|
محددات السياسة الامريكية في الوطن العربي
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 1256 - 2005 / 7 / 15 - 04:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مساء يوم الثلاثاء في 12/7/2005 جمعتني دعوة كريمة من الصديق سلامة كيلة حول طاولة مستديرة في مركز الغد العربي الذي يشرف عليه الدكتور جورج حبش، مع نخبة من ممثلي العقل والحكمة في سورية أذكر منهم الدكتور أحمد برقاوي والدكتور يوسف سلامة والدكتور نبيل سكر والأستاذ حسين العودات والأستاذ ميشيل كيلو والأستاذ نزار سلوم والدكتور الطبيب الجراح أحمد سمير التقي، والأستاذ على الكردي، وكان حوار رصين ومفيد جداً حول السياسات الأمريكية في المنطقة. أعيد هنا نشر ما كنت قد كتبته في حوار مع ورقة العمل المقدمة من الأستاذ سلامة كيلة، على أن ينشر المركز لاحقا نص الحوارات التي جرت في تلك الأمسية. بدأ اهتمام الإدارات الأمريكية المتعاقبة بالوطن العربي، بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقد وجدت لهذا الاهتمام إطارا جيوسياسيا، تم استيعابه ضمن مصطلح الشرق الأوسط وشمال أفريقا، كبديل لمصطلح الوطن العربي الذي غيب عن قصد عن كل الدراسات الغربية، وعن الخطاب السياسي الغربي، وذلك بقصد واضح هدفه تمكين و استيعاب إسرائيل في إطاره. غير أن الأمر تغير بعض الشيء بعد أحداث الحادي عشر من أيلول لعام 2001، وبروز ظاهرة ما يسمى الإرهاب الموسوم إسلاميا، في إطار جيوساسي جديد، يكاد يتسع ليشمل البلدان الإسلامية بكاملها، خصوصا في جنوب شرق أسيا، إلى جانب البلدان العربية. لم يعد من الممكن تجاهل هذه الظاهرة العنفية، كعامل مهم في السياسات الدولية. وبغض النظر عن الأسباب المباشرة لهذه الظاهرة كان لا بد من توسيع الإطار الجيوسياسي ليحيط بكامل جغرافية الظاهرة الجديدة، وبالتالي كان لا بد من مصطلح جديد يحيل بدلالته الاصطلاحية إليها، فكان مصطلح الشرق الأوسط الكبير. في إطار المصطلح الأول كان الوطن العربي مستوعبا بالكامل إلى جانب بعض الدول الإسلامية المحيط به في المشرق مثل تركيا وإيران، أما المصطلح الجديد فقد توسع كثيرا ليشمل إلى جانب الوطن العربي أغلبية الدول الإسلامية في أسيا. وفي البحث عن أسباب ولادة وتوسع ظاهرة العنف الموسومة إسلامياً نواجه مباشرة بطبيعة الأنظمة العربية المستبدة، التي رضيت بكامل إرادتها أن تكون جزءا من أدوات السياسة الإمبريالية في المنطقة، وخصوصا السياسة الأمريكية. فمن المعروف أنه، قبل الحادي عشر من أيلول كان المبدأ الأساس الموجه للسياسات الأمريكية في المنطقة هو ضمان استقرار المنطقة، وهذا تطلب عمليا من الإدارات الأمريكية دعم الأنظمة العربية المحافظة والأنظمة الاستبدادية، أي " غض النظر عن النقص الشديد في الحرية" حسب ما جاء في خطاب الرئيس بوش أمام الصندوق الوطني للديمقراطية في 8 تشرين الثاني عام 2003. وهذا كان ضروريا لضمان جريان النفط في شرايين الاقتصاد العالمي، وكذلك لتمكين إسرائيل واستخدام فائض قوتها، في عملية الضبط المشار إليها. في تلك المرحلة كان يكفي للتحكم بالنفط وتسخيره