|
يسوع قراءة و تحليل و نقد (9 )
كريم ثاني
الحوار المتمدن-العدد: 4427 - 2014 / 4 / 17 - 13:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل المسيح حقيقة أم اسطورة
نقاش وتعليقات وابحاث أثارت شخصية المسيح كما ترسمها نصوص الأناجيل الكثير من الرؤى والتصوارت المختلفة والمتناقضة احيانا وكل رؤية تجد سندا لها في النصوص الانجيلية ذاتها ، فهناك صورة المسيح الانسان – الرب كما يطرحها اللاهوت المسيحي ، وهناك صورة المسيح بوصفه نبي يهودي لم يتجاوز في حياته اطار الشريعة وهناك المسيح بوصفه رجل مريض نفسيا يعاني من أعراض البارانويا فاذا كانت نصوص الأناجيل قد فتحت الباب لتقدم العديد من الرؤى والتصوارت المختلفة لشخصية المسيح بحيث نشعر وكأننا أمام مسحاء مختلفين فان هناك اتجاه بحثي يطرح تساؤلات جادة حول تاريخية شخصية المسيح .. ويصر هذا الاتجاه على أن شخصية المسيح تعبير اسطوري عن حلم يهودي في ظهور منقذ تم اعادة صقله وبلورته ورفده بعناصر دينية وثنية مختلفة .. هل يوجد دليل أو اثبات تاريخي – بمعزل عن الأناجيل - على وجود شخص اسمه يسوع المسيح ؟؟
تروي الأناجيل حياة المسيح ، ونفهم من مجمل رواية الأناجيل أن المسيح قد أثر الى حد كبير في مجتمعه اليهودي الذي عاش فيه ، اذ تنقل في جميع مدن وبلدات فلسطين وأثار حركة شعبية مؤيدة ومعارضة على حد سواء في صفوف اليهود والرومان انتهت باعتقاله ومحاكمه محاكمة جماهيرية صاخبة انتشرت اصداءها واصداء دعوة صاحبها ( عيسى ) في فلسطين كلها ، هذا فضلا عن المعجزات العجيبة التي رافقت حياته من شفاء المرضى واحياء الموتى والعجائب الكونية التي رافقت صلبه مثل الزلازل وتشقق الصخور والظلمة التي غطت الأرض لحظة صلبه وخروج القديسين من القبور !!! ......... كلها أمور يفترض العقل والمنطق أن نجد ذكرا لها في أدبيات القرن الأول بعد الميلاد ، فماذا قال التاريخ عن حياة المسيح ؟؟ أن ما يثير الاستغراب هنا هو صمت التاريخ ، اذ لا نجد أي ذكر تاريخي للمسيح ، بل ولا حتى مجرد اشارة عابرة له في أي مرجع لمؤرخ عاصر حياته !!.. اذ من الواضح أنه في أواخر القرن الأول الميلاد لم يكن سكان فلسطين ولا الكتاب والمؤرخون يعرفون أي شيء عن يسوع رغم أهمية الأحداث التي صاحبت حياته ودعوته، اذ لا توجد شهادات خطية للأحداث التي وصفتها الأناجيل ، شهادات من مصادر غير مسيحية ومعاصرة للمسيح ، فالناس الذي عاشوا وكتبوا في النصف الأول من القرن الأول الميلادي لم يشيروا بأي اشارة ولو عابرة الى وجود شخص اسمه عيسى المسيح ، وكذلك الأمر بالنسبة الى الجيل الثاني ممن يفترض أنهم سمعوا عن المسيح من شهود العيان ، فهم أيضا يصمتون عن حياة المسيح لنأخذ مؤلفا من ذلك الزمان : يوست من طبرية الذي عاش في النصف الثاني من القرن الأول الميلادي ، وقد كتب مجموعة من المؤلفات التاريخية