فلاح علي
الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 16:19
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
مقدمة
كلمات اربعة تم صياغتهما بطريقة لا تخلو من العبقرية الفكرية, و تم ربطهما مع بعضهما بطريقة ديالكتيكية , ان هذه الكلمات اصبح لها وقع وتأثير وجاذبية وانتشرت في اوساط الشعب العراقي , ان كان هذا يعود لشعبية الحزب الشيوعي العراقي , ولكن ارى ايضاً ان الكلمات الاربعة لها وقع موسيقي وتأثير في المشاعر الوجدانية . لهذا رددها وحفظها وتغنا بها الاطفال والشباب والكبار من بنات وابناء الشعب العراقي . رغم عدم المعرفة بمعانيها ومضامينها ومحتواها . لكن من انتمى لاحقاً للحزب واطلع على سياسته وبرامجه ونهل من فكره الماركسي.عندها بدأ يدرك المعنى الواسع لهذا الشعار ويفهم معانيه ومدلولاته وتوجهاتة ومضامينه الفكرية الماركسية والسياسية والوطنية والاقتصادية والثقافية والقانونية والحقوقية والانسانية .
انه شعار الحزب الشيوعي العراقي الذي تميز بشعبيته الواسعة وانتشاره بين اوساط الشعب العراقي , وانه بحق بمعانية ومحتواه وتوجهاته اعتبر الدرس الاول في التربية الوطنية .
ما هو فهم العلاقة بين الشيوعيين والوطن :
الشيوعيين العراقيين نسجوا علاقة خاصة مع الوطن , علاقة حب واخلاص للوطن ومصالحة العليا , لكنها لا تقوم هذه العلاقة على الرومانسية , او على الجانب او العنصر الوجداني . وانما على الترابط بين فكر الحزب وسياسته وبين مصالح الوطن وحاجات الشعب وتطلعاته . وما يؤكد على صدق هذه العلاقة والولاء والانتماء الوطني للشيوعيين العراقيين مقولة الرفيق الخالد فهد (كنت وطنياً قبل ان اكون شيوعياً , وعندما اصبحت شيوعياً شعرت بمسؤلية اكبر تجاه الوطن) .
وأكد تاريخ العراق الحديث مقولة الرفيق الخالد فهد ,وصدق ونقاء هذه العلاقة وكأن الوطن يعيش في وجدان الشيوعيين وفي حياتهم اليومية وفي فكرهم وسياستهم وبرامجهم وتطلعاتهم ومشاريعهم وتوجهاتهم وهمومهم واهدافهم . من هذا ينظر الشيوعييون العراقييون للوطن ليس انه الانتماء لمساحة جغرافية محددة فحسب وانما يرافقة انتماء حضاري وتاريخي وثقافي وسياسي ووجداني وترابط عضوي ومشاركة في بنائة وتحررة وتطوره ...الخ . ان الشعار جسد فكر الحزب الماركسي وطبقة على ارض الواقع بشكل مبدع وخلاق وما يؤكد صحة ذلك هو ان مضمون الشعار, يجسد المصالح العليا للوطن والمصالح الجذرية للشعب . وهذا ليس اعلاناً اعلامياً دعائياً من قبل الحزب الشيوعي العراقي ونهجه الديمقراطي ذات المحتوى الاجتماعي . وانما لما يحمله الشعار من مضامين فكرية وسياسية واقتصادية ..... الخ .
فكر الحزب ألهم اعضائه وجماهيره المعاني السامية لحب الوطن والشعور العالي بالمسؤولية ازاء مصالحه والتضحية من اجل الوطن والشعب , واكد تاريخ الشيوعيين العراقيين على نقاء وصدق انتمائهم للوطن , وشعورهم العالي لمتطلباته الوطنية وفق ظروفها ومرحلتها واحداثه ومتغيراتها , واخلاصهم لوحدته الوطنية واستقراره , وقوته واستقلاله السياسي والاقتصادي وتحرره وتطوره وسيادة الامن والامان و السلم الاهلي فيه . وضمان الحقوق والحريات , والمساواة بين المواطنين وتحقيق العيش الكريم للشعب , وقدم الشيوعييون العراقييون على طريق تحرر الوطن وسعادة الشعب تضحيات جسام طيلة الثمانية عقود الماضية .
