أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - أسباب معروفة وخفية لمجزرة الهلايل والدابودية















المزيد.....

أسباب معروفة وخفية لمجزرة الهلايل والدابودية


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 4435 - 2014 / 4 / 26 - 01:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدون مقدمات وفي المدينة الهادئة التي يسكنها أكثر سكان مصر طيبة ووداعة, في أسوان أرض الدفئ والتاريخ حدثت أكثر الأحداث إثارة ودهشة. فجأة سمعنا عن فتنة عرقية كان ضحاياها 26 قتيلا و45 مصابا, علي خلفية معركة قبلية بين أبناء قرية دابود النوبية و أبناء قبيلة الهلالية وسط فراغ أمني مريب ساعد علي تأجيج الوضع وفي ظل تشويش إعلامي غير منضبط صور المشكلة علي إنها“خناقة “بين جماعة الإخوان وأنصار السيسي, وأصدرت الداخلية بيانا بأن المشكلة معركة بين طلاب الإخوان والأهالي.
بدأت أحداث الواقعة يوم الأربعاء 2 أبريل الماضي، بمشادات كلامية بين طلاب مدرسة أسوان الثانوية الصناعية بالمنطقة لوجود عبارات مسيئة وجدت مكتوبة علي جدران المدرسة تسيئ للطرفين, تطورت لاشتباكات بالأيدى, وتدخل عدد من الأشخاص حتى انتهت المشكلة. وفي يوم الخميس 3 أبريل عاود بعض أفراد من عائلة الهلايل بكتابة عبارات سب على جدران جمعية دابود النوبة ” محل اجتماعات عائلة النوبيين” فحاولت إحدى سيدات العائلة منعهم ونشبت المشاجرة مرة أخرى, وأطلق المتهمان ” مصطفى عبده أبو جلمبو ” و ”محمد عرفة أبو جلمبو” من عائلة الهلايل نيران أسلحتهما الآلية مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص و إصابة ثمانية آخرين من عائلة ”دابود ”. لم تتدخل الشرطة لإنهاء المشكلة وتحديد الجناة مما حول الأمر إلي عصبية قبلية, و فى الساعة الثالثة من صباح الجمعة 4 ابريل هاجمت عائلة ”دابود” بعض منازل الهلايل وأشعلوا فيها الحرائق وأطلقوا النيران على من فيها وتعدوا عليهم بالأسلحة البيضاء مما أسفر عن مقتل أربعة عشر شخصاً من عائلة الهلايل، ثم توالت الاشتباكات, ففي الخامسة صباح السبت هجم الهلايل علي منزل مملوك لاحد النوبيين وأحرقوه وأسروا الرجال بداخل جمعيتهم ثم ذبحوهم وعلقوا جثثهم علي باب الجمعية وأشعلوا النار في إطارات سيارات حتي يمنعوا سيارات الإسعاف من الدخول لأخذهم. وانتهت الاشتباكات بمقتل سبعة أشخاص آخرين اثنين من عائلة الهلايل و خمسة من عائلة ”دابود”, ووصل إجمالي القتلي لـ 26 قتيل والمصابين إلى خمسة وأربعين شخصاً من الطرفين.
تلك كانت الأحداث, وحتي نعرف الأسباب علينا أن نلقي بعضا من الضوء علي طرفي المشكلة:
1ـ النوبة أرض الذهب التى إستعصت على غزاة العرب بقيادة عمرو بن العاص وإحتفظت بخصوصيتها ولغتها ودينها رغم كل محاولات ابن العاص لإخضاعها دون جدوي. حاول مرة تلو المرة فلم ينل من ذلك غير (كسر الرقبة) وإطلاق السهام علي حدقات العيون وهي الطريقة التى فضلها النوبيون لقتل وثلم عيون جنود العرب الغزاة رغم خلو أيديهم من سلاح يضارع ما جاء به العرب ولم يكن لديهم دافع للإستيلاء على أرض ولا سبي النساء وجمع الرقيق وهي الدوافع الحقيقية للغزاة العرب بينما كان أهل النوبة يملكون دافعا واحدا وهو الإبقاء على نقاوة الجنس وعدم السماح لأحد بإستعبادهم وهو ما تحقق فلم يدخلوا في الإسلام كرها إلا في العصر المملوكي حيث تمت مجازر رهيبة لقمعهم بحجة مساعدتهم للصليبيين في غزواتهم. ويفضل النوبيون دائما الإحتفاظ بتاريخهم وذكرياتهم مروية منقولة من جد إلى جد ومن جيل إلى جيل, والنوبيين لا ينسون أرضهم التى هُجّروا منها عنوة ويحلمون بالعودة إليها دائما وهم في إنتظار حلم العودة. وكانت أسوان هي أرض النوبيين التى إحتضنت كل الثقافات وأدمن السياح الغربيين المبيت لليال متعددة في بيوت أصدقاء من النوبة دون خوف من إستغلال أو سلوكيات التحرش التى يدمنها باقي الوطن, لكن يبدو أن المس الشيطاني الذي أصاب مصر على يد المتأسلمين قد نجح هذه المرة في تغيير الكثير من السائد والمعلوم عن النوبيين فبين ليلة وضحاها تحولوا لوحوش كاسرة للدفاع عن هويتهم وأعراضهم.
