعد تهديد الادارة الامريكية بوقف المساعدات الامريكية للسلطة في حال القيام بهذه الخطوة. فقد سارع صائب عريقات، رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، لتهدئة روع القلقين على مصير السلطة وصرح لوكالة فرانس برس: "نحن لا نتحدث عن حل السلطة الفلسطينية.. ولا احد يتحدث عن حلها من قبل الجانب الفلسطيني".
كان هدف ابو مازن من تهديده الضغط على الجانب الاسرائيلي ليستجيب للشروط التي وضعها لتمديد المفاوضات لمدة تسعة أشهر إضافية، وبينها الافراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى وبينهم فلسطينيي الداخل وترسيم الحدود ووقف الاستيطان. ولكن بعد يوم واحد من هذا التصريح الذي عصف بالرأي العام الاسرائيلي، تم الاعلان عن الاتفاق مع حماس، الأمر الذي ردت عليه اسرائيل بتعليق المفاوضات.
ما الذي جعل الطرفين الفلسطينيين يهرولان لإعلان الاتفاق في هذه الظروف تحديدا؟ دوافع حماس واضحة، وأساسها الحصار الذي يفرضه نظام السيسي عليها، والذي يعتبر أسوأ من الحصار الاسرائيلي. فقد أدخلت مصر حماس إلى قائمة الارهاب، وباتت تعتبر عدوا للنظام المصري مثل الاخوان المسلمين. إغلاق معبر رفح من جهة وردم الأنفاق من جهة أخرى من قبل النظام المصري، قد يقودان الى انفجار في غزة ضد نظام حماس بعد ان أصبحت الحياة في غزة لا تطاق. من هنا، تعتبر المصالحة مع أبو مازن، المقرّب من النظام المصري، مثابة تأشيرة لإعادة فتح معبر رفح الذي يربط بين غزة وسيناء، وهو المعبر الذي اشترطت مصر فتحه بإعادة السيطرة عليه إلى السلطة الفلسطينية.
اما بالنسبة لابي مازن، فهذه فرصة مواتية لإعادة سيطرته من جديد على غزة مستغلا ضائقة حماس المحاصرة من كل الجهات: اسرائيل، السعودية ومصر، إضافة الى فقدانها حلفائها الأساسيين، النظامين السوري والإيراني.
لفهم مغزى الاتفاق هناك أهمية قصوى للتوقيت والسرعة اللذين تم بهما. فقد تم التوقيع على الاتفاق قبل أيام معدودة من موعد انتهاء المفاوضات مع اسرائيل المحدد في 29 ابريل وفي ظل مساع جادة لإعادة تمديدها لتسعة اشهر إضافية. دخلت حماس الى سباق مع الوقت، لأنها ما كانت لتحتمل المزيد من الوقت تحت الحصار وفي وضع من الكارثة الانسانية التي تعيشها غزة.
اما أبو مازن فأدرك عبث المفاوضات مع حكومة نتانياهو وخشي أن يقود الاستمرار فيها الى القضاء على ما تبقى من رصيد فتح السياسي. ولا يعني هذا انه يدير ظهره للمفاوضات، كلا، بل ما يريده هو العودة لغزة وإعادة سيطرته على المعبر، وبذلك يعرض مكسبا ملموسا في حين يمتنع نتانياهو عن إعطائه أي مكسب.
عمليا، حصل الطرفان على مرادهما، فحماس استطاعت وقف المفاوضات (ولو مؤقتا)، اما فتح فستعود الى غزة من جديد. اذن فالصفقة لا تبشر بخير كثير للشعب الفلسطيني، لأنها تعبّر عن التقاء مؤقت في المصالح بين الطرفين، ولا تعبر عن برنامج موحّد لمواجهة الاحتلال. فحماس تعارض مبدئيا المفاوضات مع اسرائيل، وترى انها: "تهدف لتصفية القضية الفلسطينية ورموزها، وان فيها مخاطر حقيقية على قضيتنا وشعبنا ومستقبل أجيالنا"، كما قال رئيس حكومة حماس اسماعيل هنية. اما ابو مازن فيصر على طريق المفاوضات للوصول الى الدولة ويدرك انها سبب وجود السلطة الفلسطينية، ووقف المفاوضات سيقود ببساطة لوقف الدعم من قبل الدول المانحة مما يعني انتهاء حركة فتح كمشروع سياسي وكسلطة. عمليا يسعى ابو مازن ليثبت للأمريكان ان حماس اضطرت للقبول برؤية فتح، وسيكون هذا نجاح باهر لابي مازن وهزيمة نكراء لحماس ودون شك ضربة معلم من قبل فتح.
