أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - ستحرمون من الخبز















المزيد.....

ستحرمون من الخبز


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 12:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل وفاته في 348 ق.م. قالها الفيلسوف اليوناني أفلاطون (الشعب المحروم من الكرامة سيحرم من الخبز) و مازالت هذه المقولة البديهية عنوان لكل ثورات العالم منذ ثورة سبارتاكوس و ما قبلها و حتى آخر ثورات العصر حتى هذا اليوم, الثورة السورية.
مفهوم الكرامة, نقيض الاستبداد و الدكتاتوريات و السلطات المطلقة و العبودية و الأب القائد و الحزب الواحد و غياب المواطنة و حيث مفهوم الخبز يعني الحدود الدنيا من أسباب الحياة مزينة بمزيج من الأمان النسبي و الرعب من العسس و الشرطة و الأجهزة الأمنية و الاستخبارتية و كلاب السلاطين.
في الانظمة الشمولية كانت حدود الخبز ترسم كحدود الأوطان التي لا يمكن تجاوزها فتطالب الشعوب بالمزيد, و لا الابتعاد عنها فتتحول لشرارة تحرق الجميع. يمكن رسم خطوط بيانية لمستوى دخل المواطن السوري و نشاطه السياسي بالمقابل, قبل وصول حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة في سورية سنة 1963 بعد تاريخ متباين المعالم منذ تأسيسه سنة 1947 في مقهى الهافانا بدمشق, الذي يصادف ذكراه غير الحميدة اليوم.
كل الدراسات الاقتصادية تثبت الانحدار الكبير من مستوى دخل الفرد السوري مقابل ارتفاع مستويات تضخم و انهيار العملة المحلية رغم النهوض العشوائي في مجالات محددة كالزراعة و البنية التحيتة في مناطق معينة على حساب تهميش مناطق أخرى, طبعاً أظهرت الأزمة الأخيرة هذا التباين و هذه العشوائية المبنية على الاختلاسات و المصالح و انتهت بالتدمير الشامل لها جميعاً, عسكرياً.
في ظاهرة واضحة أيضاً, كان نظام الأسد المنتج الطبيعي للحزب القائد, يرسم مسار مصادرة الدولة السورية الحديثة نسبياً بعد الاستقلال لصهرها في سلطته حيث يرتبط انهيار السلطة بانهيار الدولة, لتحقيق أمور اساسية:
1- التلويح بهذا الخيار دائماً أمام أي ثورة أو مطالبات بالاصلاح مما جعل الاصلاح كأضعف الايمان مستحيلاً, فالاصلاح بالضرورة سينتج انهياراً للبناء السلطوي الدكتاتوري و بالتالي انهيار الدولة مما أحجم الكثيرين على التفكير بالاصلاح للحفاظ على الدولة و لم تعد مقولتي الدولة و السلطة سوى مفهوم واحد في تفكير أجيال كاملة صارت تسأل إذا ذهبت السلطة انهارت سورية؟, ثم تحول السؤال, ماذا سيحصل لو رحل الأسد, كمنتج عائلة؟ الجواب سترحل سورية معه.
2- تحقيق حالة من العوز الدائم لمجمل السوريين, عوز التعليم, عوز العمل, عوز تأمين السكن, عوز السفر, عوز الحصول على سيارة, عوز الرفاهيه الدنيا, عوز الاتصالات, عوز علبة النيدو, عوز الموز...دون أن تتجاوز كل حالات العوز تلك حالة توفير الخبز حكومياً كحد أدنى للحياة, مع توفير أمان صوري أساسه الرعب و الخوف و ليس أساسه واجب الدولة و أجهزتها المختلفة و وعي المواطن لهذا المفهوم أيضاً.
3- كانت عملية تضخيم أجهزة الدولة و اقحام جيوش من الموظفين و العمال غير المنتجين تفوق حاجة المؤسسات الانتاجية و الاقتصادية, كانت سياسة يومية لعقلية حافظ الأسد الذي كان ينظر في كل دقيقة و في كل زاوية من سورية و خارج حدودها من منظار محافظته على حكمه و توريثه لأبنائه و لعائلته من بعده, ثم تحولها إلى عملية توظيف ممنهجة طائفياً و عشائرياً لتغيير الطبيعة الديمغرافية للمدن الكبرى, خاصة دمشق و حلب و حمص.
في العام الرابع على الثورة السورية, يمكن لأي تقييم علمي منطقي للأزمة و لمساراتها أن يلحظ عزوف الكثيرين من السوريين عن الانخراط بها منذ البداية و تحولهم لمدافعين عن النظام رغم كل مجازره و جرائمه بحق اخوتهم في الوطن, لأخطاء حصلت في الثورة و خطايا من تنطحوا لمنابر القيادة و الاعلام الخارجي من المعارضات الهزيلة, و لعدة أسباب:
1- ضبابية مفاهيم سياسية عامة كمفهوم الدولة و مفهوم السلطة لديهم و عدم شعورهم بالتمايز و الاختلاف بينهما أو الانفصال, بسبب تاريخ سلطوي مستمر منذ نصف قرن, و إيمانهم الأعمى بأن الدولة تنهار بانهيار السلطة الحاكمة.
