أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - أخلاق آدم والعصر الحجرى














المزيد.....


أخلاق آدم والعصر الحجرى


تامر عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4420 - 2014 / 4 / 10 - 23:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أخلاق آدم والعصر الحجرى

قبل أن تمتدحنى أو تذمنى .. قبل أن تشتمنى أو تحتفى بى، أرجوك .. أرجوك .. تجرد قليلاً من مشاعرك وحكِّم عقلك فقط. لا أريد منك سوى التفكير بالعقل والمنطق.
تعال على نفسك وفكر ...
* * *
بدايةً، ولمن لا يعرف، العصر الحجرى هو العصر الذى بدأ الإنسان يخترع فيه أدوات بسيطة بدائية من الحجر، يستخدمها فى عمليات بسيطة يحتاجها مثل تقطيع الفرائس أو تقشير الثمار الصلبة، وهى ظاهرة لها مغزى عميق فى تاريخ الإنسانية، إذ أنها تعنى ببساطة بدء مسيرة (التكنولوجيا) فى التاريخ الإنسانى.
ولمن لا يعرف أيضاً، فقد اتفق معظم علماء الأنثروبولوجى، ومن واقع حفريات أثرية وتحليل ذرّى لتلك الحفريات وتركيبها الوراثى، أن فرعاً بأكمله من الرئيسيات العاقلة كنوع الهومو-إيريكتوس، قد فنى بسبب الصراع الشديد الذى وقع بين أفراد هذا النوع من جهة، وبين نوع آخر من الرئيسيات العاقلة هو الهومو-سابين، وهو النوع الذى إنحدر منه الإنسان المعاصر. وقد وقع هذا الصراع بسبب التنافس الشديد على الموارد البيئية المحدودة، لأنه - لاحظ - لم تكن الزراعة وتدجين الحيوانات قد ظهرت بعد، بسبب عدم استقرار الإنسان فى مكان واحد، وبالتالى، فقد كان الإنسان يعيش على ما يلتقطه من الثمار وما يصيده من الفرائس.
ما هى معلوماتك عن أخلاق الإنسان فى العصر الحجرى؟ هل كان إنساناً على خلق؟ بل ماذا تقول فيما أوردته فى الفقرة السابقة بشأن فناء نوع بالكامل من الكائنات العاقلة على أيدى أسلافنا من الهومو-سابين؟ تعال على نفسك وفكر: هل يمكنك تصور الإنسان فى العصر الحجرى كائناً متحضراً وعلى خلق وذو ضمير يعرف العيب ويتجنب قلة الذوق والجليطة؟
الآن، أنظر إلى الموضوع من زاوية آدم، أبو البشر: هل يمكنك تصور آدم، هذا المخلوق الربانى، الذى علمه الله وأدبه، واختصه بالعقل والإرادة، بل وحمله أمانة تعليم البشرية كلها الأخلاق والقيم بوصفه أباً لتلك البشرية كلها .. هل يمكنك تصور هذا الإنسان همجياً متوحشاً؟ تعال الآن على نفسك وفكر: إذا كان آدم مخلوقاً عاقلاً ذا ضمير وأخلاق، فكيف أورث أحفاده من أفراد العصر الحجرى كل تلك الهمجية والوحشية؟
قد يجيب أحدهم قائلاً: الذنب ليس ذنب آدم، فهو نقل الأخلاق والقيم بأمانة إلى أبنائه، وبرغم ذلك، ارتكب أحدهما جريمة القتل بحق الثانى. وهذه الإجابة تحتاج منك أيضاً، أن تأتى على نفسك وتفكر: لقد ندم قابيل على قتله لأخيه فيما بعد، فهل تتصور أن إنسان العصر الحجرى كان يندم على قتل غيره؟
من الواضح جداً أن إنسان العصر الحجرى كان يقتل ويمارس الأعمال الوحشية بدم بارد، وبالطبع هو أبعد ما يكون عما يفترض فى آدم من أخلاق وضمير، بل وتحضر، ينبغى أن يكون قد ورّثها لأبنائه. فآدم أول إنسان، لا يزال خارجاً لتوه من الكنف الربانى، حيث أخلاق الملائكة وطهرهم. كيف ينحدر أسلافه إلى حضيض التوحش وحياة الغاب كما تصور لنا الحفريات القادمة من أغوار الأرض، والتى تحدثنا بوضوح عن شكل العالم وأخلاق البشر فى العصر الحجرى؟ تعال على نفسك وفكر ..