لخدمة المنظومة الرأسمالية ككل، وكذلك لتمكين أمريكا من التحكم بالقرار السياسي العالمي، استخدام الأدوات الاقتصادية والتجارية، إلى جانب أدوات الضغط السياسية. أما بعد الحادي عشر من أيلول فقد أصبح المبدأ الموجه للسياسات الأمريكية في المنطقة هو التغيير تحت يافطة الحرية والديمقراطية، بحثا عن إيجاد حل ما، أغلب الظن أنه متوهم، لما تسميه بظاهرة الإرهاب، هذا من حيث الظاهر والمعلن، أما من الناحية الفعلية والجوهرية فهي تبحث عن أشكال جديدة لإدارة مصالحها في المنطقة، وتامين السيطرة على صنبور النفط، وهذا يتطلب وجود أياد تمسك به، عوضا عن الأدوات التجارية والسياسية غير المباشرة. لست واثقا من أن القدر يسخر، مع ذلك أقول أن من سخريته أن تلتقي مساعي أمريكا للتغيير في المنطقة تحت يافطة الحرية والديمقراطية، موضوعيا على الأقل، مع طموحات شعوبنا للتحرر من الأنظمة الاستبدادية المتخلفة النهابة. غير أن ما تريده أمريكا من الحرية و الديمقراطية، وما هي بحاجة إليه شعوبنا مختلف كثيراً. السبب الثاني لولادة ظاهرة العنف في المنطقة هو فشل مشاريع التنمية المحلية، ونمو الفقر والبطالة، وانسداد الأفق أمام احتمالات التغيير نحو الأفضل. والإحالة السببية هنا أيضا سهله، أي نحو الأنظمة العربية، ونحو أمريكا وغيرها من الدول الرأسمالية الحليفة لها، والتي تشاركت في حلف غير مقدس لنهب ثروات الدول العربية والإسلامية. والسبب الثالث هو قضية فلسطين، وزرع الكيان الصهيوني فيها، وما ارتبط بها من ممارسات صهيونية وأمريكية ضد الأخوة الفلسطينيين بصورة خاصة، والعرب والمسلمين عموماً، ترتقي في جانب أساسي منها إلى مستوى الإذلال الوطني والقومي والديني. والسبب الرابع يتعلق بفشل الحركات القومية واليسارية في الرد على المخططات الأمريكية والصهيونية في المنطقة، وانحسارها الملحوظ من ساحة الفعل السياسي، ومن ثم بروز الإسلام السياسي كمالئ للفراغ، وكلاعب أساسي، خصوصا التيارات المتطرفة منه. في هذا المجال يجب أن لا ننسى أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الرأسمالية المتقدمة هي التي نظمت ومولت ودعمت واستخدمت الحركات الجهادية الإسلامية، في أفغانستان ضد الوجود السوفييتي، في تمرين تبين لاحقا مدى خطورته، واستحالة التحكم في توجيهه وفق المطلوب. القول السابق يظل ناقصا، إلى درجة كبيرة، إذا لم نقاربه في إطار أوسع، وهذا يحيلنا بالتأكيد إلى التغيرات التي طرأت على العالم نتيجة سقوط النظام السوفييتي، الذي فاجأ الجميع بسرعته وبآثاره الكونية، وخصوصا على الولايات المتحدة الأمريكية. فبدلا من كونها قطبا بين أقطاب، سواء ما كان يقف في مواجهتها، أعني الاتحاد السوفييتي، أو ما كان يقف إلى جانبها من الدول الرأسمالية المتقدمة، وجدت نفسها قطبا عالميا وحيدا. ومن أجل استيعاب هذا الواقع الدولي الجديد والعمل على ضبطه والتحكم به، أعلنت إدارة جورج بوش الأب عما اصطلح عليه في حينه بالنظام العالمي الجديد، أو ما أصبح لاحقا مستقرا في إطار ما يسمى بالعولمة. لقد لخصت الدراسة التي سربها البنتاغون في عام 1991، وجهة