الشطر الاول من الشعار وطنُ حًر:
هو الوطن المستقل والكامل السيادة و المتحرر من كل اشكال السيطرة الاستعمارية والتبعيةالخارجية سواء كانت السياسية او الدبلوماسية او العسكرية او الاقتصادية اوالقانونية او الثقافية ....الخ والمتحرر من كل اشكال الهيمنة والاستبداد والاستغلال والقمع الداخلي بكل اشكاله , ومن حيث التطبيق العملي يؤكد محتوى الشعار ان الوطن الحر لن يتحقق الا في ظل سيادة الديمقراطية الحقيقية في الوطن . من هذا نرى ان الشعارمن حيث المحتوى , يؤكد على ديمومة النضال من اجل سيادة الديمقراطية , وارتباطاً بموضوعة الديمقراطية , فان هنالك عنصريين مهميين يدخلان ضمن محتوى الشعار لأجل تحويلة الى واقع على الارض , رغم ان الشعار لم يشر اليهما وهما :
اولآ مبدأ المواطنة :
من محتوى الشعار ومعانية ومضامينة الفكرية الديمقراطية الاجتماعية ( التي تمثل مصالح الشعب والوطن الآنية والمصالح الجذرية البعيدة المدى) نجد انه يؤكد على مبدأ المواطنة , وينظر للمواطنة من رؤية ديمقراطية حيث ان محتوى الشعار يرى في المواطنة انها ليست فقط مجرد الاقامة في هذه البقعة او حمل الوثائق الرسمية التي تثبت الانتماء لهذا الوطن فحسب , ولكن على ارض الواقع الشعار يؤكد على ضمان كافة الحقوق والحريات للمواطنة والمواطنة هي الاساس في المشاركة في بناء الوطن وادارته كان ولا يزال مبدأ المواطنة في العراق مهمش . ويؤكد الشعار انه لا يمكن للوطن ان يكون حراً مكتملاً , ان لم يتحرر مبدأ المواطنة من الاستغلال والهيمنة والتهميش والاقصاء والالغاء ومصادرة الحقوق والحريات, لهذا نجد ان الشعار ينظر الى المواطنة بمفهومها الواسع اي بمفهومها القانوني الديمقراطي الضامن للحقوق والحريات وانها اساس المجتمع المدني الذي تتكون منه الدولة , والشعار من حيث المحتوى يؤكد على دور المواطنة في المشاركة الفاعلة في بناء الوطن وفي تحديد طبيعة النظام السياسي . ويؤكد الشعارمن حيث الجوهرايضاً ان يكون مبدأ المواطنة حراً متحرراً من كل قيود الظلم والتعسف والاضطهاد والتهميش والاقصاء ,ومبدأ المواطنة الذي يتضمنة محتوى الشعار , هو يجسد فكر الحزب وانه يتطابق مع ما تؤكد علية العلوم الاجتماعية ذات المحتوى الديمقراطي حيث تعرف ( المواطنة هي العضوية الكاملة في المجتمع , بما يترتب عليها من حقوق وواجبات وحريات ) . وهذا ما معناه ان كافة المواطنيين هم متساوون ولا يوجد تمييز فيما بينهم على اساس الدين او القومية او العرق او الجنس او اللون او الانتماء الفكري والسياسي او المستوى الاقتصادي . من هذا ارى من وجهة نظري ان الشعار برؤيته لمبدأ المواطنة انه يستند على مجموعة من القيم الديمقراطية . هي قيمة المساواة وقيمة الحرية وقيمة الحقوق وقيمة المشاركة والمسؤولية الجماعية لبناء الوطن وادارته .بهذه الرؤية نرى ان الشعار يؤكد على ان هذه القيم اليمقراطية لا بد ان يتم ضمانها بسن قانون ديمقراطي , لضمان هذه القيم ولتنظيم العلاقة في المجتمع . ان الحرية في القانون الديمقراطي انها ليست فوضوية وانما هي واعية مسؤولة مصانة بقانون , وانها حرية ذات محتوى ديمقراطي بنائه , لذا فان الحرية هنا تؤمن بالتعددية الراقية الديمقراطية . وهي التي تشكل صمام امان واستقرار المجتمعات المتحضرة يرافقها مقاييس التعايش السلمي بين افراد المجتمع وتحتضن كل قومياتة واديانة واحزابة وتياراتة السياسية والفكرية . وتضمن تطور الوطن وتقدمه و ضمان الامن والاستقرار والعيش الكريم للشعب وتلبية حاجاته ومتطلباتة .
