|
من حاول اغتيال مراسل قناة الفضائية العربية ـ جواد كاظم
فرات المحسن
الحوار المتمدن-العدد: 1255 - 2005 / 7 / 14 - 11:38
المحور:
الصحافة والاعلام
جواد كاظم صحفي عراقي بدا عمله في فضائية العربية مباشرة بعد سقوط العاصمة بغداد وكانت تقاريره مميزة تعكس سياسة مالكي ومحرري القناة الفضائية ولم يخف ذلك الشاب هواجسه ورؤاه الشخصية نحو الاحتلال الأمريكي وكذلك تجاه المتغيرات في الساحة السياسية العراقية. وكانت تعابيره في الغالب تمثل رؤية الشباب الذين عاشوا كامل أعمارهم تحت سطوة فكر حزب البعث ومفاهيمه. فكانت عباراته وتقاريره اليومية تشي بالكثير من التشجيع للمقاومة وإظهار مساوئ التغيير وتمرير ما يمكن من الطعون بالضد من السياسيين العراقيين الذين أصبحوا يتسيدون المشهد السياسي بعد هزيمة حزب البعث الفاشي.لم تتغير لهجة المراسل جواد كاظم إلا بعد مرور أكثر من عام ونيف من زمن الاحتلال. ولم يتم تغيير لهجة تلك التقارير وتعابيرها بسبب اختلاف وتغير موقف المراسل جواد كاظم وإنما تم وفق أوامر ارتأت أن تتوجه تقارير الفضائية العربية نحو صيغ اعتدال في تناول الشأن العراقي فكان برنامج من العراق في بدايته حادا ومزعجا للأمريكان ولمجلس الحكم المؤقت وأيضا في الزمن الأول من عمر حكومة السيد علاوي.وكان مراسلو قناة العربية يبزون أقرانهم في قناتي الجزيرة ودبي في تصيد الأخبار والمشاهد المقلقة والمؤذية للشارع العراقي. ويتم في الغالب تمرير الكثير من عبارات التمجيد والترويج للنظام السابق وبقاياه وأيضا الإرهاب.وأعدت ولازالت تعد برامج وحلقات سياسية وحواريات طويلة عبرت عن تأييد ومساندة فعلية وترويج علني لعمليات القتل والترويع اليومي التي تحدث باسم مقاومة الاحتلال،ودفعت مبالغ لأفراد وجماعات من أجل الحصول على أشرطة تسجل وقائع لمقاومين يوجهون أسلحتهم ضد الشرطة والجيش العراقيين الجديدين وكذلك ضد الأمريكان.لم يكن ذلك المسار الذي اختطته أغلب القنوات الفضائية العربية غير تعبير منطقي عن سياسات وتوجهات مالكي وإداريي وإذاعيي ومراسلي تلك الفضائيات الذين يمثلون في غالبتهم المطلقة عناصر ترتبط فكريا وأحيانا تنظيميا بأحزاب وأفكار قومية عروبية أو إسلامية سلفية. ضمن التباس الساحة السياسية واشتباك المصالح واقتناص الفرص، استطاعت حكومة السيد علاوي أن تقدم طعما دسما لقناة العربية.فقد استغلت حكومة السيد علاوي ضرورة تغيير واقع (الفضائية العراقية) لتقدم لمالكي قناة الفضائية العربية عرضا مغريا لن تستطيع أية قناة عربية أخرى التوقف والتمهل في اتخاذ قرار الموافقة عليه.لقد قدمت حكومة علاوي عقدا بما يقارب 450 مليون دولار تقوم بموجبه قناة الفضائية العربية بتدريب كوادر وتقديم مشورة في أعداد برامج وتطويرها وبناء هيكلة متكاملة لقناة الفضائية العراقية. ومن ضمن ملحقات العقد أعداد حملة انتخابية لصالح السيد علاوي. ووفق شروط الملحق أيضا تقوم قناة العربية بتغيير لهجتها في تناول الشأن العراقي حتى وإن كان بأدنى المستويات من (الحيادية).وقد قامت بتوقيع العقد مع الفضائية العربية هيئة الأعلام برئاسة السيد إبراهيم الجنابي المحسوب على حزب السيد علاوي، والتي أسست من قبل برايمر وفق المحاصصات. بعد توقيع العقد اختلفت بشكل ملحوظ لهجة القناة وتقارير مراسليها في العراق ولوحظ التغيير في الكثير من التعابير والمصطلحات التي بدأت تظهر لصالح حكومة الدكتور علاوي وقوات الاحتلال، وباتت جمل المراسل جواد كاظم تنحو لكبت لغة التأجيج والتصعيد والمواقف المتشنجة والدس والتشويه ضد رجال الحكم الجديد، وأبدل كل ذلك بخطاب جديد يحمل بين طياته تناول عقلاني للواقع والحدث اليومي وأخذت قناة العربية تعطي الكثير من الانطباعات الإيجابية عن المشهد السياسي العراقي. ربما أدرك المراسل جواد أن ما حدث من تغيير سياسي في العراق أصبح واقعا لا مفر منه ولم تعد لغة الخصومة والتصعيد تجدوا نفعا مع ظهور استحقاقات سياسية واجتماعية واقتصادية جديدة.