النظر الأمريكية من الانتظام العالمي الجديد الآخذ بالتكونن، والتي احتجت في حينه عليها أغلب الدول الرأسمالية المتقدمة، والعديد من المنظمات والهيئات الدولية. الفكرة الرئيسة في هذه الدراسة تفيد أن أمريكا سوف تحول في المستقبل دون بروز أي قطب جديد، وأنها سوف تعمل للمحافظة على إدارتها للمنظومة الرأسمالية المعولمة، وبالتالي على موقعها المهيمن في السياسة العالمية، ولتحقيق ذلك سوف توظف ليس فقط قوتها الاقتصادية والسياسية، بل وفائض قوتها العسكرية المتعاظمة. من غير الممكن بعد الآن فهم السياسات الأمريكية الراهنة، وفي المستقبل المنظور، خارج نطاق العولمة التي وجدت نعتا لها في بعض الكتابات بالأمركة، وذلك انطلاقا من كون أمريكا هي الفاعل الرئيس في السياسات العالمية الراهنة. لقد شهدت المنظومة الرأسمالية الكونية حقبة جديدة من تطورها، بفضل الثورة العلمية والتكنولوجية المعاصرة، كانت قد بدأت، حسب أغلب الدراسات المهتمة بالظاهرة، بصورة تقريبية منذ منتصف القرن العشرين، ولا تزال صيرورتها في تعاظم مستمر. كان من نتيجة هذا الحقبة التطورية الجديدة حصول تغيرات عميقة في بنية الرأسمالية، بما هي تشكيلة اجتماعية اقتصادية، وفي طريقة اشتغالها. ففي حين كانت كمية متزايدة باستمرار من العمل الحي تنتج كمية متزايدة باستمرار من الخيرات المادية في الرأسمالية التقليدية، أصبحت هذه القاعدة في الرأسمالية المعولمة على الشكل التالي: كمية متناقصة باستمرار من العمل الحي تنتج كمية متعاظمة باستمرار من الخيرات المادية. هذا التغير الجوهري في بنية الرأسمالية، قاد إلى تغيرات أخرى في حقل الصراعات الاجتماعية الطبقية، وفي أدوار الطبقات والفئات الاجتماعية. لقد قدم ماركس في حينه، في كتابه رأس المال، وهو يحاول إثبات تعاظم الطابع الاجتماعي لرأس المال، تحليلا دقيقا لهذه التغيرات لا تزال تحافظ على راهنيتها، من خلال مقولتي التركيب الفني والتركيب العضوي لرأس المال. باختصار ثمة سمات جديدة آخذة في التشكل والبروز في الرأسمالية المعولمة هي انعكاس لتغيرات بنيوية عميقة، قادت إليها الثورة العلمية والتكنولوجية المعاصرة نذكر منها: أ- لقد سقطة مقولة العامل الحر باعتبارها السمة الجوهرية الدالة على الرأسمالية، ليحل محلها العامل غير الحر. وبالعلاقة معها سقطة ضرورة وجود نسبة معينة من قوة العمل في وضعية البطالة للتحكم بمستوى الأجور، ليحل محلها فيض سكاني مطلق. ب- إن الحاجة التشغيلية لرأس المال من قوة العمل الحي تتناقص بصورة مطردة، وهذا يؤدي إلى استقطاب حاد في المجتمع ويولد صراعات جديدة بين من يعملون ومن لا يعملون. ت-تعاظم التشارك العالمي في المجال الاقتصادي، مع بقاء المجال السياسي متخلفا عنه. في ظل الرأسمالية المعولمة لم يعد من الممكن الحديث عن اقتصادات وطنية إلا مجازيا، في حين أن الحديث عن المجال السياسي لا يزال يأخذ الطابع الوطني. تذكرنا هذه المفارقة بما شهدته الرأسمالية في مرحلة صعودها خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث كان عدم التطابق بين البناء التحتي والبناء الفوقي في الرأسماليات