ثانياً مبدأ الدولة وطبيعة النظام السياسي فيها :
في الوقت الذي اكد فيه الشعار على مبدأ المواطنة , نجد انه من حيث الجوهر تضمن ايضاً الدولة وطبيعة النظام السياسي فيها , لأنه من حيث الواقع ان الوطن الحر وسعادة الشعب لن تأتي من خيال او فراغ , وانما من مبدأ آخر هو الدولة وطبيعة النظام السياسي فيها , هنا يكمن الربط الدايلكتيكي بين قسمي الشعار ( وطن حرً وشعبً سعيد) . فأي دولة يريدها الحزب من شعاره هذا انها بلا شك دولة المواطنة اي دولة الشعب , الدولة المدنية الديمقراطية وطبيعة النظام السياسي فيها ديمقراطي تعددي تداولي تسود فيه المؤسسات الديمقراطية , وبلا شك ليست نظام عسكري دكتاتوري او فردي او شمولي استبدادي اقصائي او قائم على المحاصصة الطائفية والقومية , كما هي طبيعة النظام السياسي في العراق الآن . ففي الوقت الذي ينظر فيه الشعار الى مبدأ المواطنة وما يتضمنه من حقوق وواجبات وشعور عالي بالمسؤولية ازاء مصالح الوطن والشعب , فما يراه الشعار في المبدأ الثاني ان طبيعة النظام السياسي الديمقراطي , لا بد ان يكون مكمل وليس معارض او متصادم مع مبدأ المواطنة , ولا بد ان توجد علاقة او ترابط بين المواطنة والدولة,اي يكتمل شطري المعادلة الديمقراطية الدولة اوالنظام السياسي فيها يكون مكمل لحقوق وحريات وواجبات ومسؤوليات مبدأ المواطنة ويختار طريق التطبيق العملي القانوني وعلى قدم المساواة في توفير الخدمات والامن والأستقرار والسكن والمواصلات واعمار البلد وتطوير اقتصاده وحماية ثرواته وضمان الحقوق والحريات والحماية القانونية للمواطنيين , وهنا تكمن العلاقة المترابطة المادية بين طبيعة النظام السياسي الديمقراطي ومبدأ المواطنة وتلبية حاجات الوطن والشعب .
و النظام السياسي الديمقراطي يقبل بالمسائلة القانونية لمسؤولي الدولة او مسؤولي النظام السياسي , لأن القاعدة القانونية الديمقراطية , عند تطبيقها يعني وضع الامور في نصابها , بما يضمن المحاسبة على قدم المساواة دون اي تمييز بين فرد وآخر ومواطن ومسؤول في الدولة . على ان تتم العملية وفق القاعدة الديمقراطية وفق مقاييس وطنية بعيدة عن الاستقطابات الذاتية والطائفية والحزبية , فهذه المعاييرلا تصمد امام معايير الديمقراطية الحقيقية , مع اشتراط استقلال القضاء .
الشطر الثاني من الشعار شعبُ سعيد :
ان من صاغ هذا الشعار من مؤسسي وقادة الحزب الأوائل , أكدت تجربة الحزب وتاريخ العراق السياسي الحديث ,انهم ليسوا مجرد سياسيون او قادة حزبيون ابطال ووطنيون وانقياء في اخلاصهم لوطنهم وشعبهم , وانما هم قادة من طراز خاص, لا بل يحق لي القول انهم عباقرة و تكمن عبقريتهم من وجهة نظري في فهمهم للفكر الماركس وتطبيقة على واقع العراق , ونجد ترجمة هذا التطبيق المبدع ليست فقط في سياسة الحزب وبرنامجة وانما موجودة في شعارة ( وطن حر وشعب سعيد ) فالسعادة هنا ما يقصده الشعار ليست ذاتية على مستوى الافراد او مجموعات بشرية وانما على مستوى الشعب , اي السعادة هنا المصاغة في الشعار تكمن في ازالة كل شكل من اشكال الاستغلال سواء كان السياسي او القانوني او الاقتصادي او الاجتماعي او الحقوقي او الثقافي .... الخ . اي بمعنى آخر نجد ان السعادة هنا ماتعنية في الشعار هو تحقيق المصالح الجذرية للشعب, والمصالح الجذرية تعني هنا في الظرف او في المرحلة الراهنة هو سيادة الديمقراطية ذات المحتوى الاجتماعي في الحياة السياسية وفي مؤسسسات الدولة وفي التشريعات القانونية والاقتصادية والحقوقية وصولاً الى تحقيق التقدم والرفاه والازدهار وتحقيق المساواة , وفي المرحلة اللاحقة او في المدى البعيد هو تحقيق الهدف النهائي بناء الاشتراكية , هنا تكمن السعادة في الشعار بتحقيق المصالح الجذرية للشعب .
8-4-2014
#فلاح_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