|
قراءة نقدية فى كتاب من التراث الماويّ :- ردّا على حزب العمل الألباني -.
ناظم الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4422 - 2014 / 4 / 12 - 01:01
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
قراءة نقدية فى كتاب من التراث الماويّ :" ردّا على حزب العمل الألباني ".
مقدّمة : منذ الخمسينات و خاصة خلال الستينات قاد الحزب الشيوعي الصيني ( ثمّ إلتحق به حزب العمل الألباني ) صراعا مبدئيّا شرسا عالميّا ضد التحريفية المعاصرة السوفياتية منها واليوغسلافية و الإيطالية و الفرنسية ... و إثر وفاة ماو تسي تونغ سنة 1976 ، إستغلّ التحريفيون الصينيون ، الماركسيون المزيفون ، أتباع الطريق الرأسمالي ، الظروف الجديدة و ميزان القوى الطبقي الداخلي و العالمي للقيام بإنقلاب غيّر طبيعة الحزب و الدولة من حزب و دولة بروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين و أعادوا تركيز الرأسمالية و حطّموا المكاسب الإشتراكية للصين الماوية . و عندما تعاملت البرجوازية الجديدة الصينية بغطرسة مع ألبانيا التى كان الماويون يمدّون لها يد العون من منطلق الأممية البروليتارية ، عوض أن يلتقط أنور خوجا الراية الحمراء الماوية و يرفعها عاليا لتوحيد الحركة الماركسية – اللينينية عبر العالم ، راح يسير فى الإتجاه الخطإ و طفق يقسّم صفوف هذه الحركة التى كان يقودها الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسي تونغ ، مهاجما بدغمائية تحريفية و بنزعة قومية ضيقة لا تفرّق بين الماركسية و التحريفية ، بين الخطّ الثوري الماوي و الخطّ التحريفي لدنك سياو بينغ و من لفّ لفّه ، كلّ ما هو صيني و خاصة كلّ ما رمز إليه ماو كأحد أعظم القادة الشيوعيين . فكان على الشيوعيين الثوريين الحقيقيين فى كافة أصقاع العالم أن ينهضوا بمهمّة التصدّى لهذا الهجوم المسعور الدغمائي التحريفي الخوجي و منذ أواخر السبعينات ، إنبروا ينظّمون صفوفهم و يطلقون هجوما مضادا ضد الخوجية ، بينما فضّل الإنتهازيون فى صفوف الحركة الماركسية – اللينينة العالمية طرقا أخرى منها إنتهاج النهج الخوجي أو طريق دنك سياو بينغ أو إتخاذ موقف وسطي أو حتى الإرتداد تماما عن الماركسية – اللينينية . و أتى " ردّاعلى حزب العمل الألباني " الصادر سنة 1984 بباريس بإمضاء ماركسيين لينينيين عرب -المنظمة الماركسية - اللينينية بتونس لبنة من لبنات الصراع العالمي و المحلّي دفاعا عن الإرث الثوري لماو تسي تونغ ضد الفرق التحريفية من كلّ لون لا سيما منها الخوجية . و فى إطار التعريف بالتراث الماركسي – اللينيني – الماوي بالقطر ، وقع نسخ الكتاب فى شكل نصوص متفرّقة تمّ نشرها على موقع الحوار المتمدّن بإسم محمد علي الماوي . و لمّا كنّا نشتغل على الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و الردّ على ترّهات حزب العمّال التونسي و خزعبلات الوطد – ما أضحى الآن " الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد " ، أعدنا قراءة فصل خاص بهذه الثورة و إستوقفتنا على هوامش صفحات النسخة الورقية علامات إستفهام و تعجّب رسمناها منذ سنوات و بتفحّص المسألة من جديد و تنشيط الذاكرة و إعمال الفكر فى الفقرات المعنية لاحظنا هنات بيّنة ذات صلة بفهم الماوية فسجّلناها على أمل العودة إليها فى فرصة لاحقة . و ها قد آن الأوان لنخصّص الوقت المطلوب ونتولّى إعادة قراءة نصوص الكتاب و نبحث فيه نقديّا عن الأخطاء فى الخطّ الإيديولوجي و السياسي محاولين قدر الإمكان شرحها و تجاوزها برؤية ماوية تجعل الماضي يخدم الحاضر فى سبيل تطوير نظريتنا و ممارستنا الثوريين حاضرا و مستقبلا . 