|
الجمهوريــة العراقية الاسلامية الاتحادية الى أين؟
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 12:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هكذا دفعة واحدة انقلب الامر من جمهورية العراق الديمقراطي التعددي الفدرالي الى جمهورية تتقاسم مع الجمهورية الايرانية الاسلامية المسميات الثلاث وقد حددت حدودها الجغرافية اقليم شيعي صرف ولكن وبزيادة لقبية الاتحادية لذر الرماد في العيون، ولماذا لا ؟ لا أحد يستطيع الاجابة الا الراسخون في هذه القضية وكما يترتب خلف الكواليس من قضايا تبرز بين فينة واخرى فتصعق الذين كانوا يتصورون ان ذلك لا يمكن حتى الولوج اليه ومادام البعض يرى نفسه فوق الجميع ولا يفكر ان هناك الملايين الاخرى التي ترفض هذا النهج حتى داخل الائتلاف المذكور .. ويتضح يوما بعد آخر المخطط الهادف لنقل المُشبه به بطريقة اذكى من الذكاء عن طريق السيطرة على مقاليد الامور وتجريد الناس من آرائهم والضغط عليهم بمختلف الاساليب لتمرير العملية السياسية المخطط لها سلفاً بواسطة المؤسسة الدينية، هذه التطورات الجديدة التي تجتاح بعض المناطق في العراق دلالة على ما اكدنا عليه وما اشارت عليه العديد من وسائل الاعلام الحريصة على وحدة العراق وما جاء قبل ايام في ايلاف حول " مؤسسة شهيد المحراب للتبليغ الاسلامي " وكذلك المؤتمر الدستوري الذي عقد باشراف المرجعية الشيعية والذي تناول قضايا مفصليه تخص وحدة العراق ودستوره الذي يشترط ان يذكر فيه على الاكثرية الشيعية ونوع نظام الحكم والفدرالية الطائفية التي اشار اليها بوضوح ( 9 ) محافظات شيعية وهذا بالتالي يدل على ان هناك رقم آخر لمحافظات سنية وربما ارقام لمناطق من اديان اخرى وقوميات مختلفة وهو تصور ذو نظرة طائفية لأننا نعرف جيداً ان اكثرية المحافظات العراقية تتعايش فيها جميع المذاهب والاديان والقوميات وهذا يدل على خطأ التقسيم الطائفي او ما يسمى الفدرالية الطائفية وكأنه رد يضادد مطلب الفدرالية بالنسبة لكردستان العراق وعملية تفريغه من اهدافه وتصوراته التي كانت قد سبقت اسقاط النظام الشمولي واحتلال العراق بسنين عديدة وهو مطلب لم تختص به الاحزاب الكردية فحسب وانما احزاب ديمقراطية معروفة، والذي يتابع الاختلاط المتنوع بين الشعب العراقي سيتوصل حتما الى نبذ الروح الطائفية والقومية الشوفينية والتعصب القومي ولهذا ان هذا المؤتمر مع شديد الاسف قد ساعد اذا لم نقل أجج النظرة الطائفية الضيقة ودفعها الى امام بدلاً من تثبيت وحدة العراق على اساس التآخي بين جميع فئات الشعب العراقي وهو بالتالي يدفع آخرين للمطالبة بمحافظات على اساس سني مما يسهل الطريق امام اعداء العملية السياسية والارهاب بشقيه السلفي الاصولي والبعثفاشي العراقي لزيادة التطرف والعنف المسلح على اساس وحدة العراق ولو كذباً. ان نهج النفس الطائفي البغيض هو احد الامراض التي بدأت تأخذ طريقها في الانتشار كفعل وردة فعل مثلما نوهنا عليه في السابق وفعلاً بدأت بوادر هذا التوجه تتصاعد في الآونة الأخيرة وهذا المرض هو من اخطر الامراض المتربصة بوحد العراق وشعبه لأن هذه البلوى اذا ما استطاعت ان ترسخ اقدامها لا سامح الله فعلينا ان نقرأ الفاتحة مقدماً على وحدة العراق لأن التقسيم سيكون عاجلاً ام آجلاً طريق مرسوم بوضوح للذين يريدون تفتيت وحدة العراق والنيل من استقلاله الوطني كما حدث في يوغسلافيا وعند ذلك ستكون جمهوريات صغيرة متفرقة تابعة لا حول لها ولا قوة ومن هنا بالذات يبدأ مسلسل افشال العملية السياسية وتعطيل اقامة الدولة الديمقراطية ذات الطابع المدني وتفريغ الفدرالية من جوهرها الحقيقي الذي يساهم في الوحدة وليس التجزأة مثلما يدعي البعض او مثلما يفكر اصحاب الفكر الطائفي الموغل بالحقد والكراهية للوحدة الوطنية. كيف يمكن لمؤتمر يمثل نفسه والحزب الذي يعد مسؤولاً عنه ان يطرح هذا التقسيم، فدرالية شيعية في محافظات شيعية وجمهورية عراقية اسلامية اتحادية ودستور مفصل على القياسات التي يريدونها وكأن الملايين من العراقيين وأحزابهم وكتلهم وشخصياتهم وحتى المستقلين منهم ليس لهم الحق في ابداء الرأي واتخاذ الموقف أو في نقض القرارات التي هي بالضد من مصالحهم وكيف يفكر البعض وهو يرى ونحن ما زلنا في بداية السلم ان بعض المدن والمحافظات