|
أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي
كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 12:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الفصل الأول ___________
عزيزي القاريء الكريم ... هذا هو الفصل الأول من خمس فصول طويلة ستتعاقب عليك عبر الأيام القادمة بعون الرب ... كتابٌ صغير هو ، لكنه جليل القيمة وليس فينا من لا يحتاج لما فيه من معلومات عميقة قيمة غاية القيمة في سبيل إعادة بناء الذات من جديد على أسس من الإحترام الذاتي وحب الذات والثقة بها . أتمنى أن تستمتع به ، فهو في المحصلة ترجمة متقنة لمعلومات رائعة ، لا تكلفك إلا الجلوس إلى شاشتك لتقرأها وتتلذذ بها وتستمتع .
*** قوتنا الداخلية ______________
كلما تمكنت من الإيمان بتلك القوة التي بداخلك ، إزدادت حظوظك من الحرية والسعادة والبهجة والثقة بالنفس __________________________________________________
من أنت ؟ لماذا أنت هنا في هذا الكون وعلى هذه الأرض ؟ ما هي تصوراتك عن الحياة ؟ سنينٌ وسنينٌ عديدة والناس تقلب ذات الأسئلة هذه ... منذ الآف السنين وذات الأسئلة تضطرب في الصدور ... والسبيل للجواب دائما هو إن تهبط إلى الداخل ... أن تغوص في الداخل ... داخل ذاتك ..لأن هناك حسب تجد الجواب ... ! ما معنى هذا ؟ ما معنى أن نجد الجواب في الداخل ؟ معناه ... أنه هناك في الداخل حسب يوجد ذلك النبع العظيم الجميل الذي يحمل هويتنا الحقيقة ويمتلك الأجوبة على كل أسئلتنا الوجودية ... في مكان ما من الداخل ... في جوهرنا .. ذاتنا العليا أو ضميرنا أو الأنا العليا حسب ما يقول النفسانيون أو الروح بلغة الروحانيين . في داخلنا عزيزي القاريء توجد قوة رهيبة عظيمة تعرف كل الأجوبة وتمتلك كل الحلول وتستطيع بسلاسة ونعومة ولطف أن تقودنا إلى طريق السعادة والخير والجمال . فقط علينا أن نؤمن بذلك ..! سلفا علينا أن نؤمن بذلك ، بتلك القوة التي فينا ، بكل الأحوال لن نخسر شيئا من ذكائنا إذا ما قاومنا إغراء عدم الإيمان ووهم أننا عقلانيون ومثقفون ولا ينبغي أن نؤمن بما لا نرى . إن نجحنا في الإنتصار على إرادة اللاإيمان الموروثة من نمط حضارتنا الإنسانية ونمط تربيتنا المادية العقلانية بشكل مقرف والتي تقول أن لا حقيقة إلا ما موجود على أفواه الوعاظ والمعلمين الواقعيين ، إن نجحنا في هذا يمكن أن نفتح بابا عظيما للألق الداخلي والسعادة الخالصة والحرية الكبيرة التي نفتقدها بشكل مفجع في عالمنا المادي الفيزيائي الثقيل الجرم والجامد والبطيء الحركة . أجل ... هناك قوة في الداخل ... قوة بلا حدود وأول الطريق لنيلها هو أن نؤمن بها وبوجودها . الأمر الثاني هو أن نكون راغبين حقا وصدقا في أن نتخلص من أنماط تفكيرنا وعاداتنا وسلوكنا وأقوالنا السلبية التي خلقت لنا هذا الذي وصلنا إليه من عسر في الحياة وضيق في النفس وأزمات مادية وقلبية تتواتر علينا وتتدفق كالسيل العرم فلا تترك في القلب بهجة أو سعادة ولا تفتح في جدار الحاضر أو المستقبل ثغرة لنور الأمل . تماما كما يجهد الفلاح في أن يستزرع الأرض ، يقوم أول الأمر بتنظيفها من الأشواك والأدران وقلبها رأسا على عقب وتركها برهة للشمس كي تعقمها ، ثم يقوم بعدئذ بتسويتها مجددا وتفصيلها ثم نثر البذور ودفنها برقة وسقيها ثم لا شيء إلا الإنتظار لموسم الحصاد ، كذلك نفعل نحن مع ذواتنا أن نؤمن بأن القوة في الداخل كما قوة الأرض في جوفها ، ثم نقوم بتنظيف هذا الداخل من شوائب التصورات والأفكار السلبية وأنماط العيش السلبي التي تعودنا عليها ثم نقوم عقب ذلك بزرع بذور الأفكار والرغبات والأمنيات السليمة النظيفة المحملة بالخير في داخل هذا الجوهروننتظر أوان الحصاد .