1- إزدواج الواحد و التعاطي مع التراث الماوي : يقينا أنّ المنهج المادي الجدلي الماوي إن إستوعبناه جيّدا يسمح لنا برؤة الأشياء والظواهر و السيرورات بعمق و شمولية لن يحرزهما من لم يتملّك ناصية هذا المنهج العلمي . فقد طوّر ماو تسى تونغ المادية الجدلية مؤكّدا نظريّا و عمليّا بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ قانون التناقض / وحدة الأضداد هو القانون الجوهري للجدلية و أنّه لا وجود لقانون نفي النفي و أنّ التحوّل الكمي / النوعي – الكيفي تناقض و ليس قانونا جدليّا فى حدّ ذاته . و قد طبّق هذا الفهم الجدلي المتقدّم فى الصراع الطبقي فى الصين الإشتراكية مطوّارا نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا كحجر زاوية تطويراته الأخرى لمكوّنات الماركسية الثلاثة مرتقيا بعلم الثورة البروليتارية العالمية من الماركسية – اللينينية إلى الماركسية – اللينينية – الماوية . ونحن إذ نسلّط النقد على كتاب " ردّا على ..." من وجهة نظر شيوعية ماويّة ثورية و بمنهج مادي جدلي ماوي ، لا يهمّنا من صاغه كأشخاص و لا نبتغى النيل من هذا أو ذاك و إنّما شغلنا الشاغل هو " معالجة المرض لإنقاذ المريض " أي نقد نواقص الخطّ الإيديلوجي و السياسي الذى تضمنه و الذى قاد صراعات جمّة على جبهات شتّى . و هذا الخطّ الذى لا زالت له تأثيراته – بدرجات متفاوتة – إلى اليوم لدي البعض يستحقّ منّا عناء القراءة النقدية و لو بإقتضاب مطبّقين إزدواج الواحد للفرز بين الصواب و الخطإ . و نقولها صراحة و من البداية إنّ مضمون الكتاب كان رئيسيا و بالنظر إلى حيثيّات تأليفه صائبا و قد حقّق إلى درجة كبيرة هدفه الرئيسي إلى حدّ هام ( و لن نخوض فى هذا المقال فى الجانب الصائب ) ، غير أنّه و للأسف حمل فى طيّاته مظهرا ثانويّا هاما خاطئا فى ما يتصل بفهم عدد من المسائل الجوهرية فى الماوية . مضمونه كان رئيسيّا مدافعا عن الماوية و لو أنّه لم يمثّل أرقى ما بلغه الماويون عالميّا حينها إذ كانت هناك بلا ريب كتابات ماوية بلغات أجنبية أوضح و أدقّ و أعمق و أشمل . و ثانويّا ، إنطوى على أخطاء عديدة لن نتناول منها سوى تلك التى عرقلت وتعرقل التقدّم بفهم العالم فهما أصحّ وأعمق و أشمل بفضل علم الثورة البروليتارية العالمية :الماركسية – اللينينية – الماوية المتطوّر أبدا ؛ و تلك التى عرقلت و تعرقل نشره فى صفوف الجماهير و توفّر صيغة أو أخرى و بدرجة أو أخرى أرضية لإنحرافات ممكنة عن النهج البروليتاري الثوري . و هكذا سنسعى وسعنا لتطبيق المنهج المادي الجدلي للينين الذى طوّره ماو تسى تونغ . - " إنّ إنقسام شيء واحد إلى شطرين و إدراك أجزائه المتناقضة هو جوهر الديالكتيك " ( لينين ، ذكره ماو تسى تونغ ص 501 من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الأوّل ، ضمن بحث " فى التناقض " ). -" تعتبر الفلسفة الماركسية أن قانون وحدة الأضداد هو القانون الأساسي للكون . وهو قانون مطلق الوجود سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشري أو فى تفكير الإنسان . فبين الضدين فى تناقض ما توجد وحدة و صراع فى آن واحد ، و هذا ما يبعث الحركة و التغير فى الأشياء . إنّ التناقضات موجودة فى كلّ شيء ، إلاّ أنذ طبيعتها تختلف بإختلاف طبيعة الأشياء . فالوحدة بين الضدين فى التناقض الكائن فى كلّ شيء محدّد هي ظاهرة مقيّدة ، ومؤقتة ، و إنتقالية ، وهي لذلك نسبية ، أمّا الصراع بينهما فإنّه يبقى مطلقا دون تقييد ."( ماو تسى تونغ ، " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " 27 فبرلير – شباط 1957 ؛ الصفحة 225-226 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ").
و قد أكّد بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 : " إن الحركة الأممية الثورية اليوم و كذلك قوى ماوية أخرى ،هي وريثة ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو و عليها أن ترتكز بقوة على هذا التراث. و لكن مع إعتبار هذا التراث أساسا لفكرها، يجب أن تكون لديها الشجاعة الكافية لنقد نواقصه . فبعض التجارب تستحق الإطراء و البعض الآخر يبعث على اللوعة . و يتعين على الشيوعيين و الثوريين فى كل البلدان أن يتأملوا و يدرسوا جيدا تلك التجارب الناجحة منها و الفاشلة حتى يستطيعوا أن يستخلصوا منها إستنتاجات صحيحة و دروس مفيدة . "
2- من الأخطاء الفادحة أن ننسب " نظرية العوالم الثلاثة " لماو تسى تونغ :
بجلاء ، يصدح كتّاب " ردّاعلى حزب العمل الألباني " بأنّ " نظرية العوالم الثلاثة " مصدرها ماوتسى تونغ و بأنّها خطأ إقترفه الحزب الشيوعي الصيني فى ظلّ قيادة ماو تسي تونغ . و لم يرد هذا الحكم مرّة واحدة بل تكرّر فى ثنايا الكتاب عدّة مرّات ما يقطع بأنّ من يقفون وراء هذه النصوص مقتنعون تمام الإقتناع برأيهم هذا .
