|
شعب الله المصلوب ..!!
رزكار نوري شاويس
كاتب
(Rizgar Nuri Shawais)
الحوار المتمدن-العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 22:41
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
عديدة هي الاوصاف و الالقاب ا لتي اطلقت على الكورد و التي منها يمكن ان يستشف مواقف الاخرين ازاء ابناء هذه الامة و قضيتهم الانسانية التحررية ، فهناك من يتعاطف و يتوادد مؤيدا و مؤازرا بشكل من الاشكال بما فيه ( اضعف الايمان ) و هناك من ينكر ( بأغلظ الاجحاف) مجاهرا بعدائه العنصري الذي لا رجعة له عنها .. و بين هذا و ذاك اخرون لا يستقرون على ( مزاج ) . و شعب الله المصلوب كنية اطلقها على الكورد ، الكاتب الغني عن التعريف ( فهمي الهويدي ) ، و هذا الوصف يستحق في الواقع الكثير من التأمل و التفكير و التحليل و الاستنتاج ، الامر الذي اتركه للقاريء سواء كان من تبعية شعب الله المصلوب او من ابناء الشعوب غير المصلوبة . و أتذكر ايضا اني قرأت قبل اعوام مقالا للكاتبة المصرية البارزة ( أميرة الطحاوي ) حمل عنوان ( العلاقات المصرية الكوردية – انقطاع طويل و تدارك مضطرب ) – نشر على موسوعةالرافدين 28/2/ 2002- جاء فيه : ( ان يعيش معك و بنفس المنطقة شعب يتعدى الثلاثين مليون نسمة دون ان تعرف عنه شيئا ذا بال .. فالامر يدعو للدهشة ..!) و بعد اعرابها عن دهشتها تكشف الكاتبة بجرأة عن جملة من المعلومات التاريخية ذات الصلة بالتعايش ( العربي – الكوردي ) فتقول : (ان الامر الذي كان اشد ايلاما للفرنسيين و سببا مباشرا لانهاء احتلالهم لمصر 1798-1801 كان في مصرع الجنرال كليبر الذي خلف نابليون في قيادة الحملة الفرنسية على مصر ، هذا الحدث جاء على يد كوردي ثائر من الشام يدعى سليمان الحلبي ..!!) و تضيف الكاتبة قائلة : ( أما اسرة محمد علي باشا فهناك من المصادر ما يشير الى اصلها الكوردي ، اذ ان والد محمد على كان من ابناء مدينة ديار بكر في كوردستان الشمالية و منها هرب الى اليونان بعيدا عن الظلم العثماني ..) و تواصل الكاتبة – اميرة الطحاوي – حديثها عن ( كورد مصر ) و كيف استقروا فيها بعد ان فروا اليها هربا من بطش و استبداد الظالمين ، فتقول : ( لقد تكرر هرب عائلات كوردية من العديد من بلدان شرق المتوسط الى مصر ، حيث لمع الكثير منهم في مجالات العلم و الادب كالعائلة التيمورية و الاخوين وانلي ثم العقاد و شوقي و قاسم امين و عائلة بدرخان .. الى حد ان بعضا من قرى الريف المصري استقبلت افواجا من الهاربين الكورد ليستقروا فيها بصورة جماعية ، فتجد قرى في ريف مصر بأسم ( منية الاكراد ) و ما شابه ذلك ..!) و هكذا فان اقلاما عدة ( غير كوردية تناولت و تتناول من اتجاهات و زوايا مختلفة الكورد و حكايتهم في هذه الدنيا ، و منها اقلام صارت تتحدث ( عن شعب الله المصلوب ) بتعاطف وجداني اعمق من ذي قبل ، لكن بالاعتماد على مصادر و مراجع غير دقيقة و امينة بل و المدسوسة ايضا التي تشوه و تحرف الكثير من الوقائع و التفاصيل المرتبطة بالكورد و قضيتهم ، وهنا تقع الكثير من الاقلام في مطبات و فخاخ الكثير من المعلومات المفبركة المغايرة للواقع او