|
رد علي مقال : حوار لاهوتي ـ الصلب .. للاستاذ لطفي حداد
أسعد أسعد
الحوار المتمدن-العدد: 1253 - 2005 / 7 / 9 - 09:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حاول الاستاذ لطفي حداد في مقاله المشار اليه عاليا ان يبين ان قضية صلب عيسي المسيح قضية معقدة و ردي علي هذا الزعم ان القضية لم تكن ابدا قضية نص بقدر ما هي قضية نظرة مدققة الي النص القرآني بعيدا عن معاداة المسيحية الصليبية الاوروبية و انا اذ اقدم هذا البحث المتواضع ارجو ان اركز علي قول القرأن عن عيسي المسيح و دعوة الله للمسلمين و وعده لهم لكل من يتبع عيسي المسيح قائلا في سورة آل عمران 55 "و جاعل الذين اتبعوك (من كل الشعوب و أولهم المسلمين) فوق الذين كفروا الي يوم القيامة" و أنا أرجو أن تكون هذه المداخلة للبناء و الحوار المتمدن و ليس للانفعالات العاطفية فقط و الله موفق الجميع
البلاغ الصريح في صحة انجيل المسيح
باسم الله الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد و اياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين امين
أيها المسلمون و المسلمات المؤمنون منكم و المؤمنات تعالوا باسم الله إلي كلمة سَواء أبغي بها الصراحة دون مواربة أو التواء فالقضية التي أستغيثُ بكم فيها القصد منها التنوير و التبصير و البعد عن كل حدس أو إفتراء أو إدعاء بالتزوير أو التحوير فالظلمة هي الداء و النور لها دواء فقد قرأت في القرآن آيات و عُدت اليها مرّات و مرّات و أنا أُنقلها لكم هنا لكي أُبيّن لكم كيف قرأتها بعد أن قضيتُ في البحث الكثير من العناء فوحّدوا الله يا عباده و هاتوا القرآن و اقرأوا معي آياته ففي سورة النساء وردت آية عن ما قاله اليهود بكبرياء و صد القرآن لهم و شجبه لما قصدوه بغيا بافتراء و هذا هو النص الذي في الكتاب جاء: "فبما نقضهم ميثاقهم و كفرهم بايات الله و قتلهم الانبياء بغير حق و قولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا و بكفرهم و قولهم علي مريم بهتانا عظيما و قولهم انا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم و ان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن و ما قتلوه يقينا بل رفعه الله اليه و كان الله عزيزا حكيما و ان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا"
أيها المسلمون و المسلمات هذه آيات تُعارض فكر اليهود و بُهتانهم علي مريم و علي ابنها عيسي و تُبيّن غِيّهم و كُفرهم فقد كفروا بآيات الله و ميثاقه معهم نقضوه و قتلوا الأنبياء و من بعث ربهم إليهم رفضوه و قالوا عن المسيح عيسي إنهم قتلوه و قالت الآية إنهم يقيناما قتلوه و لكن أهل الكتاب كما قال القرآن آمنوا بعيسي ابن مريم قبل موته أي في حياته و صدّقوا ما أنبأهم به كما جاء في آيات أُخر عن قصد الله فيه أي موته و رفعه فهذا قبلوه حديثا من عند الله و نبوة لمن اتبعوه فقد مات المسيح و قام أي رُفِع حسب نص القرآن لكن ذلك الأمر شُبّه لهم أي للذين مثل باقي الأنبياء قد قتلوه فأين الحقيقة ياتري هل مات عيسي و هل صلبوه فالشك مُلقي في قلوبهم أي قلوب الذين كفروا و اختلفوا فيه و الظن خيم علي عقولهم لأنهم رفضوه و أنكروا أن يكون عيسي هو مسيح الله فليس الشك لمن آمنوا به لكن الشك في قلوب من قالوا بهتانا علي أمه و زادوا بهتانا عليه بتبجحهم علي الله برفضهم أن