العقل الكوني أو الرب دائما معنا : _____________________
أنا اؤمن عزيزي القاريء أن عقولنا ترتبط مع هذا العقل الكوني الأوحد الأعظم الذي يدير الكون ، هذه القوة التي خلقتنا ولنسمها الرب أو الطبيعة أو أي خالق كان وتحت أي مسمى ( فكل المسميات صحيحة ) لم تكف يوما عن المحافظة على الإرتباط معنا ، عبر جوهرنا الداخلي المتمثل بذاتنا العليا أو ضميرنا الداخلي ، وهذه القوة الكونية تحب كل مخلوقاتها أو عناصرها التي هي جواهر المخلوقات ( جواهرنا الذاتية ) . إنها لا تعرف الكراهية أو الخيانة أو البغضاء أو أن تعاقب عناصرها أو مخلوقاتها ، لا مطلقا بل إنها حرية مطلقة وحب نقي وفهم تام ولهذا فمن المهم بالنسبة لنا أن نستسلم لجواهرنا الداخلية ونتماهى معها ونتعشق بقوة في نسيجها لأنها هي سبيلنا للوصول إلى منابع القوة الكونية والإستسقاء منها والسباحة في بحارها العذبة الملئى بالدرر العظيمة القيمة . ضروري أن نعرف عزيزي القاريء أن بمقدورنا أن نختار الكيفية التي نستعمل بها تلك الطاقة الداخلية العظيمة التي هي مبثوثة في جوهرنا الداخلي ، نعتمد هذه الطاقة في أن نعيش في الماضي ونقلب صفحات الكراهية والإنتقام والأسى واللوم الذاتي على هزائم الماضي وإنكساراته والإستمتاع بلعب دور الضحية العاجز البائس الذي لا حول له ، أم نعتمدها في أن نخلق حياة جديدة مفعمة بالأمل والتفاؤل والثقة والحب والرغبة بالنجاح والتقدم ، الخيار لنا ولا أظن من الذكاء أن نختار أن نستهلك قوتنا الداخلية الجبارة في تقليب الماضي ، بل في أن نطوي صفحاته ونفتح كتاب المستقبل بكل شجاعة وثقة .