الجانحة للخيال التي تخفي في طياتها نوايا غير طيبة هدفها طمس الحقائق المرتبطة بالوجود القومي الكوردي و الحقوق الانسانية السياسية المرتبطة بهذا الوجود . نعم هناك اقلام امينة عربية و غير عربية تقر بسلاسة و بلاعقد عنصرية بحقيقة الوجود الكوردي الكوردستاني فتتحدث بطلاقة عن مواقفهم التضامنية المشهودة عبر التاريخ و عن اضافاتهم الثرة و الثمينة على التراث العام لشعوب المنطقة و التي تؤكد نزعة هذه الامة العريقة للسلام و التعايش الايجابي مع سائر أقوام المنطقة .. و هناك اقلام اكثر جراة و شجاعة تتطرق احيانا الى طبيعة الظلم الذي حاق بهذه الامة و الماسي و الويلات التي جرهاهذا الظلم على ابنائها عبر كل العقود التي تلت التفسيم الجائر لوطنهم ..( الماسي التي نتجت عن هذا التقسيم طالت ايضا غير الكورد من ابناء المنطقة و كان المستفيد منها دائما الاجنبي القابع بعيدا في امان .) غالبية هذه الاقلام مع كل التقدير و عرفان بجميلها الانساني تناولت و لا تزال تتناول المسالة الكوردية الكوردستانية تناولا عاطفيا و هي حتى اذا تعمقت فانها بلغتها العاطفية عاجزة عن تلبية المطاليب و الحاجات العادلة و المشروعة التي ينادي بها الصوت الكوردي .. صحيح ان التضامن العاطفي مع هذه القضية المعقدة تمهد لبيئة اكثر موائمة لمد جسور التفاهم و الحوار و التخفيف من نزعات العداء و المزيد من السقوط في مهاوي النزاعات العنيفة ، لكنها و كاجراء تضامني يبقى مبتورا مالم يلحق برؤية دفاعية سياسية و قانونية كمطلب حضاري ملح يضمن لكل ذي حق حقه في بيئة تعايشية تتعزز فيها اواصر التضامن و التعاون في اجواء ثقة راسخة متبادلة بين كل الاطراف . ان الوقائع التاريخية المعاصرة للمنطقة تؤكد بلا لبس ان المطاليب الكوردية لم تشكل ابدا تجاوزا على حقوق الاخرين ، بل و تؤكد في الكثير من احداثها المصيرية فعالية المواقف الكوردية كقوة اسناد و دعم مدافعة عن حقوق الاخرين في المنطقة برغم معاناتها الشديدةمع الضغوط العنصرية القاسية عليها من كل اتجاه . ان ماتحتاجه شعوب شرق المتوسط لبناء حالة تعايش سليمة و عادلة في هذا الزمن المتقلب السريع التحول هو وضوح الرؤى والافكار و عقلانية الخطط و المشاريع الباحثة عن حلول واقعية و جذرية لمشكلاتها و ازماتها و هذا لا يتكامل الا بالمراجعة الدقيقة و المنصفة لجذورها على ارض الواقع بعيدا عن الافكار و المراجع المزيفة التي يراد بها و منذ عقود طويلة التشويش على التشخيص السليم لاصل العلة و الداء و طمس مسبباته كواحدة من ابشع الخروقات لحقوق الانسان و التي مهدت لافضع الجرائم بحق الانسانية و منها جرائم ( ما سميت بالانفالات و الابادة الجماعية بالاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا و سياسات التهجير و الترحيل عن الارض الام و التوطين القسري بعيدا عنها في بيئات يصعب العيش فيها اشبه بمعسكرات الاعتقال ..) ؛ التي ارتكبت على نطاق واسع بحق الكورد و على كل مساحة كوردستان العراق .. الكشف عن الحقائق المرتبطة بالحقوق و المطاليب الكوردية المشروعة في الحياة و ادانة الظالم و الدفاع عن المظلوم مهمة انسانية نبيلة هدفها تصحيح و