يكون عيسي هو مسيح الله أما شهادة أهل الكتاب فهي إنهم قبل موته قد آمنوا به و قبلوه مسيحا من الله و شهدوا موته و أيضا بقوة الله رفعَه من قبره مصداقا لما أَوحي به الله لعيسي مسيحه فزاد الشك في عقل من ببهتانهم رفضوه و أضاء نور الله علي كل من صدّقوا الله فيه و قبلوه و قد رفّعه الله من موته و هم حيا قد شاهدوه و عاينوه و كلّمهم و كلّموه و بأيديهم لمسوه . فالشك في موت المسيح و رفعه أي من بعد الموت قيامه ليس لمن آمن بالله و بأنبيائه و الإختلاف و الشك و الظن ليس لحوارييه ولا لأتباعه و ليس لمن أنعم الله عليهم و هداهم مستقيم صراطه بل ذلك أمر من كفر بالله و قتل أنبياءه و كتاب القرآن لم ينف عن عيسي وفاته لأنه ذَكَر في نص الآية موته و رفعه بل القرآن فضح ظن اليهود عن الواقعة التي أرادوا بها كسابق الأنبياء قتله أي من الوجود إنهاء حياته فكذّبهم الله وخذلهم ونَصَرَه عليهم و رفّعه من قبره و ترك اليهود حياري في أمره ليس لهم منه إلاّ إتّباع الظن به.
أيها المسلمون و المسلمات إقراوا معي و اعوا ماجاء في الكتاب من كلمات فاللغة أصلا عربية و الحرف قد ينفي و يُبطِل أو يُظهِر الحق و يؤكّد المثبتات فاقرؤا معي الآية و تتبعوا الحروف و تحققوا من الكلمات: "و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شُبّه لهم" و أيضا "وما قتلوه يقينا" انظروا إلي الهاء في عبارة "ما قتلوه" و أيضا في عبارة "ما صلبوه" ألا تعود علي شخص عيسي بأنه هو الذي قصده اليهود بفعل القتل و أنه هو المقصود بالصلب و إن أداة النفي "ما" لتنفي فكر اليهود و إدّعاءهم و يقينهم عن ثبوت قصدهم بتدبيرهم و مانتج عنه أي قتل المسيح عيسي بفعلهم و تُبطِل قولهم و افتراءهم بأنهم هم الذين قد أنهوا حياته بصلبه فتنفي "ما" الفعل الذي نسبوه لأنفسهم بقولهم "إنا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم" و لا تنفي "ما" شهادة الحواريين و أتباع عيسي عما شاهدوه و عاينوه و أخبروا به فلا تنفي "ما" واقعة الفعل بل تنفي يقينية اليهود و تنفي تتميم قصدهم بحسب إعتقادهم الذي صار فيما بعد دينهم ثم انظروا إلي " لكن" التي هي أداة الإستدراك لكي تفصل بين حال و حال أليست تنقصها الهاء لكي تعود علي الشخص و تؤكّد أن الشخص هو الذي شُبّه لهم و إنهم لم يقتلوه هو و لم يصلبوه هو بل هذا ما ظنوه فتكون "لكن" بدون الهاء توضح عمل "ما" النافية و تكون "لكن" قد فصلت بين القاتلين و فعل القتل الذي هو بحسب فكرهم إنهاء حياة المقتول أي المسيح عيسي و ليس بين القاتلين أي المنفذين للقتل الذين هم الرومان و بين المقتول أي المسيح . فإذا كان القرآن العربي يريد أن ينفي عن الجميع وقوع فعل القتل علي المسيح و ينفي فعل صلبه لكان قد قال "لكنّه" أي أن المسيح هو بشخصه و كيانه شُبّه لهم فتفصل "لكنّه" بين القاتل و المقتول و تظل "ما" نافية لوقوع فعل القتل علي المقصود به و بغياب الهاء من "لكن" فيكون ما شُبّه لهم أي لليهود هو فعلهم و ما بقي لهم من فعلهم إلاّ عدم يقينهم أي أن القتل هو الذي شُبّه لهم و ليس الشخص لأنهم اختلفوا فيه و ما بقي عندهم اليقين لأن شهادتهم هي إنّا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم و شهادة الذين آمنوا به هي إن الله قد رفّعه من موته أي أن المسيح لم يلبَث في موته بل بحسب الكتاب قد رفّعه الله و إنهم شهود