المسؤولية جرثوم الشعور بالذنب : ______________________
نحن نجهد عزيزي القاريء غاية الجهد في سبيل خلق الأحوال السلبية أو الإيجابية لأنفسنا من خلال أفكارنا ومشاعرنا ، لا أحد يخلقها لنا إلا نحن ذواتنا ...! تقول لي أفكاري أو مشاعري هي ردود أفعال طبيعية على ما يواجهني من الخارج من مآسي أو أفراح ، وأجيبك هذا صحيح ، لكن بمقدورك أن تخلق ردود أفعال مغايرة إن شئت ... ! أنت حر في أن تخلق الردود المناسبة إذا ما أمتلكت السيطرة الحرة جزئيا أو كليا على عقلك ... ! أجل عزيزي القاريء نحن وحدنا المسؤولون على ردود أفعالنا ومشاعرنا وأفكارنا وليس من قوة أخرى مسؤولة عن ذلك سوانا . لا يعني هذا أنني ألوم نفسي أو ألومك لأنك تفكر هكذا أو ترد على الأفعال بهكذا نوع سلبي من الردود ، ولا أريدك أنت ذاتك أن تلوم نفسك ، بل يجب أن تؤمن بمسؤوليتك عن خلق ردود أفعالك دون أن تلوم نفسك بقسوة بل يجب أن تتحول من الإيمان بالمسؤولية إلى وعي ضرورة التغيير وتحويل السلب إلى إيجاب وأن تؤمن بأن هذا أيضا هو من صلب مسؤولياتك . حين نلقي الذنب على الآخرين لما يحصل لنا من سلبيات في حياتنا فإننا بهذا نمنح الآخرين القوة التي هي أكبر من حجمهم الحقيقي والتي لا يستحقونها أو التي ربما هم لم يعووها أصلا ، من قبيل أن يوجه لنا شخص ما إساءة معينة لأي سبب كان ، ربما لأنه مريض أو متعب أو خائف ... ثم نقوم نحن بدورنا بالشعور المبالغ به بالأسى والكراهية لهذا الآخر وتنقلب حياتنا رأسا على عقب ليوم أو إسبوع أو سنة ، لماذا ...؟ لإننا نلوم الآخر على هذه الإساءة ولا نستطيع أن ننسى أنه هو من سببها لنا ، لكن لو إننا رفعنا اللوم عن الآخر وقلنا ، إننا نحن المسؤولين لأننا أوصلنا الآخر ربما إلى هذه الحالة من الغضب أو الحنق وإننا نحن الملومين ، ثم تحولنا من اللوم الذاتي إلى البحث عن سبيل للتخلص من هذه المشاعر السلبية التي غمرتنا والإنتقال إلى حالة إيجابية من التفاؤل والثقة والسعادة بدل من اللوم والكراهية وإنتظار الفرصة للإنتقام ، فإننا بهذه الحالة سنوفر على أنفسنا تعاسة كبيرة جدا وسنفتح للقوة الداخلية فينا نوافذ أغلقتها مشاعر الكراهية واللوم والحنق ، وبالنتيجة سيتدفق دم العافية في عقولنا وضمائرنا وستنفتح أمامنا فرص حياتية جديدة من خلال هذه التجربة التي تعلمناها ومن خلال نجاحنا في السيطرة على مشاعرنا وضبطها وتحويلها نحو الخير والحب والسعادة . أن تلوم الآخر مهما فعله هذا الآخر بحقك من ظلم فإنك لا تفعل أكثر من أنك تصبح ضحية لهذا الآخر من خلال تفكيرك بالإنتقام منه أو من خلال تفكيرك الدائم بالرد عليه وبالتالي فإنك تعطل حياتك وتقدمك بدون أي فائدة من أي نوع كان . لا ... بل من الخير أن تلوم نفسك قليلا على إنك ربما أنت وحدك من مهدت لهذا الآخر لأن يطيش سهمه فيصيبك في الصميم ثم بعد أن تلوم نفسك قليلا تنقتل صوب ما هو أنفع إلا وهو إعادة تقييم المسألة مجددا والإنتهاء منها بتصفية الموقف برمته لكي لا تتعطل حياتك اكثر مما يجب . هناك الكثيرون منا عزيزي القاريء من ينمو ويكبر ويشيخ ولا ينسى أن أباه مثلا هو المسؤول عن ما وصل إليه من فقر أو سوء تربية أو فشل دراسي ، هذا شيء مرعب ... تخيل كم من السنين نظل نلعب دور الضحية لأب أو أم أو ظروف أو نظام سياسي أو جلاد أو سائق متهور أصابنا بعاهة جسمانية ..؟ متى نخرج يا ترى من هذه الحالة إلى حالة الفعل الشجاع لتغيير واقعنا بدلا من البقاء في خانة الضحية لجلاد قد لا يكون في واقع الحال واعيا إلى أنه كان جلادا ، وقد لا يكون حيا بعد بل ربما مات من زمنٍ طويل ولا يستحق منا الآن إلا الترحم عليه بدلا من لومه ... ! أخطر معوق لنهوض هذه القوة الذاتية الجبارة الموجودة في ضمائرنا أو في ذاتنا العليا الداخلية هو اللوم الذاتي أو لوم الآخرين والعيش الدائم في سجن الضحية أو لعب دور الضحية ، ومثل هذا ينبغي عزيزي القاريء أن تسارع للإفلات منه بأسرع ما يمكن من أجل أن تتحرر روحك من المشاعر السلبية التي تعيق تقدمك وفوزك بفرص حياة سعيدة جميلة . في واقع الحال هناك قوة عظيمة تكمن في جوهر كل شر يمكن أن يصيبنا ... ! أجل ... حتى الحادث المؤسف الذي يمكن أن يعوق عضوا فينا يمكن أن يحمل بذرة خير لنا لو إننا نجحنا في أن نتحرر من مشاعر السخط واللوم وحولنا الفعل إلى حافز للنجاح والتقدم والنصر . ما لا يقتلك عزيزي القاريء ، يمنحك القوة لتحمل ما هو أسوأ منه . ما لا يقتلك يمكن أن يحمل في جوهره السعادة والمجد والتفوق لك ، وإلا إنظر كم من المعوقين في هذه الحياة من بلغوا القمة في الثراء والنجاح والسعادة والحب وإمتنان الآخرين لهم . فقط عليك أن تتحرر بأسرع وقت من لعب دور الضحية البائس الذي لا حول ولا قوة له . تحمل المسؤولية عن كل ما يحصل لنا من خير أو شر بدلا من إلقائها على الآخرين ، يمنحنا القدرة على الفعل الناشط لتغيير الحالة من السلب إلى الإيجاب ، مما يدفعنا قدما إلى الأمام بدلا من أن نبقى نراوح في ذات الموقع الذي أصبنا فيه بهذه الطعنة أو تلك .
تجربتي الشخصية وماذا علمتني ؟ _____________________
ليس فينا عزيزي القاريء إلا القلة ممن هم محظوطون منذ الولادة إذ يلدون في أسر غنية قوية متعاطفة متراحمة ، إنما الأغلبية منا هي من أصول ومناشيء متعبة للغاية وقد كنت أنا واحدة من اولئك الناس الذين ولدوا في بيت بائس كان يتحكم به زوج أم سكير سافل . حين هربت من البيت في سن الخامسة عشر عقب وفاة أمي ، مكثت سنين عديدة وأنا أتقلب في دروب الحياة دون أن أجد من يعينني . كنت مضطربة للغاية ومثقلة باللوم لأمي وزوجها ولنفسي وللحياة . كنت بائسة جدا ، وكان أخطر ملامح بؤسي أنني لا أجرؤ على أن أتخلص من مشاعر السخط والكراهية واللوم لهؤلاء الذين شردوني وسببوا لي خسارة مدرستي وبيتي وحياتي التي كان يمكن أن تكون طبيعية مثل الكثيرين . مرت سنين عديدة وأنا أشتغل في أحط الأشغال لأوفر اللقمة والسكن لنفسي , لم أكف عن البكاء والأسى والملامة لذاتي وللآخرين إلا بعد أن أكتشفت يوما أن كل هذا ليس بنافع لي وإني لن أتقدم خطوة إلى الأمام إلا بالتخلص من هذه المشاعر . كانت لحظة من النور تشرق في جوهري وأنا أقلب كتابا سيكولوجيا وقع في يدي بالصدفة ، وفجأة إنتبهت إلى نفسي وشعرت بأحساس