أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحليم محمد عبدالحليم - تجديد الخطاب الدينى ( 3 )















المزيد.....

تجديد الخطاب الدينى ( 3 )


عبدالحليم محمد عبدالحليم

الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 21:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا شك أن دعوات تجديد الخطاب الدينى لم تأت من فراغ ، وإنما جاءت نتيجة طبيعية لما يمر به الخطاب الدينى من قصور وضعف جعل منه – الخطاب الدينى – عبئا ثقيلا بدلا من كونه سبيل هداية واستنارة للعالمين بصفة عامة والمسلمين على وجه الخصوص .

والخلل الواضح فى الخطاب الدينى أفرز عدة سلبيات ، وقد تراكمت السلبيات حتى فاق الأمر الحدود ، ومن مظاهر هذه السلبيات :-

( 1 ) عدم التجديد فى الموضوعات المطروحة :
وهذه السلبية أكثر انتشارا لاسيما فى أذهان العوام ، فعلماء الدين بنظرهم – أى بنظر الجمهور - بينهم وبين التجديد بعد المشرقين وبعد المغربين ، وعندهم بعض الحق لاشك ، خاصة وأن الخطاب الدينى على الفضائيات وفى المساجد يكاد يكون محفوظا ، فما أسهل أن يستغل الشيخ ما يسميه نظام السلسة كسلسلة السيرة النبوية ، يظل من خلالها يسرد أحداثا صحيحة وضعيفة وموضوعة ، كى تغنيه عن التجهيز والتحضير والإعداد والاطلاع لمدة طويلة جدا ، هنا يستسهل الأمر وخاصة عندما يترسخ فى ذهنه أن هذا الأمر على هوى الجمهور الذى طالما أحب القصص والسرد التاريخى ، فإذا ما انتهت السيرة انتقل لسلسلة أخرى كالحديث عن الدار الآخرة ، يظل يتكلم من خلالها مدة طويلة عن الإنسان ما بعد الموت ، وينتهى منها لسلسلة أخرى وقس على ذلك ، وينتهى من السلسلة فينتقل لقناة أخرى أو مسجد آخر فيكرر ما سبق ذكره ، كل هذا يحدث عن الجمهور ملل ، ليس الملل بسبب الحديث عن النبى مثلا – حاشاه صلى الله عليه وآله وسلم – وإنما الملل سببه التكرار وعدم التجديد ، فالدنيا فى واد والدعاة فى واد آخر ، وهذه سلبية جلية فى الخطاب الدينى المعاصر .

( 2 ) التكلف والسجع :
من أبرز السلبيات التى اشتهر بها الخطاب الدينى المعاصر أمر التكلف والسجع ، رغم أن الله تعالى ينبذ هذا " وما أنا من المتكلفين " ، فتجد الداعية يهتم أول ما يهتم بالأساليب البلاغية من أجل جذب الانتباه ، والمشكلة تكمن فى أن التكلف والسجع يستحوذ على اهتمام الداعية ، فلا يهتم بالموضوح المطروح وكيفية معالجته دعويا ، ومن الممكن أن يأتى بموضوع قتل بحثا واندثر واقعا من أجل أن يتوافق مع أسلوب السجع ، بل أحيانا نجد الجمل متناقضة لا تعطى معنى ، فقط من أجل الحفاظ على القافية ، وبهذا انحدر الهدف الأسمى للخطاب الدينى ، وصار التكلف والسجع سلبية بارزة فى الخطاب الدينى المعاصر .

