محمد ليلو كريم
الحوار المتمدن-العدد: 4435 - 2014 / 4 / 26 - 12:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل من الممكن أن نعتقد بوجود ديمقراطية ما لم تكن متكاملة ؟
سأطرح السؤال بوضوح أكثر :
هل تقتصر الديمقراطية على المنجز السياسي فقط ؟
هل يُعتبر المنجز السياسي منجزا" أن تحقق لوحده دون تحقق منجزات في باقي جوانب النظام الديمقراطي؟
هكذا نتعلم الديمقراطية , فكما أن السياسة ممارسة أكثر منها علما", فالديمقراطية أيضا" تتكامل بالممارسة , ونتعلمها بالممارسة , وبالتحديد نحن نتعلم ونتفهم ( النظام ) الديمقراطي , إذ لسنا ( كمواطنين ) نتعامل مع الديمقراطية كمبحث علمي , أو دراسة تخصصية , أو جدلية فلسفية , فعموم المواطنين ( أغلبية الشعب ) تمارس الديمقراطية - تتعلم الديمقراطية , وليس الأساس في هذا التعامل التخصص والبحث المنهجي والدراسة المؤسساتية , فعامة الشعب تمارس الديمقراطية كأقتراع أولا", وحرية رأي ثانيا", وتظن أن هذه الممارسة توفر لها حكم أفضل , وزيادة في توفر المصالح , ويبقى التخصص والبحوث والدراسات شأن اكاديمي ثقافي تخصصي لا ينال اهتماما" كبيرا" من عامة المواطنين , وإن كانت نسبة أكبر من مواطني الدول المتقدمة تهتم بالديمقراطية بشكل أعمق بخلاف مواطني الدول الأقل تقدما", ونتسائل : هل يكفي أن نمارس الديمقراطية وفق الصورة التي ألفناها منذ أول انتخابات برلمانية جرت في العراق ؟
ونطرح السؤال بصيغة أخرى :
هل فهمنا وتعاملنا مع الديمقراطية يُعتبر فهما وتعاملا" صحيحا" نطمأن لنتائجه المستقبلية ؟
هل تكفي الممارسة , أو هلى يكفي أن نستمر في شكل ممارستنا للديمقراطية , أم نحتاج الى أكثر من مجرد ( الممارسة ) ؟
لا شك أن نضج النظام الديمقراطي يعتمد على النضج في وعي الشعب , وفي تبلورنظام سياسي ديمقراطي يتكون من حزب حاكم وآخر معارض مع تبدل الادوار ( الفوز والخسارة في الانتخابات ) , وأيضا" يحتاج النظام السياسي لثوابت دستورية وثقافية , ويحتاج لمثبتات تتكون من المنظمات العميقة ( كاللوبيات - منظمات الضغط) والايديولوجية العليا التي تستطيع تحريك إدارة النظام الديمقراطي في مساحة لها عمق ومدى معين , العمق الداخلي , ومدى التعامل مع الخارج , ويجب أن يتكيف الشعب مع هذه النواظم , أي أن الشعب يحتاج الى أكثر من ( مجرد ) ممارسة الديمقراطية , أنه يحتاج الى فهم أعمق للنظام الديمقراطي , مما يتطلب آداء جماهيري متوافق مع النظام الديمقراطي القائم , في نصفه الظاهر , والباطن , والنظام الديمقراطي ليس لعبة بدائية تلهو بها فتيات عذراوات في سني البرائة الأولى , وأنا لا أتحدث عن ملائكة وشياطين , وموضوعنا لا يتعلق بالدين .