غريب بأن هناك شيء حقيقي قوي وجميل لا زال في داخلي . شعرت أني أمتلك قوة في أعماقي يمكن أن ترحم كل من أساءوا لي ويمكن أن تخلصني من حالة اللوم والتثريب وتقليب الماضي . شعرت أن هناك حقيقة أخرى في داخلي لم يتسنى لها أن تشرق من قبل لأني كنت مستمتعة بدور الضحية ومصرة على أن ألوك وأجتر ذات الكلمات والإسماء واللعنات لهؤلاء الذين شردوني . وقلت كفى ... ! كفى هذا اللغو الذي لا خير فيه .. يجب أن أتحرر من هذه الحالة ، يجب أن أتخلص ، يجب أن أنظر للمستقبل ... من قال أن زوج أمي أو أمي أو الظروف كانت قوية حقا بحيث تحطمني ؟ ومن قال أني تحطمت كليا ، بالعكس يكفي أنني لا زلت أتنفس ولا زلت حية ... لا زلت موجودة ولم أنتهي بعد .. أليس هذا بكافٍ لأبدأ من جديد ..؟ كانت لحظة التنوير تلك التي أشرقت في داخلي هي التي غيرت حياتي بالكامل وغيرت ما كنت أتوهمه قدرٌ لا بد منه في ان أعيش على هامش الحياة . تحولت من تلك التي تعمل نادلة في مقهى إلى إنسانة تفكر وتتصرف بحكمة وتقرأ العلوم المختلفة وتابعت دراستي وأرتقيت وألفت أول كتبي ونلت من الشهرة نصيبا كبيرا ما كان من الممكن أن أناله حتى لو إني بقيت في حضن أمي أو لو إن أبي وأمي كانا معا على قيد الحياة وكانا متحابين منسجمين ...! لقد غيرت قدري بالكامل بفضل قوة إرادتي وشجاعتي وتحملي للمسؤولية ، مسؤولية أن أرفع اللوم عن الآخرين وأن أحمل نفسي وحدها مسؤولية وواجب تحقيق الحلم الجديد والصورة الجميلة الجديدة التي أريد لنفسي أن أخلقها من ذاتي . حسنا... وأنتقل من ذاتي وإستعراض بعض ما مر بي ، أنتقل إلى اولئك الناس الطيبون الذين يزورونني ويشكون من أحوالهم . الكثيرون يقولون لي " ولكننا لا نستطيع أن نكف عن التفكير بطريقة سلبية " وأجيبهم " بل تستطيعون وإلا كم مرة رفضت أنت أو أنتِ أن تفكر بطريقة إيجابية ؟ كم مرة يمتنع الواحد منا عن أن يفكر بفكرة إيجابية ؟ " . هذه حقيقة عزيزي القاريء ، إننا غالبا ما نلجم أنفسنا عن التفكير بشكل إيجابي ، غالبا ما نمتنع أو نمنع أنفسنا عن ذلك ، نتوهم أن من السخف أن نفكر هكذا وكأننا مصرون على أن لا نفكر إلا بطريقة سلبية . أجل ... نحن نستطيع أن نفكر إيجابيا ونستطيع أن نمنع أنفسنا من التفكير بطريقة سلبية ، نستطيع ذلك من خلال أن نسيطر على عقولنا وأن نقنعها بأن هذه الفكرة لا تلك هي ما نحتاجه ، هذه الفكرة الجميلة الإيجابية التي قد تبدو لنا سخيفة إحيانا هي أكثر مدعاة للعافية والصحة والسعادة من الفكرة السلبية التي تعتلج في داخلنا وتصر على أن تكرر نفسها بإستمرار . نحن مسؤولين على أن نختار الفكرة الإيجابية إذا ما آمنا بأنها هي وحدها ما يمنحنا السعادة والصحة والجمال والألق والتقدم أما الأخرى فإنها لا تفعل أكثر من أنها تجعل الحياة أكثر قسوة وبشاعة وتفاهة . فقط إعط عقلك الأمر بأن يفكر إيجابيا ، قل له أنا أريد فكرة إيجابية ، أنا أريد أن أستمتع بعمري وحياتي والأفكار الإيجابية وحدها هي ما يمنحني الصفاء والسعادة والنجاح بينما الأفكار السلبية لا تمنحني إلا الخوف والرعب والفشل . وإذا وردت فكرة سلبية على ذهنك ، يمكن