( 3 ) الإسهاب فى الحديث عن الأمور الغيبية :
ما أكثر هؤلاء الدعاة الذين جعلوا من الغيب مادة مستساغة عندهم وعند الجمهور ، تراهم يتكلمون بإسهاب عن المسيح الدجال والمهدى المنتظر ، والدار الآخرة وأحوالها ، والموت وما بعده ، والثعبان الأقرع ، وعذاب القبر ، وقس على ذلك ، قد نتجاوز بعض المسائل المختلف فيها بين أهل السنة وغيرهم من المذاهب الكلامية وننظر المشكلة الأكبر التى أثمرها مثل هذا الخطاب ، وهى أن هذه الموضوعات قد أفرزت لنا مجتمعا سلبيا يعادى الحضارة ويهاجم الإبداع ، فيتم اتهام الإمام الذى يتكلم عن العلم والعمل والتنمية بأنه مشغول بالدنيا وأمورها ، فى حين يمدح الإمام الذى يستغل عقول الناس بهذه الموضوعات المألوفة ، وما هذا إلا لأن النفس البشرية تثتثقل التكليفات وتحب ضياع الوقت فى القصص والخيال !!!

( 4 ) مغايرة الخطاب للواقع المعاصر :
وما أكثر هؤلاء !!! ، أعنى بهؤلاء – الذين لا يحترمون عقول الناس - ، فتجدهم يتكلمون مثلا عن كفر تارك الصلاة فى وقت ينتشر فيه التخريب والتدمير وقتل الأبرياء ومهاجمة المنشآت من قبل المعتدين ، كيف نتوقع أن هذا الذى سقط فى بيته دم أو دمر له بيت أو محل عمل سيكون محترما لخطاب دينى كهذا الذى يترك الشأن العام ليثير موضوعا كالحكم بكفر تارك الصلاة ، لكل مقام مقال ، ففى محافل الزواج ينبغى أن يكون الحديث عن فضائل الزواج وبيان حقوق كل من الزوجين على الآخر ، وفى محافل العزاء يكون التذكير بلقاء الله ، وأن ذلك يحتاج إلى العمل الصالح والتزود بالتقوى ، وفى محاضرات المواطنة والتعايش الإنسانى ينبغى التذكير على حقوق الآخر فى الإسلام ، وقس على ذلك من وجوب مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، هنا يكون الخطاب الدينى مطابقا للواقع الحياتى المعاشى ، وهذا لا شك أدعى لوقعه فى النفس موقع القبول

( 5 ) إثارة الخلافات الفقهية والمذهبية :
وهذه السلبية هى الأكثر انتشارا فى وسائل الإعلام الدينية وعلى المنابر الدعوية ، فالمتحدث لابد وأن يحترم اختلاف أهل العلم ، لا أن يجعل من الاختلاف ساحة ومدعاة للعداء والشقاق ، أتعجب كثيرا من هذا الذى يعد محاضرة أو خطبة تحت عنوان : حرمة حلق اللحية ، أو تحذير الأحباب ممن حرم النقاب ، أو الشيعة والروافض كافرون لا محالة ، فمثل هذه الموضوعات تجعل الخطاب سلبيا لا محالة ، وذلك ليس ادعاءا بل لعدة أمور منها : أنه – هذا الخطاب الدينى – يكرس للتعصب والطائفية ، وأنه أدعى للنزاع والشقاق داخل المسجد وخارجه ، وهنا يتحول المسجد من كونه مكانا يجمع الجميع إلى محل للتعصب والنزال ، وبالتالى لا ننتظر أن يقوم المسجد بدوره ومهمته الإرشادية الدعوية .

( 6 ) ثقافة الاطلاع سماعية لا بحثية :
فأكثر الدعاة المعاصرين يعتمدون على السماع القديم دون البحث عن أساسه ومصادره ، ما أقل دعاتنا – للأسف - الذين يبحثون ويتعلمون ، ما أقل هؤلاء الذين يطورون من أنفسهم حتى يستحقوا ثقة الناس وينالوا منهم كل تقدير واحترام ، وحتى من يدعون الاطلاع فهم غير متخصصين ، أبرزتهم الفضائيات والأموال ، وهنا أتعجب من الإمام الذى حاز الإجازة العالية من كلية الشريعة أو أصول الدين وتعلم كيف يكون البحث والاطلاع ثم تجده يتلقى علما من أحد هؤلاء الذين دخلوا الساحة واستولوا عليها على حين غفلة من الأزهر الشريف ، هل هذا هو طريقك الأمثل يا فضيلة الإمام !!!!!!!! .
إن الداعية الربانى هو من يقوم بأمرين : الأول هو تفعيل قول الله تعالى " اقرأ " ، أى اقرأ كل شئ دينى أو كونى ، فالعلم لا ساحل له ، والثانى هو أن يحترم جميع الاتجاهات ويعمل جاهدا على الوصول للصواب دون معاداة أو تكفير .

