أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - أمريكية من الصعيد وأمريكية من بحرى















المزيد.....

أمريكية من الصعيد وأمريكية من بحرى


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 17:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أولا :
1 ـ سيدة مصرية فعّالة للخير ، تعيش فى نفس المنطقة معنا ، حكت لى هذه القصة وطلبت مشورتى ، وقلت لها رأيي ، ولأنها قصة هامة تعكس قضية هامة فإننى أنقلها هنا بمعناها وأحداثها على لسانها الانجليزى ولكن باسلوب عربى مفهوم .
2 ـ تقول السيدة الفاضلة : أنا سيدة مصرية حاصلة على الجنسية الأمريكية ، وأعيش فى منطقة فرجينيا من ثلاثين عاما، ولى علاقات متعددة بالجالية المصرية ، وأحاول بقدر المستطاع خدمة المحتاج منهم . منذ عام قيل لى أن أحد المصريين توفى فجأة وترك زوجته وابنه الذى يبلغ عشر سنوات ، وهى حائرة لا تعرف كيف تتصرف وحدها . عرفت أن بعض اهل الخير وقفوا الى جانبها فى دفن زوجها ، ولكن مشكلتها أنه لا تعرف شيئا عن الأحوال المالية لزوجها ، وقد ترك لها الأكوام من الأوراق والفواتير واستمارات البنوك والعقود ، ومنها عقد تمليك الشقة والأقساط عليها ، ومستحقات وديون ، وهى لا تعرف راسها من رجليها . ذهبت اليها ، وتوسطت لها فحصلت على مساعدات مالية وعينية من بعض الكنائس والمنظمات التى تقدم المعونات فى مثل هذه الحالات ، وقضيت معها عدة أيام أراجع فيها أوراق زوجها ، واعرف ما له وما عليه ، وإتضح أنه كان متزوجا من قبل وأنجب من زوجته الأمريكية بنتا ثم انفصل عن زوجته الأمريكية ، وانقطعت صلته بها وببنته ، وهذه البنت أكملت تعليمها ، وتولت مركزا مرموقا ، وكان أبوها يقابلها بعد أن صار لها شأن وحيثية ، وكان يوصيها على ابنه الصغير من زوجته المصرية . هو طبعا بعد أن طلق زوجته الأمريكية ذهب الى بلدهم فى الصعيد وتزوج بنت العمدة وأتى بها الى أمريكا ، من قريتهم الى أمريكا رأسا ، ومع انها حصلت على الجنسية الأمريكية تبعا لزوجها فقد ظلت صعيدية تماما لأن زوجها عزلها عن العالم فى شقتهم وعاملها كأى زوج صعيدى ، لا تعرف عنه شيئا ، ولا عن عمله ولا تعاملاته ، ثم مات وتركها هائمة تائهة . إتصلت بإبنته الأمريكية لتأتى وتشارك فى الموضوعات المطروحة طبقا للقانون حيث انها ضمن الورثة . وجاءت البنت الأمريكية وساعدت فى كثير من الاجراءات الرسمية فى التعامل مع البنوك وسداد القروض ، وفى قبض بعض المستحقات ، ونقل الملكية للزوجة الصعيدية ولابنها ، وتنازلت البنت الأمريكية عن حقوقها لأخيها الطفل ( غير الشقيق ) ولأرملة ابيها الصعيدية . فوجئت بعد هذا أن هذه الزوجة الصعيدية تشكونى لطوب الأرض ، وتتهمنى بالاهمال فى مساعدتها وأننى جلبت لها بنت ضرتها القديمة ، وعرفت أنها فى بعض الافادات الرسمية كذبت وكتمت أشياء ، وهذا يُعاقب عليه القانون . الذين جاءوا لى من قبل يطلبون منى أن أساعدها أخذوا يلوموننى بناء على كلامها ، ووجدت نفس مضطرة أن أدافع عن نفسى ، وأقسمت ألا أساعدها بعد ذلك ، وقطعت صلتى بها نهائيا وبكل من أعرفهم من الصعايدة الامريكيين بسببها ، وقلت أن ابنة زوجها