|
فصام الاشتراكيين الثوريين
سامح سعيد عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1256 - 2005 / 7 / 15 - 13:34
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
يتفق من ينتسبون لليسار فيما بينهم حول الحلم الشيوعى بالمجتمع البشرى و قد خلا من القهر والاستغلال و الملكية الخاصة والطبقات والسلطة المتعالية والمنفصلة عن إرادة البشر، و حيث تتزايد فيه حريات الأفراد والمساواة فيما بينهم، و لاشك أن اليسار قد فشل فى تحقيق الحلم الشيوعى أو الاقتراب منه حتى الآن، وربما لن تستطيع الأجيال البشرية الحية الآن أن تصل إليه أو أن تشارك فى صنعه، و برغم اعترافنا بدلك إلا أنه يحق لنا بل يجب علينا التبشير دائما بالحلم الشيوعى، و النقد المستمر للرأسمالية السائدة حاليا فى كوكبنا، إلا أن بعض من يدعون الراديكالية فى أوساط اليسار، يطرحون الحلم الشيوعى وكأنه برنامج اللحظة الراهنة كنوع من المزايدة الرخيصة على الواقعيين فى أوساط اليسار، فى نفس الوقت الدى يتخدون فيه مواقف أكثر يمينية من هؤ>لاء الدين ينعتوهم بالانتهازيين. فجماعة الاشتراكيين الثوريين تصف نفسها بأنها الجماعة الأكثر راديكالية وثورية ويسارية فى مصر باعتبارها الأعلى صوتا فى التعبير عن هدا الحلم،إلا أننا نلاحظ أنهم فى المواقف العملية يقفون فى الجانب الآخر مع القوى القومية والدينية والشعبوية فى مواجهة اليسار سواء الراديكالى أو التقليدى الأكثر اتساقا مع مبادئه فى الحرية والمساواة والتقدم.وهده هى الانتهازية نفسها بألف لام التعريف. فى الحقيقة أن هدا لم يتضح فقط فى موقفهم الأخير من التحالف مع الأخوان المسلمين الدى فى حقيقته مجرد إلحاقهم بوظائف لدى الأخوان بالمخالفة مع كل اليساريين الآخريين الدين رفضوا هدا التوظف، فقد كان لهم السبق فى تأييد القتل العنصرى للمدنيين على الهوية فى فلسطين والعراق الدى أسموه العمليات الاستشهادية، والتى وصفوها بأعمال المقاومة ضد الإمبريالية والصهيونية، برغم أنهم يعرفون أن من يقومون بهده الأعمال لن يخرجوا عن القوى القومية والدينية والطائفية التى تقترف جرائم خطف وتفجير المدنيين، ويتلخص مشروعهم السياسى فى الدولة الاستبدادية القومية أو الدينية، و هم يطالبون بالتضامن و التحالف مع القوميين والدينيين والطائفين لمجرد عدائهم لما يسمونه إمبريالية، وبالتضامن مع السفاحين العنصريين لمجرد أنهم يتحدون الاحتلال، فماذا تكون العدمية إن لم تكن تقديس الاحتجاج فى حد ذاته بصرف النظر عن من يمارسه ولماذا، و إن لم تكن الربط بين أى عنف واحتجاج والنضال الثورى بصرف النظر عن الهدف منه. وعلى ما يبدو أن ما أصبح يحدد مواقف الاشتراكيين الثوريين التحالفية والسياسية هو الموقف من عدو وهمى أسمه الإمبريالية، ومن ثم لم يصبح الصراع الطبقى ضد الرأسمالية محلية كانت أو عالمية هو ما يشغلهم عمليا، مثلما تفترض الماركسية التى ينتسبون إليها، فمثلما استسلم الشيوعيون المصريون فى الستينات لنظرية التطور اللارأسمالى المصنوعة فى موسكو، و فرضيات المجموعة الاشتراكية فى السلطة الناصرية والاشتراكية التى بدون اشتراكيين و التى تحتاج لاشتراكيين، فحلوا منظماتهم المستقلة والتحقوا كموظفين بالدولة الناصرية ،استسلم الاشتراكيون الثوريون لتحليل يعتبر الإسلام السياسى حركة تحرر وطنى معادية للأمبريالية يجب التحالف معها ، لمجرد أنه تحليل وارد حزب هامشى فى انجلترا، دون أن يتعب أحدهم نفسه فى تحليل الظاهرة على نحو أكثر عمقا، فبرغم عداء الإسلام السياسى الواضح لمصالح الطبقة العاملة و مواقفه العنصرية ضد غير المسلمين، ومواقفه ضد الحريات والحقوق الإنسانية عموما، يصبح عداءه الدينى العنصرى للإمبريالية، وموقفه التنافسى على السلطة الديكتاتورية من نظام الحكم القائم، مبررات كافية للتغاضى عن الدفاع عن الحقوق والحريات الإنسانية ومصالح الطبقة العاملة وسائر المضطهدين. وقد وصل الأمر بأحد كبار كوادرهم رفض التوقيع على بيان إدانة اغتيال كل من اليساريين اللبنانيين جورج حاوى وسمير القصير على أساس أن البيان لم يعلن تضامنه مع حزب اللة اللبنانى، وهو من سبق لكوادره اغتيال الشهيدين الشيوعيين مهدى عامل و حسين مروة. وبرغم نقد جماعة الاشتراكيون الثوريون لرأسمالية الدولة، فأنهم مازالوا يدافعون عن القطاع العام فى مواجهة الخصخصة، برغم أنه بخلق ما يسمى بالقطاع العام، سواء بتأميم القطاع