( 7 ) استدعاء الخلاف السياسى وإدخاله دور العبادة :
فأصبح المسجد يعج بالنزاعات ، وتحولت المساجد من كونها محلا للراحة – مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم :أرحنا بها يابلال – تحولت إلى معتركات للتشابك بالأيدى والألفاظ ، فما بين الحديث عن الشرعية من ناحية والمسار الثورى من ناحية أخرى كان المسجد فريسة لهؤلاء وهؤلاء ، لقد سار بعض الدعاة مع بعض التيارات السياسية فما أفرز هذا إلا الشقاق ،ورأينا فى الآونة الأخيرة ولأول مرة يتم الاعتداء باليد على إمام ونزع عمامته ، وثان يعتدى عليه بالألفاظ النابية أثناء الخطبة ، وثالث يتم إغلاق المسجد عليه ، ويؤسفنى أن أقولها – والله وحده يعلم ما يضمره المرء – أن هذا الذى حدث مع الدعاة من تهور مرفوض طبعا ما هو إلا رد فعل ، نعم هو رد فعل تجاه خطاب سياسى بحت ، وإذا أردنا وأد ذلك فعلينا بالفاعل أولا ومن تسبب بالمشكلة قبل النظر لمن قام برد الفعل الخاطئ .

( 8 ) قلب هرم الأولويات :
فأصبح الخطاب الدينى أجوفا خاليا غير ملب لحاجات المجتمع وتطلعاته ، ففى الوقت الذى تتقدم فيه الدنيا من حولنا ويبلغ العلم ما بلغ ، نجد من الدعاة من يحدثنا عن تقصير الثياب أو حلق اللحية أو حرمة الفنون أو ..... إلخ ، أهذه هى قضية الإسلام !!!! ، هل الإسلام ثياب ولحية ولبس الساعة باليد اليمنى !!!!!!!! .
أين الدعاة من قضية الإسلام الكبرى – بل كل الاديان – وهى الإنسان ، فلأجله سخر الله الكون ، فهو خليفة الله على وجه الأرض ، طلب منه عمارتها ، ولكن علمائا انتهجوا نهجا غريبا قلبوا به هرم الأولويات ، فنتج عن ذلك تخلفا ملحوظا وتراجعا وتأخرا ، وماذا ننتظر من ثقافة عمادها القشور والهوامش وترك الأصول والثوابت .

( 9 ) العنصرية والإقصاء :
وهذه سلبية جلية ، عمادها هذا الإمام الذى يعادى هؤلاء لأنهم لا يتبعون فكره ، ويعادى هؤلاء لأنهم لا يلتزمون منهجه ، فيكون إماما لبعض الناس دون بعض ، يحابى من يوافقه ويقصى من يختلف معه ، وهذه من سلبيات الخطاب الدينى العاصر ، لأن الإمام يخالف بذلك قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " .

( 10 ) تشويه صورة الدين :
وهذه السلبية نتيجة طبيعية لكل ما سبق ذكره من سلبيات الخطاب الدينى المعاصر ، فما ذكر آنفا ينتهى بنا لنتيجة حتمية مؤسفة وهى تشويه صورة الدين ، لأن الدعاة هم من يبرزون الدين وينقلونه للعالمين ، وإذا كانوا بهذه السلبيات فحتما تكون النتيجة تعتيم الوجه الحقيقى والحضارى للدين الحنيف الخاتم ، وللحديث بقية .



#عبدالحليم_محمد_عبدالحليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجديد الخطاب الدينى ( 2 )
- تجديد الخطاب الدينى ( 1 )
- تهنئة المسيحيين بين الوجوب والاستحباب
- سقوط الإخوان لا سقوط الإسلام


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحليم محمد عبدالحليم - تجديد الخطاب الدينى ( 3 )