|
السعي إلى تحقيق الديمقراطية بالقوة الأمريكية!!
قاسيون
الحوار المتمدن-العدد: 1254 - 2005 / 7 / 10 - 12:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
يقول مانديلا سورية في مقابلة نشرها موقع الرأي: " لقد وجدت دائماً في سورية معادلة بين القوى المتطرفة الرامية إلى الاستقلال أو إلى منعه. ففي عهد الانتداب الفرنسي كانت هناك نضالات عنيفة من أجل الاستقلال، وفي الجهة المقابلة كانت هناك قوى متواطئة مع الفرنسيين. في هذا السياق كانت هناك الحركة الوطنية المستندة إلى الشعب والمتفاوضة مع الفرنسيين في آن، فهناك عامل ثقافي سوري يحبذ الاعتدال ". فهو ليس معتكفاً عن مقاومة الغزو المرتقب ما دام النظام قائماً، بل هو رافض للعنف ضد الاحتلال إطلاقاً. وهذا الرفض ليس تشبهاً بغاندي لأنه يقول: " علينا أن نعلن برنامجنا وعلى الولايات المتحدة أن تعلن موقفها إزاء هذا البرنامج. ومن وجهة نظر حزبنا من المستحيل أن نضع أنفسنا تحت الوصاية الأمريكية .. علينا أن نتأكد ما إذا كانت تنوي جلب مغامرين جدد من نمط الشلبي؟ في هذه الحالة لن نربح شيئاً .. الدعم الأوروبي حيوي لكن للأسف لا أعتقد أن الأوروبيين سيقومون بواجبهم، فالرجل يدعي أنه يريد أن يشغل أمريكا عنده ولا يرضيه الضغط الأوروبي. بهذا يكون موقفه أبعد من أن يكون موقفاً نازياً من إفراز أزمة المجتمع السوري. هذا الموقف يخترق بدرجات كثيراً من القوى، ما يفسر ضعف ردها وتصعيد مانديلا لموقفه باستمرار. لو اعتقل لقامت القوائم حتى لو أجريت له محاكمة عادلة وشفافة وفق أكثر القوانين توافقاً مع شرعة حقوق الإنسان باعتباره معتقل رأي. لكن السلطات السورية أعلنت بحضور دبلوماسيين غربيين أنها اعتقلت ما يزيد عن ألف متسلل إلى العراق، فهل لهؤلاء حقوق بنظر منظمات حقوق الإنسان والأحزاب الديمقراطية، أم أنهم كمعتقلي غوانتانامو، فما بالهم صم بكم؟! ظهر هذا الرأي فجأة كالفطر في لحظة خطيرة من تآكل القيم العامة، فبدا أصحابه الأكثر انقياداً للغرائز، لكنهم بما تعرضوا له توفرت لهم القدرة على تعزيز هذا الحطام عكس المتوقع منهم. المشكلة في هؤلاء المستلبين الذين يتعلمون من أقوال النخب أكثر من تعلمهم بما تكتبه أمريكا على جلودهم. فمن المعروف أن التأثر بثقافة واحدة عبر الإعلام والترجمة والاكتشاف المباشر قد يدمر مناعة المرء، خاصة إذا كان يعاني من إحساس مزمن بالعجز والدونية تجاه أصحاب هذه الثقافة، جاهلاً بالواقع والتراث والتاريخ الخاص به، عاكفاً عن التنويع في مصادر ثقافته. لهذا أحب القط خناقه فوجدنا جسم السمكة عندنا يعوض بالأسماء والأزياء والمأكولات والمفردات الخاصة بالغالب نطقاً وزينة، أما رأسها فيعوض بحفظ المذاهب الخاصة به حصراً. أطلق هذه التقليعة سجناء سابقون حصراً. وهذا يعني أنها رد فعل متشنج غير عقلاني يجب لجمه، لأنه لا يجوز أن نبقى على الدوام ضحية أحد ما، وتعاطفنا مع الضحية لا يعني أن نتركها توقع فينا الأذى ؛ ففي السياسة لا مجال للعواطف، فلا يجب أن يشفع لأحد ماضيه، ولا يجب أن يكون فوق الوطن غالٍ. هكذا تصنع الشعوب مستقبلها، وهكذا تصنع السياسة مصداقيتها . هل يغيب عن بالهم أن الغزو سيكلف مئات آلاف الشهداء وأضعافهم من الإعاقات، ماعدا الخراب الاجتماعي والاقتصادي ؟ بهذا الاعتبار الدعوة ساقطة أخلاقياً ؛ فالقمع والقسوة يشوهان، لكن ليس كل من دخل السجن خرج بهذا الحقد. وإنه لمن القصور أن نفهم دعوتهم هذه بمعزل عن مواقفهم الأخرى ؛ فإذا كانت الأحكام المديدة الجائرة هي السبب هنا، فما هو سبب مواقفهم المستجدة من إسرائيل والمقاومة واليسار وأحياناً من الطائفية ؟!. ثم على فرض أنهم ديمقراطيون خلّص، وأن أمريكا جادة في تصدير الديمقراطية، يجب ملاحظة أن أغلبية المجتمع لم تتخم لا بجان جاك روسو ولا بغيره، وهي ما تزال على فطرتها التي خلق الله الأحياء عليها. وهذا يعني أن هذه الأغلبية ستقاوم قوات التبشير الأمريكية بجميع الأشكال المتاحة، وسيجد هؤلاء أنفسهم متهمين بالخيانة من الشعب المتخلف الذي لم ينضج بعد كما نضجوا، أي أنهم سيكونون قلة معزولة تفرض خيارها بوسائل نازية إلى أن تضطر أمريكا أن تخلفهم وراءها كما فعلت في فيتنام، أو كما فعلت إسرائيل في جنوب لبنان. ثم لنفرض أن أمريكا أنجزت مهمتها وسلمت المفاتيح للديمقراطيين كما تفعل عادة شركاتها، فكيف سيحافظون على إنجازهم ؟ خاصة أن دور أمريكا في وصولهم سيبقى علامة فارقة لهم، في أجواء من الكراهية لها، نشأت عبر عقود من العدوان ومرشحة للتصاعد بتصاعده. للتخوين نفس الشرعية التي تملكها دعواتهم إن لم يكن أكثر، فما رأي هؤلاء فيما لو أن أحداً جهر برأي كهذا أو طالب بقمعهم وفق ما تمليه عليه قناعته الصادقة ؟ على الأغلب سيرمون آنئذٍ بالديمقراطية إلى المزبلة. سيقولون هذا رجل تخوينييدعو إلى القمع صراحة بلا خجل، ارجموه. لكنك تقامر بمصير بلد لا تملكه، و ستقول عني إرهابي ورجعي وستقتلني لأنني أخرب حلمك، فما هذا الغرور والأنانية والصلف الذي يجعلك تنتظر مني قبول كل هذه المكرمات ؟!. ثمانون ألف فييتنامي، ثلاثون ألفاً منهم رموا أنفسهم بالبحر ليلحقوا بالسفن الأمريكية ليس رقماً صغيراً، ومع هذا وصموا بالعمالة، مع أن قضيتهم كانت الديمقراطية في مواجهة الشيوعية الاستبدادية. والعاقل لا يجادل في حب ثمانين ألفاً لبلدهم، ولا في حب ستة آلاف لبناني فروا مع الجيش الإسرائيلي، لكنها سمة من يفرض خياره بالقوة الأجنبية، فكيف إذا كانت معادية. لم يسبق لضحايا القمع في العالم الثالث أن استعانوا بدولة استعمارية. وقد يفهم هذا في أي مكان من العالم إلا في منطقتنا التي تتعرض للعدوان الغربي المتصل على مدى ما يزيد عن عشرة عقود.ومهما كانت دوافعهم ،ومهما كان ثباتهم على هذا الرأي، فيكفي أنهم أطلقوها وجهة نظر وكسروا حاجزاً نفسياً ليستلم الراية جهلة كثر. وهم بهذا يفتكون بالروح الوطنية ويوجهون ضربة غادرة للنضال الديمقراطي تفوق بأثرها أشد أجهزة القمع فتكاً. يروى أن الحمار والبغل شاركا الأسد بعملية صيد فكان نصيبهما منه أن قُتل الأول وفر الآخر بجلده. وهذا ما حدث لصدام حسين الذي أتفهم أن ينظر إلى نفسه كرجل كبير بين كبار، فهو مغامر عسكري امتلك بلداً بطاقات لا بأس بها، لكنني لا أتفهم أن يكرر سياسيون ومثقفون تجربته المدمرة ـفما من صغير شارك قوياً من غير جنسه إلا كان خاسراً.. ■ أكرم إبراهيم [email protected]
#قاسيون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمات الوفود في الاجتماع الوطني الخامس لوحدة الشيوعيين السور
...
-
لم يمنعهم الاختلاف من التوافق - الشيوعيون السوريون يعقدون ال
...
-
تقرير لجنة صياغة مشروع اللائحة التنظيمية لوحدة الشيوعيين الس
...
-
اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين تستنكر جريمة اغتيال
...
-
المهام السياسية الملحة لوحدة الشيوعيين السوريين
-
اللائحة التنظيمية لوحدة الشيوعيين السوريين
-
إبراهيم البدراوي، ممثل الشيوعيين المصريين لـ «قاسيون»:الخناد
...
-
أوليغ شينين: هدفنا الرئيسي إحياء وإعادة الاتحاد السوفيتي، وا
...
-
بلاغ
-
مشروع الوثيقة الوطنية
-
التعمية والبيان . . في دور الإخوان
-
بيان من الشيوعيين السوريين: يا عمال سورية.. رصوا الصفوف!
-
المؤتمر الوطني بين رؤيتين
-
د?. زياد الحافظ: يمكن أن تكون الحروب اللامتوازنة لصالح الأضع
...
-
بيان من الشيوعيين السوريين بمناسبة الجلاء: دفاعاً عن الوطن ح
...
-
المؤتمر القطري ومتطلبات المرحلة
-
بيان من الشيوعيين السوريين يا عمال سورية.. رصّوا الصفوف!
-
بيع الأوطان.. بين الليبرالية الجديدة والإخوان
-
الأقصى.. وكل شبر من ثرانا..
-
عن الفصام السياسي: كلام لا يقل جدارة بالنشر عن غيره
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|