الوطني السبب وراء الثورات الكثيرة التي شهدتها أوربا، مع الفارق الجوهري بين الحالتين هو أن الرأسمالية المعولمة تشتغل على النطاق الكوني. ث- إن عدم التطابق بين البناء التحتي والبناء الفوقي للرأسمالية المعولمة يوحي ظاهريا وكان الرأسماليات الوطنية عادت لتتنافس، وتتصارع، من جديد، فيما بينها على الموارد وعلى الأسواق. في ظل هذا المناخ العولمي، وما يترتب عليه من استقطاب حاد في داخل كل بلد، وبين البلدان فيما بينها، وبين الشمال والجنوب، يصبح العنف هو الهواء الصالح للتنفس. في ضوء التحليل السابق يمكن فهم ميل الإدارات الأمريكية المتعاقبة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وفقدان العالم توازنه السابق، لاستخداد القوة في السياسة الخارجية على نطاق واسع، والتي ساهمت التطورات التكنولوجية العسكرية في جعلها مغرية، إذ جعلت من الحروب المحدودة أشبه بلعبة إلكترونية. وبطبيعة الحال القضية الجوهرية في حروب أمريكا الخارجية هي كما أسلفنا الدفاع عن المصالح الأمريكية في العالم، بما فيها محاولة ديمومة زعامتها للعالم إلى أمد طويل. وتبقى أسئلة كثيرة مفتوحة: لماذا استهداف الوطن العربي الآن، رغم كل الخدمات التي قدمتها الأنظمة العربية لأمريكا ومصالحها في المنطقة؟ ولماذا اختارت أمريكا العراق بالذات؟ وهل حقيقة لأمريكا مصلحة أن تعم الحرية والديمقراطية في الوطن العربي؟ وما هي احتمالات المستقبل؟ أسئلة كثيرة تبحث عن أجوبة محتملة؟... إن أغلب الدراسات المستقبلية تشير إلى أن طابع القرن الحالي، خصوصا نصفه الثاني سوف يتحدد في ضوء موازين القوى الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، في حين سوف يقتصر دور الاتحاد الأوربي وروسيا واليابان والهند وربما البرازيل والمكسيك على ضبط هذه العلاقات التوازنية ومنعها من التفجر. وباعتبار أن النفط سوف يكون خلال القرن الحالي هو المصدر الرئيس للطاقة حسب رأي الخبراء يترتب على ذلك أن من يسيطر على صنبور النفط سوف يفرض هيمنته في العلاقات الدولية بما يخدم مصالحه. من هذا المنظور فإن أمريكا تعمل في أكثر من مستوى: فهي أولا تعمل على تأمين تحكمها بصنبور النفط، بعد أن كانت تتحكم إلى درجة كبيرة على نقله وتكريره وتسويقه بواسطة شركاتها العملاقة. لذلك وبعد أن فرغت من تأمين حقل بحر قزوين، ثاني اكبر حقل نفطي في العالم، تتوجه الآن لتمتين تحكمها بحقل الشرق الوسط. ضمن هذا الإطار جاء الغزو الأمريكي لأفغانستان، وزرع المنطقة بالقواعد العسكرية الأمريكية. وفي السياق ذاته جاء غزو أمريكا للعراق. في الحالة الأولى تم تحييد التأثير الروسي على نفط بحر قزوين ومنطقة القوقاز، وفي الحالة الثانية تم إخراج أوربا واليابان من دائرة التأثير على نفط الشرق الأوسط. وفي كلتا الحالتين تستطيع أمريكا بعد الآن ابتزاز الدول المعنية ودفعها للوقوف إلى جانبها في لعبة الهيمنة العالمية بدلا من احتمال وقوفها على الحياد في لعبة النفوذ الدولية بين الصين وأمريكا، وإعاقتها من أن تتحول هي ذاتها إلى أقطاب. وفي المستوى الثاني تعمل أمريكا على نشر وتعميم النموذج