ولكن لم يكن لذلك الشأن التأثير الكبير على خطاب المراسل الشاب،فالأهم عنده كان الانسجام والتوافق مع سياسة وتوجهات القناة التي يعمل لديها. فجواد كاظم استطاع وخلال ظرف استثنائي ومرتبك الحصول على عمل كمراسل في أحدث وأشهر قناة فضائية عربية في الوقت الذي كان أقرانه ولازالوا يعانون من البطالة والمستقبل المجهول.وكان عليه أن يفكر بالكثير الذي يجعله يتشبث بالوظيفة رغم مخاطرها، وفي مقدمة ذلك مصالحه الشخصية وهذا الشيء دفعه لكي يتوافق تماما مع جميع ما يرد اليه من تعليمات عبر مركز القرار في القناة.ذلك المركز الذي بلع الطعم الدسم وشعر بلذته ولذا تم توقيع العقد دون إبطاء ولكن بتكتم شديد. لقد شاركت قناة العربية بتقديم برامج وتقارير وحواريات متوازنة خلال الحملة الانتخابية وكان برنامج (من العراق) برنامجا دعائيا ناجحا لسلطة السيد علاوي وحكومته بعدما كان يعتمد قبل عهد العقد على استحضار وجوه معارضة لسلطة مجلس الحكم وتقديم تقارير عن المقاومة.ولكن الانقلاب جدث قبل الانتخابات ببضعة أسابيع، حينها قدمت حلقات متوالية من الحواريات مع السيد علاوي استعرض فيها رئيس الوزراء تاريخه الشخصي ورؤيته لمستقبل العراق ومعها عرفت العملية الانتخابية أول حملة دعائية ضخمة قدرت مبالغها بـ 27 مليون دولار . شارك مراسل العربية جواد كاظم في رصد وتقديم صورة حيوية وشفافة وإيجابية عن وقائع ومجريات الانتخابات.وقام مراسلو العربية الآخرون بتقديم فقرات وتقارير ناجحة لاحظها الشارع العراقي وشعر معها بالارتياح. وظهر جليا مدى الاختلاف بين النهج والسلوك قبل توقيع العقد وبعده. ظهرت لغة جديدة لدى المراسل جواد كاظم وقفت بالضد من عمليات الترويع والقتل اليومي، حاولت إظهار المواقف على حقيقتها ومن هم وراء تلك الحوادث. والمتابع لتقارير الشاب جواد كاظم كان يتلمس حيويتها في عرض صورة العراق الجديد الذي ينهض رغم الجراح والإرهاب ويقف بتحد ويجدد نفسه رغم الكبوات.لقد قدم المراسل جواد في تقاريره الأخيرة صورة جميلة لمراسل حيوي محايد يبحث بدأب وجد وإيثار عن السبق الصحفي والوقائع الحقيقية ويبذل فيها جهود واضحة لتصحيح المعلومات وعرضها بخلاف ما يرد من أخبار كاذبة وملفقة تأتي عبر الكثير من المراسلين. بالرغم من أن توجهات قناة العربية أدارت ظهر المجن لحكومة السيد الجعفري في الفترة الأخيرة لأسباب طائفية وشخصية وبعد أن تلقت الكثير من التهديدات الصريحة بالمعاقبة ليس فقط من قبل أطراف عراقية وإنما من جهات عربية مسؤولة وممولة للقناة. ولكن العقد بقي نافذ المفعول بشكله الكامل مع تحريف في ملحقاته لصالح تطمين أصحاب الضغوط. فقد ذهبت حكومة السيد علاوي، والعقد يلزم العربية بتقديم الخبر بحياد، والحياد المنصوص عليه في العقد يمكن أن يفسر حسب الرغبة ونوع وثقل الحدث.وكذلك فأن المراسل جواد كاظم بقي على ذات منهجه الذي أستقر عليه بعد التغيير في تقديم الحقيقة وإظهار زيف وجرائم الإرهابيين.