تغيير مسارات التعايش بين الشعوب المنطقة نحو افاق و اوضاع سياسية و انسانية ارحب و افضل للجميع ، انها مهمة كل مثقف و باحث و مفكر جاد و صاحب مبدأ تهمه قضية الانسان و سعادته اينما كان .. ان البحث عن الحقائق و تنوير الرأي العام باركانها مهمة شاقة تتطلب الامانة في نشر تفاصيلها و الفهم العميق لتفاصيلها و ايمانا راسخا بالعدل و اقراره ، لكن سبل البحث و ادواتها في عالم اليوم تذلل الكثير من العقبات و الموانع التي كانت تواجه في عالم الامس الباحثين عن الحقائق من مصادرها الاصلية ، فالزمن تغير و وسائل البحث و التنقيب عن الحقيقة صارت تعبر بيسر كل اسوار و ابواب الرقابة و الحظر ، و لم تعد خطوط ما تسمى بالحدود الدولية و قدرات نظم الحكم الاستبدادية قادرة على منع من يريد بلوغ الحقائق فعلا. ان الفكر الانساني المتحضر المؤمن بقيم العدالة و الحرية و مباديء التعايش و التضامن بين الشعوب ، يتقدم و يتوسع مداه باطراد ، فالزمن في تحرك مستمر الى امام لتتحرك و تتطور مع حركته القيم و افاق الفكر و نمط العلاقات الانسانية نحو الاسمى و الارقى رغم انف مخلفات و بؤر الاستبداد هنا و هناك .. هذا زمن فيه تملك كل الاقلام الحرة الشريفة المحبة للانسان و المدافعة عن حقوقه القدرة على ان تؤدي دورها الايجابي الفاعل و المؤثر في الدفاع عن مطاليب الشعوب المظلومة و اسنادها و تعلن ان زمن صلب الشعوب و تحميلهم خطايا و ذنوب المستبدين الطغاة انقضى و انتهى .
#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)
Rizgar_Nuri_Shawais#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزمات ( العطش ) قادمة ..!
-
حق الحياة ..
-
عودة الى مقال .. ( الكورد و المعضلة العراقية )
-
الكورد و المعضلة العراقية
-
ما هكذا تدار شؤون البلاد يا دولة رئيس وزراء ( دولة القانون .
...
-
ألأخابيط البرية ..!
-
شيء عن الببغائية ..!
-
شيء عن الدكتاتورية و الدكتاتوريون ..
-
نحن الكورد وعامنا الجديد 2714
-
نظرة متفائلة لثورة تكنلوجيا الاتصالات و المعلومات و تأثيرها
...
-
النفد و النقد الذاتي كوردستانيا .. كمهمة بناء و تعزيز وحدة ا
...
-
شيء عن الشعوذة ..!
-
16/ آذار .. حلبجة
-
الكورد .. حق تقرير المصير و معادلات النظم العالمية
-
قصة قصيرة جدا
-
حكاية من زمن الدكتاتورية و الحرب
-
ألشباك ..
-
من يوميات محارب مفقود
-
هلوسات نرجسية
-
دايناصوريات
المزيد.....
-
مصطفى شعبان بمسلسل -حكيم باشا- في رمضان
-
شاهد: أصدقاء وأقارب الأسيرة الإسرائيلية آغام بيرغر يحتفلون ب
...
-
حركة حماس تعترف بمقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف
-
القاهرة: لا لتهجير الفلسطينيين من أرضهم
-
عمّان.. رفض قاطع لتهجير الفلسطينيين
-
حماس تنعى عددا من كبار قادتها العسكريين وفي مقدمتهم القائد ا
...
-
سـوريـا: مـا هـي طـبـيـعـة الـمـرحـلـة الـجـديـدة؟
-
الدولي المغربي حكيم زياش ينضم إلى نادي الدحيل متصدر الدوري ا
...
-
العراق ومصر يجددان رفضهما لتهجير الفلسطينيين
-
الجيش الفرنسي يسلّم آخر قاعدة له في تشاد
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|