الأمريكي في الحياة من خلال هيمنتها على العولمة الثقافية، مع كل ما يولده ذلك في وطننا العربي وفي عالمنا الإسلامي من استفزاز، و تحد وردود فعل. وفي المستوى الثالث تحاول أمريكا التحكم أكثر في التبادل غير المتكافئ بين الشمال والجنوب باستخدام الوسائل السياسية حيث لا تكفي الوسائل الاقتصادية. وفي المستوى الرابع تعمل أمريكا على الاستفادة من مديونيتها وعجز ميزانها التجاري كأدوات في السياسة لابتزاز الدول الرأسمالية الأخرى مستفيدة من موقع اقتصادها ودوره في الاقتصاد العالمي. في هذا السياق تعمل أمريكا على الاستفادة من ظاهرة الإرهاب إلى الحد الأقصى لتأمين هيمنتها العالمية. ويجب الاعتراف بأنها قد نجحت إلى حد كبير في خلق صورة لعدو جديد، أسمته "الإرهاب" تستفيد منه في خلق مناخ سياسي ونفسي يخدم مصالحها. وإذا تمت مناقشة الظاهرة من زاوية المستفيد منها، يمكن قبول فكرة أن الإرهاب هو فبركة أمريكية بامتياز. فيما يتعلق باختيار أمريكا العراق للبدء في تغيير المنطقة وفق المصالح الأمريكية الاستراتيجية، كما أصبح ذلك واضحا ومعلنا من قبل المسؤولين الأمريكيين على مختلف درجاتهم، يمكن تسجيل الملاحظات التالية: أ-يمتلك العراق ثاني أكبر مخزون نفطي في العالم، وفي بعض الدراسات يحتل الموقع الأول. ب-إخراج روسيا وفرنسا من ساحة النفط في الشرق الأوسط . ت-يعتبر العراق نموذجيا لتطبيق الرؤية الأمريكية للتغيير في الشرق الأوسط، القائمة على إعادة إنعاش البنى ما قبل الدولة الوطنية، ووضعها في حالة صراع دائم، أو في وضعية تنافسية هشة، مما يحول دون التفكير في أي مشروع نهضوي شامل، يستطيع العراق بما يمتلكه من ثروة وقوة بشرية وموقع أن يكون قاعدة جيدة لانطلاقته. ث-الموقع الاستراتيجي للعراق وإمكانية استخدامه للتأثير على الدول المجاورة وخصوصا إيران وسورية. ج- وأخيرا توفر الذرائع الكثيرة التي خلقها النظام العراقي، من حربه على إيران إلى غزوه للكويت، إلى توتير علاقاته مع الدول المجاورة، إلى الحصار الدولي ..الخ. أين إسرائيل من كل ذلك؟ وفي الجواب عن هذا السؤال يمكن القول باختصار شديد أن الكيان الصهيوني كان الأكثر استفادة من حرب أمريكا على الإرهاب، سواء في استلهامها وتطبيقها المباشر على الشعب الفلسطيني، أو في بروزها القوة الإقليمية الأبرز بعد تدمير القوة العراقية، وإخراج العراق من معادلة التوازن بين العرب وإسرائيل، لأمد غير منظور. ما العمل؟ سؤال لم تطرحه ورقة العمل المقدمة. اعتقد أن قيمة التحليل السابق، وقيمة أي تحليل أو تنظير آخر لسياسات الآخرين تجاه بلداننا وشعوبنا، وتحديدا لنهج الإدارات الأمريكية وسياساتها في منطقتنا، هو في قدرته على التأسيس للرد عليها من منظور مصالحنا. ويأخذ السؤال طابعا أكثر جدية وخطورة، بالنظر إلى أن وجودنا بالمعنى الحضاري هو المستهدف. ودون الاستطراد في بحث عن أجوبة محتملة عن سؤال ما العمل الذي يتطلب مزيدا من الوقت والدراسة، وهذا يخرجنا عن إطار حلقتنا النقاشية هذه، مع ذلك لا بد من تسجيل الملاحظة التالية: إن تاريخنا الحديث منذ بداية ما أصطلح عليه بعصر النهضة الأولى وحتى الوقت الراهن هو تاريخ إخفاقات متتالية، وهذا يستدعي منا مزيدا من التفكير والتمعن والبحث الجاد عن أسباب ذلك.