ففى الصفحة الخامسة من النسخة الورقية نقرأ : " إنّ الأخطاء التى إرتكبها الحزب الشيوعي الصيني و خاصة منها نظرية العوالم الثلاثة المعادية للتحليل الطبقي ..." . وفى الصفحة 15 ، كتبوا : " ويستند حزب العمل فى تحليله لنفي البناء الإشتراكي على فداحة الأخطاء المرتكبة التى أفضت إلى نظرية العوالم الثلاثة ...". و فى الصفحة 39 ، يجعلون من فترة من فترات تاريخ الصين الماوية " فترة " نظرية العوالم الثلاثة "... و ينتهون مع نهاية الكتاب تقريبا فى الصفحة 175 إلى القول إنّ :" كلّ الأخطاء التى إرتكبت فى التجربة الصينية بإستثناء نظرية العوالم الثلاثة التى مثّلت إنحرافا واضحا عن الماركسية – الينينية وعن التحليل الطبقي إنّ جلّ الأخطاء قد وقع نقدها و تجاوزها خاصة فى فترة الثورة الثقافية ...". و فى الواقع يجانب هذا الحكم الحقيقة الموضوعية و التاريخية ولا أساس له من الصحّة . و حتى قبل سنوات من كتابة و نشر " ردّا ..." ، قام الشيوعيون الماويّون الثوريون عبر العالم بإثبات أنّ الخطّ البروليتاري الماوي بريئ من هذه التهمة و أنّ التحريفيين الصينيين و على رأسهم دنك سياو بينغ الذين أصدروا كتيّبا يعرض هذه النظرية سنة بعد وفاة ماو و نسبوها له زورا و بهتانا ، أرادوا إستغلال إسم ماو تسي تونغ و سمعته للترويج لإستراتيجيتهم العالمية الجديدة التى تتناقض و السياسات المبدئية الشوعية الماوية تمام التناقض. و كأمثلة شهيرة عن هذه الردود الشيوعية الماوية الثوريّة نذكّر بمثالين إثنين هما:
1- الرسالة المفتوحة التى وجهها الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوعي الصيني فى نوفمبر 1977 و التى فنّد فيها دعاوى التحريفيين و فضحها و دافع عن ماو تسي تونغ . و قد توفّرت منها نسخ كثيرة بالفرنسية و لاقت رواجا كبيرا عبر العالم .( وهي متوفّرة على الأنترنت باللغة الفرنسية على الرابط التالي :
http://etoilerouge.chez-alice.fr/docrevinter4/chili2.pdf
2- وثيقة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية المؤرّخة فى نوفمبر 1978 وهي تحمل عنوانا معبّرا بالأنجليزية ترجمته هي " إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " تبرير للإستسلام " و قد روّجت أيضا فى صفوف الشيوعيين عالميّا. ( و رابطها على الأنترنت هو: http://www.marxists.org/history/erol/ncm-5/rcp-3.htm ولسائل أن يسأل لماذا هذه الأمثلة دون غيرها ؟ و إجابتنا بسيطة و مفادها أنّ هذان الحزبان هما اللذان سيبادران بعقد ندوات و بالعمل على التصدّى لهذه النظرية المعادية للشيوعية الماوية و التصدّى للتحريفية الصينية و الخوجية و السوفياتية ... ؛ و على توحيد الماويين المناهضين لتلك الأرهاط من التحريفية . و من ثمار جهودهما إعلان مبادئ لتوحيد الماركسيين – اللينينيين سنة 1981 ثمّ تشكيل الحركة الأممية الثورية سنة 1984 و المساهمة الكبيرة فى صياغة بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984.
و فى الصفحة 13 من هذا البيان التاريخي وردت بشأن نظرية العوالم الثلاثة الفقرة الآتي ذكرها ملخّصة موقف الشيوعيين الماويين الثوريين : " وقد إنتعشت تماما جميع هذه التيارات على إثر الإنقلاب الذى حصل فى الصين وما تلاه من قيام التحريفيين بصياغة " نظرية العوالم الثلاثة " و محاولتهم فرضها على الحركة الشيوعية العالمية . و كان الماركسيون – اللينينيون - الماويون على حق عندما دحضوا تشويهات التحريفيين التى كانت تدعى بأن ماو قد دافع عن " نظرية العوالم الثلاثة " . و لكن هذا غير كاف إذ يجب تعميق نقد " نظرية العوالم الثلاثة " بنقد المفاهيم التى تدعمها و بالكشف عن جذور هذه النظرية . و تجدر الملاحظة هنا أن المغتصبين التحريفيين فى الصين كانوا مضطرين للتنديد علنا برفاق ماوتسى تونغ فى السلاح متهمينهم بمعارضة " نظرية العوالم الثلاثة "." و من هنا نلمس حقيقة أنّ " ردّا ..." لم يفعل سوى ترديد حكم صادر عن التحريفيين الصينيين المنقلبين على الخطّ البروليتاري الثوري الماوي و معيدي تركيز الرأسمالية فى الصين و عن الدغمائية التحريفية الخوجية . لم يقطع الماويون فى هذا الكتاب مع آراء دنك سياو بينغ و أنور خوجا بل يبدو أنّهم كانوا متأثّرين بها إلى درجة أنّهم لم يبحثوا فى المسألة بحثا جدّيا و علميّا ؛ بل و تجاهلوا جهود الرفاق الماويين عبر العالم تجاهلا ينمّ عن إستخفاف تغذّيه نزعة قومية تنظر للمسألة من زاوية قومية لا أممية بالأساس وهو ما سنكتشف أثاره فى مواقف أخرى و إكتفوا بترديد أحكام غالطة و ضارة كلّ الضرر تجافى الحقيقة و تنال من التراث الثوري للبروليتاريا العالمية و تنال من ماو تسى تونغ ذاته و لا تفرّق بين الماركسية و التحريفية .
و عليه من واجبنا اليوم كشيوعيين ماويين ثوريين أن ننقد هذا الإنحراف و نتجاوزه ناشرين الحقيقة ف " على الشيوعيين أن يكونوا مستعدّين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب و على الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب " ( ماو تسى تونغ ، " الحكومة الإئتلافية " 24 ابريل – نيسان -1945 ؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثالث ؛ الصفحة 286 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ).