هذا الخطاب لم يعجب بعض مالكي وإداري القناة، في ذات الوقت فأن التهديدات انهالت على مكتب قناة العربية في بغداد موجهة من قبل البعثين الفاشست وحلفائهم من السلفيين التكفيريين. ولكون العقد ملزم لقناة العربية فلم ترغب الإدارة بالتغيير الفجائي والسريع وإنما فضلت الانتظار لبعض الوقت ولحين أيجاد الفرصة المناسبة لفتح النار ضد السلطة العراقية بشكل مكثف والتخلي عن خطاب المجاملات الذي فرضه العقد المذكور. لم يتلق المراسل جواد كاظم التعليمات الجديدة أو ربما ماطل في تنفيذها لذا أستمر في تقاريره التفاؤلية عن الحدث اليومي العراقي موجها اتهاماته المباشرة لأعداء العراق في ما يحدث من قتل وتخريب يومي.أهمل جواد التغيير ولم يعد يلتزم سياسة قناة العربية التي خضعت للابتزاز الداخلي والخارجي وأبدلت لهجتها وصعدت من وتائر الهجوم والتلفيق ضد سلطة رئيس الوزراء الجعفري. ازدادت الضغوط داخل المحطة وارتفعت معها وتيرة التهديدات فكانت حادثة محاولة اغتيال جواد كاظم رسالة واضحة لتعديل العقد بين الفضائية العربية ولجنة الأعلام العراقية ولكن دون المساس بالجانب الفني منه والتأكيد على حيادية القناة تجاه الأحداث؟؟!!.تلك الحيادية التي يمثلها هدير صوت المراسلة هدير الربيعي التي عادت لتنقل الحدث الساخن بلغة المتشفي وروح العداء وبنفس دعائي غاضب على كل ما يجري في العراق بدأ من أداء الحكومة الى بيع الطماطة في السوق السوداء. لقد دفع جواد كاظم ثمن موقفه في إدانة أعمال القتل والترويع اليومي وفي ذات الوقت كان ضحية المصالح الأنانية المتضاربة داخل قناة العربية ذاتها.لقد كان ثمن تغييره لمواقفه غاليا مثلما ثباته على موقفه الأخير.ولكنه في الأخير حصل على تعاطف شعبه . ( نتمنى لجواد الشفاء العاجل ونستنكر وندين الجريمة التي وجهت ضده من قبل أوغاد القنوات العربية من المرتزقة والعفالقة والسلفيين التكفيريين )
#فرات_المحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليدافع المثقف العراقي عن بيته
-
صدام بين سروالين
-
دمشق إفلاس وتخبط سياسي يسبق الانهيار
-
مسؤولية سوريا عن مصير السيد شاكر الدجيلي
-
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق واستحقاقات الم
...
-
موكب عزاء السفارة مرة أخرى
-
موكب عزاء السفارة
-
محاربة الإرهاب بين التمنيات والواقع
-
سوف انتخب قائمة الشجعان
-
وثائق غير قابلة للعرض
-
غواية التمرد الى أين...؟؟
-
أيها الوزير الفهلوي أنت القاتل وليس غيرك
-
وداعا صديقي سلمان شمسة
-
تهنئة للحوار المتمدن
-
قوى اليسار والعلمانية اسباب الضعف والتشتت
-
الوزيرة بثينة شعبان والأسرى
-
في انتظار دكتاتورية ولاية الفقيه
-
السيد أحمد الجلبي ولعبة التوازنات
-
مشروع الشرق أوسط الكبير هل من طريق لحل الطلاسم
-
أما كان للحكمة مكان
المزيد.....
-
الجمهوري أرنولد شوارزنيجر يعلن دعمه للديمقراطية كامالا هاريس
...
-
وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل
-
كوريا الشمالية: تصرفات الولايات المتحدة أكبر خطر على الأمن ا
...
-
شاهد.. ترامب يصل إلى ولاية ويسكونسن على متن شاحنة قمامة
-
-حزب الله- ينفذ 32 عملية ضد إسرائيل في أقل من 24 ساعة
-
بريطانيا وفرنسا وألمانيا تدعو إلى التجديد العاجل للخدمات الم
...
-
وسائل إعلام: تقدم في المفاوضات حول وقف إطلاق النار بين إسرائ
...
-
وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل (صور)
-
إعصار كونغ-ري يقترب من تايوان والسلطات تجلي عشرات الآلاف وسط
...
-
ما هي ملامح الدبلوماسية الأميركية المستقبلية في الشرق الأوسط
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|