كان أحدها مكرسا لتاريخ الملوك اليهود حتى اغريبا الثاني ( أي حتى منتصف القرن الأول الميلادي ) وكان لا بد طبعا أن يرد هنالك وصف لحكم هيرودوس الأكبر وحكم هيرودوس انطيباس ( أي الزمن الذي عاش فيه المسيح وفق الرواية الانجيلية ) ومن المستحيل بالتالي الا يعرف يوست شيئا عن المسيح وحياته واعماله ودعوته ولا سيما وأنه من مواليد طبرية التي تقع على بعد بضعة كيلو مترات عن كفرناحوم التي جرت فيها عدة أحداث هامة في حياة المسيح الانجيلية ، ولكن الغريب أننا لا نجد سطرا واحدا ليوست يشير الى المسيح يسوع شاهد آخر : الفيلسوف واللاهوتي فيلون الاسكندري ( توفي في منتصف القرن الأول الميلادي ) والذي غدت أعماله أساسا للاهوت المسيحي ، ورغم ذلك فهو لا يعرف شيئا عن المسيح ذاته .. صحيح أنه عاش في الاسكندرية ولكن من الثابت أنه كان شديد الاهتمام بمتابعة حياة اليهود في فلسطين ، وقد نوه غير مرة في مؤلفاته ببيلاطس البنطي الذي لعب دورا هاما في مصير المسيح وفق الرواية الانجيلية ، هذا فضلا عن حديث فيلون المفصل عن طائفة الأسينيين التي كانت منتشرة في فلسطين والتي تلتقي الى حد كبير في الفكر والعقيدة مع دعوة عيسى ولكن رغم ذلك كله لا نجد في مؤلفات فيلون أي اشارة الى عيسى !!!!
شاهد ثالث : المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس ( 37-100 ب م ) الذي كتب مجموعة كتب أرخت لحياة اليهود أهما كتابان : " تاريخ اليهود " و " حروب اليهود " وقد تحدث فيهما عن الكثير من " المسحاء " الذين ظهورا في فلسطين مثل فيفدا ، ويهوذا الذي كان من الجليل ايضا كعيسى ولكنه قاد انتفاضة شعبية واسعة تم سحقها بقوة .. وتحدث عن الكثير من أدعياء المسيحانية ورغم ذلك لم يذكر شيئا عن عيسى المسيح
وقل ذات الأمر عن عدد من الؤرخين مثل سينيكا ( ت 65 ) وتاتست ( 54-119 ) وغيرهم ..
الأمر الآخر الذي يسترعي الانتباه هنا هو مخطوطات البحر الميت التي تعرف بلفائف قمران والتي تعود الى جماعة يهودية تعرف بالاسينية ، اذ تعود هذه المخطوطات الى ما قبل زمن عيسى بقرن والى ما بعده بنحو قرن ، أي أنها عاصرت الفترة التي يفترض أن المسيح قد عاش فيها ، وقد كانت عقائد الاسينيين قريبة الى حد كبير من افكار المسيحية ، هذا فضلا عن قرب خرائب قمران من الأماكن التي يفترض أن الأحداث الانجيلية قد جرت فيها ..ورغم ذلك لا نجد في هذه المخطوطات أي اشارة ولو خفية الى عيسى المسيح
هذا فضلا عن خلو المصادر التاريخية من تقديم الدليل التاريخي على صحة بعض الاحداث الثانوية التي رافقت حياة المسيح مثل قيام هيرودوس بقتل الاطفال والتي لم يذكرها أي مؤرخ رغم تأكيد جميع الكتاب والمؤرخين على دموية هيرودوس .. فما هي دلالة صمت المؤرخين حيال حياة عيسى ؟؟ هل هذا يعني أن المسيح شخصية اسطورية ملفقة لم توجد على مسرح التاريخ والواقع والحقيقة
.
