أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع بتي حنا - كتابة الدستور – جرعة الكوكايين الجديدة















المزيد.....

كتابة الدستور – جرعة الكوكايين الجديدة


وديع بتي حنا

الحوار المتمدن-العدد: 1256 - 2005 / 7 / 15 - 04:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذعشرات السنين والعراقيون المساكين مُجبرون بالاكراه على مشاهدة ومعايشة مساسل الاحلام الكاذبة في حلقاته المملة , هكذا بقي قادتهم وحكامهم لزمن طويل يطالبون الشعب بشد الاحزمة على البطون املا في اطلاقها بعد حين بعد ( الانتصار على الاعداء ). واذا بمسلسل الشد هذا يستمر الى مالانهاية الى الحد الذي لم يعد في حزام العراقيين مجالا او حيزا لثقوب جديدة في الوقت الذي يتطلعون فيه الى جيرانهم وشعوب اخرى وهي تمارس بنجاح نفس العملية ولكن بالاتجاه المعاكس اي عملية فتح الاحزمة عوضا عن شدها.

عقود خلت والمخرج مع جوقته من الممثلين يدفعون بحلقة تلو الاخرى من( ألفية إبن مالك ) على أمل ان تأتي الحلقة الاخيرة بالاخبار السارة فينتشر ( الخير العميم ) ويتزوج الابطال من البطلات وينجبون صبيانا وبنات !. وهكذا اصبحنا نؤمن وبفعل الضخ الاعلامي الهائل - شئنا ام أبينا - بمفردات نُمَنى انفسنا انها قد تضع حدا لهذا المسلسل المدبلج الرتيب حيث كان الشعب لااراديا يتداول مفردات على شاكلة( هجوم الحسم وعام الحسم وصولة الحسم والمحافظة على روح النصر) وغيرها من الجرع التي كان النظام يلقيها الواحدة تلو الاخرى فما ان ينتهي مفعول احداها حتى يرى الشعب نفس مُخدرا باخرى جديدة.

جدًَدَ المسلسل حلقاته مع بداية الحصار والانسحاب من الكويت وهكذا بدأ جزء طويل جديد في حلقات مريرة على الشعب كان فيها المخرج والممثلون يعدون المشاهدين بكسر ساحق للحصار ولكن دون جدوى , ومع بدايات النصف الثاني من عقد التسعينات دخل العراقيون مرحلة جديدة بناء على فتوى اصدرها المخرج تتمثل فيما أُطلق عليه حينئذ ( بالعشر الاواخر من رمضان ) كزمن متبقي لكسر الحصار واستبشر العراقيون الى ان نهاية الصوم قد اقتربت واصبح العيد على الابواب . تحولت تلك الايام العشر الى سنوات عديدة ولم يتمكن المخرج فيها على الاطلاق وحتى انتهى من ان يرى هلال العيد.

جاء المخرج الجديد ومعه جوقته من الممثلين وظن العراقيون ان مسلسل الاحلام الكاذبة قد انتهى ولا صوم بعد الان إلا لاجل الدين , واعتقدوا ان سنوات الصوم الطويلة يجب ان تنتهي بافطار شهي لانه قد ان الاوان ان يعيشوا واقعا على الارض يختلف عن سابقه يلمس فيه المواطن تحسنا في مستوى الخدمات الاساسية التي يتطلبها عيش تتوفر فيه ادنى درجات الكرامة . اصيب المواطن البسيط بالخيبة وهو يرى مسلسل الاحلام الكاذبة يتجدد من جديد في حلقات ظهرت تباشيرها ويجهل الكثيرون نهايتها. من قال ان الامثال الشعبية ليست إلا مرأة عاكسة لواقع معاش , هكذا وجد المثل العراقي الشهير ( بعد ان صام طويلا فطر على الجرَي ) طريقه للتطبيق الامثل على الواقع العراقي الحالي. ابتدأت جرع الكوكايين بمجلس الحكم المنحل ثم بتسليم السيادة وتلتها الانتخابات وتشكيل جمعية وطنية وحكومة منتخبة والان تطرح جرعة الكوكايين الجديدة المتمثلة في كتابة الدستور وكأن كتابة الدستور والاتفاق عليه ( اذا تم ) سيضع المواطن امام واقع جديد لاتوجد فيه سيارات مفخخة ولايعاني فيه من نقص في الوقود والكهرباء والماء والمتطلبات الاساسية الاخرى.