لحياته فالذين إختلفوا فيه بسبب شهادة الحواريين عن قيامته أي رفعه من الأموات و قد صاروا في شك من أمره هم بحسب نص القرآن اليهود و ليس الحواريون و لا أتباعه الذين آمنوا به فقد قال الكفار إنا قتلنا المسيح قاصدين موته و إنهاء حياته فنفي القرآن يقينهم عن موته "و ما قتلوه يقينا" و لم ينف القرآن موته المذكور في نفس الاية في كلمة "قبل موته" و تكون "ما" هنا تنفي عن اليهود يقينيّة القتل و ليس القتل لأن الذي ثبّته الله هو شهادة من آمن به من قبل موته أي أنهم عاينوا قضاء الله بوفاته و عاينوا قدرة الله برِفعَةِ من قبره مصداقا لما أبلغهم به هو بنفسه قبل موته أي قضاء الله عليه بموته و رفعه فبقي اليهود في إختلاف و شك و في غير يقين من نتيجة فعلهم و أهل الكتاب صاروا بحسب القرآن علي صراط حق و نور مبين من ربهم.
أيها المسلمون و المسلمات لقد جاء في نص القرآن إدعاء اليهود الذين قالوا إنا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم و هذا إدعاء فيه تشهير بمريم و ابنها و قال القرآن ما قتلوه و ما صلبوه ليس إبراء لليهود من قتل المسيح و صلبه لأن اليهود تآمروا و أصدروا عليه حكما بصلبه و كان لا يمكنهم تنفيذه بسبب احتلال الرومان لدولتهم و أرضهم فما كان تنفيذ أحكام القتل بسلطانهم لكنهم هم أسلموه الي أعدائهم و الرومان بسلطتهم نفّذوا فيه حكمهم إذ قتلوه و صلبوه و نسب اليهود الفعل لأنفسهم ضلالا و استكبارا علي الله و نكاية أكبر في عيسي و في أمه و لا يُبرئ القرآن اليهود من مسؤليتهم عن الفعل بل انه يضحض نكايتهم و بهتانهم علي مريم و علي ابنها فكانت الآية تنفي عن اليهود فعل صلبه و ذلك تحقيرا لهم أن الامر ليس بيدهم لأنهم تحت الاستعباد من دولة الرومان و هم قاصرون أن يكون لهم سلطان علي أقدارهم لآنهم لما حكموا عليه أسلموه للرومان بأنه إدعي أنه قال أنا ملك اليهود و الرومان بدورهم تجبروا علي اليهود بصلب ملكهم و كتبوا علي صليبه علّة تقول "هذا هو ملك اليهود" فصارت عارا لهم و هم ناقضوا هذا الازدراء بهم فادّعوا علي انفسهم و افتخروا بصلبه ففضحهم القرآن بانهم قتلوا انبياءهم بغير حق و كذِبوا بإدعائهم علي عيسي المسيح و إنهم اختلفوا فيه و اتبعوا الظن و ما تيقنوا من قتله بسبب رفع الله له كما آمن بذلك أهل الكتاب كما يقول القرآن قبل موته أما اليهود فملأ الشك قلوبهم به .
أيها المسلمون و المسلمات لا يريد الله أن يحيط الشك و الظن و الإختلاف إلاّ بالكافرين قتلة الأنبياء و أصحاب الرسالات أما أهل الكتاب فلهم اليقين من الله بالآيات البينات و ليس بينهم إختلافات إذ يشهدون أن لا إله إلاّ الله و أنه رفع عيسي حيا من الأموات مِصدَاقا لما سبق و أبلغهم به عن موته و رفعه تحقيقا لنبوّاته فلو أراد القرآن نفي وقوع القتل و الصلب عن شخص عيسي المسيح لقال "و لكنه شُبّه لهم " و أمّا و قد قال القرآن "و لكن شُبّه لهم" فلأن اليهود لهم إشتباه في موت عيسي و إنتهاء حياته بسبب ما فعلوه به من قتله و صلبه علي يد أعدائه رافضين أن يكون عيسي هو مسيح الله لشعبه كما فعلوا برسل الله و أنبيائه من قبله لكنّ الله عـزّ وجلّ رفّعه من موته إنتصارا علي تفكيرهم و تدبيرهم و شرهم برهانا إن هذا هو مسيح الله لاتباعه فصار شِبه الواقعة لليهود راسخ في عقولهم يتباهون به بغلف قلوبهم و صار الشك الآن هو لهم دينهم.