موجودة وتستطيع أن تساعدها ، وهى الأولى . ثم جاء الأصدقاء اياهم وهم يترجوننى أن أذهب لمساعدتها لأنها فى بعض الافادات ظهر كذبها ، وأن ابنة زوجها قسمت لها الفواتير وشرحت لها ما فى الأوراق فأخفت بعضها لتتهرب من مستحقات وضرائب ، فابتعدت عنها ابنة زوجها الأمريكية وتركتها لتواجه نتيجة عملها ولأنها يأست من اصلاح مخها الصعيدى ، واصبحت الصعيدية فى ورطة ،وهى تطلب مساعدتى . واجهتها باتهاماتها لى ونكرانها الجميل فأخذت تحلف بالمصحف ،واجهتها بمن نقلوا كلامها لى فاعتذرت . أنا الآن فى حيرة . هل أعود واساعدها أم ابتعد عنها .ما رأيك فى التعامل مع هؤلاء الصعايدة الذين جاءوا أمريكا ومخهم مقفول ؟
ثانيا : اقول :
1 ـ هذه الرسالة تعكس أحط ما فى الثقافة المصرية وأفضل ما فى الثقافة الأمريكية . كلا الثقافتين فيهما السلبى المنحط ، والايجابى الرائع . وبعض المصريين الأمريكيين يأخذون الأسوا من الثقافتين ، وبعضهم يأخذ الأسمى منهما ، والبعض الآخر يتوسط . هذا الزوج وزوجته أخذا بأسوا ما فى الثقافة المصرية ، أما صاحبة الرسالة وابنة هذا الرجل الصعيدى الأمريكية فقد نجت من تلك الثقافة السيئة ، وتمسكتا باسمى ما فى الثقافة الأمريكية . الزوج جاء لأمريكا وتزوج أمريكية ليحصل على الجنسية الأمريكية ، وعندما حصل عليها طلق زوجته ، وقطع صلته بها وبابنته منها ، وذهب الى بلده ليتزوج بنت العمدة ، وليأتى بها مادة خام ، ولم يحاول تعليمها أو تعريفها بحقوقها كزوجة أمريكية ،أو حتى كزوجة مسلمة . تصرف معها وهى فى أمريكا كما يتصرف الصعيدى الجاهل مع زوجته . وعندما مات فجأة ترك لها الحيرة والارتباك ، لولا أهل الخير، ومنهم صاحبة الرسالة . هذا نموذج أصيل للندالة . الزوجة جاءت بكل أوزار الثقافة المصرية ، من الطمع فى الميراث ، والتشكك فى الغريب ، حتى لو كان الغريب هذا صاحب حق ، وبنتا للزوج الفقيد . وبهذا لا ترى حرجأ أن تكذب ، وأن تراوغ برغم ضحالة ما تعرف ، بل أن ترد الجميل بالنكران وترد الحسنة بالسيئة كما حدث فى تعاملها مع بنت زوجها ومع كاتبة الرسالة . هى أيضا نموذج لا يُستهان به فى الندالة .
2 ـ الحياة إختباروإختيار . الزوج والأرملة إختارا الأسوأ ، أما السيدة النبيلة كاتبة الرسالة فقد إختارت أن تساعد المحتاجين لوجه الله جل وعلا ، ولهذا يجدر بها أن تلبى رجاء هذه الأرملة لأنه هذا هو الذى يليق بالسيدة النبيلة كاتبة الرسالة . أريدها أن تعامل الأرملة ناكرة الجميل ، ليس بستوى خستها ، ولكن بمستوى النبل للسيدة المصرية النبيلة الكريمة . العدل فى الاسلام أن ترد السيئة بمثلها ، اما الاحسان فهو أن ترد السيئة بالحسنة وأن تعفو وتصفح ابتغاء مرضاة الله جل وعلا ، وطلبا للأجر من عنده جل وعلا . يقول رب العزة : ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) ( الشورى ). كما لا يصح أن نعاقب الأبرياء لخطأ ارتكبه فرد ينتمى الى نفس القبيلة أو المنطقة . من الظلم أن تأخذى موقفا برفض مساعدة أى صعيدى لأن صعيدية أخطأت ، لأن المبدأ الاسلامى هو : ألّا تزر وازرة وزر أخرى .
