|
والصينيون : لا يحبون عنترة بن شداد ..!!
صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 11:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد أن حصل الصينيون علي استقلال بلدهم من الاستعمار البريطاني في عام 1949 , كانت لا تزال لهم أراض محتلة مثل هونج كونج ، وتايوان التي انفصل بها " شان كاي شيك " ودخل في حماية أمريكا التي قبلته في حمايتها بينما تايوان هي جزء من التراب الصيني وتري الصين ضرورة عودتها الي عصمة الوطن الأم .. وكان بمقدور الزعيم الصيني الكبير " ماو تسي تونج " أحد أبرز زعماء العالم في القرن العشرين ، ورئيس وزرائها " شواين لاي " المهندس التنفيذي القدير لفلسفة الزعيم العظيم وهو أيضا من أبرز الشخصيات السياسية في العالم في القرن العشرين ، كانا بمقدورهما وهما اللذان تحت امرتهما ربع تعداد الكرة الأرضية كلها ، أن يعلنان التعبئة العامة والاستعداد لتحرير باقي تراب الوطن - هونج كونج وتايوان - من بين أيادي الاستعمار الغاصب والرجعية الانفصالية .. ويشغل كلاهما شعبه ووطنه بالحرب وشعارات الحرب العنترية مثل : " سندمر تايوان ومن هم وراء تايوان " مثلما قال أحد العناترة العرب عن اسرائيل ، ثم دمر بلده وبلاد أخري مجاورة لاسرائيل تتملكهم مثله النزعة العنترية . اكتفي الصينيون بالتحرك السياسي والدبلوماسي وبالنفس الطويل .. أما خطواتهم العملية فلم تكن لأجل الحرب لكون بلدهم حديث الاستقلال ولا تقوي أقدامه علي الوقوف في حرب كما فعلها الزعيم الملهم - عنترة بن شداد الجديد - في عام 1956، والذي لم يكن قد مضي علي استقلال بلاده( 1952) 4 أعوام كلها اضطرابات داخلية وخارجية ، وركز كل جهوده علي الحرب ، ودخل حربا كان من الطبيعي جدا أن يخسرها ، ولكن لم يكن يعنيه أو يعني قومه من الحرب المكسب أو الفجيعة والضحايا والخراب وانما كل ما يهم الابتهاج العنتري والمجد -ولو بالكذب والادعاء – للقبيلة !! . ومضت السنوات والصينيون - ربع سكان الدنيا – مشغولون أساسا وفي المقام الأول لا بالحرب - كعنترة بن شداد القرن العشرين وقبيلته – وانما بالنهوض .. بالتنمية .. وبعد 40 سنة كانوا قد أصبحوا دولة عظمي .. حققوا الاكتفاء الذاتي من الغذاء الرئيسي الأرز .. وصنعوا القنبلة الذرية ثم الهيدروجينية .. ورغم ذلك لم يهددوا بتدمير تايوان ومن هم وراء تايوان .. وصنعوا الصواريخ العابرة للقارات وقضوا علي أمية الشعب .. أما عنترة العرب - في الستينيات .. فكل ما كان قد صنعه هما صاروخان لا أحد يدري لهما ثمة قيمة ولا ندري أين هما الآن - القاهر والظافر - وبعدما هدد بتدمير اسرائيل ومن هم وراء اسرائيل .. ودخل الحرب وكانت النتيجة : لا صوت سمعه الشعب للقاهر والظافر بل كانت اسرائيل هي الظافر والشعب هو المقهور لا القاهر .. - مقهور علي فقدان 25 ألف من شبابه بين قتيل وجريح وأسير ومفقود ! فيما أسماه : نكسة 1967
وكذلك صنعت الصين صاروخا عابرا للقارات قادر علي حمل رؤوس نووية .. ولم تقل سندمر تايوان ومن هم وراء تايوان .. ولم تقل سندمر بريطانيا مالم تنسحب من هونج كونج .. كلا .. وبعدما تأكدت الصين من بناء شعبها ( الانسان ) واقتصادها وقدراتها الدفاعية ، لم تهدد أو تلوح باستعدادها لمحاربة بريطانيا لاستعادة هونج كونج ، ولا محاربة أمريكا لاستعادة تايوان مثلما فعل عنترة بن شداد الذي كان يشتري سلاحه بالديون من روسيا وتشيكوسلوفاكيا ..! ويحصل علي قمح معونة .. !! وشعبه نسبة الأمية فيه 60% .. ويهدد بالحرب ضد من يمنحونه المعونة .. !! فماذا فعل الصينيون بعد أن أصبحت بلادهم دولة عظمي - ذريا واقتصاديا وصناعيا - ؟ ماذا فعلوا لاستعادة أراضيهم المحتلة ؟ بكل أدب ، نظروا ، وهو الأقوياء جدا الي بريطاني وقالوا لها من فضلكم نريد هونج كونج .. جزيرتنا .. فردت عليهم اليابان قائلة: لنتفاوض .. ولم يردوا عليها مثلما رد عنترة بن شداد القرن العشرن بعد أن جلب لأمته هزيمة نكراء .. تلك الأمة التي كانت ولا تزال نسبة كبيرة منها مبهورة ومعجبة للغاية بعنتريته الشدادية .. " لا تفاوض ولا صلح ولا اعتراف بالاحتلال .." كلا .. بل قال الصينيون لبريطانيا : لابأس من التفاوض .. لنتفاوض .. ، وتفاوضوا .. فقالت لهم بريطانيا " سوف نعيد لكم الجزيرة بعد خمس سنوات " فقالوا لا بأس ووقعوا اتفاقية وانتظروا خمس سنوات ، وبعدها قالوا لها " الآن نريد هونج كونج حسب الاتفاقية فأجابت بريطاني " تفضلوا .. ها هي جزيرتكم .." ، وقبل أن يتسملوا الجزيرة لمسوا رعبا من أهلها خوفا من تحويل نظام الحياة الرأسمالي الي نظام شيوعي لا يريدونه .. فطمأنوهم وقالوا لهم لا تخافوا ولا تحزنوا لن نقلق حياتكم ، فقط سوف تعودون الي حضن الوطن الأم وسيبقي لكم نظام حياتكم الرأسمالي كما هو .. وكان.. ، وبهدؤ وبدون حرب وخراب وبلا تأميم يخرب حياة الجزيرة ويسلم مصانعها لضباط لصوص ينهبوها زاعمين أنها عادت للشعب !! كما حدث في عهد عنترة الجديد بتأميمه الأرعن وحروبه الهوجاء وضباطه اللصوص الذين سرقوا المصانع والمزارع المؤممة .. ولا يزال يجد له دراويش ومحبين يهيمون حبا في عنترياته وخطبه التاريخية (!) وقراراته التاريخية المدمرة المهلكة لشعبه و وطنه ( تيار وتنظيمات وأحزاب تحمل اسمه الخالد ..!! ) وكان باستطاعة الصينيون وهم ربع تعداد الدنيا أن يعلنوا حرب تحرير لاستعادة جزيرتهم من بريطانيا .. ولكنهم لا يحبون عنترة بن شداد ويعرفون بوجود علم اسمه " السياسة والدبلوماسية " وهذا مالم يكن معروفا عند عنترة بن شداد الذي لم يكن يملك ما يفخر به أمام عبلة سوي الحرب ولا شيء سوي الحرب ! – وكذلك حال أحفاده المعاصرين حتي الآن- وكانت الصين محرومة من عضوية الأمم المتحدة ، وأمريكا أول من يعارض ذلك ولكن بعد أن بنت الصين نفسها ووقفت علي قدميها وصارت دولة عظمي – بهدؤ وفي صمت - سعت أمريكا بنفسها لدعوة الصين لدخول الأمم المتحدة ، وهنا اشترطت الصين طرد تايوان من المنظمة فأضطرت أمريكا للموافقة والتخلي عن صديقتها وحليفتها تايوان ! واحلال الصين الشعبية محلها وطردت تايوان ودخلت الصين القوية التي تكفي نفسها غذاءها الرئيسي وتصنع بنفسها ما تحتاجه وتصدر صناعات جيدة للخارج وتدخل الدورات الأوليمبية وتحصل علي ميداليات ذهبية .. دخلت الصين هيئة ا لأمم ليس كدولة عادية وانما كدولة عظمي - ذرية ، وهيدروجينية ، صناعية كبري ، زراعية كبري وخدمت المجتمع الدولي خدمة كبيرة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من غذائها الرئيسي ولو لم تفعل وفتحت باب استيراد القمح اللآزم لربع تعداد البشر لحدثت أزمة دولية كبري - ولها حق الفيتو مثلها مثل أعظم دولة – وقد كانت قبل استقلالها 1949 أ قل من بلد مثل مصر التي استقلت 1952 وأفقر منها - ولكنها نهضت وحققت ما حققته بالعمل والبناء والدبلوماسية وبعلم اسمه السياسة وليس بالخطب والشعارات العنترية ولا بدخول الحروب التي لا تفضي سوي الي الخراب والفقر والتخلف ..ومنذ شهور ليست بالكثيرة أجري صحفي من بلد عنترةالقرن العشرين حديثا مع رئيس الصين وسأله من ضمن الأسئلة " بعد أن فجرتم القنبلة الذرية والقنبلة الهيدروجينية وامتلكتم الصاروخ العابر للقارات وغزوتم العالم بصناعاتكم فأين ترون موقعكم الآن في العالم ؟ فرد عليه بكل تواضع قائلا " نري أنفسنا دولة متوسطة النمو " .. .. ! .. .! وهكذا أثبت الصينيون أنهم - مثل اليابانيين - حكماء و لا يحبون عنترة بن شداد .. صلاح الدين محسن
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليابانيون.. لايحبون عنترة بن شداد إإ...
-
قصة : الحمار والبردعة
-
(!!)في بيتنا عانس..! مأساة كل بيت في مصر
-
الخروج من قفص العروبة
-
الذكري المؤلمة لنكبة 23 يوليو 1952 في مصر
-
جميع أمراض الشعوب قابلة للعلاج – حتي المزمنة ، والتاريخية
-
القرآنيون .. والوقوف في مفترق الطرق
-
حريات لا يحميها القانون المصري
-
نداء الي كتاب العالم المحبين للسلام
-
كيف يكون الاصلاح .. بدون دماء ، بدون د مار ؟؟
-
رأيت حلم - نزار قباني - الذي لم يتحقق
-
رد علي مقال الأستاذ: أحمد الخميسي
-
لا أحب البيعة
-
عمر بن الخطاب يزور - جوانتانامو -
-
مطلوب تمثال ل: شميرام – البطلة العراقية الشهيدة
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|