|
نحو أوسع جبهة وطنية ضد الطائفية ـ 2
عبدالرحمن النعيمي
الحوار المتمدن-العدد: 1255 - 2005 / 7 / 14 - 12:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اذا كان الموروث التاريخي يشدنا الى الوراء، واذا كانت الاوضاع الاقتصادية والمتغيرات العالمية والوعي السياسي الحديث يشدنا الى الامام، ويشد البعض الى الوراء كرد فعل وخوفاً من هذه المتغيرات التي تعصف بالكثير من القناعات، فان من الضروري ايضاً معرفة القوى التي لها مصلحة في مساعدتنا بالتقدم الى الامام، والقوى التي لها مصلحة في تفتيتنا وتمزيقنا وابعادنا عن الاهداف الكبيرة التي لها مصلحة في تحقيقها ليكون لنا موقع تحت شمس العولمة.
هنا لا بد من التوقف امام مخططات القوى الاجنبية،
في البداية لا بد من معرفة ما تريد هذه القوى الاجنبية، ومن ثم الوسائل التي تتبعها لتحقيق هذه الاهداف.. واين نتقاطع واين نصطدم مع هذه القوى، حيث لا يمكن في عصرنا الحديث عن الانعزال او العودة الى القرن السابع، او الحديث عن صدام حضارات، بل لا بد من معرفة صدام المصالح بالدرجة الاساسية، وكيف يمكن ادارة هذا الصدام بطريقة عصرية، وتخدمنا وتخدم العالم ايضاً.
وعندما نقول بأن هناك اطماع اجنبية في المنطقة، فاننا لا نتقول على الامريكان او البريطانيين او غيرهم، فهم يقولون بأن لديهم مصالح استراتيجية في منطقتنا، وهم قبل غيرهم يقولون بأن مصالحهم تتركز في الحصول على النفط ووصوله اليهم بشكل آمن، اضافة الى الحفاظ على أمن اسرائيل كقاعدة متقدمة للغرب الاستعماري في المشرق العربي.
تاريخياً الدولة الكبيرة او القوة التي تنمو، تسعى للسيطرة على المناطق القريبة منها بل واقامة امبراطوريات.. هكذا كان الرومان.. والعرب والمسلمين (فقد استعمرنا الكثير من البلدان التي قلنا بأننا فتحناها ونشرنا فيها الاسلام).. والغرب باقطاره منذ البرتغاليين والهولنديين والبلجيك والفرنسيين والطليان والبريطانيين وغيرهم.. وحالياً باتت امريكا القوة الاساسية الكبرى في العالم.. بعد أن سقط الاتحاد السوفيتي وتمزقت الامبراطورية السوفياتية وبات على روسيا اعادة ترتيب اوضاعها، واصبحنا في القوت الحاضر في حالة القطب الواحد الذي يريد استمرار هذه الوضعية اطول فترة ممكنة.. حيث يرى بأن استخدام قوته تضعفه.. والاخرين يطورون من اوضاعهم الاقتصادية (الصين، اليابان، الاتحاد الاوربي..) ولذا فان الولايات المتحدة تريد السيطرة على مكامن القوة التي تجعلها قادرة على التحكم بمسارات الآخرين.. وهنا يأتي يدور النفط.. سواء في المنطقة العربية او ايران او آسيا الوسطى او افريقيا..
هذا الغرب الاستعماري من مصلحته تمزيق المنطقة.
اعتمد بعد الحرب العالمية الاولى التمزيق السياسي للمشرق، ضمن اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور، وثبت الحدود بين الدول العربية التي اقامها في المشرق، وعندما باتت الغلبة للامريكان بعد انهيار المعسكر الاشتراكي بدأ يطرق مقولة الديمقراطية وحقوق الانسان، وهي مقولات نناضل من اجل تحقيقها طيلة الفترة السابقة، لكن النموذج الذي يراه الامريكان هو النموذج اللبناني حيث الشعب ممزق، وحيث الولاء للمذهب او الدين قبل الوطن، وبالتالي تكون الديمقراطية ديمقراطية التمزيق الديني والمذهبي ويكون الدور الامريكي هو الدفاع عن حقوق اصحاب المذاهب والاديان قبل الدفاع عن الديمقراطية لجميع المواطنين.. لذا فان فكرة الولاء للوطن او للامة تختفي من القاموس الامريكي، ولعل النموذج العراقي واللبناني ابرز وابشع النماذج التي يريد الامريكان تسويقها علينا في البحرين او المملكة العربية السعودية او سوريا او غيرها، حيث الحديث متكرر عن الاقليات وتحكم السنة او العلويين او غير ذلك… ونجد البعض يكرر مقولات خاطئة من طراز السكان الاصليين والاسر الحاكمة الدخيلة وغير ذلك من المقولات التي لا تنتمي الى العصر وقيم الديمقراطية وقيم المواطنة، وانما الى المخاوف المذهبية بالدرجة الاساسية.
