|
لم لا تخجل يا الداؤود ؟
إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ
الحوار المتمدن-العدد: 4420 - 2014 / 4 / 10 - 11:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم يخجل الرجل. اليس هذا محزناً؟ لم يخجل مما قاله. ما أقساه. لم يشعر أن في ما قاله ما ينتهك ادميته هو نفسه. إنسانيته هو نفسه. بل كان طبيعيا، يتحدث كأنه يفسر لنا أحوال الطقس. ولأنه لم يخجل، كان واضحاً أن ما يقوله يعكس رؤية للعالم مسكونه في طريقة تفكيره. الدين فيها عضو ذكري نافر، لا أكثر ولا أقل. اسمه عبدالله داؤود. يسميه البعض "شيخ" او "عالم" في الدين. وانا في الواقع لا أرى فيما يقوله أي علم، بل هو هوس جنسي يتجاوز المرض إلى الخلل في الفكر والسلوك. ولذلك سأسميه صاحب الذقن. صاحب الذقن قال ما يستحق هذه المقدمة. يتحدث عن الطفلة. الطفلة الصغيرة. أبنتكِ في الرابعة من عمرها؟ أبنتًك في السابعة من عمرها؟ يتحدث عنها. هي لا غير. يقول أن "كانت الطفلة الصغيرة مشتهاة فيجب تغطيتها كي لا تغري الكبار من محارمها بارتكاب الفواحش". طفلة صغيرة، اكرر، طفلة، يتوجب علينا أن نغطيها، لأن علينا "حماية" محارمها "المساكين" من "شيطان" يوسوس في عقولهم بإرتكاب الفواحش. والشيطان هنا يبدو لنا من حديثه يتمثل في الطفلة نفسها. يشعرنا أن الطفلة، الطفلة نفسها، هي أصل المشكلة. بفصحي يقشعر لها الأبدان يفسر "إذا اوتيت الطفلة بسطة في الجسم، ويبدو عليها جمال او بدانة، فتجد أنها في صورة من التكشف والعري والذي اظن انه والله اعلم هناك فتاوى للعملاء بتحريم هذا الأمر حتى لو لم تصل إلى مرحلة البلوغ." واللهِ؟ وهذه الفتاوى كيف تتعامل مع البسطة والبدانة في جسم الطفل؟ الذكر أعني. لصاحب الذقن فتوى أخرى تتعلق بالطفل الذكر. البسطة والبدانة ليست جزءاً منها. خرج علينا هنا بحديث اخر، يحرم فيه خلوة الرجل مع الطفل أو الشاب الأمرد الذي فيه لمسة فتنة! يخاف صاحب الذقن على نفسه من الشاب الأمرد. من الطفل الجميل. ألم اقل لكم أنه عضو ذكري نافر. نعود إلى الطفلة. صاحب الذقن يكمل حديثه ويكمل: "متى ما كانت (الطفلة) مشتهاة فأنه يجب على والديها تغطيتها وحجابها. ولذلك بعض الحوادث جاءت من المحارم وجاءت مدفونة تحت ركام الخجل". والداؤود لم يخجل مما اتحفنا به. لم يندفن هو تحت ركام الخجل. في الواقع كان يتحدث عن الطفلة "ذات البسطة في الجسم والتي يبدو عليها جمال أو بدانة" ويبلع في ريقه. كأنه يشتهيها هو، وهو يتحدث. الطفلة لا يراها طفلة. بل أنثى، وكل أنثى تغطى، كي لا تشتهى. نكفنها ونخنق براءتها لأن هذا الرجل وما يمثله من فكر لا يرى العالم إلا من خرم عضوه الذكري، ذاك الذي ينفر معربدا. وأهل الطفلة، وجسد الطفلة الجميل البدين، على حسب فكر ذاك المريض، اصبحا المسؤولين عن جريمة اغتصاب المحارم. هم وهي؟ أم من يقدم على هذه الجريمة النكراء؟ بأي منطق يتحدث ذلك الرجل؟ ليس هناك منطق فيما يقول، هو لا يتحدث بعقله، بل بالنصف الأسفل من جسده. ------ هناك خلل في فكر ذاك الداؤود ورؤيته الدينية للعالم. الداؤود عشعش في فكره الدود. ورغم ذلك لن اصف ما يقوله بتخاريف الشيوخ. بل ما يقوله دال. دال على خلل متأصل في الفكر الديني الذي يمثله. خلل لا يعرف فرقاً بين السني والشيعي هنا. فإذا كان الداؤود وهابي سلفي، فمخافذة الرضيعة، وتزويج بنت التاسعة برز لنا ايضا مع فكر ولاية الفقية ووصوله إلى السلطة. هي طبيعة متأصلة في الشقين. خرجت لنا مع ما أسموه بال"صحوة" الدينية. أي صحوة؟ بل هي غيبوبة. تلك الصحوة التي تريد أن تقتل الإنسان فينا. فكما تقسم العالم إلى معسكرين: هم ونحن. وتقول إن من تسميهم "هم": كفرة، مشركين، تستباح نساؤهم، ويستحقون القتل. تقسم المجتمع المسلم إلى تراتبية هرمية. يقع على رأسها الرجل "المسلم". الرجل فيها ربٌ، على المرأة ان تطيعه وترضيه كي تدخل الجنة. أما المرأة فمنذ نعومة اظفارها انثي، كل ما فيها عورة، حتى صوتها عورة، عينها عورة، اظافرها عورة، كالطفلة المشتهاة، عورة، تثير ذلك المسكين، ذلك الرب المستجير، يفزغ منها ومن عوراتها، فيمسك بالكفن يدفنها فيه، كي يستريح. أي عوار في عقلك يامن تصدق؟ الرجل الآلة يتحكم في تلك المرأة، وهي تابعة له، قاصر. تهرول من خلفه والسواد يطبق عليها إلا من خرم عين يسرى. الصحوة هي في الواقع غيبوبة، غمامة حطت على صدورنا وعقولنا وأرواحنا، تريد أن تقتل الإنسان فينا. أًخرجت لنا من بين حفريات القرون الوسطى ركامَ فكرٍ مأزوم، ثم قال من يروج لها، إن الإيمان بالصحوة وما تمثله، إيمان بالله. الله عز وتعالى لا غير؟ الا تخجلون؟ ----- مشكلتنا اليوم كما هي مع الاستبداد، هي ايضاً مع هذا الفكر الديني. مشكلة كبيرة. لأنها مع انتشارها اصبحت تروج لنمط حياة ينتهك ابسط بديهيات حقوق الإنسان. اصبحت تحلل "اغتصاب الصغيرات" بإسم الدين. في تونس اليوم، تجد اصحاب الداؤود يروجون لزواج الصغيرات. ثم يتبجحون قائلين: لم تحرمون ما احله الله؟ الله احل اغتصاب الصغيرات؟ ما أبجحهم. وفي مصر، اراد السلفيون مع حلفاء الأمس، الإخوان، إلغاء تحديد سن الزواج بالثامنة عشرة. ويصّرون على أسنانهم: "لم تحرمون ما أحله الله؟" بالله عليكما أي رب يعبدون؟ في السودان وبعد أن انتشر ظلام الصحوة الديني، قررت السلطة "المتنورة" تحديد سن الزواج للطفلة بالعاشرة! العاشرة. وفي إيران وبعد ان اطبقت ولاية الفقية على ثورتها، حدد الخميني "المتنور" سن الزواج بالتاسعة! التاسعة. في اليمن وبعد أن لوثت الصحوة الفكر والسياسية، لا يحدد القانون اي سن ادنى للزواج. لا يوجد سن ادنى للزواج في اليمن. ولي الصغيرة هو من يحدد إذا كانت الصغيرة "صالحة للوطء". الصغيرة صالحة للوطء. كالصغيرة المشتهاة. وفي بريطانيا حيث ينتشر الفكر السلفي بين بعض شرائح المهاجرين المسلمين، يدعو الأئمة اتباعهم إلى تزويج بناتهن "وكلما كانت اصغر، كلما كان ذلك افضل"، على حد قول احدهم. ليس ديناً ما يدعون إليه. ليس ديناً. لو كان ديناً لكفرت به. فلا تترددن في مواجهته بالقول والفعل. لا تترددوا في مجابهته بالقول والفعل. ليس ديناً. ثم لا تقولوا لي إن الداؤود هو حالة شاذة، "كرّهت الناس في الدين". لا تقلن ذلك. بل هو تعبير عن نمط فكري، انتشر بيننا. نرى مظاهره في حياتنا اليومية. ونتقبله إلى درجة نسمى صاحب الذقن الداؤود "عالم" و"شيخ". ندعوه إلى فضائيات تدخل إلى بيوتنا كل يوم. وما تسموه "عالماً" يقول لكما ان الصغيرة مشتهاه. وهو لم يخجل. كان طبيعيا. يبلع ريقه وهو يحدثنا عن الصغيرة المشتهاة، ذات البسطة في الجسد. اليس ذلك دالا. ولأنه لم يخجل، الأحرى بنا إذن أن نقول له: عار عليك أيها الداؤود.
#إلهام_مانع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قاضية بلا محرم؟
-
ما الذي قاله رائف بدوي؟
-
قاسم الغزالي وحقه في الإلحاد
-
التغيير يبدأ بنا
-
عندما أميتُ صلاة مختلطة، وأنا سافرة
-
أربع نقاط
-
كلنا وجيهة الحويدر!
-
مسجد شامل، مسجد بدون تمييز!
-
في ذكرى النكبة/تأسيس دولة إسرائيل:-لن أكره-
-
نتحرر عندما نقرر أن نكسر الصمت وجدار الخوف في أنفسنا
-
عن التحرش وحملة شوارع آمنة
-
إلهام مانع - كاتبة وناشطة حقوقية - في حوار مفتوح مع القارئات
...
-
-عن المرأة- في حديث مع الشيخ جمال البنا
-
- خذلني الإسلام! -
-
عن الآيزيدية 2
-
لا. السنة النبوية ليست مقدمة على القانون
-
عن الآيزيدية
-
عن البهائية 2
-
عن البهائية 1
-
ما دمنا نتحدث عن حقوق الأقلية المسلمة في بورما..
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|