|
نموذج الكعكة
بسام سليم
الحوار المتمدن-العدد: 4423 - 2014 / 4 / 13 - 03:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نموذج الكعكة!! مذكرات عراقي لما بعد التاسع من نيسان بقلم بسام سليم
قد يبدو العنوان غريبا لكن السطور القادمة ستكشف هذا الغموض ...و في الحقيقة اني اتحدث عن نموذج ابتلاع الدولة العراقية منذ تأسييها عام 1921 الى يومنا هذا خصوصا وان مثل هذه الدراسة تبدو مناسبة في مثل هذه الايام المباركة ايام الخلاص من النظام الشمولي و العودة شيئا فشيئا الى مصاف دولة الصوت الانساني و لو بصورة عشوائية !! ان مشكلة الانظمة الشمولية في العراق (خصوصا في الاربعة عقود الماضية) دائما ما تكون بربط مصيرها بمصير كيان الدولة ككل و لهذا فانه عندما سقط رأس الهرم للحكم في العراق سقط معه كل كيان الدولة (من اكبر ضابط مخابرات الى اصغر شرطي مرور!!) و هكذا فان كيان الدولة و مفهوم مؤسسة الدولة نابع في الاساس من سلطوية الحكم المبتلع لمسمى الدولة ...ان زلزال 2003 الذي قاده التحالف الدولي بزعامة الرئيس الامريكي جورج بوش و الذي نتج ازاحة الديكتاتور الفرد الصنم عن السلطة كان فرصة تاريخية بكل ما للكلمة من معنى للتغيير في العراق و سواء كان التغيير عن طريق ثورة داخلية كما كنا جميعا نتمى ذلك او عن طريق تدخل خارجي امريكي-دولي فهو سيؤدي في النهاية الى نفس النتائج حتما (ربما الفرق سيكون فقط في مسألة الحرب مع الارهاب التي كانت الضريبة التي يدفعها العراقيون للخلاص من صدام) فأمريكا ارادت ان تجعل من العراق مصيدة لاصطياد فئران الارهاب الاسلامي الجهادي و فعلا نجحت ايما نجاح في ذلك فمنذ 2001 لم تشهد الاراضي الامريكية اعتداء ارهابيا واحدا على اراضيها و هكذا نجحت سياسة ادارة الرئيس بوش في تحقيق اهدافها ...نعود للواقع العراقي و اقول ان مشكلة مشروع الدولة العراقية هو ليس وليد ما بعد 2003 و انما هو ازمة تأسيس دولة منذ قيام اول تجربة عراقية سنة1921 فقد قدمت هذه التجربة العراقية نموذجين هما الاول: (ابتلاع المكون العرقي للدولة) وثانيهما : (ابتلاع المكون الحزبي الاوحد للدولة) و على هذا النهج سارت الدولة العراقية و خلال هذا كله كانت الهوة تتسع اكثر و اكثر بين المجتمع و السلطة و انحسر مفهوم الدولة بمفهوم السلطة اي من يمتلك السلطة يمتلك الدولة..و لهذا كما قلت في البداية سقطت السلطة فسقط كيان الدولة.!!
نتائج سقوط النظام الشمولي و تحرير العراق عام 2003 كما اسلفت القول ان سقوط رأس الهرم في الحكم في العراق اعقبه سقوط كل كيان الدولة و كل مكوناتها حتى الفراش(عامل التنظيف) و الحارس الذي يعمل في اي مؤسسة حكومية ممثلة للدولة ..و في الحقيقة لقد حاول العراقيون و النخب السياسية التي ظهرت على الساحة بعد سقوط النظام الشمولي الاستفادة من اخطاء الماضي و عدم الوقوع داخل نموذج الابتلاع القومي الاوحد او الحزبي الاوحد فقرروا انتاج مكون جديد للدولة يضمن حصول جميع المكونات على جزء من الكعكة و هنا بدأ نموذج ابتلاع جديد للدولة والانسان . ان تصور الوطن بصورة كعكة يريد الجميع اخذ حصته منه تصور بائس ينتج بالضرورة دولة النزاعات السياسية ذلك ان المكونات تأخذ بالتصارع في سبيل الحصول على اكبر جزء ممكن من الكعكة و هذا ما حصل في العراق بعد الخروج من حكم الحزب الاوحد والحكم الشمولي حيث حل نموذج دولة المحاصصة السياسية المبنية على الاقتطاع و التوليد الخاص لفكرة الاحزاب المتشاركة ظاهريا للسلطة و المتنازعة في الخفاء على السلطة المشكلة العراقية اليوم تتمثل بالخلاف و الخلافات السياسية في توجهات تلك الاحزاب المتازعة و لان الخلاف هو ابشع طرق التعبير عن الاختلاف لانه يشترط الاقصائية و هنا تكمن مشكلة ما يعيشه العراق ان الصراع الموجود فيه صراع اقصائي تصفوي لا يؤمن بالاختلاف في وجهات النظر التي هي ظاهرة صحية و طبيعية في الحياة السياسية بل و حتى في الحياة الاعتيادية ، مازال السياسي العراقي يفكر في الخصوم على انهم اعداء و ليسوا شركاء في العملية السياسية و بناء الوطن و هكذا صار كل مكون يدعي خدمة المواطن و يعلن هدف بناء الوطن و يحاول اسقاط الاخر و ابتلاعه و تهميشه حتى لو تطلب ذلك استخدام الطرق الغير شريفة و اللااخلاقية . هكذا تحولت السياسة في العراق من الوطنية الى الطائفية السياسية اي نقل ماهو موجود من تنوع طائفي في المجتمع الى اروقة السياسة لتلقي بظلالها على المجتمع بصورة انعكاسية خلقت منه مجتمع الصراع ليس مجتمع الاجتماع و ليصبح الدين من صلة الى التراحم الى ساحة للتصادم ..!! ان هذا كله انتج بالنهاية القطيعة بين الدولة و المجتمع و هذا هو ما نعيشه اليوم في الواقع العراقي للاسف الشديد.
#بسام_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا احد يفهم ما يجري
-
و للواقع شكل اخر
المزيد.....
-
صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
-
-حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن
...
-
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي
...
-
كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح
...
-
جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ
...
-
-تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1
...
-
مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ
...
-
مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
-
أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|