الخاص، أو بالاستثمار الحكومى فى الإنتاج والخدمات، تم تحويل نسبة ضخمة من العمال فى المجتمعات الرأسمالية أو كلها كما فى المجتمعات البيروقراطية التى عرفها الناس باسم الاشتراكية، إلى طبقة أخرى تقع لو أردنا الدقة ما بين العمال و الأقنان، وهذا التحويل هو بمثابة تدهور حقيقى فى وضع العمال الاجتماعى، برغم ما قد يتميز به أشباه الأقنان هؤلاء على العمال الآخرين من استقرار وظيفى، وضمان اجتماعى، و مستوى معيشى أفضل، وأجور أعلى، و خدمات اجتماعية أوفر وأرخص، إلا أن هذا لا يمنع فى نفس الوقت أنهم أقل حرية و إنتاجية و أكثر عبودية من العمال غير الحكوميين. فوضع العامل لدى الدولة فى مواجهة الدولة كصاحب عمل هو وضع الإذعان من القن لشروط سيده، و التى تقوم على القبول بكل شروط وظروف العمل التى تفرضها الدولة عليه، فأين الانحياز لحرية العمال إدن ،إلا إدا كانوا يؤمنون بغير أن يعلنوا بالطبع أن القطاع العام لونا من الاشتراكية التى يبشروا بها. مما سبق يتضح لنا أن هناك حالة من الفصام الحقيقى تعانيها تلك الجماعة المعزولة التى فشلت بعد خمسة عشر عاما من تكوينها فى أن تحقق أى ارتباط بالطبقة العاملة، وأن تتجاوز حدود الحلقة الضيقة المحصورة فى القاهرة الكبرى، و برغم دلك تريد أن تفرض نفسها على الساحة السياسية الملتهبة الآن كأحد اللاعبين الرئيسيين، لتفرض شروط توازن القوى الموضوعية عليهم أن يكونوا ديلا لأحد القوى الكبرى و قد اختاروا بمحض إرادتهم تديل أسوء تلك القوى على الإطلاق و أكثرها تناقضا مع مواقف اليسار على نحو مهين،تاركين الرفاق اليساريين فى معسكر الديمقراطية الحقيقية وحدهم،متناسين أن لامعنى إطلاقا لتحالف النملة مع الفيل، إلا أن مجموعة من النمل تستطيع أن تصمد فى معسكر الحرية الحقيقية محاولة هزيمة أفيال القهر على الجانب الآخر فى معسكر الاستبداد، بأن تمتلك عناصر القوة أولا لمصارعتها، فعليك دائما قبل أن تنزل للملعب وأن تفرض شروطك فى اللعب أن تمتلك أولا القوى الداتية للعب، وفى الحالة اليسارية أن ترتبط بالقوى الاجتماعية التى تتدعى التعبير عنها،و أن تبدل فى دلك جهدا حقيقيا قبل النزول للملعب.
#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية التى نريد.. 3
-
الديمقراطية التي نريد..2
-
الديمقراطية التى نريدها 1
-
العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) ـ تفكيك ال
...
-
العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) ـ تطورات ا
...
-
6 العمال و رأس المال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) ـ الاست
...
-
العمال و رأس المال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) ـ 5 المنت
...
-
4 العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) ـ وحش ال
...
-
العمال و رأس المال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) 3ـ العبود
...
-
العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) 2 ـ ماضينا
...
-
العمال و رأس المال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) ـ تمهيد ن
...
-
دجل الخصخصة عبر تمليك أو بيع الشركات للعمال في مصر
-
إطلالة على العدد السادس من مجلة أوراق اشتراكية
-
أزمة الواقع وأزمة الخطابات السياسية
-
حول ملتقى اليسار المصرى
-
الاستقامة الفكرية والأخلاقية المفقودة
-
حوار الأنباء الثقافية العالمية مع سامح سعيد عبود
-
هل هناك حقا يسار عمالى عربى !! ؟
-
كيف نصنع نواة اتحاد عمالى حر و مستقل؟
-
العمال يؤكدون أفضلية إدارتهم للمصانع
المزيد.....
-
ما هي أبرز مخرجات الاجتماع بين الفصائل الفلسطينية في دمشق؟
-
الفصائل الفلسطينية:نؤكد ضرورة التلاحم بين الشعبين السوري الف
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
حزب العمال: مع الشعب السوري في تقرير مصيره في إطار سوريا حرة
...
-
بيان صادر عن الفصائل الفلسطينيه في دمشق
-
مجتمع في أوغندا يعود لممارساته القديمة في الصيد والزراعة لحم
...
-
بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
-
س?بار?ت ب? ?ووخاني ?ژ?مي ئ?س?د و پ?شهات? سياسيـي?کاني سوريا
...
-
النسخة الإلكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 582
-
الثورة السورية تسقط الدكتاتورية بعد 13 عاما من النضال
المزيد.....
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|