3- من الأخطاء الفادحة أن نتبرّأ من المجلّد الخامس من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة : يبدوهذا الخطأ فريدا من نوعه تقريبا صلب الحركة الماوية العالمية ففى العالم قد نعثر – و قد لا نعثر- على منظّمة أو إثنتين يتمسّكان بالتبرّأ من المجلّد الخامس حتى و إن كان من الممكن أن نعثر على شخص شكّك فى جملة أو نصّ لا غير من هذا المجلّد. و لم نفهم ما هي الأخطاء فى " العلاقات العشر " و لماذا يعتبر الإعتراف بالأحزاب خطأ ( ص 60 ) مثلما يدعى أنور خوجا . و لا ندري من أين أتى " ردّا على..." بالثقة العمياء التى شدّد بها فى أكثر من مناسبة أنّ المجلّد المعني لا يلزم الماويين فى شيء : - " و تمكّنت كتلة تينغ بهذه الطريقة و بعد تصفيات عديدة و تغييرات إقتصادية " كلية " من قلب موازين القوى و إعلان الحرب ضد ماو . فشنّت حملة واسعة ضد " الأربعة ونعتهم بكلّ النعوت و قمعت كلّ تعاطف معهم ثمّ تحولت مباشرة إلى مهاجمة ماو بصفة مكشوفة . و قد عرفت هذه الحملة تطوّرات مختلفة ، إنتهت فى الأخير بالإحتفاظ بمقولات ماو المتعلّقة خاصة بفترة الديمقراطية الشعبية . و لتركيز أرضيتها الإيديولوجية أصدرت " المجلّد الخامس " لماو ..." ( الصفحة 9) - "... المجلّد الخامس المزعوم ..." ( ص 63). هنا أيضا دون بذل الجهد العلمي المطلوب و البحث فى المسألة بحثا دقيقا و تحديد ما هي الوثائق المشكوك في أمرها و من ثمّة التحرّى فى صحّة الأمر من عدمه بإتباع على الأقلّ منهج المقارنة على بساطته سيما و أنّ معظم وثائق هذا المجلّد قد صدرت إمّا فى شكل كتيبات و ماو تسى تونغ على قيد الحياة و إمّا ضمن المنشورات الصينية الأخرى من جرائد و مجلاّت بعديد اللغات عبر العالم . يطلق أصحاب " ردّا على ..." حكما مطلقا جزافا و يرمون بهذا المجلّد أدراج الرياح متوقّعين هكذا التخلّص من مرجع إعتمده أنور خوجا فى الهجوم الدغمائي التحريفي على الماوية . بكلمات أخرى ، تحت ضغط الدغمائية التحريفية الخوجية عالميّا و محلّيا ، إبتلع مؤلفو الكتاب الذى ننقد نظرة أنور خوجا و دنك سياو بينغ اللذان نسبا إلى ماو نظرية العوالم الثلاثة وهو منها براء و لقصور فى منهج البحث و تجنّبا لعناء الخوض فى مضامين المجلّد الخامس و الدفاع عنه ، وقع التنكّر له جملة و تفصيلا فى الوقت الذى إحتضنه الماويون عالميّا و دافعوا عنه بعد التحقّق من صحّة محتوياته تحقّقا علميّا و إعتمدوه فى دراساتهم و بحوثهم . و ما يسّر على أصحاب كتاب " ردّا على ..." إتخاذ هذا الموقف هو مرّة أخرى التعاطي مع الماوية بنظرة ضيّقة قومية سواء كانوا واعين بذلك أم لم يكونوا . فتبنّى المجلّدات الأربع فحسب سياسة قديمة لا زال البعض و إلى اليوم متمسّكا بها رغم خطئها البيّن من عدّة أوجه . فالوجه الأوّل للخطإ يتمثّل فى إدارة الظهر للواقع الموضوعي و ما كتبه ماوتسى تونغ لما يناهز ثلاثة عقود أي خلال الخمسينات و الستينات و السبعينات ( المجلّد الخامس و ما بعده ) ؛ و الوجه الثاني يتمثّل فى الإستهانة بالجهود الجبّارة التى بذلها لسنوات عدّة الماويون فى العالم لجمع كتابات ماو تسى تونغ و التحقّق من صحّتها بمنهج علمي و التى بلغت تسعة مجلّدات متوفّرة على الأنترنت بأكثر من لغة ؛ و الوجه الثالث يتمثّل فى أنّ ما ينجرّ عن هذا التنكّر للحقيقة جدّ خطير ، تشويه الماوية و تقطيع أوصالها و حصرها فى مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة و بثّ الإضطراب حول إنجازات الماوية فى مرحلة الثورة الإشتراكية نظريّا و عمليّا . و بالفعل يرجّح أنّ غالبية الماويين تاريخيّا و حاضرا لا علم لهم بمضامين كتاب ماو عن الإشتراكية و الناقد لكتاب الإقتصاد السياسي السوفياتي ، و بمضامين كتاب " ماو يتحدّث إلى الشعب " و الكتاب الأحمر الكبير الذى جمعت فيه كتابات و خطابات ماو تسى تونغ و وثائق المؤتمرين التاسع و العاشر و وثائق الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و ما صدر من نصوص ماوية فى" مجلّة بيكين" فى الستينات و السبعينات ... كلّ هذا التراث الماوي المكتوب يرمي به منطق أصحاب " فى الردّ ..." إلى غياهب النسيان . و قلمّا درسوا أو قاموا بالدعاية الواسعة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين 1966 – 1976 بإستثناء تكرار أفكار عامة وردت فى " ردّا على حزب العمل الألباني " سنتطرّق إليها لاحقا .