|
تجديد الخطاب الدينى ( 1 )
عبدالحليم محمد عبدالحليم
الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 05:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من أكثر الأمور التى تحير الإنسان العامل فى مجال الدعوة الإسلامية موضوع الدعوة لتغيير وتجديد الخطاب الدينى ، وقد زادت دعوات تجديد الخطاب الدينى عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 ، عندما وجهت أصابع الاتهام للدين الإسلامى الحنيف بأنه راعى الإرهاب ومنشئ جماعات العنف والتطرف ، وهذه بلا شك تهمة خسيسة اتخذت ذريعة للنيل من الإسلام والطعن فيه ، فالإسلام برئ كل البراءة من أعمال التفجير والدمار الذى وقع فى أحداث سبتمبر وفى غيرها من أعمال العنف التى تقع على كل شبر من الكوكب الأرضى ، ليس الإسلام وحده برئ من تهم الإرهاب ، بل كل الأديان السماوية تستنكر العنف والإرهاب ، فاليهودية بريئة من أفعال الصهاينة المعتدين ، والمسيحية بريئة من الحروب الصليبية الغاشمة ، والإسلام كذلك برئ من العمليات التفجيرية والإرهابية التى تستهدف الآمنين هنا وهناك .
المهم أن أصحاب الأغراض قد وجهوا أصابع الاتهام للدين الأسلامى الحنيف عقب أحداث سبتمر ، الأمر الذى دعا القيادة السياسية فى مصر وقتها لتوجيه دعوة صريحة لتجديد الخطاب الدينى خلال الاحتفال بليلة القدر 1422 هجرية ، هذه الدعوة التى تلقتها وزارة الأوقاف ومجلسها الأعلى للشئون الإسلامية بقبول حسن ، فقد دعا السيد الدكتور حمدى زقزوق وزير الأوقاف وقتها لندوة تحت عنوان : تجديد الخطاب الدينى لماذا وكيف ؟ ، ومن يومها والوزارة تجعل شغلها الشاغل ضرورة تجديد الخطاب الدينى ، وبعد الثورة ووصول الإسلاميين للحكم فى يوليه 2012 ،وانتهاؤه فى يوليه 2013 بعزل الرئيس السابق محمد مرسى ، رأينا طوال حكمهم أسوء خطاب فى التاريخ الإسلامى كله وقد أسموه خطابا دينيا ، فباسم الخطاب الدينى قسموا المصريين وصنفوهم ، وباسمه قالوا سنسحقهم ، وقال أحدهم تحت مسمى الخطاب الدينى أيضا : أرى رؤوسا قد أينعت وحان وقت قطافها ، وغير ذلك من التهديد بالقتل والسحل تحت مسمى خطاب دينى ، جاءت ثورة الشعب بعزل النظام واختيار نظام مؤقت ، وفى كلمة الرئيس عدلى منصور بمناسبة المولد النبوى 1435 هجرية ، دعا أيضا لضرورة تجديد الخطاب الدينى ، وهى دعوة فى محلها ووقتها ، لكن المشكلة الكبرى تكمن فى أننا أمام تيارين : تيار الغلو و التشدد الذي يريد أن يضيق على الأمة ما وسع الله و يعسر عليها ما يسر الله ، وأن يعادي العالم كله و لا يتسامح مع مخالف له مسلما أو غير مسلم و يعتبر كل تطوير للخطاب الديني تحريف و كل إعمال للعقل نقص إيمان ، و تيار رفض الدين و موافقة الغرب في كل شيئ و هذا تيار يريد فعلا تبديل و تحريف الدين و رفض كل شيئ سواء قطعي ثابت أو ظني مختلف فيه فهم كما قال شوقي : يجدون كل قديم أمرا منكرا ، ونحن لسنا مع هذا أو ذاك ، صحيح أننا مع تجديد الخطاب الدينى لكن ليس بوجهة نظر التيار التغريبى الذى يدعى العلمانية أحيانا ، لهذا فإننا نقوم بأمرين : الأول هو تعريف الخطاب الدينى ، والثانى هو بيان الأسباب التى جعلت من تجديده فريضة إسلامية وضرورة حياتية .
الخطاب الديني الفعال هو الخطاب الذي يمكن الإنسان من تحقيق الأهداف التي خلق لأجلها و هي معرفة الله ، وعبادة الله ، وعمارة الأرض . و يعبر عن هذا الخطاب بأساليب شتى منها : الخطبة و المحاضرة و المقالة و الكتاب و الرسالة و الندوة و البرنامج الإذاعي أو التليفزيوني و العمل الدرامي المسلسل و الفيلم و المسرحية و العمل الأدبي نثر أو شعر أو زجل أو قصة و كذلك الأغنية و الإعلان المنشور أو المصور أو المعلق و كذلك شبكة الإنترنت .
السؤال لماذا التجديد فريضة إسلامية ؟
وذلك لأن دعوة التجديد لا تتعارض مع النصوص الشرعية المختلفة ، قرآنا وسنة ، والأصل كما هو معلوم الإباحة ، ثم يختلف الحكم بعد ذلك طبقا للأدلة المختلفة ، فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " ، ولا ريب أن الخطاب الدينى جزء من الدين ، فينال نفس الحكم . الأمر الآخر أن الله عز وجل أرسل الرسل وأنزل الكتب من أجل خدمة الإنسان ، وإذا كان بمصادره المختلفه قد جاء خدمة للإنسان ، فإن الخطاب الدينى يجب أن يتحمل مسئوليته فى خدمة الإنسان بإيضاح الأحكام ومواكبة العصر ، وهذا لن يتأتى بدون تجديد وتطوير ، مما يؤدى إلى فرضية تجديد الخطاب الدينى من أجل القيام بدوره الدينى المنوط به أداؤه .
السؤال الآخر لماذا التجديد ضرورة حياتية ؟
وهذا أمر عقلانى ، يتمثل فى أن الحياة تسير فى تطور هائل ، والمتغيرات من حولنا لا تكف عن الحركة ، ومن الضرورة الحياتية أن يكون الخطاب الدينى مواكبا لظروف كل عصر ولما يدور فيه من متغيرات ، وذلك بالتجديد المستمر فى أسلوب الخطاب الدينى وفى مضمونه حتى يستطيع أن يصل بالرسالة التى يريد توجيهها للناس إلى عقولهم وقلوبهم . أما إذا انفصل الخطاب الدينى عن واقع الحياة ومتغيرات العصر فإنه لن يجد من يلتفت إليه أو يعيره اهتماما .
لأجل هذا أقول : تجديد الخطاب الدينى فريضة إسلامية وضرورة حياتية ، وللحديث بقية .
#عبدالحليم_محمد_عبدالحليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تهنئة المسيحيين بين الوجوب والاستحباب
-
سقوط الإخوان لا سقوط الإسلام
المزيد.....
-
هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية
...
-
المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله
...
-
الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي-
...
-
أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ
...
-
-حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي
...
-
شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل
...
-
-المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|