|
الانتخابات البرلمانية في العراق .. الوجه الكالح للديمقراطية الصورية
وداد عبد الزهرة فاخر
الحوار المتمدن-العدد: 4430 - 2014 / 4 / 21 - 20:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السؤال لم هذه الانتخابات الصورية وفي بلد يجب أن يمهد للانتقال للديمقراطية فيه بحكم مركزي قوي تتم فيه السيطرة على الانفلات الأمني ، ومحاربة الفساد المالي والإداري ، ويؤسس لدولة القانون وإقامة دولة المؤسسات ؟. فالعراق الخارج من سلطة الدكتاتورية المفرطة ، تحول رأسا وبدون مقدمات وبطريقة حرق المراحل الى ممارسة ديمقراطية لعبة الثلاث ورقات " السيه ورق " ، فبدل ان يسير بطريقة سويه ظل يعرج تارة ويقفز تارة أخرى . وما نراه مجرد شكليات وممارسات ديمقراطية عرجاء لم تسمو حتى لعتبة الديمقراطية ، في بلد ساهم البرلمان نفسه في نهبه وتخريبه ، وتأخير إصدار القوانين فيه ، وزيادة الفساد المالي والإداري وبرزت فيه المحسوبية بشكل كبير . ثم ما الفائدة المرجوة من انتخابات تحمل في دواخلها ومنذ الآن نفس السحن الكالحة لبرلمانيين كرههم الشعب وتمنى في أحيان كثيرة التخلص منهم ؟ . فمعظمهم نتاج ترسبات نظام البعث الفاشي ممن تلبس بلباس " الديمقراطية " ، بينما وقف معظم من ناضلوا ضد النظام الفاشي بعيدا يرقبون المشهد السياسي الغريب ، بعد ان تم اقصائهم بكل جدارة من قبل جمهور عريض من سياسيي الصدفة ، وبقايا النظام الفاشي ، وايتام المقبور صدام حسين . فهم خليط غير متجانس من شخوص كارتونية تحركها قوى داخلية وخارجية ، وإنصاف السياسيين ، وبعض هواة السياسة الغير محترفين ، ومنتهزي الفرص ، وبقايا حزب العفالقة المنهار ، وطائفيين تعافهم النفس ، وقوميين شوفينيين من أحزاب غير عربية لا تربطهم بالوطن سوى مصالحهم الخاصة في نهب العراق وإضعافه وتخريبه . هذا الخليط الغير متجانس يبدو ثقيلا على النفس والهضم ، وسبب دائما عسر هضم وآلام معوية للشعب ، فبدا كمرض مزمن يتلوى منه أبناء الرافدين ، وعجزت كل وصفات الأطباء عن علاجه . وكون الانتخابات صورية وغير ديمقراطية يؤكدها التمترس الطائفي والقبلي والمناطقي في الترشح والترشيح ، وهي نفس الصورة القاتمة السابقة للانتخابات المحلية في المحافظات ، حيث أفرزت الانتخابات مجالس محلية مهترئة وفاسدة ، ومعظمها أمي سياسيا واداريا ، جرى تشكيلها وفق تقاسم طائفي أو قومي أو مناطقي ، وبرزت اكثر المواقف انتهازية في انحياز أشخاص وتلونهم وفق أهواءهم الشخصية من كتلة لأخرى بموجب ما يطرحونه من شروط شخصية مصلحية بحجة انهم " بيضة قبان " . وأي ديمقراطية هذه التي لا تسمح لكتلة معينة بالدعاية الانتخابية في محافظات تعتبر حكرا على كتل أخرى بموجب التقسيم الطائفي والعرقي والمناطقي للعراقيين ؟ ، فابن الانبار يقف عاجزا عن التحرك والترويج الانتخابي في محافظة اربيل او السليمانية أو البصرة ، وكذا ابن البصرة يقف نفس هذا الموقف في محافظات ممنوع عليه ولوجها. ولكوننا نعرف تماما إن ما سيحصل من توافقات قومية وطائفية وسياسية وبوس خشوم ، سيأتي بنفس الشخوص البرلمانية الكارتونية ، وينصب بموجب التوافق أيضا رئيس للبرلمان وليس وفق التصويت الشعبي ، ويتم اختيار رئيس للجمهورية بنفس التوجه وليس عن طريق الانتخاب المباشر او الكفاءة أو الوطنية ، مع حجب منصب رئيس الجمهورية عن أي مواطن عراقي آخر من غير الكتل القومية والطائفية المتحاصصة من حقه الترشح للرئاسة . فالسؤال هو : لماذا كل هذه الهوسه والدوخه والضجة المفتعلة ، وصرف الملايين لانتخابات معروفة النتيجة ولا تمت للديمقراطية بصلة ؟ . ففي العهد الملكي كانت هناك حصص كما الآن وتوافقات سياسية للقوى الحاكمة ، ورجال العشائر ، وبعض المقربين من السلطة التي تصدر عند كل انتخابات قائمة بهم ، وفي اكثر الأحيان يفوز البرلمانيون بالتزكية ، والعودة للصيغة الماضية اخف وطأة وأكثر " ديمقراطية " ، واقل خسارة . والادهى من كل ذلك والأمر أن ما يسمى بـ " المفوضية المستقلة العليا للانتخابات " يجري تشكيلها وفق نفس النسق في التحاصص القومي والطائفي ، وتسمى بـ " المستقلة " ، وتجري فيها مذابح كبرى لأموال العراقيين ، من نهب وسرقات لأموال الشعب بالطرق " الديمقراطية " المشروعة كما يحصل من دعايات مكررة وممجوجه للبطاقة الالكترونية بمعنى صرف اموال من دون أي داع ، وصراع قوي بارز على المناصب من أعلى قمة المفوضية لأصغر موظف ثابت فيها من اجل النهب والسلب ، أو يجري تعيينه إثناء الانتخابات . وشكلت مراكز الخارج الانتخابية صراع مميت على كعكة المفوضية التي يحاول الجميع التهام اكبر حصة منها . والمحزن إن حصيلة انتخابات الخارج لا تتعدى وصول بضعة آلاف تعد على أصابع اليد لا تغني ولا تسمن من جوع ، وخاصة في بلدان الغرب وأوربا حيث لا تتعدى نسبة المصوتين في الانتخابات 4% . إذن لم صرف كل هذه الملايين ، وهل هي مجرد دعاية لديمقراطية صورية لا توجد إلا في دواخل صانعيها؟ . فالديمقراطية ليست حكما مطلقا فيما تفرزه صناديق الاقتراع ، وألا لاعتبرنا فوز إخوان مصر ومجئ شخصية كارتونية متخلفة كـ " محمد مرسي " قمة الديمقراطية ، أو حزب نهضة تونس أي حزب الغنوشي ، أو أي حركة أو حزب دكتاتوري أو فاشي وصل للسلطة ومارس عكس ما تفرضه قوانين واطر الديمقراطية ، وهاكم اردوكان تركيا مثلا آخر . فالديمقراطية ممارسة ونهج قبل أن تكون حكم صناديق اقتراع ، وهي ثقافة وتوجه عام نحو الإصلاح وإشاعة مفاهيم الحرية ، وحكم الشعب وليس حكم الصناديق التي تفرز في بلد مثل العراق بعض الفائزين الذين ركبوا موجة التغيير ، أو خرجوا من رحم حزب العفالقة المنبوذ ، أو صعدوا على أكتاف الجماهير حتى بعض اليساريين منهم .
آخر المطاف : «الحاكم كالنهر العظيم, تستمدُّ منه الأنهار الصغار, فإن كان عذباً عذِبتْ.. وإن كان مالحا ملحتْ» أفلاطون
* شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج http://www.alsaymar.org [email protected]
#وداد_عبد_الزهرة_فاخر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة الديموخرافية في الجمهورية العراقية 5 – 5
-
ليل ووسن
-
هل إرهاب منطقة الشرق الأوسط طائفي أم إرهاب مبرمج؟ 3 – 3
-
ألقٌ تطاير من عيون ساحرة
-
- في فردوس الوطن - تأرخة وسرد نضالي
-
هل إرهاب منطقة الشرق الأوسط طائفي أم إرهاب مبرمج؟ 2 – 3
-
بين حقد أهل السنة من السلفية والوهابية على البشرية وحماية دم
...
-
هل إرهاب منطقة الشرق الأوسط طائفي أم إرهاب مبرمج؟ 1 – 3
-
- هذا أوان الشد فاشتدي زيم -**
-
الحكومة الديموخرافية في الجمهورية العراقية / المساومات السيا
...
-
نزعة الشر المتأصلة في النفوس تأبى قبول الآخر إلا تحت هيمنتها
-
حكاية - عرعور فيينا - الذي اصبح صحفيا باسم - سالم السلامي -
-
مسعود برزاني يرقص على صفيح ساخن
المزيد.....
-
لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور
...
-
-لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا
...
-
-بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا
...
-
متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
-
العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
-
مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
-
وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما
...
-
لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
-
ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|