أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - ما هى الحالة التى يقتل فيها الإنسان إنساناً بدون تأنيب ضمير؟















المزيد.....

ما هى الحالة التى يقتل فيها الإنسان إنساناً بدون تأنيب ضمير؟


تامر عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4424 - 2014 / 4 / 14 - 11:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما هى الحالة التى يقتل فيها الإنسان إنساناً بدون تأنيب ضمير؟

قبل أن تمتدحنى أو تذمنى .. قبل أن تشتمنى أو تحتفى بى، أرجوك .. أرجوك .. تجرد قليلاً من مشاعرك وحكِّم عقلك فقط. لا أريد منك سوى التفكير بالعقل والمنطق.
تعال على نفسك وفكر ...
* * *
ما هى الحالة التى يقتل فيها الإنسان إنساناً بدون تأنيب ضمير؟
عرفت الإجابة؟ برافو. إنها حالة القتل العقائدى! تلك الحالة التى يعتقد فيها الإنسان أن قتله لإنسان آخر هو عمل حلال يتقرب به إلى الله!! تصور؟! إنسان يتقرب إلى الله بقتل إنسان آخر!!
فى كل ثقافات العالم وحضاراته الإنسانية، لا ينجو القاتل من تأنيب ضميره بعد ارتكابه جريمة القتل، حتى لو فلت من عقاب القانون. هل فكرت فى معنى ذلك؟ هذا معناه أن فطرة الإنسان وضميره مجبولتان على الإستقامة الأخلاقية وحب الخير وكراهة الأذى. هذه الفطرة هى ما تحيل حياة القاتل جحيماً حتى لو لم يطاله القانون.
لكن حالة واحدة تعطل تلك الفطرة وتصيب الضمير بالبلادة. إنها حالة العقيدة، تلك الحالة التى يعتقد فيها إنسان أن إنساناً آخر عدو لله، وأنه مأمور بالخلاص من هذا الإنسان الذى هو عدو لله بقتله، وأن الله هو الذى يأمر بهذه الجريمة التى لا تعد من وجهة نظر القاتل كذلك، بل إن هذا القاتل يعتقد أنه سوف يثاب ويؤجر على هذه الجريمة فى الدنيا والآخرة.
فى حالة القتل العقائدى، تموت إنسانية الإنسان، التى هى أثمن وأغلى ما لديه. فإنسانية الإنسان هى ما تدفعه إلى تجنب قتل الحيوان بلا مبرر، بل وتدفعه إلى الإشفاق على الحيوان وقت قتله. وقد يذرف الإنسان الدمع حزناً على الحيوان لحظة احتضاره، بينما نفس الإنسان، وبسبب من عقيدته، قد يستهين بضحيته (الكافر) بأن يلعب برأس القتيل الكرة!!
ما هذه البشاعة وهذا التناقض؟ ما هو تفسيره؟ كيف يتألم الإنسان لموت حيوان بينما يتلذذ ويستمتع بموت إنسان آخر مثله؟ يجيبك المعاتيه على سؤالك هذا قائلين: إن الحيوان لا عقل له، والعقل مناط التكليف والإختيار والإرادة، وهذا الكافر (يعنون الإنسان القتيل) له عقل، وبهذا العقل كفر أو فسق أو خرج عن صحيح الدين أو .. أو .. إلخ، وذلك ما أوجب توقيع حد القتل عليه.
تعال على نفسك وفكر: أين دين هذا الذى يقتل فى الإنسان إنسانيته، فيرى فى إنسان مثله كائناً أحقر من الحيوان، مهما كان هذا الإنسان، ومهما صدر عنه من تصرفات؟
يجيبونك ببراءة: العيب ليس فى الدين، العيب فى المتطرفين المهووسين ممن فهموا الدين خطأ. وأنا أتفق مع من يقول ذلك. لكننى أتساءل رداً على ذلك (ببراءة أيضاً): هل يمكن أن تُفهم الفلسفة أو الفكر خطأ؟ هل من يتطرف ويصاب بالهوس بالفلسفة يمكنه أن يقتل المخالف له فى الرأى؟ هل من يتطرف ويصاب بالهوس بالفن يمكنه أن يقتل المخالف له فى المذهب الفنى؟ هل من يتطرف ويصاب بالهوس بالرياضة يمكنه أن يقتل أنصار الفريق المنافس؟ هل من يتطرف ويصاب بالهوس بالعلم يمكنه أن يقتل المخالف له فى النظرية؟ هل هناك تكفير ثم قتل فى الفلسفة؟ فى الفن؟ فى العلم؟
هل فهمت ما الذى أريد أن أقوله؟ ما أريد أن أقوله هو أنه بخلاف كافة المجالات، فإن الدين، والدين فقط هو المجال الوحيد الذى يشهد القتل بإسمه ضد المخالفين. ليس ذلك فحسب، بل هو المجال الوحيد الذى يَـعـِد مرتكب القتل بالنعيم المقيم وجنة الخلد (بحسب المفهوم المغلوط عند المتدينين المهاويس المتشنجين المتشددين). فإذا إتفقنا على أن القتلة من المتدينين مهووسون، ولا يفهمون صحيح الدين، فلا يزال السؤال مشروعاً: إشمعنى يعنى الدين إللى الناس بتقتل بإسمه ولو بالغلط؟ إشمعنى ماحدش بيقتل بإسم العلم أو الفن أو الفلسفة بالغلط؟
فى يونيو 1992، أقدم شاب جاهل، لا يقرأ ولا يكتب، كان منتمياً إلى الجماعة الإسلامية، يدعى عبد الشافى رمضان، أقدم على اغتيال الدكتور فرج فودة، وذلك استناداً إلى فتوى أصدرها بعض الشيوخ برِدَّة الدكتور فودة، ومن ثم وجوب إقامة الحد عليه. تعال على نفسك وفكر: بذمتك .. لو كان هذا المدعو عبد الشافى أهلاوياً، والدكتور فودة زملكاوياً، فهل يعتبر هذا دافعاً معقولاً للقتل؟ هل لو كان عبد الشافى هذا من متعصبى الرأسمالية والدكتور فودة من أنصار الإشتراكية، فهل يعتبر ذلك دافعاً كافياً ليقتل الأول الثانى؟ هل لو كان عبد الشافى من محبى المسرح، والدكتور فودة من أنصار السينما، فهل يكفى هذا دافعاً ليقتل الأول الثانى؟ ما المشكلة فى الدين؟ ولماذا هو بالذات - من دون مجالات كثيرة غيره - ما يُفهم خطأ، ثم يترتب على الفهم الخاطىء له جرائم القتل؟ تعال على نفسك وفكر ..
مشكلة القتل بإسم الدين أنه قرار يظن الـمُـقدم عليه أنه خطوة تتم بأمر السماء. وبما أن الوحى قد انقطع، وليس هناك جبريل يُنتظر هبوطه من السماء ليؤيد القرار أو يرفضه، وليحسم الجدل والخلاف الفقهى بين من يؤيد فتوى القتل ومن يعارضها من المشايخ، فسيظل القتل بإسم الدين موجوداً ما بقى على الأرض مهووسون متشنجون، لا يعرفون للجنة طريقاً غير طريق الدم.
تندلع الحروب بين الشعوب لأسباب إقتصادية، عرقية، حدودية، ثم ما تلبث أن تهدأ، إلا الحروب الدينية، فهى تمثل حالة مستمرة من الصراع الأبدى غير القابل للحسم أبداً. ومهما هدأت الحروب الدينية فإن أسبابها ودواعيها تظل حية، كامنة فى الصدور ما بقيت العقيدة ذاتها. تنقل الحروب الدينية الصراع من مستوى لقمة العيش والأرض والحدود، إلى مستوى الوجود ذاته. الحروب الدينية هى الحروب الوحيدة تقريباً التى يستهدف خائضوها وممارسوها إستئصال وتطهير الدنيا كلها من الطرف الآخر (الكافر). بسبب الخلاف فى الدين، إندلعت حروب تاريخية دموية كبرى. إندلعت الحروب الدينية بين أتباع الديانات المختلفة، بل وبين أتباع المذاهب المختلفة داخل الدين الواحد، فاستمرت قروناً وقرون. تقاتل المسيحيون والمسلمون، واليهود والمسلمون، وتقاتل الكاثوليك والبروتستانت، والسنة والشيعة .. إلخ, فلعنة التكفير لا تنتهى، والكل يكفر الكل وليس من خبر يأتى من السماء من بعد خاتم الأنبياء ليفصل فى هذه المعضلة ويوقف شلال الدم.
لماذا تستمر هذه المأساة وما معناها؟ تعال على نفسك وفكر ...