انقلبت الى جمهوريات منفصلة عن المركز يعيث بها البعض وبالقوة تجاوزاً على حقوق الآخرين الذين يختلفون معه ومن ثم كيف يكون الامر عندما نرى المليشيات المسلحة بالملابس الخاصة او المدنية وهم يتابعون ويعاقبون الناس لمجرد الاختلاف في طريقة التفكير والرؤيا، فيمنعون السينما وكاسيتات الاغاني والسفور ومحلات بيع المشروبات الروحية وغيرها ، لا غناء لا موسيقى فقط اللطم على الصدور وشق الرؤوس بالقامات الحادة التي تثير استغراب العالم المتمدن وكأننا نعيش زمن العصور القديمة وبذات الرؤيا بدلاً من رؤيا جديدة مملوءة بالامل والتفاؤل والبناء والوقوف اما تيارات الارهاب الدموية التي لا تعرف الا القتل والدمار كلغة واضحة للجميع وبخاصة اولئك الذين يرون في العهد القديم مسلخ بشري وخراب كخراب سدوم وعمورة وقد انتهى ويجب ان يعاد بناء العراق على اساس المفهوم الحضري والتقدم الذي سيكفل بنقله ونقل شعبه الى درجات اعلى من الرقي لكي يتخلص من آفات الماضي المزمنة، كتم الانفس والغاء الآخر وخرق حقوق الانسانن التفرقة والشوفينية والعنصرية والظلم والتسلط والفقر والعوز والفاقة والجوع والامراض والبطالة والحياة المعيشية المزرية. ان اكبر خطر محدق بالبلاد هو النفس والتفكير الطائفي البغيض وهو بالتالي منهاج فكري غير متزن يتزامن مع المخاطر المحدقة في الوقت الحاضر بالعراق وشعبه ولهذا نرى ان قضية الفدرالية على اساس طائفي او ديني او تقسيمه على اساس اقاليم مثلما قسمته الدولة العثمانية في السابق بدون مسوغات موضوعية وذاتية بانها دعوة خطرة تدل على المواقف المتناقضة للبعض فيما يخص الماضي والحاضر وبخاصة اولئك الذين اصبحوا في قيادة السلطة وكيف يمكن الحديث عن التوازن السياسي والبعض يخرق باستمرار بنود قانون ادارة الدولة المؤقت الذي اتفق عليه ويتراجع عن مواقفه واتفاقياته أو يحاول تهميشها وايجاد صيغ بديلة عنها وهي حلقة مفرغة تدور حول نفسها وتعطل هدف الفدرالية الحقيقي على اساس واضح مثلما هو الحال بكردستان العراق وحق الشعب الكردي في العراق بالفدرالية التي ستكون اساساً لوحدة جديدة اقوى مما مضى وحدة قوية تقف امام جميع المخاطر لأنها ارادة شعبية واسعة وليست ارادة حزب او جهة سياسية محدودة ونحن نعرف ان الشعب هو اكبر من جميع الاحزاب ونجد ان هذه الفدرالية ستكون احد الدعائم الاساسية لنجاح العملية السياسية وقيام الدولة الديمقراطية التعددية الفدرالية المستقلة. اليوم نتسال بكل شفافية لماذا هذا الموقف المضاد المستجد من الفدرالية والجمهورية الديمقراطية؟ الا نلاحظ ان وضع العصى في العجلة لا يخدم وضع العراق ولا ينفع وحدة شعبه وتمسكه بالاختيارات الحرة وعدم فرض عليه ما كان يفرض في السابق؟ الم نتعض من تلك الوصايا في الفكر والسياسة والانتماء والثقافة والفن والاقتصاد حتى نسلك الطريق نفسه الذي اصبح مسبة ومثال سيء يضرب فيه المثل؟....
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثمــة سكون.. ثمــة حركة في البار الصيني
-
هل كانت ثورة 14 تموز انقلاباً عسكرياً منعزلاً عن الشعب العرا
...
-
المحاصصة الطائفية والقومية الضيقة مالها وما عليها
-
كركوك بموقعها الجغرافي وتطبيع الاوضاع فيها
-
مخططان مختلفان شكلاً حققا الهدف المرسوم
-
هل المليشيات الشيعية العراقية ومليشيات الباسيج شكلان لهدف وا
...
-
الإنتخابات الإيرانية وغروب رفسنجاني البراغماتي بفوز محمود أح
...
-
لو كنت في مكـــان صدام حسين والعياذ بالله ماذ كنت ستفعل؟
-
لأنـــهُ كان العراق.. لأنـــهُ كل العراق
-
الانتخابات البرلمانية القادمة وضرورة انجاز الدستور الاتحادي
...
-
الاصلاحات حسب مفهوم التيار الوطني الديمقراطي
-
صرح النصوص في طريق العلامـــة
-
دعوة الشيخ الجليل عبد المحسن التويجري لكن..! ما حك جلدك مثل
...
-
العملية الأمنية ودول الجوار ودبلوماسية الحوار الهادئ
-
العلاقـــة ما بين الحكومة العراقية والقوات متعددة الجنسيات
-
القــرار الفردي والالتزام بالقوانين
-
انعكـــاس لرؤى قادمــــة
-
لمـــاذا الآن ؟ صور لصدام حسين نجومية على طريقة الاعلام الدع
...
-
ماذا يريد السيد الامين العام عمرو موسى من العراق ؟
-
الشهداء أسماء خالدة في سماء العراق وضمير الشعب
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|