|
الكابوس الذي أقض مضاجع المالكي
جودت هوشيار
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 4427 - 2014 / 4 / 17 - 02:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الوثائق الرسمية والأدلة الدامغة ، التي قدمها وفد المعارضة السورية الى مؤتمر ( جنيف -2 ) لا يدع مجالا للشك ان ( داعش ) هي صنيعة النظام السوري . وهذا ما أكده المفكر السوري البارز الدكتور صادق جلال العظم في لقاء مع صحيفة " المدن " اللبنانية . يقول العظم " متخوف من "داعش" ويجب التخلص منها. إلا أنني أعتبرها امتداداً للنظام وسترحل مع رحيله. "داعش" هي صنيعة النظام، سواء الإسلاميين الذين تم الإفراج عنهم، أو المجرمين والمرتزقة. هذا لا ينفي وجود أجانب استقطبهم "الجهاد". إلا أنني أعتبر "داعش" العدو المفيد للنظام. استفاد منها ولم تقاتله. اكتفت حتى الآن باصطياد النشطاء والمعارضين، أي أنها حتى اليوم تقاتل أعداء النظام."
نعرف ويعرف كل عراقي ، ان نظام المالكي حليف ستراتيجي للنظام السوري ، يمده بالمقاتلين والأموال وبسهل عليه انتهاك العقوبات الدولية المفروضة عليه . وقد أقحم المالكي نفسه والشعب العراقي بأسره في حرب أستنزاف طويلة مع " داعش" وهو يقامر اليوم بمصيره ومصير العراق من اجل الفوز بولاية ثالثة ، فقد قام بأستدراج " داعش " الى داخل مدن محافظة الأنبار بعد أن كان محصورا في وادي " حوران " قرب الحدود السورية . وقد خيل اليه انه بلعبته هذه سيحقق ثلاثة اهداف ستراتيجية دفعة واحدة .
الأول : الأستقطاب الطائفي
أراد المالكي حشد تأييد الشيعة واستمالتهم الى جانبه عن طريق الأيحاء اليهم ان الأرهاب الذي يحصد أرواحهم وارواح العراقيين كل يـوم وكل سـاعة يتمثل في " داعش " والسنة العراقيين ودول الخليج وخاصة السعودية وقطر ، ( لا حظ خلط المالكي المتعمد بين داعش والسنة ودول الخليج ). وليس ادل على ذلك من تصريح النائبة عن دولة ( القانون ) ، حاملة هوية (صديقات صدام ) ( الماجدة ) حنان الفتلاوي ، حين قالت في لقاء متلفز " ينبغي قتل سبعة من السنة مقابل سقوط سبعة شيعة ، وهو تحريض علني على قتل السنة وأرهاب دولة بأمتياز لأن الفتلاوي تكاد ان تكون ناطقة رسمية بأسم دولة ( القانون ) . ولم يصدر عن المالكي وحزبه أي شجب لهذا التحريض الطائفي لحد الآن رغم ادانة الشعب العراقي بكل مكوناته وشجبه واستنكاره لهذا التصريح الذي ينطبق عليه المادة الرابعة من قانون مكافحة الأرهاب . كما لم تتخذ مفوضية الأنتخابات أي اجراء ضد الرفيقة الماجدة ، بل على العكس من ذلك استبعدت من الأنتخابات كل صوت حر فضح سياسات المالكي الكارثية وفساد حكومته أو فرضت عليه غرامة مالية كبيرة ( مها الدوري مثلاً ) .
الثاني : اضعاف الزخم الأنتخابي
خيل للمالكي، ان أنتهاء أزمة الأنبار ( بعد فض الأعتصام مقابل تلبية مطالب المعتصمين المشروعة ) واجراء الأنتخابات البرلمانية المقبلة في اجواء هادئة نسبيا يعني ان أهل المحافظات المنتفضة سيدلون بأصواتهم بكثافة وحماس الى ممثليهم الحقيقيين الذين سيشكلون كتلة برلمانية كبيرة .. و لو قدر لهذه الكتلة الجديدة ان ترى النور فأنها كانت ستتشكل من سياسيين حاول المالكي - منذ الأنسحاب الأميركي من العراق - تصفيتهم سياسياً بأبعادهم عن المناصب الحكومية والبرلمان ومعنويا بملاحقتهم بتهمة الأرهاب وجسديا في السجون والمعتقلات او بالكواتم وغيرها . ان ظهور كتلة قوية معارضة في البرلمان المقبل كان يعني قطع الطريق أمام المالكي للفوز بولاية ثالثة ، لأن معظم ان لم يكن كل القوى السياسية الأخرى تعارض تولى المالكي رئاسة الوزارة مجددا . فالتحالف الوطني تفكك عمليا والتململ من سياسات ( مختار العصر ) وصل الى داخل حزب الدعوة . وقد اقض احتمال ظهور مثل هذه الكتلة البرلمانية مضاجع المالكي
لذا اصبح افراغ اكبر مدينتين في محافظة الأنبار ( الفلوجة والرمادي ) هو الهدف الآني والشغل الشاغل للمالكي ولم يجد طريقة أفضل لتحقيق هذا الغرض من أستدراج " داعش " الى داخل هاتين المدينتين ، ليتسنى له تحويلهما الى ساحة حرب و قصف أحيائهما السكنية بالمدافع الثقيلة والصواريخ لأجبار سكانهما على الرحيل والنزوح ولقد بلغ عدد الأصابات لحد الآن في مدينة الفلوجة وحدها أكثر من (1000) قتل وجريح حسب بينات مستشفى الفلوجة العام .