لا يقوم النظام ديمقراطي على الركيزة السياسية فقط , وليس من الممكن انجاز النظام الديمقراطي سياسيا" فقط , فالمنجز السياسي لوحده يبقى بلا فائدة , ولا نتيجة ايجابية من وراءه , فإن تمت الانتخابات , وعبرنا مرحلة الاقتراع والتصويت , وتشكل البرلمان والحكومة , واستتب الوضع السياسي , وانتهى الى خير , فللجوانب الإدارية والاقتصادية والتشريعية والأمنية دور محوري موازي لدور السياسة في استمرار حركة الدولة , وستتوقف هذه الحركة إذا ما كانت المنجزات سياسية فقط , حتى أن للشأن الثقافي , والوعي , والفهم المتحضر , دور يدخل في محور حركة الدولة , فعامة الناخبين الذين يُعولون على المنجز السياسي فقط سيُصابون بخيبة أمل وصدمة حقيقية عنيفة بعد أن تجاهلوا مسائل الاقتصاد والإدارة والتشريع , ولم يُميزوا بين برنامج انتخابي واقعي ونموذجي وآخر بعكسه , وهولاء العامة من الناخبين , أن كانوا أغلبية , سيُطيحون بالعملية السياسية , ويتسببون بأنهيار اقتصادي ومؤسساتي وحتى أمني , وبالتالي ستنهار الدولة , وسبب هذا الانهيار ناتج عن أن النظام الديمقراطي سمح للأغلبية من المواطنين بالإمساك بزمام الأمور وخولهم بناء شكل الدولة السياسي , مع أن هولاء الاغلبية غير مؤهلين للقيام بهكذا دور تأسيسي , فلماذا سمح النظام الديمقراطي لهولاء الأغلبية بالتحكم بمصيرهم ومصير الدولة ومستقبل الاجيال القادمة ؟ . . .
أن جواب هذا السؤال مشروع طرح سأنشره في وقت لاحق راجيا" أن أساهم في بلورة نظام ديمقراطي عقلاني , وعلى كل حال فأنا مواطن ولي الحق في ابداء رأيي . . . .
أمام ناظري الآن كتاب يحمل عنوان ( المغامرة الديمقراطية في العراق 1) يقول الكاتب في الصفحة 22 (( المغامرة مستمرة , ولكن الخيار الشعبي وانحسار الخيارات الأخرى بل وانعدام وجود خيار آخر يجعل استمرار الديمقراطية قائما" وإن ظلت الديمقراطية العراقية عليلة وهشة وعلى وشك السقوط , . . . , على أن توقنا لتكريس الممارسة واستعدادنا لمتابعة المغامرة حتى شواطيء النجاح سيجعلنا في وضع يرفض فكرة التراجع على الاطلاق )) ويقول في الصفحة 20 (( الديمقراطية تعتمد على الخاسرين فإعترافهم بنتائجها يمهد للناجحين الأرضية للأنطلاق , ...., والأمر يعتمد بدرجة اساس على الطبقات القائدة والزعامات المتصدية )) ويقول في الصفحة 18 (( البيئة الداخلية متهرئة والتناحر والتنابز يضرب كل المكونات , لم يكن هناك استثناء ظاهر وحاضر ! لا توجد جهة أو واجهة أو طيف أو طائفة منسجمة متحدة ! الانقسام العميق يضرب مكونات البلد الاساسية ليشمل الرأي العام بصورة عامة )) ..
من الأفضل أن نقلب الاستشهادات فنبدأ من الثالث وننتهي بالأول , فالمغامرة الديمقراطية في العراق مغامرة انتخابات ,وكل أربع سنوات تتجلى وتنجلي مغامرة أخرى تحبس الأنفاس وهكذا دواليك الى أن ينعتق المجتمع من جحيم انغلاقه على أزماته التي تشغله فيلتفت الى الجوانب الأخرى من النظام الديمقراطي ولا يهتم بالجدل الاقتصادي والثقافي والقانوني , وأنى له ذلك والملايين يعانون الأمية أو ردائة التعليم , والفقر وتدني الخدمات , وهيمنة ثقافة اجتماعية وسياسية كرست الخجل من الانصياع لشروط ومتطلبات النظام الديمقراطي , وأنى لنا الانعتاق من هذا ( الخجل ) . . .