أن السجلات السياسية الرومانية لا تعرف شيئا عن رجل يدعى "يسوع"!وهو أمر مدهش حقا !! إلا أن المؤرخ اليهودي "يوسيفوس" المولود في 37 م , و صاحب كتابي "حرب اليهود"(75_79 م) و "القدامى" (93_94 م) يتحدث في معرض تسطيره للثورات العبرية بفلسطين عن شخصية "يوحنا المعمدان", ويتحدث عن شخصية "يسوع" على هامش (!!!) حديثه عن شخصية أخو "يسوع" المدعو "يوسي", حيث أدين "يوسي" هذا بحسب يوسيفوس من المجمع الكهنوتي العبري وحكم عليه بالإعدام رجما بالحجارة (62 م) ليتذكر يوسيفوس من خلال واقعة إعدام "يوسي" حدثا مؤلما إنتهى بالصلب لأخيه المسمى "يسوع"!!
كما أن المؤرخ الروماني " تاسيتوس" وفي سياق تعداده للمسيحيين بروما (107 م) يشير لإعدام مؤسس هذه الدعوة المسيحية في عهد بيلاطس (26 –36 م).
كان "يسوع" المسيح على الأرجح شخصية تاريخية إذا ..
إلا أن "يسوع" التاريخي هذا لم يكن إلا النواة التي إبتدع منها "بولس" المسيح المؤله بعد ذلك.
هذا المسيح المؤله الذي يعتقد فيه المسيحيون هو ما ينتمي لعالم الأساطير لا عالم الواقع !
وهو الذي اخترعه "بولس" المتأثر بالفلسفة الرواقية (المسيح المؤله) بأن ألبس "يسوع التاريخي" ثوبا من صفات آلهة الفداء السائدة في العالم الروماني آنذاك … "أوزير" و "سيرابيس" و "ديونيسيوس" ..ولم يلبث هذا الإله اليسوعي الفادي الجديد إلا قليلا بين أقرانه من آلهة الفداء القديم التي قام على أنقاضها حتى انتصر عليها تماما معلنا تحول مذهبه من مذهب إلى دين !!
الحقيقة إن شخصية المسيح ومسألة وجوده التاريخ تعد بحق واحدة من أعقد المسائل الدينية التي يمكن للباحثين أن يخوضوا غمارها.
فكما تفضلت، أن خارج إطار الأناجيل ذاتها، يكاد ينعدم أي أثر معتبر لوجود يسوع المسيح، وللأحداث الهامة التي تحدثت عنها الأناجيل، ومن بينها مثلاً مذبحة بيت لحم، التي يفترض أن هيرودوس قد ارتكبها ضد أطفال اليهود في بيت لحم، وكذلك الأحداث التي تفضلت بذكرها من ظلمة وزلازل وخلافه. الملفت للنظر هو أنه في هذه الفترة التاريخية، كان هناك عشرات المؤرخين، والكتاب والأدباء، وأهم من ذلك كله، كان هناك دواوين الإمبراطورية الرومانية التي احتفظت بسجلات دقيقة لكافة الأحداث الهامة والرئيسية، والملفت للنظر أيضاً هو أنه في هذه الفترة التاريخية إعتاد الناس على تأريخ حياتهم بمرجعية الأحداث الهامة، كأن يقولوا بعد عامين من الزلزال، أو بعد عشر سنوات من الكسوف الكبير، أو ثلاثة أعوام قبل عام الإحصاء، أو أربعة أعوام بعد وفاة الحاكم .. إلخ. كل هذا لابد وأن يلفت نظرنا – كما يلفت نظر المسيحيين – إلى إفتقاد مسألة تاريخية وجود يسوع المسيح إلى دليل خارجي معتبر، مما حذا ببعضهم إلى تزييف بعض "الأدلة" الخارجية.