وإن قرأوا لماو شيئا فعادة ما ينحصر ضمن حدود المجلّدات الأربعة . نفهم جيّدا أن طبيعة الثورة فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات تفرض الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية على جدول الأعمال المباشر و لكنّنا لا نفهم ولا نقبل بماوية مجزّأة أو ماوية خاصة بالمستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات لأنّ هذا تشويه بليغ لعلم الثورة البروليتارية العالمية الذى يعتبر الثورة الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا و كجزء من الثورة العالمية تيار من تياري الثورة البروليتارية العالمية فهذه الثورة الديمقراطية الجديدة و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية كلّ لا يتجزأ هدفه الشيوعية عالميّا . و أمّا إختزال الماوية فى الثورة الديمقراطية الجديدة فتعبير جلي عن نزعة قومية فى النظر إلى الماوية تتناقض مع النظرة الأممية البروليتارية . و من اللافت للنظر أن يؤكّد الكتاب الذى ننقد على " الثورة الوطنية الديمقراطية " و لا يشير إلى المصطلح المتعارف عليه ماويّا " ثورة الديمقراطية الجديدة " . نعرف حقّ المعرفة أن المصطلح الأوّل مستقى من وثيقة ماوية تاريخية عالمية هي " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية " و أنّ هذا المصطلح صار رائجا و قد باتت مجموعات وتيارات زمن صياغة الكتاب تطلق على نفسها – وهي مخطئة فى ذلك - نعت طبيعة الثورة أي الوطنيون الديمقراطيون إلخ ، و لكن الماويين عبر بلدان العالم ( و بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 يشهد بذلك ) يستعملون بالأساس مصطلح " الثورة الديمقراطية الجديدة ". و عن وعي أو عن غير وعي ، فى السنوات الأخيرة ، بدأ المصطلح الأخير يشقّ طريقه فى الأدب الماوي و لعلّ من أسباب ذلك أوّلا ، تفسّخ مجمل المجموعات المنادية بالثورة الوطنية الديمقراطية و تحوّلها إلى مجموعات إصلاحية شرعوية وثانيا ، سعي الشيوعيين الماويين الثوريين سعيا حثيثا نحو تعميق إستيعاب الماوية و تجاوز تمظهرات النزعيتين القومية و الديمقراطية البرجوازية . و يندرج تشديدنا نحن فى ما نخطّه من مقالات على ربط المصطلحين بعضهما ببعض فى صيغة الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة أو العكس و إضافة كجزء من الثورة البروليتارية العالمية ، يندرج فى هذا الإطار . 4- من الأخطاء الفادحة عدم البناء على أساس ما بلغته الثورة الثقافية من تقدّم نظريّا و عمليّا : يفرد أصحاب كتاب " ردّا على حزب العمل الألباني " فصلا كاملا لهذه الثورة عنونوه " فى الثورة الثقافية " ( و ليس الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كما هو متعارف عليه ماويّا ! ) . و فى مطلع الفصل يشرح الكاتب دوافع دراسة هذه الثورة فيقول : " تنبع أهمّية دراسة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وتحديد موقف علمي تجاهها لا فقط من ضرورة فهم هذا الحدث التاريخي و معانيه السياسية والإيديولوجية وإنّما كذلك من ضرورة المساهمة فى بلورة موقف ماركسي – لينيني من الصراع القائم على المستوى العالمي بين من يتهجمون على الثورة الثقافية و ينكرون كلّ أهمية لها و من يدافعون عنها بإعتبارها إضافة مثرية للنظرية العلمية و الممارسة الثورية ."( ص 108) و يختم الفصل بتأكيد أنّها " إضافة هامة فى الفكر العلمي و الممارسة الثورية ، مؤكدة مرّة أخرى صحّة المبادئ الماركسية – اللينينية وحيويّتها ..." ( ص 141 ). و ما تقدّم يستدعي جملة من الملاحظات : 1- يقف كاتب نص " فى الثورة الثقافية " عند الماركسية – اللينينية و حتى حين يطرح نقاش " فكر " ماو تسى تونغ نقرأ بالصفحة العنوان التالي " " فكر ماو " فكر ماركسي – لينيني ". 2- نفتّش عن شرح لماذا تعتبر إضافة فلا نجد إجابة واضحة و الحال أنّه معلوم لدى الماويين منذ الستينات أنّها إضافة لكونها وسيلة و طريقة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا . 3- لم يدرك أصحاب الكتاب موضوع نقدنا أنّها ثالث أهمّ الثورات البروليتارية فى العالم ؛ الأولى ثورة أكتوبر و الثانية الثورة الصينية لسنة 1949 . 4- لم يدركوا أنّها قمّة ما بلغته الإنسانية فى تقدّمها نحو الشيوعية . 5- لم يذكروا بوضوح المكاسب التى حقّقتها مقارنة بالتجربة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي ، هذه المكاسب المسمّاة " الأشياء الإشتراكية الجديدة ". 