أيها المسلمون و المسلمات إقرأوا معي حديث الله إلي عيسي كما ورد في سورة آل عمران "اذ قال الله يا عيسي اني متوفيك و رافعك الي و مطهرك من الذين كفروا و جاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الي يوم القيامة ثم الي مرجعكم فاحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون" انظروا أيها المسلمون ما أعظم ذلك الخبر الذي أبلغه الله إلي عيسي و هو بدوره أبلغه إلي حوارييه و أتباعه لقد جعل الله و قدّر أن تكون و فاة عيسي قبل رفعه و ليس بعده كما يظن الغافلون و كان هذا كما تُبيّن الآية حديث الله له قبل أن يحدث ليُبّلِغ به أتباعه و ليشهد علي صدق كلامه الشّاهدون بما سيحدث له أي أن يتوفاه الله أوّلا سبيلا لموته ثم يرفعه إليه بعد أن يهزم به المنون و يُعيد إليه حياته و لا يرفع الله أمواتا بل أحياء شهادة لمن يقبلوا الإيمان و لمن يعقلون . لقد أسلَم عيسي إلي الله أمره و انصاع إلي كلمات ربه عالما بنية أعدائه أن يقتلوه أمّا نية ربه فإن بأمره و قدرته يتوفاه فسيرفعه حتي لو صلبوه فلا يبقي لهم من فِعل موته بصلبه إلاّ ظنهم بأنهم قتلوه. فقد قال الله لعيسي إني متوفيك أي إن موته ليس بيد القاتلين بل بالله وفاته و قال أيضا و مطهرك من الذين كفروا أي إن الله يزيل عنه عمل عار الرفض و التشهير بالقتل الذي فعله به أعداؤه فأقامه الله حيا بعد موته و طهّره من عار صلبه برفعه من موته الذي أراد اليهود أن يلصقوه به فصار موته علي الصليب لعنة علي اليهود أعدائه و بقيامته مجّده الله و كـرّمه و رفّعه إنتصارا من موته و تطهيرا له من عار صليبه أي من بعد صلبه و ليس من قبله فصار الصليب رمز انتصاره علي الموت و افتخارا لأتباعه. أيها المسلمون و المسلمات إقرأوا ما جاء في سورة مريم و قد نُسِبَ الكلام إلي عيسي عن نفسه إلي أتباعه إذ يُخبِرهم بما سيحدث له و ما قرره الله في شأنه عمّا سيكون من أمره قبل أن يحدث له "و السلام علي يوم ولدت و يوم اموت و يوم ابعث حيا" هذا حديث من عيسي إلي أتباعه ينبئ فيه عن المستقبل بموته و رفعه أورده القرآن ليؤكّد سابق معرفة عيسي بشأن الله فيه فإن كان في ولادته سلام ففي موته أيضا سلام و في بعثه حيا أيضا سلام ليس للقاتلين بل للمؤمنين أمّا للذين كفروا به و لم يُصدّقوه فليس لهم في موته و بعثه حيا سلام لأنّهم بتحدّي الله قد قتلوه و رفضوا إعلان الله لهم عنه قبل موته الأمر الذي آمن به حواريوه و أتباعه حيث قال القرآن فيهم "و ان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته" فلقد آمنوا بما أبلغهم به عيسي قبل موته عن موته و هم شاهدوه حيا بعد أن رفعه الله من قبره و يزيد القرآن تأكيدا علي ذلك فيورد علي لسان عيسي حديثه إلي الله فيقول في سورة المائدة "ماقلت لهم الا ما امرتني به ان اعبدوا الله ربي و ربكم و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم و انت علي كل شئ شهيد" أنظروا أيها المسلمون و المسلمات ها هو عيسي يشهد بصيغة الحاضر أمام أتباعه عن ما حدث له بصيغة الماضي "فلما توفيتني" و هذا كلام عيسي إلي الله أمام أتباعه بعد أن توفاه الله و رفعه أي من الموت أقامه فقال لربه أنّه أبلغ أتباعه بكلام الله إليه عن قضاء الله بموته و رفعِه و هو يستشهد الله عليهم أنهم قبل وفاته قد آمنوا بما أبلغهم