ثم هناك قضية خطيرة أخرى: لماذا تغاضى آدم عن تلك الجريمة الشنعاء التى ارتكبها أحد أبنائه فى حق الآخر؟ تحدثنا التوراة ويحدثنا القرآن عن قتل قابيل (إسمه فى التوراة قايين) إبن آدم، لهابيل، الإبن الآخر. هل كانت منظومة القيم والأخلاق لأبى البشر متهاونة لهذا الحد؟ هل كان ضميره بليداً إلى هذه الدرجة؟ تعال على نفسك وفكر: كيف سمح له ضميره أن نكون نحن، أحفاده، أبناء قاتل مطلق السراح؟ لماذا لم يقم أبوه الحد عليه؟ (إقامة الحد هو من اختصاص الحاكم أو ولى الأمر حسب الشريعة الإسلامية، وآدم - كما كل الأنبياء كذلك - على دين الإسلام، حسب اعتقاد المسلمين). هل هذا هو الحق، وهل هذا هو العدل الذى علمه الله له؟ وإذا قال قائل أن آدم خشى فناء ذريته إذا ما اقتص من إبنه القاتل، فهناك سؤالان: الأول هو: من أكّد لآدم أن اقتصاصه من الإبن القاتل معناه فناء ذريته؟ بمعنى آخر، ما الذى يمنع آدم من التناسل مجدداً وإنجاب المزيد من الأبناء، خاصة وأن أمامه عمر طويل جداً، حيث يخبرنا التراث الدينى أن أعمار الناس كانت متطاولة فى هذه العصور؟ (عمر نوح على سبيل المثال يزيد عن تسعمائة سنة). السؤال الثانى هو: حتى إذا كان اقتصاصه من إبنه معناه فناء البشرية، فهل الأخلاق والضمير اللذان أودعهما الله فى آدم يسمحان له بأن تأتى الإنسانية برمتها من صلب قاتل؟ لقد عصى آدم ربه فيما هو أهون بكثير (أكل تفاحة)، فكان عقابه أبدياً: الطرد من الجنة. فما بالك بأبى البشر (قابيل) أن يكون قاتلاً ومع سبق الإصرار والترصد؟ كيف ترك آدم إبنه القاتل بعد جريمته يمرح ويأكل ويشرب ويضاجع ويمارس الحب مع أخته لينجبنا نحن أبناءه؟ بأى ضمير ترك آدم ابنه القاتل يفوز بأخته التى قتل أخاه من أجلها؟ كيف ترك ربيب الله ونديم الملائكة هذا القاتل طليقاً؟ أين كانت شريعة الله التى جبَل الله آدم عليها؟ أين تعاليم الإسلام وشريعة نبيه محمد الذى قرأ آدم إسمه على باب الجنة وسأل الله عنه، فأخبره سبحانه بشأن هذا النبى من أحفاده، والذى يحمل إلى الدنيا الدين الحق وهو الإسلام، والشريعة الحقة التى هى شريعة الإسلام؟ هل نسى آدم ذلك الدين وتلك الشريعة بتلك السهولة بمجرد أن فارق الجنة وانهمك فى الأكل والشرب وإنجاب الذرية؟
ما هو الفرق بين ربيب الله الذى ربـّـاه وعلمه العلىّ القدير وزرع فى نفسه الأخلاق والضمير، وبين إنسان العصر الحجرى الهمجى المتوحش؟
تعال على نفسك وفكر ...



#تامر_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دخول العرب مصر .. فتح أم غزو؟
- مشاهد من رحلة الإسراء والعروج
- بأى جيش طارد فرعون موسى؟
- الإسلام أو الجزية أو الحرب .. ثالوث الإختيار الشهير بين العق ...


المزيد.....




- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...
- المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - أخلاق آدم والعصر الحجرى