ان كتابة الدستور ليس (عملا شعبيا ) بالمعنى السوقي لهذه الكلمة حيث يتم تجميع عناصر بنسب معينة من مكونات المجتمع الدينية والقومية لكتابة دستور دائم وفي ظروف تفتقد الى ادنى درجات الانسجام السياسي والاجتماعي والاقتصادي لمكوناته وممثلياته. ان دول الاتحاد الاوربي التي تعيش استقرارا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا تتراوح مدته بين عشرات السنين ويمتد في بعضها الى مئات السنين فشلت في تمرير مسودة الدستور الاوربي على شعوبها بالرغم من ان تلك المسودة قد عُرضت على شعوب تتمتع بكافة مقومات الراحة من( الماء والخضراء والوجه الحسن) وتنعدم فيها حوادث القتل اليومية. ان الدستور الذي اصبحت وسائل الاعلام العراقية تطلق عليه – عقد التعايش الابدي – يرتكز بالاساس – ان كان كذلك – على قاعدة متينة من المحبة والالفة وروح التضحية التي يجب ان تتوفرخالصة في جميع الاطراف المرشحة للامضاء على ذلك العقد ناهيكم عن ان هذا التعايش كان لفترات طويلة واقعا ملموسا في العراق اوجدته الفطرة العراقية الطيبة المؤمنة بوحدة الوطن ومصيره وليس وثيقة اتفق عليها بعض وجهاء الوطن السياسيين.

ان السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح يكمن في مشروعية تعليق مشاكل العراق السابقة والحالية جميعا على شماعة عدم وجود دستور دائم فيه. هل ارتكب الحاكم ما ارتكب من الاخطاء والجرائم استنادا الى الدستور الذي كان يعمل به؟ ام انه تجاوز الدستوركليا بل وركنه في احدى الزوايا المظلمة؟ ربما يوافقني الراي كثيرون في ان المقولة العراقية الشهيرة ( خلًي الله بين عيونك ) تختصر دستورا كاملا لو كانت حاضرة في عقل وتصرف الحاكم لما وصلنا الى ماوصلنا اليه

ان كتابة دستور للعراق في هذه المرحلة والاصرار على ذلك لايعني إلا محاولة مشبوهة من قبل بعض الاطراف لاضفاء الشرعية على مطالب واهداف ضيقة واستغلالا انتهازيا لظروف مرحلة معينة من اجل الحصول على مكاسب محددة لان الكتابة الصحيحة للدستور تتم بعد الارتقاء بالوضع العراقي بكافة جوانبه فتكون لجنة كتابة الدستور لجنة عراقية خالصة تنشغل بالهم العراقي عموما وليس بهموم خلفيات اعضائها الطائفية والقومية وعلى هذا الاساس يكون تواجد المواطن الصابئي او المسيحي او السني او الكردي او الشيعي او التركماني في هذه اللجنة على اساس الكفاءة فقط وبغض النظر عن العدد وليس على اساس وجود شاغر طائفي فيتصرف في لجنة كتابة الدستور وكانه يرى العراق بعينيه من الشمال الى الجنوب بنظرة واحدة عادلة لا ان يأتي مكوَكا ليكون حامي حمى طائفة او قومية معينة أُنتدب لهذه المهمة من قبلها

يبقى السؤال الكبير هل ان كتابة الدستور والاستفتاء عليه سيؤدي الى تقليل ساعات القطع الكهربائي وتوفيرافضل لمياه الشرب وحل لمشكلة السكن والبيئة وتقليل في حوادث القتل اليومية؟ ان دراسة بسيطة للواقع العراقي قبل تسليم السيادة وبعدها او قبل الحكومة المنتخبة واثنائها يمكن ان تعطي بعض الجواب على ذلك.
اما السؤال الاكبر فهو مَن مِن القراء الكرام يستطيع ان يخبرنا بجرعة الكوكايين اللاحقة او بعنوان الحلقة القادمة من مسلسل الاحلام الكاذبة.



#وديع_بتي_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قال ان لجنة البيئة ليست كشخة و أُبَهَة ؟
- العراق --- مزرعة تسمين القطط
- من النقل الى المهجَرين الى العلوم والتكنولوجيا— الكير على ال ...
- وزارة الجعفري – وفرة في الخصوم والاعداء وشحة في الانتماء وال ...
- مفاقس الاحزاب وفراخها المنغولية
- ولي العهد السعودي – بابا النفط في زياراته الرسولية
- سياسة الإقصاء – زمن ضائع ونتائج مريرة
- كل الوزارات ومن ضِمنها البيئة - سيادية -
- الولاء المطلق والمعارضة المطلقة – المرض القاتل
- تعالَ نلعب اللوتو
- رحيل البابا ومفعول اسلحة الحب الشامل
- جلال الطالباني ومكافأة نهاية الخدمة
- العلم والنشيد الوطني واغاني نانسي عجرم
- العراق بين نار التقسيم وزلزال الاطفاء
- المؤجر والمستأجر والدلال – هدايا بالباكيت
- كلنا حماميز الله
- من سيضحك اخيرا
- الى متى يبقى البعير على التلِ
- الجمعية الوطنية العراقية - شركة النقل العام
- كوريا الشمالية ترتدي المعطف لحماية ملابسها الداخلية


المزيد.....




- الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر ...
- هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
- الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو ...
- دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
- الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل ...
- عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية ...
- إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج ...
- ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر ...
- خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع بتي حنا - كتابة الدستور – جرعة الكوكايين الجديدة