به فانظروا واعوا أيها المسلمون كل هذه السور و الآيات إن الوفاة تأتي قبل الرفع من الاموات و هذا بقوة الله من المعجزات فإذا عُدنا إلي الكلام عن اليهود و ما قدّموه من ادعاءات و ما قالوه من افتراءات عن قتلهم المسيح و ما قتلوه يقينا فالقتل من فعل الإنسان أما الممات و التوفي فبيد الله وحده سبحانه فإن كان اليهود قد قتلوا المسيح بأنهم بأيدي الرومان قد صلبوه فقد ألبسهم الله الشك و الظن و ثبّت عليهم أفعالهم بأن توفاه هو و رفعه هو كما شهد عيسي بنفسه عن موته إذ قال "فلما توفيتني" أي إن هذا حديث عيسي وهو حي بعد أن توفاه الله ثم أقامه و رفعه و ما ألقي الله الظن و لا الشك علي أتباع عيسي بل علي أعدائه الذين قتلوا الأنبياء و جدّفوا علي رب السماء و فَجَروا علي الله بقتل مسيحه فأبطل الله غِيّهم و ثبّت قصده الذي أعلنه لعيسي قبل و قوعه فأبلغه لأتباعه "سلام علي يوم ولدت و يوم اموت و يوم ابعث حيا"
فالآن أيها المسلمون جميعا لكم أن تختاروا أي فريق تصدقون هل اليهود و شكّهم و ظنّهم و اختلافهم الذي هو الآن دِينهم أي إيمانهم بما شُبّه لهم أم الحواريين و أهل الكتاب المؤمنين المبشرين الذين لم يَنسِب القرآن إليهم الشك و لا الإختلاف في أمر عيسي و لا قَصَدَهم بقوله "شُبّه لهم" لأن موت المسيح و رفعه لم يُشبه للحواريين و لا لأتباعه فهم الذين يَشهَدون بما عاينوه أي صلب عيسي و موته و قيامته مصداقا لكلمات الله و وعده أي رفعه عيسي بقيامه من موته إذ قال له في وعده إني متوفيك و رافعك لهذا جعل الله أتباع عيسي الذين صدّقوه فوق الذين كفروا و فوق الذين شُبّه لهم و ثبّت الله شهادتهم عن عظمة عيسي في حياته و تسليمه لقضاء الله عليه في وفاته و عن قدرة الله و جلاله في قيامَةِ عيسي أي رَفعه من موته هؤلاء هم الذين أنعم الله عليهم صراطا مستقيما بسبب إيمانهم بما قال لهم عيسي قبل موته الذي هو الشهادة عن عمل الله فيه بقيامته من الموت و بعثه حيا بعد وفاته و هو عمل الله العظيم فلا شك و لا ظن لهم بل إيمانا يقينا هذا الذي تطالبون الله به في فاتحة أدعياتكم فاقبلوه نعمة من ربكم طائعين و لا تتبَعوا الذين هم في شك فيه أي الذين قتلوه و ما قتلوه لئلا تفقدوا الإيمان و تضيّعوا اليقين و تصبحوا من الضالين و لكم الشّهادة في القرآن إسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون و هو أمر واضح و مبين. فلا تشكّوا أيها المسلمون و المسلمات في أمر قتل عيسي و صلبه و بقوة الله من الموت رفعه حتي لا تُشاركوا بدينكم اليهود في ظنّهم بعيسي فتفقدوا إيمانكم بقدرة ربكم الذي أقام عيسي من الأموات فتلصقون بالله الكذب و تنعتونه أنه هو الذي غشّ اليهود و حاش للصادق الأمين أن يكون من المدلّسين المزوّرين و إذا اتّبعتم صَلف المكابرين الذين يدّعون إن الله ألقي شَبه عيسي علي واحد من التّابعين أو العدوين فتنسبون إلي الله أنه غشّ الحواريين و ضلّلهم و سَخَر من أتباع عيسي الذين شهدوا بموته و بقيامته و يكون قد أضلّهم و حاش لله أن يكون ربّا لقوم ضالين. و لايمكن لله أن يضل أتباع عيسي الذين قال عنهم "و جاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلي يوم القيامة" و اتهام أتباع عيسي بالضلال ليس من الاسلام في شئ بل هو ضد الاسلام الصحيح الذي يشهد بصحة إنجيل المسيح .