ليس من السهل أن يتعامل السياسي العراقي بمرونة مع متطلبات الديمقراطية , وكذلك المواطن العراقي , والصعوبة تكمن في الثقافة السائدة والموروثة , وفي انماط ثقافتنا الكثير من التعصب للرأي الشخصي والخيار الشخصي والمقدس الشخصي , ومفاهيمنا تحوي الكثير من الأفكار والمعلومات المنغلقة التي تحتاج الى اعادة تقييم , واعادة التقييم يتطلب تلقي وعي جديد , والوعي الجديد يتطلب ذهن منفتح , ولن ينفتح الذهن ما لم تكت هناك رغبة حقيقية للتغيير ونبذ المعهود من فهم وسلوك , وحينما نتحدث عن هذا الموضوع فنحن نتحدث عن دوامة عنيفة مظلمة ليس من بادرة تلوح في الأفق تُنبيء عن نهايتها وحلول عصر جديد من الاستقرار والتطور , وإذا ظل المجتمع عاجز عن الخروج من هذه الدوامة العنيفة المظلمة فلن نعرف غير الديمقراطية السياسية , والسياسية فقط , التي لا تضم غير الحراك السياسي , وقد تم الإطاحة بإقتصاد الدولة , وتم الإطاحة بقانون الدولة , وتم الإطاحة بمدنية الدولة , وتم الإطاحة بالفن والتعليم والثقافة بكل ألوانها , وتم الإطاحة بالحضارة , وتم الإطاحة بالمواطنة , وتم الإطاحة بالمؤسسات , ولست أدري ؛ حقيقة" لست أدري ؛ هل يحق لنا أن نعتبر الدولة العراقية قائمة أم لا ؟؟؟...
استغلت النخب السياسية حالات الأمية ورتابة الثقافة في المجتمع فابتعدت عن اجهاد نفسها بطرح برامج اقتصادية وتعليمية وثقافية ومدنية لا بأس أن تضم مقاطع من برامج عالمية ناجحة حققت طفرات نوعية وتحولت الى دروس تُقرأ في الاكاديميات والمحافل العلمية والمؤسسات الدولية المختصة , وهكذا برامج نوعية عالمية لم تكن لتتحقق ما لم يظهر في المجتمع متخصصون وعلماء وباحثون وعقلول متميزة , ومواطنون من نوعية جيدة أسهموا في بناء النظام الديمقراطي , فليس من نظام ديمقراطي يقوم بلا مواطنين( يُشاركون ) في تشييد بناءه , وهذه المشاركة تسمى ( فضيلة المواطنة ) , وقد طرح المختصون السؤال حول :( كيف يتم تحقق فضيلة المواطنة 2) وللإجابة عن هذا السؤال المهم , والمهم جدا", اتخذ المختصون عدة طرق للإجابة تراوح بين جواب فلسفي وآخر يدخل في سياق العلم - اجتماعي وثالث ضمن السياق السيكولوجي , وجرى تحديد روح المواطنة ( باعتبارها سلوكا" واعيا"وفعالا" خاصا" بالشخص باعتباره كائنا" يملك العقل ومساهما" في المدينة 3) .