6- و لم يستوعبوا هدفها الحقيقي مثلما إستوعبه الماويون عبر العالم . ففى الصفحة 128 ، ورد : " لقد كانت الثورة الثقافية إذن تستهدف بالأساس تطهير أجهزة السلطة و المؤسسات الجماهيرية و الحزب من العناصر التحريفية التى كانت تسعى إلى تدعيم مواقعها من أجل إجهاض الإشتراكية . " مرّة أخرى يخفق كتاب " فى الردّ..." فى المسك بجوهر الإضافات الماوية لعلم الثورة البروليتارية العالمية و بجمر حقيقة أنّ ما قدّموه على أنّه هدف هذه الثورة لا يعدو أن يكون بالنسبة لماو سوى المهمّة المباشرة أمّا الهدف فهو شيء آخر . و قد سبق لنا التعرّض لهذا الإشكال فى الصفحات 6 و 7 من العدد الرابع من نشرية " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " أوت 2011 ، المخصّص لدحض " ترهات خوجية بصدد الثورة الثقافية ( فى الردّ على حزب العمّال و الوطد )" فذكّرنا
" بهدف الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى إختصار شديد كما حددها أولا ماو و ثانيا وثيقة ال16 نقطة بما هي ميثاق هذه الثورة : 1- " الآن أود أن أطرح سؤالا : ما هو حسب رأيكم هدف الثورة الثقافية الكبرى ؟( أحدهم أجاب فورا : إنه النضال ضد الماسكين بالسلطة داخل الحزب السائرين فى الطريق الرأسمالي .) النضال ضد الماسكين بالسلطة داخل الحزب السائرين فى الطريق الرأسمالي هو المهمة الأساسية و ليس البتة الهدف. فالهدف هو معالجة مشكلة النظرة إلى العالم ، إنه مسألة إقتلاع التحريفية من جذورها. " ماو تسى تونغ ، " خطاب أمام البعثة العسكرية الألبانية ، 1 ماي 1967 " .
2-" مرحلة جديدة فى الثورة الإشتراكية : إن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، الجارية ، هي ثورة كبرى تمس ما هو أكثر عمقا عند البشر . و تشكل مرحلة جديدة فى تطور الثورة الإشتراكية فى بلدنا ، مرحلة أعظم إتساعا و عمقا فى آن . قال الرفيق ماو تسى تونغ فى الدورة العامة العاشرة للجنة المركزية الثامنة للحزب : لإسقاط سلطة سياسية ، ينبغى دائما و قبل كل شيئ خلق الرأي العام ، و القيام بالعمل على الصعيد الإيديولوجي . يصح هذا بالنسبة للطبقة الثورية كما يصح بالنسبة للطبقة ضد الثورة . و قد أثبتت الممارسة أن هذه الموضوعة للرفيق ماو تسى تونغ صحيحة تماما . على الرغم من أن البرجوازية قد أسقطت ، فإنها ما تزال تحاول إستخدام الأفكار و الثقافة و التقاليد و العادات القديمة للطبقات المستغلة بغية إفساد الجماهير و الإستيلاء على عقولها و محاولة القيام بالردة. و على البروليتاريا أن تصنع العكس تماما : يجب أن تجابه كل تحد من جانب البرجوازية على صعيد الإيديولوجيا مجابهة مقابلة و تستخدم الأفكار و الثقافة و العادات و التقاليد الجديدة للبروليتاريا لتغيير السيماء الروحية للمجتمع كله... و هدفنا فى الوقت الحاضر هو مكافحة و إسقاط أولئك الأشخاص ذوى السلطة الذين يسيرون فى الطريق الرأسمالي ، و نقد و إقصاء " الثقات " الأكاديميين البورجوازيين الرجعيين و إيديولوجيا البورجوازية و سائر الطبقات المستغلة ، و تحويل التربية والأدب و الفن و سائر أجزاء البناء الفوقي التى لا توافق الأساس الإقتصادي الإشتراكي ، بحيث يسهل توطيد و تطور النظام الإشتراكي ." و فضلا عن حصر أنفسهم فى الأربعة المجلدات الأولى لماو و فى الماركسية - اللينينية لا غير و حصر الماوية فى الثورة الوطنية الديمقراطية ، لم يجتهدوا لدراسة هذه الثورة بعمق و شمولية و للدعاية لها و الإنطلاق من المكاسب النظرية و العملية النوعية التى حقّقتها . 5- من الأخطاء الفادحة التغييب التام لنظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا : لم يرد ذكر هذه النظرية بتاتا فى الكتاب الذى ننقد و الحال أنّها حجر الزاوية فى فهم الثورة الثقافية و فى تطوير ماو تسى تونغ لعلم الثورة البروليتارية العالمة من الماركسية – اللينينية إلى الماركسية – اللينينية – الماوية . لقد أكّد بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 : " و يمكن لنا القول الآن ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا و أيضا على الوجود الموضوعي للطبقات و التناقضات الطبقية العدائية و مواصلة صراع الطبقات فى ظل دكتاتورية البروليتاريا طوال مرحلة الإشتراكية و حتى الوصول إلى الشيوعية . و كما قال ماو فإن : " كل خلط فى هذا المجال يؤدى لا محالة إلى التحريفية " ." و إنجرّ عن هذا الخطّإ الجسيم تبعات وخيمة قوامها أنّ مؤلّفي الكتاب لم يقطعوا مع الفهم الدغمائي التحريفي الخوجي للصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية بما هي مرحلة إنتقالية