3 ـ يبقى أن اقول تصحيحا وعتابا للأخت الفاضلة التى تعمم الحكم على كل أبناء الصعيد المصريين : لا يصحّ التعميم . ليس كل الأمريكان ملائكة أو شياطين ، وكذلك بقية الشعوب . وليس معنى أن يخطىء ( صعيدى مصرى ) أن كل الصعايدة المصريين كذلك ، فالصعيد أنجب عظماء من المصريين . يكفى أن منهم طه حسين و مكرم عبيد . وحين نتكلم عن (أغلبية ) فلا يعنى هذا التعميم أبدا . نتعلم هذا من القرآن الكريم : يقول جل وعلا : ( الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) التوبة ) ليس هذا حكما عاما يشمل جميع الأعراب بل الأغلبية الساحقة منهم لأن الله جل وعلا يستثنى منهم أقلية مؤمنة صالحة من الأعراب ،يقول جل وعلا :( وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) التوبة )
4 ـ ( الفردية ) هى الصواب . والفردية تعنى الاختيار الحُرّ . كل فرد يختار موقعه وموضعه ، بين الخير والشّر ، أو فى المنطقة الرمادية بين بين . وقد يتأرجح بين هذا وذاك ، يخطىء ويتوب ، أو يتوب ويخطىء . وكلنا سواء فى الضعف الانسانى . وحقير جدا من يعتقد فى نفسه العصمة من الخطأ . الأولى أن يبدأ الانسان باصلاح نفسه والتفكير فى أخطائه وخطاياه ، وأن يتحرى العدل فى تعامله مع الناس ، فما يرضاه لنفسه يرضاه لغيره ، وما يرفض حدوثه لنفسه يرفض حدوثه لغيره . الأنانية مفتاح كل شرّ ، والعدل والاحسان مفتاح كل خير .
أخيرا
5 ـ تحياتى للسيدة المصرية الأمريكية النبيلة . وأرجو أن تواصل مشوارها فى عمل الخير إبتغاء وجه الله تعالى ، دون إعتبار لردود الأفعال من البشر .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تحب أبناءك .. من تانى .!!
- كيف تُحبُّ أبناءك
- ف 16 ( قل ) فى التحدى بالقرآن
- ف 15 ( قل ) فى تأكيد أن الاسلام ضد الاحتراف الدينى
- ف 14 ( قل ) فى الرد على إنكار البعث
- (قل ) فى الرد مقدما على المحمديين فى أن النبى محمدا لن يشفع ...
- ف (12 ) : (قل ) فى الرد مقدما على المحمديين فى أن النبى محمد ...
- فى حوار حول الولاية والأولياء ( قل )
- ( قل ) فى الحوار فى الألوهية طلبا للدليل العملى والعقلى
- ( قل ) فى الحوار وعظا بقرب قيام الساعة
- ( قل ) فى الحوار فى الألوهية بإيقاظ الفطرة داخل الكافرين
- ( قل ) فى الحوار فى الألوهية تهديدا للكافرين
- ( قل ) فى الحوار فى الألوهية ردّا على الكافرين
- ( قل ) فى الحوار فى التأكيد على عبودية النبى لله جل وعلا وحد ...
- هذا العار ..الى متى ؟!
- ( قل ) فى الحوار مغ الكافرين حول ( الخلق )
- أهل القرآن هم الحلّ
- : ( قل ) فى الردّ على من زعم إتّخاذه جلّ وعلا ولدا :
- ( قل ) فى الشفاء بالاخلاص فى الدين لله جل وعلا
- الفصل السادس :أعراض مرض الكفر


المزيد.....




- “نزلها واستمتع”.. تردد قناة طيور الجنة الفضائية 2025 على الأ ...
- كيف تنظر الشريعة إلى زينة المرأة؟
- مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا.. مهامه وأبرز أعضائه
- الرئيس بزشكيان: نرغب في تعزيز العلاقات مع الدول الاسلامية ود ...
- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...
- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - أمريكية من الصعيد وأمريكية من بحرى