لقد تقدمت الحياة البشرية وأُضيفت لها مكتشفات ومتطلبات جديدة لم تكن مألوفة , ومع تقدم الحياة تتفاقم التجربة الانسانية , أو مجموعة التجارب الانسانية , ولم يعد هناك من جانب ومجال وعلم وفكر منعزل وبعيد , فنحن اليوم في العراق نستخدم البطاقة الالكترونية للمشاركة في الاقتراع العام , في حين أننا قبل عقد من الزمن كنا لا نتصور بديل لرئيس الجمهورية , وأمام هذا التقدم والتطور نجد انفسنا كمواطنين مطالبين باللحاق ومواكبة التقدم والتطور العالمي , فصار من الضروري أن نشارك بفعالية في النظام الديمقراطي ونتفاعل مع كل جوانب هذا النظام فلا ينحسر اهتمامنا على جانب واحد دون الباقي , ولندخل في موضوعنا الذي نقصده :
كلنا يعرف أن للدول تحالفات تفرضها المصالح ومسألة موازين القوى , والدولة التي ليس لها حلف مع دولة أو أكثر ستعاني من سطوة وضغط التحالفات الدولية , ولنا في سوريا مثال ما زال قائما " رغم الدعم الكبير الذي تتلقاه المعارضة من عدة دول بينها دول كبرى , ولكن تحالف نظام الحكم السوري مع ايران وهي لاعب مؤثر في الشرق الاوسط , ومع حزب الله المسلح بقوة والمنتشر في لبنان وخارجها , هذا التحالف جعل من سوريا مواجه قوي لا يُستهان به , ولا يسقط بسهولة عكس النظام العراقي السابق المطاح به في 2003 , وقد سقنا المثال السوري كمقدمة لمثالنا البسيط , وهو بسيط لوضوحه :
في ظل شكل النظام الديمقراطي القائم في العراق المرتكز على المحاصصة والتوافق لن يكون التحالف مع دولة أو عدة دول قريبة أو بعيدة بالأمر الممكن , فلكل طرف في العملية السياسية عقيدة وتوجه وانتماء يفرض عليه قبول ورفض التحالفات التي تبرمها الحكومة مع دولة أو مجموعة دول , ولن يكون المواطنون بعيدون عن هذا الرفض والقبول , ومن الممكن أن ينقسم الشعب انقساما" حادا" في حال ابرام تحالف مع الخارج مع أن الحكومة هي الممثل الشرعي لمصالح الشعب , ولكن الحكومة في واقعها الذاتي تعاني من أزمة اعتراف بوجودها وشرعيتها في نظر الشركاء السياسيين وقطاع واسع من المواطنين لأسباب دينية !!!! .... فكيف يتسنى لرجل الدولة الشيعي ابرام تحالف مع ايران الشيعية واعلان هذا الحلف بوضوح وعمق في ظل رفض قوي وممانعة عميقة من قبل السياسي السُني وناخبيه , وحتى إذا ابرم السياسي الشيعي تحالفا" مع السعودية فلن نتوقع اتمام كامل وناجز لهذا التحالف , ناهيك عن الرأي العام للمواطنين الشيعة , وبالمقابل ؛ يضل السياسي السُني مقيدا" بالقيد الثنائي نفسه الذي يُقيد السياسي الشيعي , فهو لن يُغضب طائفته بتحالف واضح وعميق مع ايران , ولن يُنجز تحالفا" نُسميه ( وطنيا") مع السعودية , وكذلك الحال بالنسبة للتحالفات مع دول العالم الكبرى , فكل ما يُرضي الشيعة لن يُرضي السُنة , وكل ما يُرضي السُنة لن يُرضي الشيعة , فرفض التحال يأتي من باب بغضا" بالآخر , فالانقسامات الطائفية تضرب في اعماق المكونات وتُحدث تشققات مستمرة وتباعد متواصل , ولن نتمتع بتحالف واضح وعميق يتوافق عليه كل العراقيين ويلتزمون بشروطه ويؤدون متطلباته , وأن هذا الموضوع جد مهم وخطر , بل هو خطر للغاية , فالشعب يتحكم بمصير التحالفات وهو يُجهض كل حلف قبل تشكله ويُطيح به مما جعل العراق منعزلا" عن التحالفات الكبرى ومميزاتها , وطوائفه تُقيم تحالفات من موقع الضعف لا القوة , فتحالف الطوائف مع القوى الخارجية هو بالحقيقة تبعية مذلة وارتماء أعمى وقبول بتدخل خارجي قصده الهيمنة , بينما التحالف الذي تُقيمه الدولة بمؤسستها الحكومية هو التحالف الصحيح الحافظ للمصالح الوطنية .
