|
هل نحن امام استراتيجية فلسطينية متعددة المسارات ؟
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 22:57
المحور:
القضية الفلسطينية
للوهلة الأولى فإن من استمع لخطاب السيد الرئيس أبو مازن قبل يومين قد يستنتج أن الرئيس قرر التمرد على المفاوضات كإستراتيجية وحيدة لحل الصراع واعتماد بدلا منها إستراتيجية متعددة المسارات وردت في خطابه مع اختلاف أهمية كل منها وهذه المسارات هي : 1- مسار الاستمرار بالمفاوضات بل واعتبارها الطريق الأساس لتسوية الصراع . 2- مسار الشرعية الدولية وقد صاحب كلام الرئيس عنها توقيع على طلبات انضمام لخمسة عشر منظمة ، بغض النظر عن أهميتها وآليات الانضمام إليها . 3- مسار المصالحة الوطنية وقد اصدر الرئيس أمرا بسفر وفد لقطاع غزة ،مع أن المصالحة لا تتوقف على سفر وفد من الضفة لغزة . 4- مسار المقاومة الشعبية . ولكن السياسة ليست مجرد تصريحات ومواقف وشعارات أو حتى قوانين ومبادئ بل أيضا موازين قوى واستراتيجيات عمل مدعومة بأدوات تنفيذية واستعدادات ميدانية الخ ،وبالتالي لا تتغير سياسيات الدول والحكومات بقرارات وتصريحات للقيادات والسياسيين فقط ، بل بإجراءات عملية يكون الشعب محركها وقوتها ،فأي مواقف وتصريحات للقادة غير مدعومة شعبيا ولا تنبني على قوة شعبية تبقى مجرد تصريحات أو فقاقيع هواء وغبار سرعان ما تنقشع وتنكشف بالحقائق التي يفرضها الواقع . لهذا نتمنى من الرئيس أبو مازن إن كان استنتاجنا حول الإستراتيجية متعددة المسارات صحيحا أن يحصن هذه الإستراتيجية بتحركات فعلية على أرض الواقع وإشراك الشعب بكل فئاته في خوض معاركها لأن كل منها معركة مع إسرائيل ولكل منها أدواتها ، والشعب الفلسطيني كله مستعد للالتفاف حول الرئيس وحمايته إن قرر قلب الطاولة بالفعل والعودة للشعب ، والشعب يدرك أن ما يقوم به الرئيس هو الحراك الوطني الوحيد الموجود ما دام يؤكد على التمسك بالثوابت الوطنية ويعمل على انجازها عمليا ولو في إطار الشرعية الدولية. نعم يجب العودة للشعب الذي تم تغييبه طوال سنوات ،فلا يمكن لإستراتيجية تعدد المسارات المتوافقة مع الشرعية الدولية أن تنجح بدون التفاف شعبي حولها. الواقع المزري لمنظمة التحرير ،وحالة العجز والارتهان لاتفاقية أوسلو التي تعيشها السلطة واحتمال تعرضها لمزيد من التضييق من طرف إسرائيل بعد خطاب الرئيس أبو مازن، بالإضافة إلى حالة التيه والانفلاش التي تعيشها كل الأحزاب والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني ، كل ذلك لا يجعلنا مطمئنين على نجاح الإستراتيجية الجديدة إن لم يتم استنهاض منظمة التحرير الفلسطينية بما يسمح بإشراك كل الفصائل والأحزاب فيها كما نصت اتفاقية المصالحة أو استنهاضها حتى بدون حركة حماس ، واستنهاض كل الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح) التي بدونها لا يمكن استنهاض الحالة الوطنية، ويجب الاشتغال على عملية الاستنهاض هذه اليوم وليس غدا بغض النظر عما ستؤول إليه العملية السياسية . لم تكن المشكلة طوال عشرين عاما من التسوية تكمن في المفاوضات لأن لا سياسة بدون مفاوضات ،ولكن المشكلة كانت في تحويل المفاوضات من مجرد آلية يتم توظيفها لحل الصراع في إطار مرجعية واضحة دون إسقاط أو تجاهل آليات أخرى كالمقاومة ووحدة الصف وشبكة التحالفات العربية والدولية ، إلى إستراتيجية وحيدة دون مرجعية واضحة ودون إسناد لا من الشعب ولا من شبكة تحالفات عربية ودولية ، حيث تفردت حركة فتح بالمفاوضات دون دعم شعبي وحزبي حتى من منظمة التحرير الفلسطينية، كما تفردت واشنطن برعاية المفاوضات. هذه المراهنة على المفاوضات فقط وعلى الوسيط الأمريكي فقط هو الذي شجع إسرائيل على توظيف المفاوضات لتواصل عملية الاستيطان بدون خوف من أي ردود فعل فلسطينية أو عربية أو دولية،الأمر الذي كان يتطلب كسر هذه المعادلة البئيسة ،وهذا ما يبدو من خطاب الرئيس أبو مازن. بالرغم مما يبدو من توجه لإستراتيجية تعدد المسارات ، فما زالت أمور كثيرة غير واضحة