|
إلى الأستاذ غسان صابور – و إلى الحوار المتمدن من خلاله
نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 4420 - 2014 / 4 / 10 - 09:58
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
إلى الأستاذ غسان صابور – و إلى الحوار المتمدن من خلاله
أستاذ غسان، تحية طيبة لشخصك الكريم،
وددت ُ لو أنك تفتح باب التعليقات على مقالاتك، فهي في مجملها تلمس الكثير مما يتحرك ُ في قلوبنا، بسكينة ٍ و سلام ٍ أحيانا ً و بعنف ٍ أليم ٍ مُتألم أحيانا ً أخرى، و لأنك لا تفعل – مع كل احترامنا لخيارك – نجد أن مخاطبتك َ يجب أن تكون بمقال ٍ منشور، و من هنا تأتي هذه السطور.
في البداية أخي الكريم أشكرك من كل قلبي أنك على الرغم من كل ما حدث في وطنك الحبيب إليك و إلينا سوريا العظيمة رائدة الحضارة الأوغاريتية الأولى، استطعت َ أن تُبعد عن قلبك و نفسك الحقد و الطائفية و العنصرية، و هكذا هم من يحملون أوطانهم في قلوبهم، أو بالأحرى من يحملهم الوطن ُ في قلبه.
أشكرك أيضا ً لأنك توجه دعواتك الإنسانية و أنت تعلم تمام العلم، كما أعلم أنا أنها تقع على آذان ٍ تُرسل منها الواحدة ُ الصوت َ للأخرى فترسله بدورها إلى الهواء بعيدا ً من حيث أتى، لا تدخل ُ إلى القلوب، و لا تستسيغُها العقول، و مع ذلك ما زلت تدعو، كل الأحترام و التقدير لك َ.
أخي غسان، إن الكثير من مفكرينا العرب اليوم هم مفكرون َ "غير عرب"، بمعنى أنهم حينما انفتحوا على الحضارة الغربية و وعوا مدى قوتها، و درسوا فكرها، و منهجها، و آليات التطبيق فيها، نسخوا كل هذا و أخرجوه من ظرفه و مجتمعه و بيئته و أتوا به إلينا، مُعتقدين أن ما نجح "هناك"، سينجح ُ "هنا عندنا"، و أن ما صلُح َ به أمر "تلك" الأمم، سيصلح ُ به أمر ُ "هذه" الأمة، فجاء ما يقدمونه منفصلا ً عن بيئتنا، منفصلا ً عن مجتمعنا، كأنهم ممثلون في مسلسل ٍ تلفزيوني، نتسمر أمامه للمشاهدة و نندمج ُ معه، و ننتظره، لكنه حين ينتهي، نعود ُ لحياتنا مرة ً أخرى.
قد قلت ُ مرارا ً و رددت ُ تكرارا ً أن البحث العلمي له رواده، و أماكن نشره، و جمهوره، فمثلا ً كتاب الدكتور سامي التاريخي في ترتيب سور القرآن هو بالفعل إنجاز ٌ ضخم جداً، و جهده مشكور ٌ و محمود، لكن ما عدا ذلك فمقالاته تحريضية، و مثل ذلك يقال عن كتاب الدكتور حسن في الفكر السلفي، و مثل ذلك عن مقالاته، و أرى أن كليهما قد أخطأ الطريق، فأصبح العلم الذي يجب أن يكون المنارة َ في الظلام، ظلاما ً هو الآخر.
إن أغرب الغريب و أعجب العجيب، أن المقالات الخاصة بالدكتورين لا هي بالعلمية حتى نتعلم منها، و لا هي مما يستحق النقد حتى ننقدها، و روادها هم الفئة العاشقة للمناكفة، و المناهده، و المهاترة، و نسأل هنا الدكتورين: يا سادة يا كرام، و بعد كل ما يحدث على صفحاتكم، ألم يحن الوقت لتجدوا لكم بضاعة ً أنظف؟ بضاعة ً أرقى؟ بضاعة ً أسمى تبيعونها، أم أنكم تحبون بضاعة "كل شئ بدينار"؟
أخي غسان، أوطاننا تموت، و هذا يقول محمد فعل، و ذاك يقول الكنيسة فعلت، و لقد اختصروا عمرنا و شبابنا و أحلامنا و إنسانيتنا في نصوص ٍ يحاربونها و يعتقدون َ عوارها و يكرهونها، فأصبحت هاجسهم، و آمنوا فيها إيمانا ً أشد َّ من إيمان المؤمنين أنفسهم، فالمؤمن ما زال يتصارع ُ مع رغباتِه المُضادة للنصوص بينما هم تسكنهم تلك النصوص ُ التي يكرهونها سكنا ً أشبه بالمس. و إني أجد في هذا إهانة ً شديدة ً جدا ً، فنحن بشر، لكنهم لا يخاطبوننا كبشر.
