سليم سوزه
الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 13:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الممكن اعادة ترميم الشرخ الذي تحدثه الطائفية في المجتمع. وممكن ايضاً القضاء على المظهر الطائفي في الدولة ، لكن ليس من السهل محو الاثر الطائفي الذي يترسخ في ذاكرة المجتمع الجمعية ، فبقايا الفعل العنصري تبقى عالقة في اللاوعي حتى لو تخلّص المجتمع من مسبّباتها.
لم يتخلّص بعد المجتمع الامريكي الذي يّصنَّف من مجتمعات ما بعد الإثنية من الآثار العنصرية التي خلّفتها حقبة الكراهية السابقة. فأمريكا تتفاخر بأنها استطاعت القضاء على التمايز العرقي من خلال سياساتها العادلة مع الجميع. انهت ملف السود وفتحت مؤسساتها للاقليات ووصلت لقمة العدالة الديمقراطية بوصول اسود الى الى البيت الابيض. لكن هل زال الاثر الطائفي من لاوعي الدولة او بصورة ادق من لاوعي المجتمع؟
ثمّة تجربة اجتماعية بسيطة قام بها ابيض واسود لاثبات استحالة القضاء على الاثر العنصري في ذاكرة الفرد الامريكي. رجل ابيض يحمل بيده وتداً معدنياً يتظاهر بفتحه نافذة سيارة ليبدو انه يسرقها فتنطلق صافرة التنبيه من داخل السيارة وامام عددٍ من المحلات والمارّة. جميعهم يشاهد هذا لكن لا احد يستغرب او يتصل بالشرطة. كلُّهم اعتقدوا انها سيارته اضاع مفتاح تشغيلها. لم يكن الامر ملفتاً البتة. الطريف ان سيارة شرطة وقفت قليلاً امامه ثم تحرّكت دون ان يثير "السارق" شكّها.
اما المارّة فكانوا يسيرون بجانبه بشكل اعتيادي جداً، يرونه ويراهم. لا احد ينبس ببنت شفة لانهم لم يعتقدوا اصلاً انه سارقها.
يعيد هذه التجربة رجلٌ اسود. في اول محاولة له ينتبه الناس صغيرهم وكبيرهم الى فعله، فتبدأ تلك النظرة الغامزة ويبدأ الهمس ماذا يفعل هذا الرجل. عند اول انذار تطلقه السيارة يتصل احدهم بالشرطة ويبلغهم بسارق اسود يحاول فتح باب سيارةٍ ما. تأتي الشرطة في اللحظة وتعتقل الاسود.
الفعل العنصري كان اقوى من فعل السرقة.
ربما هم ليسوا عنصريين بذاتهم لكن السياق التاريخي الظالم كان حاضراً في لاوعيهم دون ان يشعروا به. ذلك السياق الذي يجعل الاسود قرين الجريمة والقبح ويرى الابيض مع الخلق والاستقامة استقر في ولاعي المجتمع وليس من السهل التخلّي عنه حتى لو سمّى المجتمع نفسه مجتمع ما بعد الإثنية.
كيف بنا نحن في العراق ومازلنا نمارس الطائفية؟
كم من الوقت نحتاج للقضاء على الشرخ الطائفي؟
كلّي ثقة باننا سنتجاوزها. انا متفائل والتفاؤل في هكذا امور مطلوب للغاية.
سنصنع مجتمع ما بعد الطائفية لكني لست اعرف بصراحة كم سيستغرق من الوقت محو الأثر الطائفي من لاوعينا الجمعي.
#سليم_سوزه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