وغير مفهومة ومن السابق لأوانه الجزم بأن القيادة الفلسطينية قررت إلى غير رجعة تغيير قواعد اللعبة بالخروج من عملية التسوية الأمريكية والرعاية الأمريكية والانقلاب نهائيا على مرجعيتها سيئة السمعة (اتفاقية أوسلو) وملحقاتها ، وما زال في الوقت بقية – حتى نهاية هذا الشهر – لنعرف القرار النهائي للقيادة الفلسطينية من الاستمرار بعملية المفاوضات في إطار قواعد جديدة أو الخروج منها نهائيا ،والرئيس كان واضحا عندما أكد بعد توقيعه على طلبات الانضمام للمنظمات والمعاهدات الدولية أن كل ما يجري لا يتعارض مع التزامه بخيار المفاوضات . في ظني أن هناك حلقة مفقودة تتعلق بما جرى خلال اجتماع الرئيس أبو مازن مع أوباما في البيت الأبيض في الثامن عشر من الشهر المنصرم حيث لم يتسرب عما جرى تداوله في اللقاء إلا القليل من الرئيس أبو مازن في خطابه في قمة الكويت،بينما لم يصدر بيان أو تصريح واضح من البيت الأبيض أو الخارجية الأمريكية عما جرى ، بل لا أحد يعرف إن كان هناك اتفاق إطار بالفعل أم لا وإن وجِد ما هي بنوده ؟ ، وقد نفى صائب عريقات نفيا قاطعا أن تكون واشنطن عرضت على الرئيس نصا مكتوبا حول خطة كيري . ولكن ، لقاء واشنطن كان يوم 18 من الشهر الماضي وخطاب الرئيس كان في الثاني من الشهر الجاري ولم يصدر لا فلسطينيا ولا إسرائيليا ولا أمريكيا ما يُفيد فشل المساعي الأمريكية ، بل ما بين التاريخين راج حديث عن تفاهمات في إطار مساعي كيري عن حل وسط تمهد الطريق لتمديد المفاوضات مقابل إطلاق سراح أسرى الدفعة الرابعة ومزيد من الأسرى بينهم قيادات كالشوبكي وسعدات وربما البرغوثي، وتجميد هادئ للاستيطان ،مما يطرح تساؤلات هل أن الخطاب الغاضب للرئيس أبو مازن كان ردا على ما جرى في واشنطن وعلى هذه التفاهمات الأخيرة ؟ أم ردا على ما أقدمت عليه إسرائيل من خطوات تتعلق بالأسرى والاستيطان ؟ أم أن ما يجري تنفيذا لتفاهمات جرت في واشنطن ويتم تخريجها بهذا الشكل الدرامي والصدامي لإسكات وتهدئة الفلسطينيين المتخوفين من العودة للمفاوضات مجددا ؟ . [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى يوم الأرض ؟ لماذا لا يكون يوم للأرض في مواجهة الاستي
...
-
الأرض أهم من الإنسان
-
احتجاز وإعاقة الشعب الفلسطيني
-
ما وراء استهداف الإعلام المصري للفلسطينيين
-
قصة واحد أراد أن يكون فكان، ويا ليته ما كان
-
خطاب الرئيس يثير إشكالية مؤسسة القيادة الفلسطينية مجددا
-
زمن انقلاب المواقف والتحالفات العربية :جماعة الإخوان من قياد
...
-
لا تخذلوا الرئيس أبو مازن كما خذلتم الرئيس أبو عمار
-
ما يجري في مصر يُعيد الديمقراطية لأسئلة البدايات
-
عندما يَكثُر (القادة) وتغيب مؤسسة القيادة
-
الثورة والديمقراطية وحكم العسكر
-
الوطن أهم من الدولة والسلطة
-
حركة فتح وغزة وخطة كيري: أية علاقة ؟
-
بيت المقدس براء من (أنصار بيت المقدس)
-
ماذا يجري ل / وفي تنظيم فتح في قطاع غزة ؟
-
التقارب بين حماس ودحلان : لصالح من ؟ وعلى حساب من؟
-
صراع على السلطة والثروة وليس ربيعا عربيا
-
المشروع الوطني الفلسطيني
-
ما وراء استهداف الفلسطينيين في سوريا ومصر
-
أهمية تحرير المصالحة الوطنية من شرط الانتخابات
المزيد.....
-
تضارب بين البيت الأبيض وترامب حول مدة إعادة توطين سكان غزة
-
هل يؤثر تصريح ترامب عن غزة على اتفاق وقف إطلاق النار؟.. مسؤو
...
-
تطوير أرضية للطرق ذاتية الإصلاح تحاكي عملية التئام الجروح
-
خبير يوضح كيف يتم التجسس عبر الهاتف
-
الحيتان القاتلة تصطاد أحد أخطر الحيوانات البحرية المفترسة!
-
علويون في سوريا ينددون بهجمات عليهم ويطالبون بالعدالة بعد سق
...
-
إسرائيليون يسخرون من خطة ترامب للسيطرة على غزة: -غير واقعية-
...
-
وساطة إماراتية بين روسيا وأوكرانيا تنجح بإطلاق 300 أسير
-
اصطدام في 10 دقائق.. الكشف عن سبب -الأخدود العظيم- على القمر
...
-
فيديو يرصد خطف عامل في مصر والفاعل -غير متوقع-
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|