حمزة الشمخي
الحوار المتمدن-العدد: 1253 - 2005 / 7 / 9 - 09:13
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
قبل أن يسقط الدكتاتور صدام في التاسع من نيسان عام 2003 ، كانت صوره منتشرة في كل بقعة من العراق ، حتى إنها كانت تفرض قسرا لتعليقها في البيوت والحوانيت ... ووضعت على أغلفة الكتب المدرسية وحتى الساعات اليدوية ، بحيث لا يوجد مكان إلا وعلقت عليه ، ولا يخلو شئ إلا ووضعت فيه ، صورة هذا الدكتاتور السجين الكريهة جدا للعراقيين .
وكانت هذه الصورة رمزا للنظام الدموي الكارتوني ، الذي إهتز وتمزق وتطاير من أول عاصفة قوية هزت أركانه المهترئة أصلا منذ سنين ، بفعل سياساته الرعناء المعادية للشعب العراقي والجيران والإنسانية على حد سواء .
هذه الصورة القبيحة ، كانت الوجه المرعب والمخيف ، لأبناء شعبنا العراقي ، والتي كان عددها حينذاك يزيد على عدد نفوس العراقيين ، ولا يمكن أن يتصور المرء يوما ما ، إنها ستتمزق وتحترق وتتلف بهذه السرعة والسهولة في التاسع من نيسان يوم هروب صدام وأزلامه وإختفائهم المذل والى الأبد ، هكذا كان نظامهم الأسود المقبور ، عبارة عن أصنام وصور مزيفة.
واليوم وبعد إختفاء صورة الدكتاتور ، نشاهد مع كل الأسف ، المزيد والمزيد من الصور لبعض قيادات وشخصيات عراقية من مختلف الإتجاهات الدينية والقومية والسياسية والحزبية .. ، شخصيات للبعض منها تاريخها السياسي والنضالي المرموق ، ولا تحتاج الى مثل هذه الصور المنتشرة في كل أنحاء العراق .
وأن من الغريب في الأمر ، أن البعض من هذه الصور ، قد وضعت في نفس الإطار السابق لجداريات لما تبقى من صورة الدكتاتور السجين صدام !! .
إننا اليوم لسنا بحاجة لصور جديدة ، لأن شعبنا لا ينظر لهذه الشخصية أو تلك من خلال صوره المنشورة هنا وهناك ، بل يتم تقيم هؤلاء الأشخاص وتوجهاتهم، من خلال برامجهم ومشاريعهم ، وما يقدموه من خدمة للشعب والوطن ، لأن زمن الصور الدعائية المملة قد ولى ، والى الأبد من دون رجعة .
أتمنى على كل الشخصيات العراقية ، التي تنتشر صورها اليوم ، في ساحات وشوارع وأزقة العراق الحبيب ، أن تبادر بسحبها بهدوء ، لأن هذه الصور تجسد الطائفية وتعمقها أيضا ، وتساعد على التفرقة والإنقسام .
لأن كل منطقة من العراق ، أصبحت تحمل صورة من يمثلها ، مذهبيا أو دينيا أو قوميا أو حزبيا .. وكأننا نعود للوراء مرة إخرى ، الى زمن الصور والتماثيل التي كرهها الشعب وملها ، والذي لا يريد أن يرى صورا جديدة مرة إخرى .
فلتنتشر في كل أنحاء العراق بدلا عن صوركم المختلفة، صورة واحدة لعراق الغد الزاهي الجميل .... بكل أطيافه ومكوناته العراقية المتنوعة ، لتمثل كل العراق والعراقيين حقا .
#حمزة_الشمخي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