أيها المسلمون و المسلمات إن القول بإلقاء شَبَهِ عيسي علي أيّ مِن الناس لَهُوَ قول افتراء و إستهزاء فلقد قَتَل اليهود العديد من الأنبياء فنالوا شرف الشهادة و الفداء لعقيدة ربهم و النداء فإذا كان عيسي كما شَهِد عنه القرآن أطهر الخلق بلا إستثناء فهو الوحيد من البشر الذي لم ينخسه الشيطان كما في القرآن جاء فمن يجرؤ علي تجريده من شرف الشهادة و الجود بأطهر الدماء أليس شرفا و رِفعَة أن يجاهد المرء في سبيل الله فيُقتَل و ينال الشهادة مُظهرا إن العزّة لله و له وحده الولاء فمن يجرؤ أن يُجرّد عيسي من هذا الشرف و أن يُحسَبَ لغيره أو لعدوه و أن يُنسَب إلي الله التدليس و الغش و الإفتراء فانظروا إن القرآن برئ من هذا الكذب و الإدّعاء. أيها المسلمون و المسلمات لقد أراد الله لعيسي أن يكون وجيها في الدنيا و في الآخرة بُرهانا علي نعمة الله و رحمته الذاخرة فأعطاه كما شَهِد عنه القرآن أنه يشفي من العِلل و من الموبِقات و يُحي من القبر و يُقيم من الأموات و يخلق من الطين كما فعل رب السّماوات و يعلّم البشر أسرارا من الإنجيل و من التوراة و أنتم تقرؤن كل هذا في سور القرآن و تبصروا الآيات البينات فإذا كانت قوّة عيسي من الله بيانا فقد جعل الله من صَلبه بأيدي الكافرين ثم موته بوفاته حسب قوله إني مُتوفّيك ثم بقوة الله رَفعِه أيضا حسب قوله بُرهانا علي منزلة عيسي كمسيح الله الذي كان ينبغي عليهم أن يقبلوه و لم يُظهِرَ الله عيسي حيا مُرفّعا من الموت لمن صلبوه بل تركهم الله في غيّهم لأنهم لم يصدّقوه لمّا أبلغهم بقول الله له يا عيسي إني متوفيك و رافعك فرفضوه منكرين علي الله أنه يحي الموتي فدبّروا أن يقتلوه و لأيدي عسكَر الرّوم دفعوه و هم بقضائهم عليه صلبوه فرفّعه الله من قبره بعد أن دفنوه و قدّر الله لأعدائه ألاّ يروه و أن لا ينظروه و أن يبقوا في ظنّهم و في عدم يقينهم أنهم قتلوه و ذلك بسبب شهادة أتباعه الذين صدّقوا فيه قضاء ربه في وفاته و رَفعِه كما أبلغهم به مِصداقا لآياته فَهُم وحدهم قد شـرّفهم الله أن يشهدوا و يعاينوا مسيح الله مقاما من الأموات مِصداقا لما قيل فيه من النبوات فهذا الحدث الجليل الذي هز الدنيا من أقصاها إلي أقصاها بُرهانا علي أن القدير العزيز الحكيم الرحمن الرحيم هو الذي يُميتُ النّفسَ قُدرانا و هو الذي يُحيها لعزّة مُلكه بُرهانا ليس للقاتلين نصيب في رؤيته و معاينته و لا في شهادته فلقد كفروا به قبل موته أن يكون هو مسيحه فليس لهم نصيب في الشهادة علي رفعه و لا في حياته التي يهبها الله عز و جل لمن اتّبعوه أي من آمنوا به و بموته و بقيامته و كلام الله عنه صدّقوه أنه هو مسيح الله فو عد الله أتباعه أن يجعلهم فوق الذين كفروا إلي يوم القيامة لأن شهادتهم عن قتل عيسي مصلوبا و بامر الله وفاته ثم دفنه و بقدرة الله قيامه المُعجزي و رفعه إنما هو إيمانا بقوة الله لا يقبله الملحدون ولا الكافرون .