لم أكن أريد أن أكتب هذا الكلام، لكن يا سيدي لم تعد أوطاننا تتحمل، و هم بكل ما هم عليه من مواهب و ملكات تفكير، لا يميزون أن هذا الذي يكتبونه ستتناقله أجيال ٌ لا تميز "الخمسة من الطمسة" و سيصبح إنجيلها و قرآنها الثانين، و سيصبح كلامهم يتردد على النت يوما ً بعد يوم، حتى ليصبحن َّ كل منهم ابن تيمية العصر الجديد، و التكفيري الجديد، و الباعث الجديد على العنف الذي يقولان أنهما يحاربانه.
لقد قصدت ُ أن يكوني مقالي اليوم على شكل رد ٍّ لا على شكل مقال، و إلا كنت ُ قد أوضحت ُ نقاطا ً كثيرة عن الظرف الموضوعي لنشوء النقد الغربي، و تاريخه، و آلياته و علاقته بالمجتمعات الغربية، و فائدته لها. لكن ليس هذا هدفي اليوم، هدفي أن أخاطبك َ و إدارة الحوار من خلالك، و القارئات و القراء الكرام.
شكرا ً لك أستاذ غسان أنك تكتب، و أنك ما زلت لم تفقد البوصلة، و شكرا ً لسعة صدرك في القراءة. تحياتي المخلصة لك و للقراء جميعهن َّ و جميعهم.
معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان!
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خاطرة قصيرة – من وحي الحب من فم القديس أنطونيوس
-
من سفر الإنسان – قراءة في الموت.
-
قراءة من سفر التطور – كرة القدم شاهدا ً.
-
قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار 4 (من وحي الألب
...
-
ماري
-
من سفر الإنسان – الوحدة الجمعية للبشر و كيف نغير المجتمعات 2
-
خاطرة - قرف ُ المازوخية عند المُستسلمة
-
عودة حركة 24 آذار – تعبير ٌ عن الرأي في الوقت الخطأ
-
صور ٌ من الكراهية – عن الموقف من الأستاذ سامي لبيب
-
قراءة في الوحشية – الوجه الآخر للإنسان
-
قراءة في الشر – مباعِثُه، مظاهره، و ارتباطه بالدين و الألوهة
-
في اللاهوت و حرية الإنسان
-
قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار؟ - 3 (من وحي ال
...
-
لماذا يُقتل رائد زعيتر؟
-
قراءة في تحريم الخنزير
-
في تحرير المرأة – مُمارساتٌ عملية للتمكين 2
-
في تحرير المرأة – مُمارساتٌ عملية للتمكين
-
قراءة في الإنسان.
-
لما ضحكت موناليزا
-
في تحرير المرأة – انتفضي سيدتي الآن
المزيد.....
-
-لا تراجع عن حافة الهاوية-.. ما الخطوة التالية لحزب الله وإس
...
-
شاهد كيف علق مسؤول في الجيش الإسرائيلي لـCNN على اغتيال نصرا
...
-
بـ48 كلمة.. كيف جاء أول تعليق رسمي من سوريا على مقتل نصرالله
...
-
خامنئي مُعلنًا الحداد 5 أيام على حسن نصرالله: -صولات المقاوم
...
-
إسرائيل تغتال نصر الله.. ماذا بعد؟
-
لافروف: هناك إشارات على تواطؤ واشنطن أو علمها بالهجمات الإسر
...
-
لافروف: روسيا ترحب بمبادرات تسوية الأزمة الأوكرانية إذا حلت
...
-
دول تُدين وأخرى تلتزم الصمت: أبرز ردود الأفعال على مقتل نصر
...
-
ما الفجوة التي يتركها مقتل زعيم حزب الله بعد ثلاثين عاما من
...
-
دول الاتحاد الأوروبي تدعو مواطنيها لمغادرة لبنان بعد اغتيال
...
المزيد.....
-
مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
/ سالم سليمان
-
تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
/ عصام البغدادي
المزيد.....
|