2ـ تاريخيا بنو هلال قبيلة عربية هوازنية قيسية مضرية عدنانية، كانوا بدوا في وسط نجد، هاجروا من الجزيرة العربية إلى الشام ثم صعيد مصر ومنه انتقلت إلى باقي المغرب الإسلامي بعد ازعاجهم للدولة الفاطمية. هجرة بني هلال من أشهر الهجرات العربية إلى شمال أفريقيا في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي وتعرف " بالهجرة الهلالية " في التراث الشعبي العربي، فيما يصفها ابن خلدون بانتقال العرب إلى أفريقيا. وتعرف كذلك " بالهجرة القيسية " نسبة إلى ان أغلب القبائل المهاجرة تندرج تحت الفرع القيسي من العرب العدنانية. انتشرت هذه القبائل القيسية في كل من الشام والعراق والجزيرة ومصر، حيث أحدثوا اضطرابات متكررة ولا سيما إبان حكم الدولتين العباسية والفاطمية، مما دفع بعض الخلفاء إلى مراقبتها ومقاومتها. وقد عمل الخلفاء العباسيون على التصدي لهذه القبائل وأسر عدد كبير من أبنائهم عقابا على تمردهم وعمليات النهب ضد المسافرين والحجاج وأهل المدينة، وبرغم ذلك لم يكغّوا عن مواصلة العنف والتطاول على الناس طوال القرن الرابع الهجري, ولعل انضمام الهلاليين والسليميين للحركة العلوية في القرن الأول ومناصرتهم في القرنين الثالث والرابع للقرامطة يعبر أحسن تعبير على نزعة العنف والتمرد لديهم.
وهلايل الحاضر ليسو بقبيلة واحدة او ينحدرون من جد واحد او أصل واحد, وقد يكون معظمهم لا ينتمون أصلا لقبائل عربية, ولكنهم تجمعات بشرية ممتدة بين اسوان والأقصر وقنا وسوهاج، اتخذوا هوية القبيلة نتيجة لقبلنة المجتمع الصعيدى فى غياب شرعية أيديولوجية للدولة منذ أواخر ايام السادات. ليكسب الحزب الوطنى الانتخابات فى غياب شرعية فكرية اعتمد على شرعية القبائل مما مثل انتكاسة للمجتمع الصعيدي. فبدلا من انضواء المواطنين تحت لواء المواطنة أصبحوا تحت لواء العشيرة او العرق او الطائفة.
يتمركز أبناء بني هلال في ثلاثة مناطق بمحافظة أسوان، فأكبر تجمعاتهم بشرق مدينة أسوان في مناطق “الحكروب، والناصرية وخور عواضة والسيل والشيخ هارون, وفي أجزاء متفرقة من مدينة كوم امبو وقرية العتمور، وفي مركز إدفو تتمركز “الهلايل” بحاجر أبو خليفة وحاجر إدفو ونجع هلال وبجوار عمارات الأمن، ويعمل نسبة كبيرة من الهلايل في الحرف اليدوية والتجارة و”الحنطور” وبيع منتجات الألبان والبرسيم والرعي والخردة, وبعضهم يمارس البلطجة وتجارة المخدرات والأسلحة.
والآن نلقي بقعة من الضوء علي الأسباب المتداولة لما حدث من انغلات بين الهلايل والدابودية:
يتحدث أهل النوبة بكثير من الغضب عن ضابط كبير ينتمي لقبيلة الهلايل في أسوان شغل منصبا أمنيا رفيعا في المحافظة جعل من الهلايل قوة مسلحة بكل أنواع السلاح القادم من السودان عبر الدروب الصحراوية إضافة إلى شحنات المخدرات التى أصبحت تجاره الهلايل الحقيقية في حماية ذلك الضابط الكبير الذي عمل لصالح نظام محمد مرسي وإستمر في خدمة الجماعة وأفكارها بعد سقوطها وكان مسؤولا عن حادثة تعذيب بعض رجال الشرطة بعد فض رابعة دون أن يكون هناك ردا من الدولة ولو بالبحث عمن قام بذلك. وتخرج نساء الهلايل في مظاهرات تأييد