وهناك بالفعل بعض الأدلة "الخارجية" الموجودة في يومنا هذا، وقد ثبت لدى المختصين أن أغلب هذه الأدلة هي محض تزييف، كما نحب أن نوضح أن بعض هذه الأدلة تشير إلى وجود طائفة المسيحيين، وليس إلى وجود المسيح، ومن المعلوم أنه في نهاية القرن الأول الميلادي كانت هناك جماعات بدأت في التشكل عرفت باسم جماعات "المسيحيين".
لكن ما هي الأدلة الخارجية التي قد يذكرها بعض المسيحيين؟
أهمهم على الإطلاق وأقربهم من عهد المسيح هو ما وجد مكتوباً في تاريخ يوسيفوس المعروف بتاريخ اليهود Jewish Antiquities : " وكان نص ما وجد مكتوباً في تاريخ يوسيفوس كالتالي: الآن، كان في هذا الوقت، رجل حكيم، يسوع، لو كان يحق لنا أن نميه رجلاً، لأنه كان يقوم بأعمال عجيبة، كان معلماً لأولئك الرجال الذين تلقوا الحقيقة بسرور. وقد جذب إليه كثير من اليهود ومن الاممين، كان المسيح *، وعندما قام بونتياس بيلاطس بناء على طلب زعماء اليهود بإدانته وصلبه، لم يتخلى عنه أحباؤه، لأنه ظهر لهم حياً مرة أخرى في اليوم الثالث، كما أخبر الأنبياء الربانيون، وعشرات الآلاف من الأشياء العجيبة التي قام بها، وطائفة المسيحيين التي سميت هكذا من بعده، ليست نادرة في أيامنا هذه "
وقد كتب يوسيفوس تاريخه في تسعينات القرن الأول.
* ( يوسيفوس كان يهودي، عاش ومات يهودي، ولم يعتنق المسيحية قط، ولم يصدر حرمان بحقه من أحبار اليهود من دخول المعابد اليهودية كما كان يحدث مع من يعتنق المسيحية).
ويتفق معظم المحققون أن هذا النص مزيف، وأن أحد المسيحيين قد أقحم هذه الفقرة ضمن نسخة من تاريخ يوسيفوس في القرن الرابع الميلادي على الأغلب، حيث لم ترد أي إشارة من أباء الكنيسة الأوائل لهذا النص قبل القرن الرابع، رغم وجود حوارات ومناقشات حامية بين آباء الكنيسة واليهود، ومثل هذه الشهادة من يوسيفوس كانت ستعد ذخيرة جيدة للمسيحيين. ويصف الأسقف واربورتون Warburton هذه الفقرة بأنها " محض تزييف
هناك اتجاه نقدي في التعامل مع المسيح والمسيحية يميل الى اعتبار المسيح اسطورة ، وينقسم هذا الاتجاه الى تيارين اثنين : الأول منهما يحصر اسطورية المسيح في حياته الانجيلية فقط ، في حين يسلم بأن للمسيح وجود تاريخي حقيقي بالفعل ، ولكنه لم يكن بالتأكيد على هذه الصورة التي تحدثنا عنها الأناجيل والتي رسمها من بعد بولس واللاهوت الكنسي .. أما الاتجاه الثاني فهو يعمم اسطورية المسيح لتشمل شخصيته ذاتها بحيث ينكر هذا الاتجاه وجود شخص حقيقي اسمه ( عيسى ) ..
وأعتقد أن عيسى كان شخصية واقعية ولكنه كان مجرد شخصية عابرة ، ولعله كان داعية اصلاح يهودي ، أو لعله كان أحد اتباع طائفة الأسينيين التي تلتقي فكريا الى حد كبير مع المسيحية ، وربما كان ثوريا ادعى أنه المسيح ( وما أكثرهم في تاريخ اليهود ) خصوصا وأن هناك اتجاه يحاول أن يربط شخصية عيسى بشخصية مسيح اخر هو يهوذا المسيح الجليلي الذي قاد انتفاضة ضخمة وأسس طائفة دينية كبيرة وكان لها وجود في عهد نيرون .. الموضوع كبير جدا ومثير حقا .. ولكن من الثابت ايضا أن الرأي القائل باسطورية شخصية المسيح وعدم وجوده على مسرح التاريخ هو رأي قوي الحجة ويستند الى أدلة وحجج قوية ..