أيها المسلمون و المسلمات لقد قاوم القرآن و ردّ في هذه الآيات اعتقاد اليهود و قولهم عن المسيح عيسي و فكرهم أنهم أنهوا حياته و قتلوه لأن الله من الأموات أقامه برهانا لمن هم قد اتّبعوه و ما دَحَضَ القرآن شهادة الحواريين ولا شهادة من عاين و آمن بعيسي و لا من اتّبعوه الذين شهدوا عن عيسي صلبه و موته و دفنه و نصر الله له علي أعدائه بقيامته حيا من قبره وظهوره لأتباعه الذين أراهم يديه و قدميه و جنبه المطعون برهانا لهم علي صَلبِه خُلوا من الظنون و أنه بحسب نبوّته لهم من ربهم قد وقف بينهم حيا بجسمه و هم شاهدوه مرفعا صاعدا إلي السماوات من وسطهم أي رفّعه الله إليه جاعلا مَن شهد بذلك عن قوة الله فوق الذين كفروا به و ليس في القرآن ما يطعن في إيمان الحواريين عن عيسي بهذا و لم يطعن في صحة شهادتهم عن صلبه و قيامته و رفعه إنما دَحَضَ القرآن اليهود الذين كفروا بعيسي و قالوا بإنهاء حياته فكذّبهم الله و نفي شهادة كذبهم إذ ظنوا أنهم تيقنوا قتله فأحيا الله عيسي برهانا أنه هو مسيحه و أظهره للحواريين طعنا في بهتان اليهود و ما كذّب الله أبدا أتباع عيسي و لا ما شَهِدوا به و ليس في القرآن قولا واحدا يناقض شهادة الحواريين و ما اْبلَغوا به فإن أنتم اتّبعتم الظن و أنكرتم الشّهود و ما نادوا به نسبتم إلي الله غِشا و ادّعيتم علي الله ما لم يقله و ما لم يعمله و ضللتم في نص القرآن و كفرتم بتعاليمه و بايعتم براءة اليهود زورا و بهتانا و بعتم دم نبي الله عيسي و ادّعيتم علي محمد و نسبتم إليه و افتريتم عليه بما لم ينادي به و اسألوا في هذا أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها أول زوجات النبي و أول من أسلم إليه و ابن عمها القس النصراني ورقة بن نوفل قسيس كنيسة البلد الامين مكة و صاحب النبي مَن قالت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها أحب أزواج النبي اليه إن الوحي بموت القس ورقة قد فتر فهل كفر أيّهم بصلب عيسي المسيح و وفاته و رفعه من قبره أو هل نفوا أو أنكروا إنجيله الصحيح فإن كان النبي و صديقه و حبيبه النصراني لم ينفيا عن المسيح صلبه ولا موته و قيامه وكلاهما من قريش خالص الأصل العربي فكيف يكفر و ينفي ذلك من اتّبع إسلام النبي و ادّعي أنه مسلم حنيفي . أيها المسلمون و المسلمات تحققوا من النص و افحصوا الكلمات و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم و هذا الفعل شُبّه بحسب قواعد لغتنا العربية مبنيا للمجهول و لا ينبغي إسناد الفعل لله لأن الله عند المؤمنين ليس بمجهول فلو كان ذو الجلالة فاعلا لقال عن ذاته و لكنني شبّهته لهم فالله عز و جل لا يُنكر أفعاله و لا يُنكر عن المؤمنين به أعماله فالله إذا فَعل شيئا ثبّته علي ذاته و ليس من أخلاق عيسي خداع الناس و لا غشهم فلم يقل القرآن و لكن تشبه لهم اي أن يُشبِّه عيسي ذاته لأعدائه لكن الذين كفروا بالله في قلوبهم هم الفاعلين الضالين