بين الرأسمالية والشيوعية. و لافت للنظر هنا أن يكرّر الكتاب و للأسف مثل الخوجيين ، عشرات المرّات كلمة " إندساس " ( الصفحات 8 و 19- 10 و 21 و 22 و 23 و 24 و 25 و 27 و 32 و 33 و 34 و 36 و 43 و 115 و 124) الشيء الذى يوحي بأنّ السبب الرئيسي فى تغيّر لون الحزب و الدولة فى الإتحاد السوفياتي و تاليا فى الصين مردّه جوهريّا و أساسا تسرّب عناصر البرجوازية القديمة إلى الحزب . صحيح أنّ لينين أثار هذه المسألة الواقعية إلاّ أنها كما بيّن ماو ثانوية فى فهم حقيقة الصراع الطبقي فى ظل الإشتراكية و بهذا قطع ماو تسي تونغ مع لينين وستالين قطيعة إبستيمولوجية فى هذه المسألة و غيرها ما مكّنه من تحقيق إضافات فى فهم الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية و فى الصراع داخل الحزب و طبيعة البرجوازية الجديدة إلخ . و أن يركّز أصحاب الكتاب على " الإندساس " مستندين إلى لينين يعكس إمّا جهلا بما كتبه الرفاق الماويون الصينيون و ماو ذاته فى الخمسينات و الستينات و السبعينات و إمّا تجاهلا لما هو موثّق حتى فى مقالات ماوية عالمية سجلوها ضمن المراجع المعتمدة من مثل " فى الردّ على الهجوم الدغمائي التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " لج. وورنر من الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية و فيه فقرات من آخر ما خطّه مثلا الرفيق تشانغ تشن تشياو فى مقال " حول ممارسة الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية " سنة 1975 ( و المقال متوفّر بالكامل بالفرنسية على الأنترنت و رابطه هو http://www.contre-informations.fr/chinepop/chinepop/tchang.html فى هذا المقال يطوّر الرفيق تشانغ تشن تشياو الفهم العلمي للصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية و يشرح قاعدة تناقضات الإشتراكية المولّدة للبرجوازية الجديدة ( وهو مصطلح غائب تماما فى فصول الكتاب الذى ننقد ) و كيف أن أتباع الطريق الرأسمالي يمثّلون هذه الطبقة إلخ . و فى مجلّة بيكين ، العدد25 ، 18 جوان 1976 ، مقال فى منتهى الأهميّة بهذا المضمار تجاهله أصحاب كتاب " ردّا ... " وهو يحمل عنوانا بالغ الدلالة " أتباع الطريق الرأسمالي هم البرجوازية صلب الحزب ". و قد كتب فى إطار حملة نقد دنك سياو بينغ و التصدّي للهجوم الإنتهازي اليميني و ليتناول بالبحث بالذات مسألة تناقضات الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية وهو يعدّ من أهمّ المقالات الأخيرة التى ساهمت فى تطوير نظرية و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا بقيادة ماو تسى تونغ . و تجدر الإشارة أيضا إلى أن الكتاب " ردّا ...." يلجأ إلى ذات المفاهيم الخوجية لا سيما منها " الوحدة الصمّاء " للحزب ( فى تضارب مع التحليل المقدّم لصراع الخطّين فى فصل آخر من الكتاب عينه ) بينما و منذ عقود سخر ماو تسى تونغ من ناشري مصطلحات من هذا القبيل و ذلك فى خطابه عن الوحدة الحزبية للحزب و إعتماد المنهج الجدلي و ليس الميتافيزيقي فى موسكو 18 نوفمبر 1956 و مرجعه على الأنترنت بالعربية هو https://sites.google.com/site/maoforarab/msw-v5/69 و ما لا يمكن لشيوعي حقيقي أن ينكره هو أنّ البروليتاريا العالمية خسرت البلدان الإشتراكية السابقة و هُزمت مؤقّتا فى معركتها ضد الإمبريالية و الرجعية العالميتين و لكن من غير الصحيح البتّة أنّ هذه الهزيمة تعزى رئيسيّا إلى أخطاء الشوعيين . الأخطاء وجدت و بحثها ولا يزال يخوض فيها الشيوعيون الماويّون الثوريون غير أنّها لم تكن المحدّدة فى الهزيمة المؤقتة للبروليتاريا على أيدى البرجوازية . ف" الأمور فى العالم معقّدة تقرّرها عوامل مختلفة . فعلينا ان ننظر إليها من جوانب مختلفة لا من جانب واحد فحسب ". ( ماو تسي تونغ ، " حول مفاوضات تشونغتشينغ " 17 أكتوبر – تشرين الأوّل – 1945 ؛ المؤلّفات المختارة ، المجلّد الرابع ؛ الصفحة 228 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ " ). و" فى النضال الإجتماعي نجد القوى التى تمثّل الطبقة المتقدّمة تعانى الفشل أحيانا لا لأنّ أفكارها ليست سديدة بل لأنها فى ميزان القوى المشتركة فى النضال ، أضعف من الرجعيّين لوقت محدّد ؛ لذلك تنزل بها الهزيمة مؤقّتا ، إلاّ أنّ إنتصارها يتحقّق عاجلا أم آجلا ."( ماو تسي تونغ ، " من أين تنبع الأفكار السديدة " مايو – أيار 1963 ؛ ص 219 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ" ).