اشارة معينة لضعف احتمالات تنفيذ الاتفاق نجدها في القرار الاسرائيلي الاكتفاء بتعليق المفاوضات وليس بإنهائها، وذلك بعد أن عبرت الاجهزة الامنية الاسرائيلية عن شكوكها في احتمال تنفيذ الاتفاق بين فتح وحماس. ما يعزز هذا التقييم هو ما كشفه موقع ynet الاسرائيلي الذي أكد ان "الاجهزة الامنية الاسرائيلية أوصت بفرض عقوبات معتدلة على السلطة، وانه رغم العقوبات الاقتصادية الا ان التنسيق الامني الشامل مستمر ومثله الاجتماعات الدورية بين ضباط الجيش الاسرائيلي في شعبة الضفة الغربية ونظرائهم الفلسطينيين". بمعنى، ان التنسيق الأمني مع اسرائيل والاستمرار بملاحقة عناصر حماس والجهاد يبقى في رأس اعتبارات السلطة، والشرط الاساسي لبقائها.
هذه المصالحة ليست سوى مناورة فاشلة ستعمق الانقسام والازمة الخانقة التي يمر بها الشعب الفلسطيني. فحماس وصلت بمقاومتها المسلحة إلى طريق مسدود بعد ان جلبت الويلات على الشعب وعلى رأسها الحصار والتجويع، اما فتح فتتخبط سياسيا بين حل السلطة والوحدة الانتهازية والتنسيق الامني، ولا توفر أي وسيلة لتحقيق غايتها البقاء في السلطة. ولكن الوقت ليس في صالح أي من الأطراف، فالمصالحة ستفشل والمفاوضات مع نتانياهو ستقود لمزيد من الاستيطان، ولا شيء يمكن ان ينقذ فتح وحماس من غضب واستياء الشعب الفلسطيني.
اختتم مقالي باقتباس من مقال آخر للكاتب الفلسطيني أسعد غانم نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية في 25 ابريل: "هل فعلاً لا يمكن حل السلطة؟ والجواب هو بالنفي: طبعاً يمكن حل السلطة، وذلك يكون فقط من خلال مشروع شعبي فلسطيني يمهد لقلب المبنى السياسي الحالي ويقوم به الشارع الفلسطيني عبر التحكم في الوضع السياسي وإعلان حل النظام، كما حدث في بلدان الربيع العربي. هذا يعني أننا أمام مشروع وطني فلسطيني شامل وطويل الأمد يتطلب العمل على بناء قيادة موحدة وشاملة للشعب الفلسطيني وبديلة للقيادة الحالية، وذلك من خلال إجراء انتخابات شاملة، وليس من خلال إعادة تقسيم الكعكة الوطنية، كما يتم في محادثات المصالحة في غزة الآن." هذا كلام لا غبار عليه.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهزلة التفاوض حول الأسرى الفلسطينيين
- ما سر حب نتانياهو لبوتين؟
- سوريا، أوكرانيا ومصير الأسد
- كيري يتلاعب بمصير سورية وفلسطين
- يهودية الدولة والسلام عليكم
- نعم للثورة - لا للدستور
- امريكا تتراجع وإسرائيل تنعزل
- الانتخابات المحلية تكشف عمق الكارثة في المجتمع العربي
- أوباما تائه والأسد ضائع
- على الأسد الرحيل!
- عباس يقود الفلسطينيين الى الجحيم
- انقلاب بغطاء ليبرالي
- مصر أضاعت طريقها
- يسقط يسقط حكم العسكر!
- المستوطنات هي -شظيّة في المؤخّرة الإسرائيليّة-
- انتصار الأسد في القصير يعجّل في تفكّك سورية
- الربيع التركي يخلط كل المفاهيم
- وزير الماليّة الاسرائيلي لپيد ضدّ العمّال
- أوباما يعلن توبته لنتنياهو
- سنتان للثورة السوريّة: “إمّا الأسد أو الخراب”، شعار يحقّق ذا ...


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - المصالحة مناورة فاشلة