وكذلك الأمر بالنسبة الى اشارة المؤرخ الروماني " تاسيتوس" فهي ايضا من الاشارات التقليدية المعروفة والتي يحاجج بها أنصار فكرة تاريخية المسيح ، وقد ذكر كريفيليوف في رد هذه الاشارة ما يلي ( لقد كتب تاسيتوس مؤلفاته بعد مضي أكثر من ثمانية عقود على اللحظة المفترضة لموت عيسى وليس من الممكن أن يكون معاصرو يسوع الذين شهدوا نشاطه قد بقوا في عداد الأحياء حتى ذلك الوقت ، و تاسيتوس يعود الى الجيل الثالث اذا اعتبرنا معاصري يسوع الجيل الأول ، وكان من المستحيل على تاسيتوس أن يستمد معلوماته من الاحتكاك الشخصي بمعاصري الأحداث التي وصفها .. وكان يوجد في مستهل القرن الثاني الميلادي الكثير من المسيحيين الذين ينقلون الحكايات والأساطير عن موت المسيح ، ولم يكن في وسع تاسيتوس تلقي المعلومات الا من التقاليد الشفوية ، ولم يكن عنده مصدر آخر ) ( المسيح حقيقة أم اسطورة : 144 )
أن الوجود التاريخي ليسوع المسيح هو أمر غير محسوم، وظني أن الخرافة فيه أكبر بكثير من الوقائع، ولا يمكن التعويل على الروايات المسيحية فقط، خاصة وأن معظم الأدلة الخارجية المعتبرة تشير إلى عدم وقوع كثير من الأحداث المتعلقة بحياته، وإلى عدم وجود هذا الشخص – يسوع المسيح – أو على الأقل أن الخرافات التي رويت عنه بعد موته، تفوق أي حقائق تاريخية عن حياته، مما يجعل التفريق بين الحقيقة والخيال بشأن هذا الرجل أمر أشبه بالمستحيل.
وهناك إحتمال آخر، وهو أن يكون شخص يسوع المسيح هو شخصية رمزية، تحمل إسقاطات دينية ورؤيوية من أديان وعقائد مختلفة .. أوزوريس، حورس، مترا، المعلم الصديق (لطائفة الآسنيين أو اليسوعيين) ، المسيح المنتظر، آلهة الإغريق .. إلخ.
أو أنه شخصية تاريخية ولكنها عاشت في فترة مختلفة وتم إستحضارها في هذا العصر محاطة بهالة من الأساطير والخرافات نتيجة للظروف الآنية التي أحاطت بالطوائف اليهودية.
عن الجدل حول تاريخية المسيح.. لخص المؤرخ الادينى الشهير "ويل ديورانت" كل هذه الأحداث فى فصل كامل بمجلدات "قصة الحضارة" وأسماه "المسيح"..
يقول ويل ديورانت:
لقد كان بولنجبروك والملتفون حوله - وهم جماعة ارتاع لأفكارهم فلتير نفسه - يقولون في مجالسهم الخاصة إن المسيح قد لا يكون له وجود على الإطلاق، وجهر فلني Volney بهذا الشك نفسه في كتابه خرائب الإمبراطوريّة الذي نشره في عام 1991؛ ولما التقى نابليون في عام 1808 بفيلاند Wieland العالم الألماني لم يسأله القائد الفاتح سؤالاً تافهاً في السياسة أو الحرب، بل سأله هل يؤمن بتاريخية المسيح؟
ولقد كان من أعظم ميادين نشاط العقل الإنساني في العصر الحديث وأبعدها أثراً ميدان "النقد الأعلى" للكتاب المقدس- التهجّم الشديد على صحته وصدق روايته، تقابله جهود قوية لإثبات صحة الأسس التاريخية للدين المسيحي.