وتشير احصاءات وزارة التخطيط العراقية ان عدد سكان محافظة الأنباريبلغ حوالى مليون ونصف المليون نسمة ، نزح منهم لحد الآن حوالى 600 ألف نسمة وما تبقى منهم لا يستطيعون التوجه الى مراكز الأقتراع والأدلاء بأصواتهم تحت القصف المدفعي والصاروخي والأشتباكات المسلحة ،حتى لو كانت مثل هذه المراكز موجودة فعلاً . وقد اعترفت مفوضية الأنتخابات أنها عاجزة عن اقامة مراكز للأقتراع العام في الفلوجة والبلدات التابعة لها ، ولم تكن للمفوضية مراكز تسجيل الناخبين في الفلوجة أصلاً ولم تزودها ببطاقات الأقتراع الألكترونية مما يعني حرمان هذه المحافظة من الأشتراك الفعلي في الأنتخابات .
ولم يكتف المالكي بأفراغ مدن وبلدات محافظة الأنبار من قسم كبير من سكانها ومنع البقية من الأشتراك في الأنتخابات المقبلة ، فأخذ بتسريب عناصر " داعش " بكل ما تمتلكه من آليات ثقيلة وأسلحة متطورة الى بلدات وقصبات المحافظات السنية الأخري ( الموصل ، صلاح الدين ، ديالى ) ويبدو ان جهود حلفائه الجدد من ( الداعشيين ) لم تكن كافية لذا أستعان بميليشيات ( بدر ، واهل الباطل ) لأرتكاب مجزرة دموية بشعة في بلدة ( بهرز ) الجميلة وأرغام سكانها على الرحيل.وافتعال معارك جانبية في طوزخورماتو وسليمان بك وبلدات أخرى والغرض أصبح واضحا وضوح الشمس وهو افراغ هذه المناطق من سكانها جزئيا ومنع ما تبقى منهم من التوجه الى صناديق الأقتراع .
ثالثاً : اعلان حالة الطواريء
منذ بدأ العمليات الحربية فرض المالكي تعتيما اعلاميا كاملا على أنباء المعارك والبيانات الصادرة عن الوزارات الأمنية او قادة الجيش ، لا تعكس بأي حال من الأحوال حقيقة خسائر طرفي ( النزاع ) ، فلو صدقنا البيانات الحكومية لأنتهت الحرب قبل أسابيع من الآن .ففي كل يوما نقرأ عن قتل العشرات من عناصر " داعش " وبضمنهم قادة ميدانيون . ولكن الحقيقة هي غير ذلك لأن حكومة المالكي تتستر على ضحايا القوات المسلحة التي قدرها نائب من الأنبار بين ( 5000 – 6000 ) قتيل ، وأعلن النائب بهاء الأعرجي قبل حوالي شهر عن اعطاب " داعش " لأكثر من ( 70 ) مدرعة للجيش. وفي العاشر من الشهر الجاري ( نيسان 2014 ) دعا العالم الديني السيد حسين الحكيم الى اتباع الشفافية في الكشف عن الاعداد الحقيقة لضحايا الاعمال العسكرية الجارية في بعض مناطق العراق. وقال الحكيم في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي " الفيس بوك " " قبل قليل تشرفت بزيارة الامام أمير المؤمنين عليه السلام ولاحظت - مع كون الوقت في حوالي الحادية عشر ليلا - كثرة جنائز شبابنا من شهداء القوات المسلحة، بعضهم استشهد في الموصل وبعضهم في الفلوجة وبعضهم لم يتيسر لي ان أعرف اين سفك دمه المهدور".
واضاف السيد الحكيم " ان لم يكن في الاموال وضوح وشفافية فهل الدم رخيص الى هذا الحد بحيث يعتم عليه وتخفى المعلومات الحقيقية لعدد شهدائنا من شبابنا الغيور على دينه ووطنه". ولس لنا تعليق على ما كتبه السيد الحكيم سوى المطالبة بكشف المستور ووضع حد لحرب الأستنزاف هذه ، الذي اكتوى العراقيون والعراقيات بنارها ، ونخشى ان تصل النار الى المنطقة الجرداء التي يتحصن فيها المالكي ، وربما هذا ما يريده المالكي لأتخاذه ذريعة لأعلان حالة الطواري واعلان نفسه حاكما اوحد مدي الحياة والبدأ بمجازر دموية جديدة أشد فظاعة من مجازر 8 شباط الأسود عام 1963 .
#جودت_هوشيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نصيحة يوليوس قيصر والمالكي
-
الطريق الطويل من الأطروحة الى الكتاب !
-
سيناريو الفوز بولاية ثالثة
-
ظاهرة نيلسون مانديلا
-
مهزلة العقل العفوي
-
كيف تؤثر تكنولوجيا المعلومات في قدرة الإنسان على التفكير؟
-
جائزة نوبل لقاء انتحال مبادرة
-
المعارضة الكردية ما لها وما عليها
-
عبء جديد على - الرجل الأبيض -
-
ما قل ودل : - كلاوات - المالكي
-
ما قل ودل :عش ودع غيرك يعيش !
-
فلك الدين كاكائي كما عرفت
-
أيطاليا تحتفل بمرور 500 عام على كتاب - الأمير - لنيكولو مك
...
-
المشهد المصري لن يتكرر في العراق !
-
جوزيف ناي ونظرية القوة الناعمة
-
- سترابادو - على الطريقة الأخوانية
-
أسباب وتداعيات الحراك الأحتجاجي في تركيا
-
أزمة الصحافة الورقية في العصر الرقمي
-
هل الكتابة اليدوية في طريقها الى الزوال ؟
-
اشكالية العلاقة بين الأخلاق و السياسة
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|