من وجهة نظري إن عدم مقدرتنا على الجواب عن سؤال النهضوي الأول: لماذا تقدم الغرب وتخلفنا نحن؟، أو لماذا يستمر العرب يتخلفون ويتقدم غيرهم؟ في صياغته الراهنة يكمن في غياب الحرية والديمقراطية. فبدون الحرية لا مسؤولية وبدون المسؤولية لا قانون، وبدون الحرية والمسؤولية وسيادة القانون ينمو التخلف ويسلطن الفساد. وبدون الديمقراطية لا تستطيع القوى والفئات الاجتماعية أن تدافع عن مصالحها، بما يؤسس لمنطق المساومات التاريخية. إن التاريخ لا يستطيع أن يحقق منطقه بصورة أعظمية إلا في مناخ الحرية والديمقراطية،وعلى قاعدة المساومات التاريخية. إن الاشتغال على تقديم نموذج للدولة الوطنية من حيث: تعظيم مناخ الحرية والديمقراطية فيها، وهيكلة المجتمع المدني والسياسي بما يسمح بخلق علاقات جديدة بين السلطة و الشعب، تساعد جميعها في خلق المقدمات الضرورية للقيام بمشروع تنموي شامل هو المدخل الوحيد للنهوض.
#منذر_خدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وأخيرا عقد البعث مؤتمره
-
السوريون يكسرون القاعدة الذهبية لنظامهم
-
في سبيل مشروع وطني ديمقراطي لإنقاذ سورية
-
نحو حزب سياسي منفتح على المستقبل
-
مساهمة في نقد العقلية البعثية
-
الليبرالية وحذلقة المثقفين
-
بحث في طبيعة السلطة في سورية واحتمالات انفتاحها على العصر
-
حتى لا يخطئ أحد في قراءة التحركات الشعبية
-
نحو حزب بلا تاريخ-ضروراته وهويته
-
مبروك للشعب المصري
-
حرية المرأة من حرية الرجل
-
اغتيال الحريري:اغنيال لمشروع العلاقات المميزة
-
حول محاضرة نائب رئيس الجمهورية العربية السورية السيد عبد الح
...
-
كيف ستبدو سورية بعد الانسحاب من لبنان
-
مستقبل العلاقات السورية اللبنانية
-
ملاحظات على البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي السو
...
-
ملاحظات حوا البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي 2
-
ملاحظات على مشروع البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماع
...
-
حول الإصلاح في سورية: رؤية من الداخل
-
الديمقراطية ذات اللون الواحد
المزيد.....
-
هدنة بين السنة والشيعة في باكستان بعد أعمال عنف أودت بحياة أ
...
-
المتحدث باسم نتنياهو لـCNN: الحكومة الإسرائيلية تصوت غدًا عل
...
-
-تأثيره كارثي-.. ماهو مخدر المشروم المضبوط في مصر؟
-
صواريخ باليستية وقنابل أميركية.. إعلان روسي عن مواجهات عسكري
...
-
تفاؤل مشوب بالحذر بشأن -اتفاق ثلاثي المراحل- محتمل بين إسرائ
...
-
بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في ل
...
-
برلماني أوكراني يكشف كيف تخفي الولايات المتحدة مشاركتها في ا
...
-
سياسي فرنسي يدعو إلى الاحتجاج على احتمال إرسال قوات أوروبية
...
-
-تدمير ميركافا وإيقاع قتلى وجرحى-.. -حزب الله- ينفذ 8 عمليات
...
-
شولتس يعد بمواصلة دعم أوكرانيا إذا فاز في الانتخابات
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|