#تامر_عمر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق؟
- لماذا لم تدون شعوب العالم القديم معجزات الأنبياء؟
- لماذا لم يظهر الأنبياء إلا فى منطقة الشرق الأوسط؟
- لماذا إختار الله أن يعذب العصاة عذاباً جسدياً؟
- فرعون .. المجنى عليه!!
- قبل الإختلاف على حكمها .. ما هو معنى -الردّة-؟
- ألغاز سفينة نوح
- أين يختبىء يأجوج ومأجوج؟
- أخلاق آدم والعصر الحجرى
- دخول العرب مصر .. فتح أم غزو؟
- مشاهد من رحلة الإسراء والعروج
- بأى جيش طارد فرعون موسى؟
- الإسلام أو الجزية أو الحرب .. ثالوث الإختيار الشهير بين العق ...


المزيد.....




- الكويت تدين اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى
- “نزلها واستمتع”.. تردد قناة طيور الجنة الفضائية 2025 على الأ ...
- كيف تنظر الشريعة إلى زينة المرأة؟
- مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا.. مهامه وأبرز أعضائه
- الرئيس بزشكيان: نرغب في تعزيز العلاقات مع الدول الاسلامية ود ...
- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - ما هى الحالة التى يقتل فيها الإنسان إنساناً بدون تأنيب ضمير؟