عند الاطلاع على اشكال التحالفات الواضحة والعميقة يبرز لنا مثالين مميزين , أحدهما يجمع ايران بحزب الله اللبناني , والآخر يجمع الولايات المتحدة الامريكية بإسرائيل , والمثالين يُظهران التزام مقدس بالحلف , وهذه القدسية دفعت الرئيس الايراني السابق محمود احمدي نجاد لإلقاء خطبة ثورية لاهوتية على أراضي حزب الله في جنوب لبنان على مرمى البصر من القوات الاسرائيلية المرابطة على الحدود , والتحالف المقدس بين امريكا واسرائيل يجعل واشنطن تتفانى في مسألة الحفاظ على أمن وتفوق الدولة العبرية , ولنا أن نستشعر موقف شعوب امريكا واسرائيل وايران والجمهور الشيعي اللبناني , فليس هناك من مظاهرات محددة حرجت الى شوارع ايران للمطالبة بفك الارتباط بحزب الله مع أن ايران تضم طوائف وأديان غير الشيعة , ولم نسمع بموجة كبيرة وواسعة من الجماهير الامريكية تطالب بقطع التواصل مع اسرائيل رغم أن امريكا تضم ألوان وأطياف وقوميات ومهاجرين وأديان ..الدولة ومؤسستها الحكومية في كِلا المثالين تتحكم بقضية التحالف وشكله ووضوحه وعمقه ولا يُسبب هذا انقسام حاد وواضح وعميق في جسد الشعب الى درجة لا يمكن السيطرة عليه . . .
أن المنجز السياسي , وأن كان الفعال لوحده في العراق , إلا أنه منجز منغلق على نفسه يكاد أن يختنق وليس من متنفس خارجي , وإذا كانت التحالفات شأن مهم , فأن الانقسام في النسيج الجماهيري العراقي يدحض هذه الأهمية ويرفع من متطلبات الانقسام وحضوره فيجعله أهم من الشأن المهم , فلا تحالف كامل وناجز , ولا حلفاء حقيقيين نطمأن لعلاقتنا معهم ونأمن على مصالحنا وأمننا , وكيف لنا أن نتقدم خطوة نحو القوة وهذه الطامة الكبرى ترافق عمليتنا السياسية , وتلتصق بالثقافة الطائفية الجماهيرية ؟؟...
كل ما تحدثنا حوله يتعلق بمتطلبات النظام الديمقراطي , وموضوعة التأثير السلبي للأنقسام في الشعب العراقي على اتمام تحالفات واضحة وعميقة مع الخارج مسألة غاية في الخطورة ولا يحق للنظام الديمقراطي أن يتجاهلها وخاصة حين يكون في بداية نشأته , فحتى الدول التي تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤن الاقليمية والعالمية ترتبط بتحالفات وعلاقات مع تكتلات دولية لتحمي مصالحها وسيادتها , وكذلك هناك من الدول المستقرة يصب استقرارها في مصلحة دول كبرى , ودول أخرى تحافظ على قوتها وتفوقها عبر التزام دول كبرى بدعم هذا التفوق والقوة , ولهذا الالتزام شروط تلتزم الدولة المتفوقة بها لتحافظ على تفوقها .
أن التحالفات والعلاقات مع الخارج لا تتعلق بالشأن العسكري أو السياسي فقط , فللاقتصاد والتكنولوجيا والثقافة وتبادل الخبرات شأن مهم لا يُستهان به , وكلما أضيفت للتحالفات والعلاقات عناصر أكثر كلما كان الحلف والعلاقة أكثر تماسكا", ويبدو أن بريطانيا تثاقلت عن حماية الحكم الملكي في العراق لهذا السبب 4, إذ نعتقد بأنها وصلت الى نتيجة لا جدوى ومصلحة من دعم نظام الحكم العراقي الذي لم يكن بمستوى ألتزام دول الخليج التي وفرت النفط والاستثمار وثقافة جماهيرية تقبل التواصل مع الخارج بموازات عناصر التحالف والعلاقة العسكرية والسياسية , ومن شروط قبول التحالف أن يكون الطرف المتحالف بيئة مستعدة للالتزام بمتطلبات الحليف , وخاصة إذا كان هذا الحلف دولة كبرى .