وقد دارت رحى أولى المعارك في هذه الحرب التي دامت مائتي عام كاملة في صمت وسكون، وكان الذي أدارها هو هرمان ريمارس Hermann Reimarus أستاذ اللغات الشرقية في جامعة همبرج، فقد ترك بعد وفاته في عام 1768 مخطوطاً عن حياة المسيح يشتمل على 1400 صفحة حرص على ألا ينشره في أثناء حياته. وبعد ستة سنين من ذلك الوقت نشر جتهولد لسنج Gotthold Lessing أجزاء من هذا المخطوط، رغم معارضة أصدقائه في هذا النشر، وسماه هتامات ولفنبتل Wolfenbuttel Fragments.
ويقول ريمارس أن يسوع لا يمكن أن يُعد مؤسس المسيحية أو أن يفهم هذا الفهم، بل يجب أن يفهم على أنه الشخصية النهائية الرئيسية في جماعة المتصوفة اليهود القائلين بالبعث والحساب، ومعنى أن المسيح لم يُفكر في إيجاد دين جديد بل كان يفكر في تهيئة الناس في استقبال دمار العالم المرتقب، وليوم الحشر الذي يحاسب فيه الله الأرواح على ما قدمت من خير أو شر.
وفي عام 1828 لخص هنريخ بولس Heinrich Paulus حياة المسيح في 1192، صفحة، وعرض تفسيراً عقلياً للمعجزات: أي أنه آمن بوقوعهما، ولكنه عزاها إلى علل وقوى طبيعية..
ثم جاء دافد استروس David Strauss (1835- 1836) في كتابه عن حياة المسيح، فرفض ما حاوله هنريخ بولس من توفيق بين المعجزات والعلل الطبيعية، وقال إن ما في الأناجيل من خوارق الطبيعة يجب أن يُعد من الأساطير الخرافية، وإن حياة المسيح الحقيقية يجب أن تعاد كتابتها بعد أن تحذف منها هذه العناصر أياً كانت عناصرها.
وفي عام 1840 بدأ برونو بور Bruno Bauer سلسلة من الكتب الجدلية الحماسية يبغي بها أن يثبت يسوع لا يعدو أن يكون أسطورة من الأساطير، أو تجسيداً لطقس من الطقوس نشأ في القرن الثاني من مزيج من الأديان اليهودية، واليونانية، والرومانية.
وفي عام 1863 قالت المدرسة الهولندية مدرسة بيرسن Pierson ونابر Naber، ومتثاس Matthas بالحركة إلى أبعد حدودها إذ أنكرت حقيقية المسيح التاريخية.
وفي ألمانيا عرض آرثر دروز Arthur Drews هذه النتيجة السالبة عرضاً واضحاً محدداً (1906)؛ وفي إنكلترا أدلى و.ب. اسمث W. B. Smith، و ج. م ربرتسن J. M. Robertson بحجج من هذا النوع أنكر فيها وجود المسيح.
المصادر الباحث الالماني ماير في كتبه " نشأة المسيحية الباحث الأمريكي كار مايكل في كتابه" موت يسوع المسيح " ) المسيح حقيقة أم اسطورة " للباحث الروسي كريفيليوف
#كريم_ثاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يهود مزراحيون
-
تصورات الاديان الشرقية لفكرة الالوهية
-
يسوع قراءة و تحليل و نقد (7 )
-
يسوع قراءة و تحليل و نقد (5)
-
يسوع قراءة و تحليل و نقد ( (4
-
يسوع قراءة و تحليل و نقد ( 1 )
-
هل هناك كائنات خارج الارض
-
الاسرائليات روايات
-
هل المسيح يهودي الاصل
-
منبع الكتب المقدّسة الأساطير
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|