أن تنتبه لها في الحال ولا تجيز لنفسك أن تقلبها وتستمتع بهذا الوخز الذي تسببه في صدرك وقلبك ، لا إطردها في الحال وبمنتهى الهدوء ، قل لنفسك ... لا أحتاج لمثل هذه الفكرة لأنني أعرف أنها لا نفع منها ولا يمكن أن تخدمني بشيء بل كل ما ستفعله أنها تشوه لحظتي وتسبب لي الأرق والمرض والتعاسة . أكرر ... إنتبه لها ثم إطردها بهدوء وبدون أن تجبر نفسك على ذلك ، بل من خلال الإيمان الأكيد بأنها لن تنفعك بشيء أبدا ولا داعي لأن تمنحها وقتك ولو لثانية واحدة . أنا شخصيا ... حالما ترد فكرة سيئة في بالي من قبيل ذكرى قديمة أو شعور بالكراهية أو الغيرة أو الحزن ، أبادر في الحال إلى القول لنفسي : شكرا أيتها الفكرة على زيارتك ، لكني لا أحتاجك أبدا لأنني بخير بدونك . بهذه الطريقة الهادئة أتمكن من طرد أفكاري السلبية بيسر وبلا توتر . يجب أن تفهم عزيزي القاريء أن ليس عقلك من يديرك أو يقودك ، بل أنت ذاتك من تملك مفاتيح هذا العقل وأنت وحدك من يسيطر عليه ويديره ، فإن لم تكن كذلك فأفعل الآن . سيطر على عقلك بقوة إرادتك وبالإنتباه الشديد لحركة العقل وضبط إيقاعها حسب رغبتك وإرادتك وما تراه مفيدا نافعا لك .
أنت خلقت لهذا : __________
أنا وأنت وكل الناس خلقنا في واقع الحال لنكون إنعكاسات جميلة وإنطباعات خلاقة للجمال الكوني ولعظمة الخالق ، وما تنتظره الحياة منا هو ان نكون هذا لا غيره ، إن نفتح قلوبنا وعقولنا وضمائرنا للجمال والعظمة الكونية وأن نؤمن بأننا نستحق ما هو أكثر من هذا الذي نحن فيه أو هذا الذي نمتلكه . علينا أن نتذكر دوما أن لا نكف عن الثقة المطلقة بأننا نملك مفاتيح الخير والجمال والقوة والسعادة في داخلنا وليس في الخارج . إذا ما شعرت عزيزي القاريء بالخوف لحظة ، ركز ذهنك على تنفسك ، على هذه النعمة المجانية التي لو إنقطعت لتوقفت حياتك كلها عن الإستمرار ، إنتبه لتنفسك برهة ، لهذا الهواء الذي يدخل محملا بالعافية وقوة الإستمرار في العيش ، تذكر أنك حي وأنك قادر على أن تتنفس وإنك بالتالي لست في خطر ولا شيء قادر على أن يمنع منك هذه النعمة البسيطة العظيمة . مجرد أن تتذكر هذا ، أنك لا زلت حي ، سينتفي الخوف وتشعر مجددا بالقوة والثقة . وستتذكر أن الحياة التي تمنحك نعمة الأوكسجين هي ذاتها قادرة على أن تمنحك كل شيء شريطة أن تؤمن بقوتك الداخلية وثقتك بنفسك وحبك للحياة وللآخرين وتحررك من المخاوف والهموم والأفكار السلبية التي تجول في ذهنك ليل نهار وتعيقك عن التقدم والتطور . إننا نملك جميعا قناعات مختلفة وآراء مختلفة ، ولكل واحد الحق في أن يملك ما يراه مناسبا له وما يؤمن به ويستمتع ويجد فيه ذاته . مهما يحصل في هذا العالم ، فإن هذا الذي تشعر أنه صحيحا بالنسبة لك ويتطابق مع تركيبتك النفسية والذهنية ، هو وحده ما تعمل عليه وتنشط من خلاله ومثل هذا إن لم تجده لحد الآن أو لم تكتشفه بعد ، يمكن أن تجده في داخلك ، في ضميرك ، في جوهرك الأسمى ، فعليك أن تنفتح على داخلك وتتعرف على هذا الذي يناسبك والذي تحبه أكثر والذي تشعر أنك ممكن تنجح به أكثر من غيره . لا شك أن من الصعب على الواحد منا أن يتعرف على ذاته وهو وسط الناس دوما ، سواء كانوا الأهل او الأصدقاء ... لهذا عليك أن تبحث لنفسك بين الفينة والأخرى على مكان منعزل يمكن فيه أن تنفتح على ذاتك وتصغي لصوت روحك الداخلية . بذات الآن عليك أن تحذر من أن تقول لا أعرف الجواب ؟ لا الجواب موجود في الداخل ، أنت متعب لأنك لا تملك طريقك الخاص ، لا تعرف ما تنفعل ، لا تعرف كيف تحل مشاكلك ، لا تعرف كيف تتخلص من همومك ، كيف تحقق التقدم والرقي في حياتك ، لكن الجواب موجود في الداخل ، في جوهرك ، وهذا الداخل لا ينفتح عليك وأنت بين الناس وفي حالة ضجيج وصخب مستمر ، عليك أن تلجأ لذاتك وتعيش بعض الوحدة ولو قليلا وعندها سيأتيك الجواب . حين تقول لا أعرف فإنك تغلق على نفسك أبواب حكمتك الداخلية ، بل قل أعرف الجواب ولكن يجب أن أنفرد مع نفسي ، أتحرر من مخاوفي وضعفي ، أكف عن إنتظار النجدة من الآخرين ، أكف عن لوم الآخرين ، أتحرر من حضور الآخرين ولو برهة ، وبذات الآن أهبط إلى بحيرات الروح الداخلية من خلال الصمت والتأمل العميق والسياحة في الطبيعة الحرة ، وهناك سيأتيك الجواب . ونكتفي بهذا القدر من كتابنا هذا آملين أن نلتقي مع الفصل الثاني في القريب العاجل .
_______________________________________________________________
ترجمة - كامل السعدون
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عراقيات - ومضات قصصية -4-
-
مديات حرّة بين السطور - مقال سيكولوجي
-
3 عراقيات -ومضات قصصية
-
-2- عراقيات - ومضات قصصية
-
عراقيات - ومضات قصصية
-
ستلد الوطنية العراقية ولو بعد حين ...فلا تيأسوا أيها الطيبون
-
إحتفالية رفاهية البترول توشك على الإنتهاء عالميا
-
دروس المرحلة المنصرمة وآفاق المستقبل
-
2-باقة منتخبة من الشعر العاطفي
-
باقة منتخبة من الشعر العاطفي
-
إشكاليات الحال العراقية - عودة إلى الجذور
-
العنصرية والطائفية ثمار إسلامية خالصة
-
لحظة من فضلك - نصوص مترجمة من الشعر النرويجي الحديث
-
أحزان - شعر نرويجي
-
اهلأ بدرة أعياد نيسان - شعر
-
معيب والله أن نترك العرب الأحوازيون وحدهم
-
مرحى للأحوازيون إذ أنتفظوا
-
المجد لأنتفاضة الشعب الأحوازي الشقيق واللعنة على المحتلين ال
...
-
ذات فجرٍ ولد في ذاكرة الله عراق
-
كانت على طرف اللسان وقالها الدراجي الرائعُ فالح - قصيدة ومقا
...
المزيد.....
-
الخارجية الروسية: ألمانيا تحاول كتابة التاريخ لصالح الرايخ ا
...
-
مفاجآت روسيا للناتو.. ماذا بعد أوريشنيك؟
-
-نحن على خط النهاية- لكن -الاتفاق لم يكتمل-.. هل تتوصل إسرائ
...
-
روسيا وأوكرانيا: فاينانشيال تايمز.. روسيا تجند يمنيين للقتال
...
-
17 مفقودا في غرق مركب سياحي قبالة سواحل مرسى علم شمالي مصر
-
الاختصارات في الرسائل النصية تثير الشك في صدقها.. فما السبب؟
...
-
إنقاذ 28 فردا والبحث عن 17 مفقودا بعد غرق مركب سياحي مصري
-
الإمارات تعتقل 3 متهمين باغتيال كوغان
-
خامنئي: واشنطن تسعى للسيطرة على المنطقة
-
القاهرة.. معارض فنية في أيام موسكو
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|