يريد الامريكان السيطرة على النفط.. او الحصول على النفط.. او وصول النفط اليهم بشكل آمن.. بل يريدون شركاتهم ان تكون المسيطرة على هذه المادة الاستراتيجية التي يمكن من خلالها ليّ عنق الكثير من الدول التي قد تتمرد على الارادة الامريكية..
ويريد الامريكان ضمان أمن اسرائيل.. حيث انها قاعدة متقدمة لهم.. حيث ان الرأسمالية الامريكية ترى في الكيان الصهيوني أحد ادوات الضغط على المنطقة.. وتريد تسويق النموذج الديني الطائفي في منطقتنا.. لكنه ترفض تسويقه في بلدانها.. حيث ترفض اعطاء اية امتيازات للاقليات الدينية .. فالجميع متساو في الحقوق والواجبات..
والامريكان براغماتيون (أي عمليون) لا يتعصبون لموقف اذا اكتشفوا انه خاطئ على طريقتنا(حيث تأخذنا العزة بالاثم ، ونصر على مواقفنا حفاظاً على كرامتنا!! وللتأكيد على صحة موقفنا منذ أن خلق الله المعمورة.. كما كان يردد اخواننا الشيوعيون بأن التاريخ اثبت صحة موقفهم.. حتى خسرنا المعسكر الاشتراكي بأكملهم!! وكما يردد اخواننا الاسلاميون بأن سيرة الخلفاء او الائمة او السيرة بشكل عام تكفينا عن التمعن والاجتهاد في المتغيرات التي تتطلب حلولاً جديدة تتناسب والظروف الجديدة).
الامريكان يضعون خططهم بناء على دراسات معمقة من قبل مراكز ابحاث ولجان متخصصة.. وليس بناء على فتاوي.. او اجتهادات زعيم.. او رأ ي فرد معصوم من الخطأ … فليس في النظام الرأسمالي انسان معصوم من الخطأ..
وهم يرون بأن هذه الانظمة التي خدمتهم طيلة عقود.. باتت عقبة في طريق مصالحهم ضمن المتغيرات الدولية الكبيرة التي حصلت .. ولذلك يطالبون البحرين ان تتغير ويطالبون المملكة السعودية ان تتغير.. ويطالبون مصر ان تتغير.. وكذلك سوريا.. واذا لم تتغير.. في علاقاتها الدولية او ادائها الداخلي.. فانهم يتأمرون عليها.. من خلال مجلس الامن.. او بالقوة العسكرية..
وهم يدرسون المعطيات الموجودة في المنطقة.. فيرون بأن الانظمة السياسية ترتكز على التركيبة المذهبية او الدينية وأن الولاءات ما قبل الرأسمالية عميقة الى درجة كبيرة.. بل اننا نعود الى الوراء بفضل ما يقوم به انصار الفرق الناجية سواء الوهابيون او غيرهم من الفرق التكفيرية.. وسواء بالقول او بالفعل.. وسواء بحسن نية او سوء نية.. فالمهم ان الواقع يقدم صورة معينة للقوى الاجنبية تبني على اساسها خططها القادمة..
في واقعنا هناك تمييز طائفي وتمييز قبلي وتمييز بين الجنسين وتمييز عرقي .. أي اننا مجتمعات عنصرية.. لا نحترم الاختلاف.. ولا نحترم النقد .. ونعتبر البعض منا آلهة..او معصومين من الخطأ.. سواء في التفكير الشيعي او السلفي أو التفكير الحزبي الضيق أو السياسي لدى البعض الذي يتصور بأن الامين العام هو الامام المعصوم.. او أن حزبه هو الذي يملك الحقيقة المطلقة.. وبالتالي لا يتردد عن الدفاع عن أمينه العام او حزبه او امامه سواء كان على خطأ او صواب!!
في الحلقة الثالثة.. مصالح القوى المتحكمة في التمزيق والتمييز
#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق الإنسان وازدواجية الجنسية خليجياً
-
فلنجعل من الجدار العازل عامل وحدة شعبية
-
لا أعز من بلدنا إلا شعبه
-
الاعتصام الدستوري الثاني
-
البرلمان البحريني أمام اختبار الموازنة والمتنفذين!
-
كفاية دستور 2002
-
الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وقد حصل على موقع
-
المحرق ديْره
-
مفارقات في يوم الصحافة الخليجية
-
كفاية…. حاجة الشعوب الى عودة الانظمة الى جادة الصواب
-
تقرير مناهضة التعذيب وما جرى في جنيف
-
الخوف من التسييس لمؤسسات المجتمع المدني
-
لا يمكن ان يرتكز الاصلاح على التمييز والتفرقة الطائفية
-
لقطات سريعة وسط زحمة الاحداث
-
عندما تتذكر البحرين وانت في دبي ـ الشارقة
-
هل تدور المعارضة في حلقة مفرغة!!!؟
-
حول الاعتصام الذي دعت اليه الامانة العامة للمؤتمر الدستوري
-
الطائفة أم الوطن
-
المجتمع أمام إرهاب الدولة
-
منتدى من أجل المستقبل
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|