الشرعية بطول أسوان وعرضها مقابل مادي وفي حماية الأمن المفترض فيه أن يفرق مسيراتهم لكن يبدو أن المسؤولين في واد آخر, رغم معرفة من بيدهم الأمر حقيقة تجارة هذا الضابط في السلاح وإنتماءه للإخوان فكرا وعملا دون أن تكون للتقارير الكثيرة التى قدمت ضده أي أثر, وظل الرجل في مكانه ينتظر على ما يبدو إشعال النار في كل أسوان, أملا في دفع النوبيين المحبين للوطن أن يكفروا بوطنهم ووطنيتهم ويطالبون يدولة خاصة أو علي الأقل بحكم ذاتي. ولا يطال الاتهام ذلك الضابط فقط, فمدير أمن أسوان رفض التحرك منذ أول شرارة للقتال بدأها أبناء الهلايل ممن أطلق الضابط الكبير يدهم ليداهموا أبناء النوبة في منازلهم ساحبا قواته بعيدا عن مسرح الأحداث في إنتظار نصرا مؤزر لداعمي الإخوان في المحافظة، ويعلم الجميع أن النوبيين لم يكونوا يوما من مؤيدي الإخوان أو أي من الأحزاب الدينية. ولا يستبعد البعض لعب أصابع قطر في هذه الأحداث خاصة بعد زيارة مسؤول قطري كبير للسودان قبيل الأحداث بأسبوع.
أما السبب الحقيقي لما تعيشه مصر من مشكلات المعارك الثأرية التي تتأجج من حين إلي آخر يكمن في تواجد القيائل العربية التي ابتليت بها مصر مع الغزو العربي, والتي أخرجت مصر عن مسارها الحضارى الطبيعى، وأجهضت تطلعها فى أن تأخذ مكانها اللائق بين الأمم المتقدمة، بكل ماغرسته فى التربة المصرية من قيم جهل وتخلف وعنف، حملتها معها من جزيرة العرب، قبل أكثر من ألف واربعمائة سنة، عندما خرجت فى موجة الفتوحات العربية الإسلامية، التى قوضت أسس الحضارة فى الشرق الأوسط كله، وليس فى مصر وحدها. والكثير من هذه القبائل التي تدعي أصول عربية هي مجرد كيانات مريضة أرادت التعالي علي أقرانها من أهل مصر الشرفاء ظانة أن بداوتها وعروبتها المزعومة أنقي وأشرف من مصريتها, جاهلة أن مصر الحضارة فخر لكل من ينتمي إليها وشرف لا يناله إلا من يستحقه. والغريب أن معظم من يتغاخرون بانتسلبهم للبداوة يتربحون من آثار أجددنا ويثرون من الاتجار بما ينهبونه من كنوزها وخيراتها. ولن ينصلح حال البلد إلا بعد القضاء علي هذه النعرة البدوية الدخيلة علي مصر الحضارة التي أذابت في بوتقتها كل من عاش فيها من أجانب سيان غزاة كانوا أم ضيوف, ومن لا يريد أن يعيش بيننا كمصري متحضر عليه أن يعود من عيث أتي وصحراء الجزيرة العربية تسع الجميع.
أما بدو الصحاري المصرية فعلي الدولة أن تعمل علي تذويب بداوتهم بإدماجهم في مصر الحضارة بإقامة المشاريع التنموية زراعية وصناعية لهم. فمصر من 7000 عام بعد أن وحدها ميبا لم تعرف في تاريخها القبلية ولا البداوة إلا منذ الغزو العربي المقيت, وقد آن الأوان للتخلص منه وعودتنا إلي الحضارة والتقدم والرقي الذي نستحقه.






.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النصب المحظور وتدني الأجور
- الوضوح والأسرار في كتابة المقال
- نظرة ولفتة لتحول الفيروسات إلي كُفتة
- من غير ماتزُق الزبون على حق
- فتاوى الشنكحاوى
- الفيدرالية في اليمن
- بني أموية بين الورع والعدالة, والفسق والنذالة
- الإله الذي أعرفه
- وقالت الصناديق نعم
- مصر ناقة حلوب للغزاة العرب
- الخمر في الأديان والله الديان
- عمرو بن العاص وغزو مصر
- أنا لا أعبد الله
- الغزو العربي وإهانة مصر
- الفيدرالية هي الحل
- ثورات المصريين ضد الرومان
- التدني العربي حتي في الرياضة
- لماذا نحن نعشق الديكتاتورية ؟
- ثورة المصريين أواخر عهد البطالمة
- سوف يطفحوننا الكوتة


المزيد.....




- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - أسباب معروفة وخفية لمجزرة الهلايل والدابودية