خاتمة : ضرورة إستيعاب علم الثورة البروليتارية العالمية و تطبيقه و تطويره ثوريّا لا تحريفيّا : ممّا تقدّم نستشفّ أنّ كتاب " ردّا على حزب العمل الألباني " تضمّن أخطاء خطيرة فى المنهج و فى فهم الماوية و تطويرات ماو تسى تونغ لعلم الثورة يترتّب على الثوريين و الثوريات إدراكها جيّدا و تجاوزها نحو فهم نظري و ممارسة ثوريين أرقى فأرقي . و لأن مجال المقال لا يسمح ، نلمح فقط إلى أنّه تظلّ هناك حاجة إلى ربط هذه الأخطاء التى كشفنا بالتطوّر التاريخي اللاحق للماويين و بما عاينناه من إهمال تقريبا للنضال على الجبهة النظرية كواحدة من الجبهات الثلاث التى أكّد عليها لينين فى " ما العمل ؟ " و مقولته الشهيرة " لا حركة ثورية دون نظرية ثورية " . و موضوع مدى فهم و تطبيق هذه المقولة اللينينية و الأخطاء المرتكبة بشأنها موضوع على الرفاق و الرفيقات معالجته بعمق و شمولية . و المقال الذى يوشك على النهاية ليس سوى جولة من الجولات الضرورية للخوض فى التراث الماوي للبحث عن الجذور العميقة لأخطاء لا نريدها أن تتكرّر و لإستخلاص الدروس و العبر ليخدم الماضي الحاضر و المستقبل . إلاّ أنّ هذا و إن كان مساهمة من المساهمات ومن زاوية من الزوايا على الطريق الصحيح ، لوحده لا يفى بغرض تطوير علمنا الشيوعي و تطبيقه بشكل خلاّق بعيدا عن ألوان من التحريفية التى نعرف و التى قد تظهر فى قادم الأيام إذ هناك حاجة ماسة أيضا إلى دراسة كافة تجارب البروليتاريا العالمية و الممارسات و التنظيرات الماوية القديمة منها و الجديدة لما قبل ماو تسى تونغ و ما بعده – إلى جانب دراسة شتّى النشاطات الإجتماعية الإنسانيّة و إضافات العلوم فى مختلف المجالات و دراسة الواقع المتغيّر محلّيا و عالميّا - لندرك قمّة ما بلغه تطوّر علمنا أو نساهم فى الصعود به إلى أعلى القمم الممكنة و من ثمّة نفسّر العالم الذى لا يكفّ عن الحركة بشكل أفضل من أجل تغييره ثوريّا بإتجاه الشيوعية العالمية . و أكيد أنّكم لاحظتم إعتمادنا إلى حدّ كبير على بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 لأنّه يحتوى بين طيّاته على مبادئ جوهرية و إن وجب أن نضيف إليه – إستمرارا و قطيعة ، تأكيدا و نفيا – ما توصّل إليه تطوّر علم الشيوعية مذّاك ، طوال زهاء الثلاثين سنة الآن . و أكيد أنّ قراءة نقدية فى مدى إدراك الماويين الذين أعلنوا تبنّيهم لهذا البيان لتلك المبادئ الجوهرية ومدى تشبّعهم بها و تطبيقهم إيّاها ستكون عظيمة الفائدة من منظور تجاوزالأخطاء و تشييد صرح أمتن قادر على التقدّم بقضيتنا الشيوعية نظريّا و عمليّا . و من الأسلحة التى يجب التسلّح بها فى النهوض بالعمل على الجبهة النظرية التى يجب أن تنير الممارسة الثورية لمحاربة التحريفيّة و الدغمائية مقولتين معبّرتين أفضل تعبير عن هذه الضرورة الماسة و الملحّة لتطوير علمنا بلا هوادة : 1– " نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به، بل إننا مقتنعون، على العكس، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخروا عن موكب الحياة." ( لينين ، " برنامجنا " ). 2- " إن الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقض مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بد أن تتطور مع تطور التطبيق العملي و لا يمكنها أن تكف عن التقدم . فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ،هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . " ( ماو تسى تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " ، 1957) أفريل 2014
#ناظم_الماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى الماركسيين – اللينينيين – الماويين : القطيعة فالقطيعة ثم
...
-
إلى الماركسيين – اللينينيين – الماويين
-
النقاب و بؤس تفكير زعيم حزب العمّال التونسي .
-
قراءة فى البيان التأسيسي لمنظمة العمل الشيوعي – تونس .
-
مقدّمة - بؤس اليسار الإصلاحي التونسي : حزب العمّال التونسي و
...
-
جدالان باللغة العربية يدافعان عن الخلاصة الجديدة للشيوعية .D
...
-
إسلاميون فاشيون ، للشعب و النساء أعداء و للإمبريالية عملاء !
-
محتويات نشرية - لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! - ( الأعداد
...
-
وفاة نيلسن مانديلا و نظرة الماركسيين المزيفين البرجوازية للع
...
-
الجزء الثاني من كتاب -آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم
...
-
الجزء الأوّل من كتاب :آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم
...
-
الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – و حزب العمّال التونس
...
-
مقدّمة و خاتمة كتاب - آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم
...
-
مواقف - يسارية - مناهضة للماركسية -- لا حركة شيوعية ثورية دو
...
-
مقدّمة كتاب - صراع خطين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية -
...
-
الحركة الشيوعية الماوية – تونس لا هي شيوعية ولا هي ماوية !
-
إلى كلّ ثوري و ثورية: لتغيير العالم تغييرا ثوريّا نحن فى حاج
...
-
الخلاصة الجديدة للشيوعية تكشف إفلاس الحركة الشيوعية الماوية
...
-
نداء إلى الماركسيين – اللينينيين – الماويين (2) : الرجاء درا
...
-
الخلاصة الجديدة للشيوعية تكشف إفلاس محمد علي الماوي إفلاسا ش
...
المزيد.....
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|