لم يكن المواطن في العراق ليرضى بأن يسمح للحكومة بعقد تحالفات مع دول كبرى دون أن تكون له اليد الطولى في دحض واجهاض كل تحالف يُراد له أن يقام 5, وكنتيجة لهذا التدخل المربك من قبل المواطن امتنعت الدول الكبرى عن الدخول في حلف واضح وعميق مع العراق كالذي نراه بين ايران وحزب الله , وامريكا واسرائيل .. وكنتيجة مكملة لدور الجماهير الرافضة لكل تحالف مع الدول الكبرى أُجهضت التحالفات التي جمعت دعاة القومية العربية فتشتت شملهم ودبت العداوة والتناحر بينهم , ونرى اليوم جماهير الدول القومية والعروبية تتراشق بالتهم الطائفية وحتى العنصرية فيما بينها , وفي نتيجة مكملة أحدث ؛ نجد أن التحالفات الوطنية انفرط عقدها وتحولت الى خنادق تضم قادة وجماهير تنقسم الى معسكرات تقاتل بعضها البعض وقبور ضحايا المعسكرات الوطنية المتصارعة تزحف على وجه خارطة الوطن !!!! ..
أن الذهاب للتصويت , وانتقاد الحكومة سياسيا", لا يكفي لقيام نظام ديمقراطي متكامل , وكذلك انشغال السياسيين بالسياسة فقط.
-------------------------------------------------------------------
1- المغامرة الديمقراطية في العراق,كتاب يضم مجموعة مقالات تسلط الضوء على المشهد السياسي العراقي, مرتضى الشحتور.
2- مدخل الى علم السياسة , ص 319, عبد الرضا الطعان وصادق الاسود.
3- نفس المصدر , ص 321, يُرجع الكتاب هذا التحديد الى الاستاذ برلو.
4- بهذا الخصوص نقرأ عن السعي لاستبدال الانتداب البريطاني في العراق بمعاهدة حلف بين الطرفين , ففي الواقع السياسي نقرأ:(( أما وجهة نظر الحكومة العراقية من الانتداب فعلى الرغم من أن الملك وعبد الرحمن النقيب رئيس الوزراء متفقان على أن مصالح بريطانيا والعراق من الممكن أن تكفلهما معاهدة تحل محل الأنتداب إلا أنهما كليهما كانا مختلفين على نوع المعاهدة )) ونقرأ ايضا"في رسالة سلمها المندوب السامي للملك فيصل الأول من الحكومة البريطانية تنص على (( أن الحكومة البريطانية ليس لديها السلطة لأنهاء أو الغاء الانتداب الذي فوضته لها في العراق عصبة الأمم إلا أللهم بتخليها بالمرة ونهائيا" عن مركزها الخاص في البلاد ..... بأن تنفض يدها بالمرة من مسؤولياتها تجاه العراق )) ونقرأ في الصفحة 40 أن الملك فيصل تخوف من تصلب الموقف البريطاني وخشيته من تطور هذا الموقف المتصلب الى انسحاب كامل من العراق - عبد الرحمن النقيب , حياته الخاصة واراؤه السياسية وعلاقته بمعاصريه , ص37 , الدكتورة رجاء حسين حسني الخطاب .
5- بهذا الخصوص نقرأ في نفس المصدر السابق عدة مؤشرات لردة فعل الشعب تجاه هذا الأمر حيث الهياج الشعبي والأضرابات والأحتجاجات .
#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