2- تلاقي مفهوم السلطة برموز العائلة الحاكمة بكبيرها و صغيرها و نسائها و رجالها و لصوصها و مجرميها, و اعتبارهم ملسمات فوق المساءلة و وسيلة ناجعة للوصول الوظيفي و تحصيل المنافع المالية و الاقتصادية رغم حالة السلبطة و التسلط على أي عمل اقتصادي أو مالي قد يقوم به رجال الأعمال أو محدثي النعمة.
3- ارتباط العائدات المالية الوظيفية من رواتب و معاشات رغم تواضعها و مستوياتها المنخفضة مقارنة بمثيلاتها للسوريين في خمسينات القرن الماضي أو بمثيلاتها لمواطني دول الجوار, ببقاء عائلة الأسد التي هي مفهوم سلطة و دولة في آن واحد, و كأنها إحدى عطايا و كرم هذه العائلة على الرعية في تمثيل واضح لفكرة بقاء الخبز اليومي. كان الاظهار الدائم لأجهزة الاعلام الرسمي لأي زيادة في الرواتب و المعاشات كأنها إحدى عطايا الرئيس حصراً سياسة متبعة منذ الطاغية الأب و حتى اليوم, و كلنا يتذكر زيادة الرواتب بقيمة 1500 ليرة سورية في بداية الثورة.
4- عدم اكتفاء النظام بالقمع الأمني العسكري الدموي منذ أولى صرخات الحرية و الكرامة و إنما العمل الممنهج على سياسة التجويع التي قد تجاوزتها الاساليب العسكرية المعاصرة في الحروب و النزاعات. كان الحصار الاقتصادي و ضرب مصادر الانتاج الغذائي اليومي من مطاحن و مخابز و مخازن و محطات وقود و قطع التيار الكهربائي أهم الخطط العسكرية التي عمل لها منذ استراتيجية حافظ الأسد و سن قوانين المصادرة و إسقاط الحقوق في الرواتب و التعويضات لكل من يدعم أو يفكر بدعم الثورة أو الأعمال الاغاثية أو مساعدة عوائل نازحة من مناطق الحاضنة الشعبية للثورة, كل ذلك كانت روادع حقيقية لعزوف الكثير من السوريين عن المشاركة أو الدعم للثورة أو التألم للقتل و التدمير الأسدي الممنهج للوطن.
مازال النظام و بدعم من دول إقليمية كإيران و روسيا و العراق و غيرها, يملك مفاتيح خزائن المال ليستمر في تحديد الحدود الدنيا من المعيشة و الحياة لمجموعات واسعة من السوريين محافظاً لهم على حدود الفقر و الخبز و مولوحاً بهذه المفاتيح مهدداً لهم برميها في البحر إذا غيروا من مواقفهم, لكن المقولة الأفلاطونية لا تلغيها بأي حال من الأحوال الظروف الموضوعية القائمة بحقيقة أنهم لا يملكون الكرامة لذلك يحافظ النظام الأسدي على خبزهم و لكن هذه الظروف الموضوعية هي متحولات و ليست دائماً ثوابت إذ أن خبزهم سيكون أول ضحايا سقوط النظام و بقائه ايضاً طالما أنهم فاقدي الكرامة.
هناك قطاعات مجتمعية سورية واسعة, تملك رغيف خبزها حتى اليوم متخلية بالمقابل عن كرامتها و على من يفكر و لو بحدود العمل الاستراتيجي البسيط للثورة أن يفكر بالبدائل منذ اليوم الأول للثورة و مازالت الفرصة قائمة حتى اليوم بأن يفكر ويعمل على هذه البدائل لسحب البساط من النظام شيئاً فشيئاً و حسب الامكانيات المتوفرة و أعتقد أنها متوفرة و لكن تحتاج لمن يعيها و يحولها لوقائع و خطط اقتصادية مرحلية و مستقبلية.
الثورة لا تحتاج لأن يكون الجميع ثوريين, و لكنها بحاجة لمن يخطط لاستمرارها وطنياً و استقطابها للمجموعات البشرية كحواضن لها و داعمة بتأمين خبزهم في حدوده الدنيا ليس كمتسولين و إنما كمنتجين له, حتى يعوا أن الكرامة تستحق النضال و التضحية و أن حقيقة حرمانهم لكرامتهم سيحرمهم من خبزهم, مهما طال الزمن.



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة الساحل واقع و مستقبل
- ربط الملفات أم لف الروابط
- العام الرابع, طقوس و تحولات
- جلجامش السوري
- غربان الموت, إلى أين؟
- جنيف 2, نحو الجنة السورية
- الحرية تؤخذ و لا تعطى
- علم مقابل وطن
- القضاء على الحاضنة الشعبية للثورة
- الجيش الحر و انتقام النظام
- استراتيجية المفاوضات في مسيرة الثورة السورية
- حصاد الرؤوس الكبيرة
- هي هجرة أخرى ..فلسطينيون سوريون
- سوريون..و لا نخجل
- التصويتات على تأديب الأسد
- الضربة التأديبية, فأين المفر؟
- الخمسين, بين ماضي الهزائم و حقيقة الانتصار
- في حضرة الموت السوري, ستولد الحرية
- التاج يسقط في الشام
- حصار الشعب الذي يريد


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - ستحرمون من الخبز