أنفسهم هم الذين شبهّوا لعقولهم إنهم أنهوا حياة عيسي كسابق الأنبياء الذين قتلوهم فاحذروا أيها المسلمون و المسلمات أن تنسبوا إلي الله ما لم يقُله و ما لم يفعله أتبرّؤون اليهود من دم عيسي و الله قد قال في سائر كتبه إنهم قتلوه فافحصوا النص الفعلي لكلمات القرآن العربي و استشيروا قواعد التعبير اللغوي حتي يتبين لكم الرشد من الغي. أيها المسلمون و المسلمات إن الإيمان بصلب و موت و قيامة عيسي المسيح ليس مُنقَض بل مؤكّد بنص القرآن الصريح لا يُنقِص هذا من إسلامكم إلي الله إسلاما صحيحا و القول بأن أتباع عيسي كفّارا لهو من القول القبيح الذي يُحابي و يتبع شك اليهود و ينفي عنهم دم الذبيح و حذّركُم المشككون من الخوض في أمر عيسي بالتساؤل أو حتي بالتلميح يُشكّكُونَكُم في ما جاء بقرآنكم و مايبغون إلاّ لأنفسهم المديح لا يعبأون بنعمة ربهم و لا بصراطه المستقيم الوضيح الذي هو إيمان قرره رب العزة أي إتّباع الحق الصريح المبرهَن في صلب و موت و قيامة عيسي أنه هو المسيح يُفحِمون اليهود و يقولون لهم قتلتموه و يصُدّونكم عن القرآن و يفتونكم إنهم ما قتلوه.
أيها المسلمون و المسلمات اشهدوا إني قد أبلغت عمّا في القرآن قد قرأت و فهمت و ما عرضت عليكم في هذا المقال إلاّ آيات من كتابكم و استشهدت بخير سيرة إسلامكم و أستجير بنعمة الله بكم من الكفّارالذين أبدلوا الكلمات و غيّروا الايات و اشهدوا إن كُنت قد طعنت فيكم أو قلت عنكم أو عن إسلامكم الفاحشات محبة لله خالصه له وحده الدعاء أن يحفظكم من المتربصين و الأعداء و أن يُشدّد لكم إيمانكم و ينير بكم الظّلمات و يقيمكم أمّة حَق و يدخِلَكم في محبته و رحمته إلي قُدسية الجنّات آمين يا رب العالمين اللهم شدد أمّة المسلمين في الإيمان بالحق المبين اللهم انصر أمّة المسلمين علي الجاهلين الظالمين و علي الكاذبين المتشككين اللهم أيدهم في الحق و بالحق يناصرون به الله علي القوم الكافرين و ارفعهم و اجعل لهم مقاما عندك بشفاعتك يا رب العالمين آمين.
اللهم فاشهد إني قد أبلغت و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
#أسعد_أسعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر بين ثقافة الاحتقار و عقلية الانبهار .. المرّه الجايه إحم
...
-
استطلاع الراي عمليات لازمة لتحريك الركود السياسي عند المصريي
...
-
عندما يحاول المسلمون الجدد أن يغيروا معالم الإسلام
-
اقتراحات موجهة الي المعارضة و طالبي التغيير في مصر
-
الماركسية الشيوعية التقدمية الاشتراكية النظرية الفلسفية الفك
...
-
اللي بني مصر كان في الأصل حلواني
-
النكسة القادمة علي مصر
-
رد علي ... الإسلام دين التسامح و المحبة ... بيع الميّه في حا
...
-
الصراع العظيم ... متي سيبني اليهود هيكلهم الثالث في مدينة ال
...
-
هكذا احب الله العالم اغنية اهديها الي كل عمال العالم
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|